إشكالية أصالة الفلسفة الإسلامية عند علي بن مخلوف

أحمد فري

إن الناظر في كتابات علي بن مخلوف يتبدى له أن الرجل له هاجس كبير بالفلسفة التحليلية، واهتمام بالمنطق بصنفيه القديم والمعاصر، وانشغال بالفلسفة الوسطوية، خصوصاً تلك التي نشأت في سياقي تداولي عربي؛ أي "الفلسفة العربية كما تجلت بين القرنين التاسع ميلادي والخامس عشر ميلادي"1. والحق أن تعدد المباحث التي اشتغل عليها هذا المفكر المغربي مكنته من ربط الصلة بين القديم والمعاصر، فاستطاع إلغاء الفواصل والحواجز الفلسفية بين ما كان يستعصي فيه التقريب والالتقاء. وحاول جاهداً تشييد دروب كثيرة تفضي إلى تقاطعات فلسفية بين فلسفة العصور الوسطى والفكر الفلسفي المعاصر، سواء على مستوى الإشكالات أو على مستوى المفاهيم أو على مستوى المناهج.
 

ولعل أبرز كتاب لعلي بن مخلوف يحضر فيه هذا الهاجس -الذي عرضنا له- هو الموسوم بـ"لماذا نقرأ الفلاسفة العرب Pourquoi Lire Les Philosophes Arabes"؟ الذي صدر سنة 2015 باللغة الفرنسية. يحاول علي بن مخلوف في هذا الكتاب رد الاعتبار إلى الفلسفة العربية بعد أن طالها النسيان والتهميش من طرف المؤرخين والمفكرين الغربيين الذين اهتموا بفلسفة العصور الوسطى. وهذا ما يظهر في العنوان الفرعي الذي ارتضاه صاحب الكتاب، بحيث نجد عبارة: الإرث المنسي.

ليست الفلسفة العربية2، حسب بن مخلوف، فلسفة من درجة ثانية؛ فهي لا توجد على هوامش الفكر الإنساني، أو أنها فلسفة مقلدة للفلسفة اليونانية. كما أنها ليست نسخة أو مسخة لها، بل إنها جزء لا يتجزأ من فسيفساء تاريخ هذا الفكر3. وليس بمكنتنا تتبع تلابيب تاريخ الفكر الفلسفي، إذا أغفلناها، ووضعناها على الهوامش. وليس غربياً أن نلمس حضور هذه المحاولة التأصيلية للفلسفة العربية في سياق ما هو كوني في أغلب كتابات علي بن مخلوف، لا سيما الكتاب الذي ألمعنا إليه، وخصوصاً الجزء الذي عنونه بـ"الوسيط والمعاصر".
ينطلق علي بن مخلوف، في هذا الجزء، من الإشارة إلى موقف إرنست رينان حول العصور الوسطى، والذي مفاده أن الفكر الإنساني في هذه المرحلة دخل طور الظلام، مما دفع بالفلاسفة والمفكرين فيه إلى محاولات متكررة من أجل العودة إلى الأصل النقي. فالعصر الوسيط، كما يقول إرنست رينان، هو "تحسس في ظلام طويل من أجل العودة إلى مدرسة الفكر النبيل؛ أي مدرسة العصور القديمة"4. وانطلاقاً من هذا التصور يصبح حال الفيلسوف الوسيط هو حال ذاك الذي يسير مغمض العينين، أو هو حال من يسير في الظلام يعمه، لا يستطيع أن يضع خطوة إلى الأمام، وليس له إلا أن يعود إدراجه؛ أي إلى أصله. وهكذا فالفلسفة الوسيطة، حسب إرنست رينان، لم تقدم جديداً، واكتفت بتقليد وتكرار ما جاء به اليونان في الأزمنة المضيئة.
ولا مراء أن هذا التصور الذي يبخس من قيمة كل فكر وسطوي قد ورثناه منذ النشأة الجنينية للفكر الفلسفي الحديث. بحيث نلمس عند الفلاسفة المحدثين خطاباً رافضاً للفلسفة الوسيطية، بل إن فلسفة هؤلاء لا تقوم لها قائمة إلا بنقدها وتجاوزها لتلك التي سبقتها. فهذا ديكارت يوجه معاول نقده إلى كل الذين اتبعوا الفلسفة الأرسطية، ويعيب عليهم أنهم ظلوا مقلدين لها لا أقل ولا أكثر، فما استطاعوا إلى الابداع الفلسفي سبيلاً. وهذا بيكون يكتب كتابه العمدة الأورغانون الجديد كتعبير صريح على رفضه للأورغانون القديم الذي شيده أرسطو، واشتغل به كل متفلسفة العصور الوسطى.
والأمر يتعلق، كذلك، بالفلسفة الإسلامية التي سحب من تحتها رينان بساط الأصالة، بحيث يقول: "وما كان لنا أن نلتمس عن الجنس السامي دروساً فلسفية، ومن عجائب القدر أن هذا الجنس الذي استطاع أن يطبع ما ابتدعه من الأديان بطابع القوة، لم يثمر بحثاً فلسفياً خالصاً. وما كانت الفلسفة عند الساميين إلا اقتباساً وتقليداً للفلسفة اليونانية"5. وليس رينان وحده من يأخذ بهذا الموقف حول الفلسفة الإسلامية، بل إننا نجد مستشرقين آخرين ذهبوا في المنحى عينه، لعل أبرزهم دي بور الذي أشار في بداية كتابه تاريخ الفلسفة في الإسلام إلى "أن الفلسفة العربية ظلت فلسفة انتخابية عمادها الاقتباس مما ترجم من كتب الإغريق، ومجرى تاريخها أدنى أن يكون فهما ًوتشرباً لمعارف السابقين لا ابتكاراً. ولم تتميز تميزاً يذكر عن الفلسفة التي سبقتها"6. فيصبح لسان حال الفيلسوف المسلم، حسب التصورين، يردد: أنا المقلد، أنا المشوه والمعتم والمشوش على الأصل النقي للفلسفة، ثم يردف قائلاً: أنا الذي لا فلسفة لي.
والحال أن علي بن مخلوف يرفض هذا التصور السلبي. ويسعى، في مقابله، إلى تقديم تصور جديد وفق مقاربة مغايرة لفلسفة العصور الوسطى بشكل عام، والفلسفة العربية على وجه الخصوص. لكن، قبل الخوض في بسط مقاربة علي بن مخلوف، تجدر الإشارة إلى أن هذا التصور الذي يتبناه علي بن مخلوف نجده عند بعض المفكرين قبله. لعل أبرزهم المفكر الفرنسي إيتيان جيلسون الذي نبه إلى الآفاق الفلسفية الفسيحة التي فتحتها الفلسفة الوسطوية منذ كتاباته الأولى، خصوصاً ذلك الذي يحمل عنوان الحرية بين ديكارت واللاهوت الذي صدر سنة 1912. بيد أن الكتاب الذي أعقبه نقاش كبير في الأوساط العلمية الفرنسية هو كتاب الوجود والماهية، وهو عبارة عن فلسفي حول تاريخ الميتافيزيقا، منذ بارمينيدس إلى كيركغارد. وفي مرحلة من مراحل هذا التاريخ الطويل يقف جيلسون مطولا عند ابن سينا معترفاً له بأصالته وبإبداعه في تجاوزه لمفارقة الكلي والجزئي7. وبهذا، نكون أمام تصور جديد يقوض فكرة أن الأصل هو اليونان. وهو تصور أثر في العديد من الكتابات التي ظهرت بعده، خصوصاً كتابات آلان دو ليبيرا، وغيره. بل إننا نعثر عليه على شكل نتف ومتفرقات عند فلاسفة آخرين، من بينهم الفيلسوف الإنجليزي وايتهد الذي "يؤكد في كتابه وظيفة العقل أنه إذا كنا قد لاحظنا جيداً ازدهاراً خلال زمن عصر النهضة، فذلك لأننا خلال العصور السابقة قد شحذنا أداة العقل بواسطة أهداف تأملية"8. ضمن هذه الخلفية الابستيمولوجية ينساق تصور علي بن مخلوف.
وتظهر معالم جدة قراءة علي بن مخلوف للفلسفة الوسطوية بشكل عام، والفلسفة العربية بشكل خاص، أولا في تناوله لمفهوم العقل عند ابن رشد، وثانياً في طرحه لبعض القضايا المنطقية. وفي المناسبتين نجد الرجل يقيم جسوراً بين الوسيط والمعاصر، بحيث "يوجد بينهما لقاءات فلسفية غير منتظرة: فهذا القديس توما الأكويني يلتقي فلسفياً مع فيجنشتاين، وهذا فريجه يلتقي فلسفياً بابن رشد"9. فأين تكمن حدود هذه اللقاءات؟

يعرض علي بن مخلوف للنقد الذي وجهه رينان إلى مفهوم العقل كما تصوره ابن رشد. ومضمون هذا النقد هو أن فيلسوف الأندلس "عجز عن رسم حدود لهذا المفهوم داخل مجال السيكولوجيا"10؛ أي أنه لم ينظر إلى بنيته من منطلق نفسي محض، يختزل التفكير في مجموعة من العمليات النفسية، مثلما سيفعل ديكارت لاحقاً. فابن رشد وضع في مقابل العقل المنفعل (العقل الهيولاني) عقلاً متعالياً سماه بالعقل الفعال11. "ولا يحصل أمر المعرفة إلا باتفاق العقل التصوري (العقل المنفعل) والعقل الموضوعي (العقل الفعال). والعقل الفعال فان كجميع ملكات النفس التي لا تتناول غير المتغير، وبما أن العقل الفعال هو -على العكس- منفصل عن الإنسان تماماً منزه عن كل امتزاج بالمادة، فإنه واحد، ولا يطبق عليه مبدأ العدد إلا بسبب الأفراد الذين يتصلون به"12. لذلك، اعتبر إرنست رينان أن ابن رشد "نصب الإنسان كتمثال جامد في مواجهة الشمس، وينتظر أن تهاب إليه الحياة لتحييه"13. يعترض علي بن مخلوف عن هذا النقد الذي وجه رينان للفلسفة الرشدية، ويقدم، في مقابله تأويلاً آخر لهذا التمييز الذي أقامه ابن رشد. فالعقل الفعال، في نظر علي بن مخلوف، هو مبدأ كوني، ومعيار ضامن للموضوعية. وبهذا يبدو الفكر متعال عن السيكولوجيا الإنسانية، إذ إن الإنسان هو الذي يوجد في الفكر، وليس الفكر هو الذي يوجد في الإنسان14. والحق أن الفصل بين الفكر والعمليات النفسية يعد من بين الفتوحات الكبرى التي جاءت بها الفلسفة الأنجلوسكسونية المعاصرة. وفي هذا التمييز يلتقي الوسيط والمعاصر.

ويلاحظ على بن مخلوف رجوع الفلاسفة المعاصرين إلى الفلاسفة الوسطوين بشكل متكرر. وهنا يحيل إلى علمين بارزين في الفلسفة المعاصرة، وهما: بيتر كيش15 وأنتوني كيني16 اللذان عادا إلى كتابات توما الأكويني، ولم يترددا في الاعتراف بقيمة فلسفته، لا سيما فيما يرتبط بالمنطق، رغم أنه لم يكتب شيئاً في المنطق. لذلك، يسجل علي بن مخلوف عن الفلاسفة المعاصريين تهميشهم للفلسفة العربية، ويعتبر أن عودتهم إلى الفلسفة الوسطوية تتأسس على الانتخابية والتهميش، وهو أمر يبعث على الاستغراب. لذلك يتساءل بن مخلوف "ماذا عسانا أن نقول عن الفلاسفة العرب الذين ألفوا مصنفات في المنطق، والذين قرأ لهم القديس توما الأكويني بتمعن ودقة كبيرين"17؟ إن سؤال علي بن مخلوف هذا هو من نوع الأسئلة التي تزيح اللثام عما وضع في حكم النسيان، وتسبر أغوار اللامفكر فيه، وتفتح منافذ لتهوية الإرث الفلسفي العربي. ومنه يمكن أن تتناسل سلسة من الأسئلة التي تحرج كل من يتعامل مع الفكر الإنساني بازدواجية في الموقف. والأمر لا يتعلق فقط بالمنطق، بل يتعداه نحو المباحث الفلسفية الأخرى.
يتابع علي بن مخلوف رصد التقاطعات الفلسفية بين الفلاسفة المعاصرين والفلاسفة الوسطويين، خصوصاً الفلاسفة العرب. ويقف هذه المرة عند قضية فلسفية معاصرة ذات وجهين: منطقي ولساني. فأما الوجه المنطقي فيها فيدور على ضرورة التمييز بين السلب في علاقته بالحمل والسلب في علاقته بالتوكيد. فالأول يقوم على الفصل بين شكل القضية المنطقية ومحتواها. في حين أن السلب الثاني لا يقيم هذا الفصل. ويحضر هذا التمييز عند المنطقي فريجه. "فإذا كان لدينا القضيتان الحمليتان الآتيتان: (ق)، (~ ق)، فإنه لا يمكننا التمييز بينهما بحسب فريجه من خلال صورتيهما المنطقيتين وأداة النفي فقط، بل لا بد من الانتقال من الشكل إلى المحتوى"18. وقد ورد هذا التمييز أيضاً في نهاية الشرح الأوسط لكتاب العبارة. وفيه يؤكد ابن رشد أن التقابل بين قضيتين على مستوى الشكل لا يعني أنهما متناقضان على مستوى المضمون. ولتوضيح ذلك نقول إن قضية: "الحياة جميلة" تتقابل منطقياً مع قضية "ليست الحياة جميلة"، وتتناقض مع قضية "الحياة سيئة". وهكذا، فالتقابل لا يرتبط بمحتوى القضية بل يرتبط بشكلها؛ أي بالمكونات الأكثر صورية للقضية. وعلى الضد من ذلك، يتعلق التناقض بمحتوى القضية؛ أي بدلالة حدودها19. وها هنا يلتقي مرة أخرى المعاصر بالوسيط العربي.

وأما الوجه اللساني فيها فيتصل بفتوحات الدراسات اللسانية المعاصرة. "فإذا كان التصور التقليدي في علم اللغة (الفلولوجيا) يعتقد أن هناك علاقةً مباشرة وفورية بين الاسم وبين المسمى؛ أي الشيء الذي يدل عليه الاسم، فعندما نقول "حجرة" أو "شجرة" فكأننا لمسنا "الحجرة" أو "الشجرة" دون وسيط؛ أي كأن الاسم هو المسمى، فإن التحديد المعاصر للغة (اللسانيات والسيميائيات) يفيد أن هناك شيئاً آخر يدخل في العملية هو الوسيط؛ أي التصور المشكل في أذهاننا عن الشيء المادي المحسوس المسمى، ولا يمكننا التوصل إلى الشيء المحسوس مباشرة. إذن هناك ثلاثة أشياء: هناك الكلمة أو الاسم وهناك المسمى وهناك التصور العقلي المشكل عنه في الذهن (أي المرجع)، وعن طريقه يحصل التواصل بين الاسم والشيء"20. والمشكل لا يكمن في الكلمة أو في الشيء الذي تعبر عنه، ولكن يكمن في التصور العقلي أو المرجع.
إن هذه المسافة الموجودة بين التسمية والشيء المسمى من جهة أولى، وبين التسمية وما تدل عليه من دلالة من جهة ثانية، كان ابن رشد على وعي بها، رغم أنها لم تظهر عنده واضحة كما هو الحال في الفكر اللسانيات المعاصر. فالرجل عندما ناقش إشكالية قدم العالم في كتابه فصل المقال تبين له أن الاختلاف بين الفرق الكلامية بعضها مع بعض، وبينها وبين الفلاسفة -بين من يقول بقدم العالم وبين من يقول بحدوثه- ليس اختلافاً جوهرياً يتصل باختلاف حول دلالة التسميات واللفاظ التي استعملت من طرف المتكلمين والفلاسفة، وإنما هو اختلاف فقط في التسميات وأما الدلالة فهي نفسها عند الفريقين. لهذا يقول ابن رشد: "وأما مسألة قدم العالم أو حدوثه فإن الاختلاف فيها عندي بين المتكلمين من الأشعرية وبين الحكماء المتقدمين يكاد يكون راجعاً للاختلاف في التسمية، وبخاصة عند بعض القدماء"21. وقد دفع هذا التمييز المنهجي بابن رشد إلى التأكيد أن "المذاهب في العالم ليست تتباعد كل التباعد حتى يكفر بعضها ولا يكفر بعضها الآخر، فإن الآراء التي شأنها يجب أن تكون في الغاية من التباعد؛ بمعنى أن تكون متقابلة. كما ظن المتكلمون في هذه المسألة"22. وهنا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام لقاء فلسفي بين الوسيط والمعاصر.

يتحصل لنا مما سبق، أن علي بن مخلوف يسعى إلى إعادة وضع الفلسفة العربية إلى مكانها الذي تستحقه. وقد يعترض معترض فيقول: إن الرجل يقوم بقراءة إسقاطيه، بحيث يؤصل لأفكار فلسفية معاصرة في صلب الفلسفة العربية الوسيطية، وهو اعتراض مشروع، لكن يجب أن نعلم أن علي بن مخلوف يفتح حواراً مع كل الذين يضعون الفكر الفلسفي العربي على الهامش، خصوصاً مع المفكرين والفلاسفة الذين يرون في فلسفة العصور الوسطى فلسفة أصيلة، بل إنها فلسفة تلتقي مع الفلسفة المعاصرة في كثير من الجوانب، ومع ذلك فهم يستثنون الفلسفة العربية أو في أحسن الأحوال يلتزمون تعليق الحكم حولها.

تمكن جدَّة أعمال علي بن مخلوف -حول الفلسفة الإسلامية- في كونه يتسلح بعدة منهجية ومفاهيمية معاصرة من أجل قراءة النصوص الفلسفية الإسلامية. ولا أدل على ذلك من مفهوم النموذج الإرشادي الذي وظفه في هذا الجزء الذي اشتغلنا عليه تحليلاً ومناقشة. فاستطاع، بذلك، أن يقيم لقاءات فلسفية غير منتظرة بين الفلسفة العربية الوسيطية والفلسفة المعاصرة، الشيء الذي مكنه من إثبات أصالة القول الفلسفي الإسلامي باعتباره جزءاً لا يتجزأ من إنتاجات العقل الإنساني، بحيث لا يمكن تجاوزه، أو تبخيس قيمته انطلاقاً من أحكام جاهزة، مثل ما نجده عند بعض المستشرقين أمثال إرنست رينان ودي بور وغيرهما.

ويحضر الفيلسوف العربي في كتابات علي بن مخلوف في الصورة المتعارف عليها حول الفيلسوف عامة؛ أي كباحث عن الحقيقة، وملتزم بالبحث عنها. وهكذا، فالفيلسوف المسلم لا يوجد على الهوامش، أو في آخر الصفوف مثلما تصوره رافائيل في لوحته الشهير الموسومة بـ"مدرسة أثينا". إنه يحضر في صلب الانشغال الفلسفي، بحيث كانت له إشكالاته وهمومه. صحيح أن الفلسفة بدأت مع اليونان، وصحيح أن الفلاسفة المسلمين تأثروا بها، ولكن هذا لا يعني أنهم بقوا يكررون تفاصيلها. ونحن نقول هذا الكلام؛ لأن نصوصهم تدل على ذلك. وتلك هي الغاية التي ينشدها علي بن مخلوف.


الهوامش
1 - Ali ben Mahklouf : pourquoi lire les philosophes arabes, Albin Michael, 1ed, 2015, P9.
 - 2يفضل علي بن مخلوف استعمال عبارة الفلسفة العربية عوض الفلسفة الإسلامية.
3 - Ibd, P 9 
4 - Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme, Préface, op, cit, P17
 - 5إرنست رينان: ابن رشد والرشدية، ترجمة علي زعيتر، المكتبة الثقافية الدينية، ط1، 2008، ص: 6
 - 6ت.ج. دي بور: تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية، ط1، 1954، ص: 24
7 - انظر: Etienne Gilson : L’être et l’essence , Vrin , 3ed , 1981
8 - علي بن مخلوف: نفس المرجع السابق، ص 15
9 - Ali ben Mahklouf : pourquoi lire les philosophes arabes, Albin Michael, 1ed, 2015, P27.
10 - Ibd, P26
11 - وهو تقسيم ورثه ابن رشد من الفلسفة الأرسطية، خصوصا ما يتضمنه كتاب النفس
12 - ابن رشد: تهافت التهافت، ص: 349. نقلا عن إرنست رينان: نفس المصدر السابق، ص: 127.
13 - Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme, op, cit, doctrine d’Averroès, P.  17. 
14 - Ali ben Makhlouf : Ibd , P26
15 - بيتر توماس جيش (1916- 2013) هو فيلسوف إنجليزي، كان أستاذاً في علم المنطق في جامعة ليدز. كانت مجالات اهتماماته تتضمن المنطق، والأخلاقيات، وفلسفة الدين.
16 - أنتوني كيني ( 1931-...) فيلسوف إنجليزي. له اهتمام بفلسفة العقل والفلسفة الوسيطية، واختص أيضاً بفلسفة فيجنشتاين.
17 -  8Ibd , P2
18 - . Frege,Gottlob .Negation: in Translations From The Philosophical Writings of Gottlob Frege….op. cit, p: 124 -125نقلا عن: هنى محمد الجزر: القضية الحملية الأرسطية وموقف المنطق الرمزي منها فريجه نموذجاً، مجلة جامعة دمشق –المجلد 30 -العدد 3+4 – 2014 ص: 436.
19 - Ali ben Makhlouf: Ibd, P26.  
20 - محمد أركون: الفكر الإسلامي: قراءة علمية، ترجمة هاشم صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت، الطبعة الأولى، 1987، ص 31.
21 - أبو الوليد بن رشد: فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من اتصال، مركز دراسات الوحدة العربية، ط4، 2007، ص: 104
22 - نفس المصدر السابق، ص: 105.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها