بين الكتابة السردية.. والقضايا الوطنية

نظرة في تاريخ الرواية السورية

أدهم مسعود القاق

هناك من يؤكّد أن فرنسيس مراش هو رائد الرواية السورية؛ إذ كان قد أصدر روايته "غابة الحق في تفصيل الأخلاق الفاضلة وأضدادها" عام 1865م، المفتقدة لأسس مقومات الرواية الفنية، وكتب "مرآة الحسناء" وقبلها حكاية "در الصدف في غرائب الصدف"، متأثّراً بحكايات ألف ليلة وليلة على المستوى السرديّ منذ 1872، وضمّنها إعجابه بالثورة الفرنسية وباريس التي زارها، وكتب عنها في (رحلتي إلى باريس)، فأظهر افتتانه بالثقافة الأوروبية، رافضاً الجهل المنتشر في سوريا حينذاك. ثم جاءت رواية (أمراض العصر الجديد) لـ رفيق رزق سلوم التي أصدرها 1909 وعدّت أكثر فنيّة من روايتي مراش، كما أنّ موضوعها الرئيس هو نقد العادات والتّقاليد البالية عبر تصويره شخصيات تنامى فعلها مع الأحداث الدرامية التي عالجها في متن روايته. وقد أعدم رفيق رزق في دمشق بأمر من الحاكم العسكري العثماني جمال باشا.

ولا بد من ذكر النشاط الحكائي التمثيلي في سوريا عن طريق حرفة الحكواتي الذي كان يتصدر المقهى الشعبي، ويروي للحضور قصصاً شعبية كحكاية الزير سالم وعنترة والظاهر بيبرس... وقد تميّزت مدينة دمشق بهذه الحرفة.

وهناك من يعدّ رواية شكيب الجابري (نهم) رومانسية الطابع التي صدرت إبان الحرب العالمية الثانية، بعد معاهدة 1936 السورية – الفرنسية، هي الرواية الأولى لما امتلكه الجابري من أدوات حديثة في السرد وتقنيات فنية ولغة روائية متماسكة، وعلى الرغم من تزامن صدورها مع أحداث خطيرة في تاريخ سوريا؛ إذ حدث سلخ لواء إسكندرون، وقامت ثورة عز الدين القسام السوري في فلسطين، إلّا أنّ أحداثها وقعت في ألمانيا وشخصياتها ألمانية؛ نتيجة خوف مؤلفها من شيوخ الدين المتعصبين من جهة، وانبهاره بالحضارة الأوروبية من جهة أخرى، وقد كتب الجابري بعد نهم: رواية (قدر يلهو) و(قوس قزح)، و(وداعًا يا أفاميا).

وإذا كان النشاط الأدبي قد خفت في فترة الحرب العالمية الثانية؛ إلا أنّه نشط فيما بعد على صعيد أجناسيّة الأدب الراقي كلها من مسرح وشعر وقصة ورواية، وسرعان ما تعددت أساليب الكتابة، وتنوعت التقنيات في الأجناس الأدبية الراقية، لا سيّما في السرد الروائي الذي تنوع في موضوعاته، فأنتجت الروايات ذات الطابع الرومانسي حتّى استقلت سوريا، فسيطرت المدرسة الواقعية، وتنوعت موضوعات الرواية السورية التاريخية والاجتماعية والفلسفية، تأثّراً بالنقد والإبداع الروائي المصري.

وقد قسم الناقد حسام الخطيب تطور الأدب السوري في أواخر ستينيات القرن العشرين إلى مراحل ثلاث: مرحلة الطفولة (1937 – 1949)، مرحلة الحراك الأدبي (1950-1958) مرحلة الحكم الليبرالي وازدهار الصحافة ونمو التعليم، مرحلة النهوض (1959 – 1967). واعتبر أنّ بداية تكوّن سمات الرواية العربية السورية في ستينيات القرن الماضي، وواضح أنّه لم يقصد في تقسيماته لتطور الأدب السوري على أساس جيليّ، بل قصد وجود جماعات، ارتبط ظهورها بنشاط اجتماعي معيّن لتحقيق مطالب محددة للمجتمع، أو بانتماء مجموعة أفراد لمذهب فنّي أو مدرسة أو إيديولوجيا أو حزب شموليّ والتزامهم بقواعد مشتركة فيما بينهم، وهذا ما حدث –مثلًا– مع رواية حنا مينة، المصابيح الزرق 1954، إذ رافق صدورها "ضجيج ثقافيّ قادته الأصوات اليسارية" في خمسينيات القرن الماضي، مجترة تبشيرها بظهور المذهب الواقعي.

إنّ ما ورد عند الناقد حسام الخطيب، ارتبط بعوامل السياسة وشروطها أساساً ومعياراً في تقسيمه لمراحل تطور الرواية السورية مهملًا عوامل أخرى، وهذا لا يعطينا تصورًا واضحًا عن تطور الرواية السورية وأجيالها، وإذا أردنا تصنيفها وفق مفهوم الأجيال الأدبية لا بدّ من النظر إلى النتاج الروائي بناء على سمات كلّ جيل وفق تواريخ الميلاد المتقاربة، أو على أساس من أنساق الثقافة المهيمنة، أو دراسة انعكاس الثورات والحروب والصراعات والكوارث على أبناء الجيل الواحد، أو بناء على التطورات الحضارية الطارئة في لحظات تاريخية محددة، وبتضافر هذه الأسس وتكاملها تُكشف معالم أكثر وضوحاً لتحديد سمات جيل أدبي، ومعرفة طبيعة نتاجه الأدبيّ، ورصد محطات تطور ذاك النتاج وتوصيف ملامحه، وغالباً ما ترتبط التغيرات في حركة التاريخ أو الأدب بأسماء رواد في أثناء عملية تشكيل وعي جديد مغاير، رواد يمنحون طاقات استشرافية، لاكتشاف صيرورة جديدة بعد تغيرات متلاحقة كميًّا على شكل سيرورات متتابعة، فيقدّمون رؤية مغايرة للسائد، ويوظّفون مصطلحات وشعارات جديدة، تصبح هي الرائجة بين أبناء جيلهم، إضافة إلى أن الاصطفاف الجيلي يوضح طبيعة الأحداث التي تسم جيلًا معينًا ببصماتها الجمعية، فالحربان العالميتان وحرب الجزائر وثورة 1968 شكلت أدلة على فهم التغيرات التي طرأت على الأدب الفرنسي، ونكسة حزيران/ 1967م دلّت على التغيرات التي طرأت على الأدب العربي، ولكنّ السؤال هل ما ذكر يكفي لتحديد صفات جيل أدبيّ؟

هناك مصطلح آخر هو الموجة الأدبية الذي يشير إلى ملامح وسمات أدبية متميزة، تظهر على نتاج أدباء متشابهين في رؤاهم خلال سنوات، وربما تكون هذه الموجات متنوعة، وتعد ملمحاً من ملامح الجيل الأدبي، أو موجات في جيل متعدد المناحي والتوجّهات.

إنّ الموجات الأدبيّة المتعاقبة، هي ما يطلق على ما أنتجه الروائيون السوريون مكونين جيلًا أدبيًّا واحدًا منذ الرواية الحديثة الأولى عام 1937م حتى نهاية ثمانينيات القرن العشرين، حيث كانت حصيلة موجات كتابة الرواية السورية بين (1870 – 1967) نحو أربعين رواية، وممن كتبوا إلى جانب الجابري، معروف أرناؤوط الذي كتب روايات تاريخية، وحصيلة عدد الروايات السورية بين (1970 – 1989) وهي الموجة الثانية تجاوز 190 رواية، ومن الممكن أن نطلق على تلك الموجات من كتابة الرواية جيل ما قبل الألفية؛ إذ اتسم المشتغلون في المجال الثقافي، ومنهم الروائيون، بتماهيهم مع الغرب مكونين تيارات حداثوية مشوهة، لم يستطع أربابها التأثير بثقافة المجتمع وقيمه القروسطية، أو تيارات ماضوية سلفية رمت دعاتها خارج التاريخ، إلى أن حصل النكوص الذي بدأت ملامحه تظهر منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن المنصرم، ولعلّ تقسيم د. حسام الخطيب لجيل الرواية العربية حتى 1967م، قصد به موجات أدبية سارت فيها الرواية السورية، وليس أجيالًا؛ لأنّ شرط تكوّن الجيل الأدبي هو الخروج من منظومة معرفية وقيمية وجمالية ماضية إلى منظومة مستحدثة.

 

:: جيل مـا قبل الألفية حتى مطلع عقد تسعينيات القرن العشرين ::
 

ارتبطت كتابات السرد العربي في القرن التاسع عشر وحتى العقد الثاني من القرن العشرين مع مفاهيم النهضة العربية، وخلط الرواد بين السيرة والمقامة والحكايات والرواية، ولعلها تعد المرحلة الأولى من تكوّن جيل ما قبل الألفية، ولعلّ بداية مسار الرواية الفنية العربية – وفق ما اصطلح عليه – هي رواية زينب لـ محمد حسين هيكل، وهي إحدى تجليات تفاعل المثقفين العرب مع الحداثة الأوروبية، ومنها تكوّنت المرحلة الثانية لهذا الجيل، التي نضجت الرواية في أكنافها في خمسينيات القرن العشرين، وقد أذن رواد جيل ما قبل الألفية لانطلاقة جيل الألفية منذ تسعينيات القرن العشرين وحتى عام 2011 ظهرت كتابات سردية جديدة، ومن الممكن اعتبارها المؤسسة لقيام جيل ما بعد الألفية.

استدعى بعضٌ من روائيّ جيل ما قبل الألفية التراث؛ مجربين توظيف أحداث التاريخ ورجالاته، منهم من تغنّى بالماضي مفتخراً بالسلف الصالح، وأكثرهم اختاروا موضوعات تراثية طُرِقَتْ في سياق حداثة العالم الغربيّ، وقد تنوعت أساليب السرد وموضوعاته والتقنيات الفنيّة المستخدمة، على الرغم من اشتراكهم بالتماهي مع التجارِب الغربيّة، إذ إنّ حركة الاستشراق الغربية هي من حددت هويتنا الثقافية منذ القرن التاسع عشر، فتلقّفها المثقفون العرب من أيدي المستشرقين، لا سيما إبان مرحلة الاستعمار الغربي، وفهموا طبيعة هويتهم الثقافية وفق ما جاء في مؤلفات المستشرقين، وفسّر وأوّل وَفق المصالح المادية والاجتماعيّة، ضمن اتجاهين تاريخيين رئيسيين، الحداثوي: الذي أفرز تيارات الفكر السياسيّ العربي المعروفة (الليبرالي والقومي والاشتراكي والشيوعي)، والسلفي: الذي تعددت تجلياته فمنها السلمي ذي التوّجه الاجتماعيّ ومنها الجهادي أو التكفيري وألوان متدرجة فيما بينهما.

والحق أنّ الكتابة السردية الحديثة في سوريا اهتمت بالقضايا والموضوعات الوطنية والقومية والاجتماعية والتربوية، كما كثرت الموضوعات المتعلقة بالأرياف، ووظّف الروائيون خطاب السخرية والتهكم من أحوال التخلف والقهر، واستعان بعضهم بالخطابات المرموزة حين تناولوا الجانب السياسيّ، وعلى العموم ساد في موجات الرواية السورية لدى جيل ما قبل الألفية النزوع تجاه الرّومانسيّة الحكائيّة، ابتداءً من الرواية السورية الفنية الأولى (نهم) للجابري -كما مرّ معنا آنفًا- كما كتب حسيب كيالي رواية (مكاتيب الغرام) التي غلف خطابها بالسخرية اللاذعة، ورواية (أجراس البنفسج الصغيرة)، ورواية (نعيمة زعفران)، وأصدر فارس زرزور ثلاثيته التاريخية (حسن جبل) و(لن تسقط المدينة)، ورواية (كل ما يحترق يلتهب).

وقد غلب على موضوعات الرومانسيين الجانبين التاريخيّ والاجتماعيّ، إلى أن كتب عبد السّلام العجيليّ رواية (باسمة بين الدموع) فأضفى عليها قدراً من الحكائية الموشحة بنزعة رومانسية، وانقطع عن كتابة الرواية وكتب القصة القصيرة، إلى أن أصدر روايته الثانية (قلوب على الأسلاك)، والثالثة (ألوان الحب الثلاثة)، ثمّ (أزاهير تشرين المدماة)، و(المغمورون)، ورواية (أرض السّياد)، ورواية (أجملهن). وأصدر وليد مدفعي رواية (مذكرات منحوس أفندي) موضوعها انتقادي وخطابها ساخر، واستخدم علامات سيميائية للوصول إلى المعنى، ورواية (غرباء في أوطاننا)، ورواية (قياديون بلا عقائد)، ويبدو أن تجربة مدفعي تنوعت، فكتب في المسرح والقصة والنقد، كما كتب نبيه سلامة البرازيل رواية (جاكلين أو لذائذ الانتقام) ضمن المجال الرومانسي.

ثمّ ساد المذهب الواقعي تساوقاً مع سيادته في الدول الغربية المتحضرة، فنجد من كتب في الواقعية الحكائيّة، وكانت رواياتهم نقدية أو تسجيلية وثائقية أو تقدمية الطابع، كرواية (المصابيح الزرق) لـ حنّا مينة، ثمّ كتبت روايات وفق مقتضيات المذهب الواقعيّ، كرواية (في المنفى) لـ جورج سالم، وفي الواقعية الاشتراكية المصابيح الزرق لحنا مينة، التي صور فيها بيئة الفقر في الساحل السوريّ إبان الحرب العالمية الثانية.

عبر الإطلالة على خارطة الرواية السورية عقب مرحلة الانقلابات العسكرية التي حدثت في سوريا بعد نكبة فلسطين، نجد نتاج مطاع الصفدي (1929–2016)، الذي أصدر حينذاك روايتي (جيل القدر) و(ثائر محترف) ممثلًا الاتجاه الوجودي، وفي سياق التجريب في كتابة الرواية السورية تمّ التركيز على الشخصيّة الرّوائيّة المهيمنة، ونجد ذلك في روايات عبد النبي حجازي (1938 – 2013م) الذي أصدر رواية (قارب الزمن الثقيل) و(السنديانة). وأصدر فاضل السباعي (1929) روايته (ثمّ أزهر الحزن) ورواية (ثريا)، و(رياح كانون)، ورواية (الظمأ والينبوع)، كما كتب إنعام الجندي (1924 – 2015) من الروايات: (زمن الرعب)، و(انفجار)، و(الجرثومة) 2007.

ووفق مقتضيات المدرسة الرّمزيّة نجد وليد حجَّار (1932 -) كتب ثلاثيته (البحث عن الأنا) 1973 المكونة من (مسافر بلا حقائب) و(السّقوط إلى أعلى) و(رحلة النيلوفر أو آخر الأمويين)، وصدر له وأيضًا رواية (هيلانة) 2002، وحجّار موسيقي بارع وفنان تشكيليّ مهم، ولكنّه لم يتسع له وطنه، فهو على الرغم من وجوده في ريف دمشق إلا أنّه معروف بأنشطته في الغرب، وكذلك الأمر مع الروائية السورية منى جندلي التي تكتب بالإنجليزية.

وكان للروائيات السوريات نصيب في إسهامهن برسم معالم خارطة السرد السورية، ومنهن: وداد سكاكيني (1913 - 1991) كتبت رواية (أروى بنت الخطوب) 1946، و(بين النيل والنخيل) 1947، و(الحب المحرم) 1947.

وكوليت خوري (1937 -)، كتبت قصص سيرية، ومنها (كيان) 1968، و(دمشق بيتي الكبير) 1968 و(المرحلة المرة) 1969. وقمر كيلاني (1932 – 2011) ومن رواياتها: أيام مغربية) 1965، وبستان الكرز) 1977، و(الهودج) 1979، (حب وحرب) 1982. وأمل جراح (1945 – 2004م)، كتبت رواية (الرواية الملعونة) 1967.

ونظرة عامة يلقيها الباحث على موجة كتّاب الرواية السورية منذ خمسينيات القرن الماضي، يجد انقساماً بين توجّهات من النزوع نحو الرومانسية الموشحة بجماليات المدرسة الرمزية، والمدرسة الواقعية ذات التوجّه الاشتراكي، وآخر وجودي، وغير ذلك من التوجّهات في الكتابة التي اعتراها التخمين والتجريب في المجهول مع الخلط بالمفاهيم والمصطلحات بين المذاهب والمناهج... حتى أمسى الارتجال في تأليف السرديات هو الغالب، ومن ثمّ النقد الانطباعي هو الأكثر شيوعًا.

ومن الملاحظ ارتباط نشاط السرد الروائي السوري منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي –غالبًا- بزيف الدولة الشمولية وفسادها، وازداد الأمر سوءاً منذ مطلع السبعينيات؛ إذ انعكست سياسة السلطة الطائفية على سلوك القيّمين على مؤسساتها الثقافية الموجّهة، ومن ثمّ قيّدت شروط الكتابة الإبداعية وفق عقلية الفروع الأمنية وشروطها، لا سيّما تلك السرديات المنتجة -في أكناف مؤسسات السلطة- من قبل روائيين وأدباء موظّفين في تلك المؤسسات، التي أضحت منغمسة ببؤر فساد السلطة كمؤسسات الإعلام والنقابات والأحزاب والاتحادات المهنية.

في رواية خمسينيات القرن العشرين وستينياته كانت شخوص الروايات السورية –غالبًا- من بيئات فقيرة، بسيطة، ويتمّ تصويرها من الخارج، من دون الولوج إلى بواطنها وعوالمها الداخلية، فالنزعة السائدة في تلك المرحلة هي النزعة التصويرية، سوى أنّه وجدت روايات سورية حاولت معالجة شخصيات من الطبقة الوسطى المؤثرة في حركة المجتمع، ولعله من المفيد استكمال إطلالتنا إلى المشهد الروائي السوري في مرحلة ستينيات القرن الماضي.

وفي أثناء نصف قرن من موجات الكتابة الروائية السورية بات حنا مينه (1924 – 2018) من أغزر الكتاب إنتاجًا والأكثر انتشارًا في الأقطار العربية، وقد اختار من الموضوعات ما تعلق بالفقار والاستبداد والقهر، ومن رواياته التي وصل عددها إلى الأربعين رواية نذكر: (الثلج يأتي من النافذة) 1969، ورواية (الربيع والخريف) المتعلقة بنكسة يونيه/ حزيران وترابط أسبابها وتداعياتها بسياسات الآخر الإمبرياليّ.

ولعل اختياره عالم البحر بصفته فضاء مكانيًّا لرواياته جعله أديب البحر، وقد كشف حنا مينة عن سمات شخوص روايته الإيجابية، فهم مغامرون وكرماء وشجعان ويحاولون امتلاك مصائرهم بأيديهم، ونحا بموضوعاته نحو الحرية والحب والشهامة بمواجهة الظلم الاجتماعي والقهر السياسي والاضطهاد الطائفيّ، وشرع حنا مينة في تغيير منهاجه الواقعي الاشتراكي منذ أواخر الثمانينات؛ إذ اهتمّ ببناء شخصيات مأزومة في رواياته، وجعلها تخوض في أزمات نفسية معقّدة؛ نتيجة صراعاتها الاجتماعية والسياسية التي تفوق طاقاتها الذاتية، محاولًا اللجوء لأساليب تيار الوعي عن طريق البوح بمكنونات نفوسها وأحلام اليقظة، موظّفًا الكوابيس والأحلام للكشف عما تستبطنه في ساحة اللاوعي لديها.

وفي سّياق تلك الموجة الرّوائيّة في سوريا، نجد وليد إخلاصي الذي نوع بكتاباته أيضًا، وقد أصدر روايته الأولى (شتاء البحر اليابس)، ورواية (أحضان السيدة الجميلة) و(أحزان الرماد) 1975، و(الحنظل الأليف) 1980، ورواية (خان الورد) 1985.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها