سنكتب تاريخ هذا الأفول!

عبد الحميد حسن


سَتَكْبُرُ فِينا أَمَانِي الضَّبابْ  
وَتَشْهَقُ فِينا رِئاتُ اليَبابْ  

لِأَنَّا كَبِرْنا وَشابَتْ خُطانا  
وَجَمَّدَنا البَرْدُ وَالاغْتِرابْ  

نَسِيْرُ وَفِي جُعْبَةِ الْقَلْبِ لَيْلٌ  
أَتَمَّ بِهِ الرَّاحِلُونَ النِّصابْ  

نُوَارِبُ فِي الْجُرْحِ مَوَّالَ 
رُعْبٍ  
فِيَهْمِسُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ الْخَرابْ 

 وَلَمْ يُطْفِئِ الدَّمْعُ جَمْرَ الرَّزايا  
وَقَدْ أَثْخَنَ الدَّمُ هَذَا الخِضابْ  

فَدَعْنا لِأيَّامِنا فِي الْعَرَاءِ  
لِنُشْعِلَ أَوْجَاعَنا فِي الشِّعابْ  

وَنَكْتُبَ تارِيخَ هَذَا الْأُفُول  
فُصولًا سَتُحْكَى بِمُرِّ الرُّضابْ  

وَأَرْضٌ هُنالِكَ مِنْ ألفِ حُزْنٍ  
يَسِيْلُ عَلَيْهَا الْعَنا وَالْعَذابْ  

سَنَقْتَرِحُ الْفَجْرَ يَاصاحِبِي  
كَنَسْرٍ يُحَلِّقُ فَوْقَ الْهِضابْ  

وَنُطْلِقُ فِي قُبَّةِ الْأُفُقِ سِرْبًا  
حُرُوْفًا مِنَ الْأَمَلِ الْمُسْتَطابْ 

فَقَافٌ لِمُفْتَتِحِ الْأُمْنِيَّاتْ  
يَمامًا يُحَلِّقُ فَوْقَ الْهِضابْ  

وَدَالٌ لِتَخْفِقَ مُشْتاقَةً  
قَلُوبٌ تُشَكِّلُ دَرْبَ الإيابْ  

وَسِيَنٌ لِكُلِّ الْبِلَادِ سَلامًا  
لِيَهْطِلَ مِنْ رَاحَتَيْها السَّحابْ  

وَكُنَّا كَآبَائِنَا طَيِّبِيْنَ وَقَدْ  
كَانَتِ الْأَرْضُ بِنْتَ التُّرابْ  

وَلَمْ تَمْتَحِنَّا جِهاتُ الرَّصَاصِ  
وَلَمْ نَشْكُ مِنْ حَيْرَةٍ وَاضطِرابْ  

حَنَانَيْكِ لَا تَقْتُلِيْنَا ارْتَحالًا  
فَمُنْذُ وُلِدْنا شَدَدْنا الرِّكابْ  

قَرِيبِينَ مِنْ ذِكْرَيَاتِ الشَّظايا  
بَعِيدِيْنَ فِي لافِتاتِ الْغِيابْ  

بَرِيئِينَ لِلآنَ مِنْ خَوْفِنا  
بِعِنْدٍ كَغُصَّةِ مِلْحٍ مُذَابْ 

جَنَاحٌ مِنَ التِّيهِ شَقَّ الْمَدى  
لَعَلَّ سَماءً سَتَحْوي جَوابْ  

سَتَخْضَرُّ قَافِلَةٌ فِي الْحَنايا  
وَتُزْهِرُ فِي ضَحَكاتِ الصِّحابْ  

فَلَا تَتْبَعِ الْعابِرِينَ الْحَزَانى  
وَخَبِّئ بِعَيْنَيْكَ دَمْعَ الْعِتابْ  

سَنَصْحُو عَلَى فَرَحَةِ رُبَّما  
تَفِيضُ لِتَمْلَأَ مِنَّا الرِّحابْ  

 

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها