"هِتشْكوك".. أيقونة السينما العالمية

د. ناصر أحمد سنه

أيقونة السينما العالمية.. مخرجاً، ومنتجاً، وممثلاً، وناشراً. أحد أكثر المخرجين العالميين ابتكاراً، وإتقاناً، وتأثيراً، وأهميةً. كوّن مدرسة رائدة في الإخراج والإنتاج، وتقنيات الحبكة والسرد والتشويق والإثارة والكوميديا. وأضاف لصناعة السينما أعمالاً فائقة.. شكلاً ومضموناً. فمن يكون هذا الرجل الذي تحدث عنه الكثيرون، وقلده كثيرون؟ وما أشهر محطات حياته العملية، وأبرز أعماله السينمائية، وسماته الفنية التي رفعت اسمه عالياً براقاً في سماء الفن السابع؟

بعد أن قطع شوطاً في السينما البريطانية (الصامتة، والناطقة)، توجه السير "ألفريد جوزيف هتشكوك" Sir Alfred Joseph Hitchcock" (1899-1980) إلى "هوليوود" عام 1939. وواصل عمله الفني -بدأب وبراعة- مُشتهراً بالأفلام البوليسية، والمغامرات الجاسوسية. فكان "سيد الغموض، والإثارة، والتشويق، والجماهيرية بلا منازع". بدأ حياته المهنية عام 1919 بكتابة العناوين الفرعية للأفلام الصامتة في استوديو "لاسكي" بلندن. وبعد عام حصل على وظيفة دائمة في استوديوهات "آيلينتغون". تعلم المونتاج، وكتابة السيناريو، وصار مساعد مخرج عام 1922. وكانت أولى مشاريعه الإخراجية بعنوان Number 13، بيد أن مشاكل التمويل أدت لإلغائه.
وانتقل إلى ألمانيا عام 1924 ليتعاون مع المخرج "غراهام كاتس" في فيلمه The Blackguard (1925). كما عمل مصمماً لديكور فيلم Der letzte Mann (1924) للمخرج "إف. دبليو. مورناو". وأُعجب "هتشكوك" بـهذا المخرج، واستعان بتقنياته في تصميم ديكورات أفلامه لاحقاً. كما تسللت إلى فنياته "اللمحات الديكورية وفق التعبيرية الألمانية". وفي عام 1925 منح المنتج "مايكل بالكون" (من شركة "غرينزبورو") فرصة لهتشكوك ليخرج "حديقة المسرات" The Pleasure Garden في ألمانيا، لكن العمل فشل تجارياً. ونال نفس المصير.. فيلمه The Mountain Eagle (صدر في الولايات المتحدة بعنوان Fear o’ God).
 

◀ إرهصات النبوغ

في عام 1926 تم تصوير فيلم "هتشكوك" بعنوان: "النزيل" The Lodger. ونجح العمل نجاحاً تجارياً ونقدياً كبيراً عند صدوره. أول فيلم "هتشكوكي" يعكس الطابع المميز لأعماله: البريء الذي يتهم بالقتل ويحاول الفرار لإثبات براءته. ويُظهر الشريط الرعب الذي اجتاح المدينة خوفاً من "جاك السفاح". والخشية التي انتابت أسرة من أن يكون "نزيل" الطابق العلوي هو السفاح نفسه. وبداية من فيلم "النزيل"، ثم في معظم أفلامه.. ظهرت "سمة هتشكوكية" بارزة. حيث كان يترك الكاميرا ليشارك في الفيلم كممثل "كومبارس" يؤدي دوراً عابراً، أو مشهداً بسيطاً، أو في صورة ثابتة. وتراه يتسلق الأسانسير، ويرتاد الحانات، ويتسكع في الطرقات، ويظهر في الإعلانات... لكنه ظهر في "النزيل" في دور صحفي يُدير ظهره للكاميرا. وكأنه بهذا وذاك.. يريد أن يثبت تواجده "التمثيلي"، أو يراه "توقيعاً يمهر به أعماله".

وبعد نجاح "النزيل".. عيّن "هيتشكوك" وكيلة إعلامية لمساعدته. ثم تزوج في الثاني من ديسمبر 1926 من مساعدته بالإخراج "ألاما ريفيل". وباتت الأكثر قرباً ومعاونة له، وقامت بكتابة عدد من سيناريوهات أفلامه. وفي فيلم Easy Virtue (1928) يظهر "هتشكوك" باسم "بيرتي بوستر"، وهو يمر بجانب ملعب تنس. أما في في فيلم Murder (1930) فظهر ماراً أمام شخصياته وهم يتناقشون، وحظي ذلك المشهد بإعجاب كبير. وأثناء تصوير فيلم Blackmail (1929) قررت الشركة المنتجة (بريتيش إنترناشينال بيكتشرز BIP) جعله من الأفلام الناطقة. وكالعادة حمل تقليد "هيتشكوك" باستخدام المعالم الشهيرة كخلفية للمشاهد الشائقة. كما ظهر فيه في قطار يقرأ كتاباً، وهناك طفل يزعجه عن القراءة. ثم قام بإخراج أجزاء من الشريط Elstree Calling (1930)، وهو فيلم موسيقي ساخر أنتجته شركة BIP. ثم أعاد التعاون، عام 1933، مع "مايكل بالكون"، فجاء فيلمه "الرجل الذي عرف أكثر من اللازم" The Man Who Knew Too Much (1934) ناجحاً.

وأخرج العمل التالي "التسع وثلاثون درجة" The 39 Steps )1935) كأفضل أفلامه "التشويقية" الباكرة. ويحكي -في كوميديا خفيفة- عن شخص يتورط في قضية عالمية، ويفر من العدالة. وطبعه بسمة أعماله التي تذهب بالحبكة نحو شيء ما، ثم يتضح أنه لا يمت بصلة لجوهر الموضوع. كما ظهر فيه كممثل عابر، يقرأ رسالة، ويمر بشخصيتين هاربتين من المسرح. كما ظهر في مشهد من فيلمه Young and Innocent (1937) كمصور صحفي يلتقط صورة. وتوالى نجاحه مع شريطه "المرأة التي اختفت" The Lady Vanishes (1938). عمل باهر، بنسق سريع حيث تتعرف شابة على سيدة إنجليزية "فروي" عزباء مُسنة جميلة. لكن السيدة تختفي من القطار في دولة "فاندريكا" (تلميحاً لألمانيا النازية)، بينما تتهم الشابة بالهلوسة. ويظهر "هيتشكوك" في نهاية العمل مرتدياً معطفه الأسود، ومدخناً سيجارته. ومع نهاية عقد الثلاثينيات وانتقاله وعائلته إلى الولايات المتحدة، وقع مع المنتج "ديفيد أو. سيلزنيك" عقداً لسبع سنوات تبدأ من مارس 1939.
 

◀ سينما هوليوود "الهتشكوكية"

في هوليوود.. أخرج "هتشكوك" "ربيكا" Rebecca (1940). ورُشح به لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج. لكنه حصل على "أوسكار أفضل صورة". وكان قد اقتبسه من رواية الكاتب "دافني دو مورييه". ويحكي عن شابة تتزوج من أرمل ثري، وتعيش في قصره، لكن شبح زوجته الأولى يؤرقها. وكعادته "ممثلاً عابراً" يظهر في الفيلم مع حديث أحد الشخصيات مع شرطي فيمر من خلفهم، ويختفى. وتوالى إخراج أعماله "السيد والسيدة سميث" (1941)، وفيلم "المخرب" (1942). ويعتبر فيلم "ظل من الشك" Shadow of a Doubt (1943) من علاماته المُفضلة لديه. ويحكى عن "تشارلي نيوتن" (تيريزا رايت)، التي تشتبه بكون خالها "تشارلي أوكلي" (جوزيف كوتن) قاتلاً للأرامل المسنات. وقد دمج فيه شخصيات متداخلة، وسيناريو وحوار عميق، وصور مقربة أدت لخروج جيل من المهتمين بنجاح أفلام التحليل النفسي.

وبدأ "هيتشكوك" بإخراج سيناريو "جون شتاينبيك" في فيلم "قارب النجاة" Lifeboat (1944). ويروي قصة الناجين من حادث السفينة (يو) الألمانية، وإطلاق الرصاص على القارب الصغير. فنراه في حكاية قصة كاملة في مكان لا يتغير هو القارب. كما كان له ظهور مميز وذكي، حيث ظهر في أحد إعلانات الصحف عن منتج للحمية الغذائية، ويعرض نفسه كشخص بدين، ثم صار نحيفاً. ولما عاد إلى إنجلترا في زيارة (أواخر 1943)، قدم اثنين من الأفلام القصيرة: "بون فوياج"، و"افنتر ملجاش". وصنعها -بلمساته المعتادة- من أجل "الحرية لفرنسا" وباللغة الفرنسية. ومثـّل "هتشكوك" في فيلمه Spellbound 1945 حيث ظهر خارجاً من مصاعد، مرتدياً قبعته، حاملاً حقيبته، مُدخناً سيجارته. وجاء فيلم "سيئ السمعة" Notorious (1946) من بطولة نجومه المعتادين: "انگريد بيرگمان"، و"كاري گرانت". ويرسم فيه ملامح مؤامرة للنازيين، واليورانيوم، وأمريكا الجنوبية. ويحكي عن عميل مخابرات يوظف صديقته كجاسوسة للإيقاع بمجموعة من النازيين. وجاء ظهوره بالفيلم في لقطة بارزة سريعة وهو يحتسي الشراب. وحقق العمل نجاحاً هائلاً في شباك التذاكر، فكان واحداً من أكثر أفلامه المشهود لها. ومن الطريف أن استخدامه اليورانيوم في الفيلم كأداه للمؤامرة وضعه، لفترة، تحت مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالية (اف.بي.أى).

كان "الحبل" Rope (1948)، هو أول أفلامه الملونة له. ولم يعتمد على التقطيع، بل أخرجه كلقطة واحدة طويلة، حاشداً التشويق في بيئة تصويرية محدودة. كما أخرج "تحت الجدي" (1949)، و"رهبة المسرح" (1950). وعمل في "غرباء في القطار" Strangers on a Train (1952) -المأخوذ عن رواية "باتريسيا هيجسميث"- على دمج عناصر كثيرة من أفلام سابقة، مع سرد مؤامرات تتعلق بالابتزاز والقتل. ثم تتابعت الأفلام ذات الشعبية الكبيرة بطولة. فتم اقتباس فيلم "اطلب ميم للقتل" Dial M for murder (1954) من العرض المسرحى الشهير لفريدريك نوت. وفيه يلعب الممثل "راي ميلاند" دور لاعب تنس سابق "لطيف وماكر". يحاول قتل زوجته البريئة (غريس كيلي) للحصول على مالها. وعندما تفشل خطته وتقتل زوجته المجرم، وهي تدافع عن نفسها، يسعى الزوج للتلاعب بالأدلة ليلفق موت القاتل بزوجته. فيهرع صديقها "مارك هاليداي" (روبيرت كامينغ)، ومحقق الشرطة (جون ويليامز) لإنقاذها من حكم الإعدام. وفي هذا العمل "المُصور بالألوان" جرّب "هتشكوك" التصوير ثلاثي الأبعاد، ولكن لم يُعرض بهذه التقنية إلا أوائل الثمانينيات.

وظهر فيلمه الشهير "النافذة الخلفية" Rear Window (1954) بطولة "جيمس ستيورات"، و"غريس كيلي". فيقص حكاية "ستيورات" القابع على كرسي متحرك (لإصابته بكسر في ساقه)، المهووس بمراقبة جيرانه عبر غرفته. ويُمسي مقتنعاً أن "رايموند بار" قد قتل زوجته. فيحاول إشراك صديقته "كيلي" عارضة الأزياء، وصديقه "ويندل كوري" المحقق بنظريته وينجح بذلك أخيراً. وكما هو الحال مع فيلمي "قارب النجاة، والحبل" صور "هتشكوك" هذا الفيلم بأكمله ضمن مساحة صغيرة، وهي شقة "ستيورات". وبرع في توظيف اللقطات المقربة لوجه البطل ليعكس "ردة فعله" لما "يراه بعينيه، ويسترقه ببصره، مع خوفه العاجز". كما "علم المشاهدين كيف يتلصصون على الجيران ثم عاقبهم على هذا".

وبينما دارت أحداث "القبض على اللص" To Catch a Thief(1955) بطولة "غريس كيلي"، و"غاري غرانت" في الريفيرا الفرنسية. ويلعب "غرانت" دور لص متقاعد "جون روبي" يصبح المتهم الرئيس في عدد من السرقات بالريفيرا. وتؤدي "غريس" دور امرأة أمريكية ورثت ثروة هائلة تكتشف بحدسها هوية "جون" الحقيقية. وتحاول إغراءه بجواهرها، وإيهامه أن تكون شريكته بحياته الإجرامية، بالرغم من فارق السن بينهما. وبالعمل تظهر الحبكة الرائعة، والنص الذكي (مملوء بالتورية والإيحاء)، والأداء التمثيلي الجيد مما حقق له نجاحاً تجارياً. وفي عام 1956 نجحت الطبعة الجديدة من فيلم "الرجل الذي عرف أكثر من اللازم" المُنتج عام 1934. وكان هذه المرة من بطولة "جيمس ستيوارت"، و"دوريس داي". وبرزت فيه أغنية "مهما سيكون، سيكون" التي نجحت نجاحاً كبيراً، وفازت بجائزة أوسكار"أفضل موسيقى". وجاء فيلم "الرجل الخطأ" (1957) كآخر أفلام "هيتشكوك" لشركة "إخوان وارنر". والعمل المنفرد لهتشكوك من بطولة النجم "هنري فوندا". وأخذ الفيلم عن أحداث جرت في الواقع. حيث وقع حادث إجرامي في إحدى المدن الأميركية، وتحدثت عنه الصحافة. ويتعلق الحادث بالقبض على موسيقي مغمور "عازف كونترباص"، واتهامه بجريمة سطو ثم محاكمته وهو بريء كلياً. محاكمة أثارت الرأي العام الأميركي. وما إن قرأ "هتشكوك" تفاصيلها حتى عثر على موضوع فيلمه هذا. وفي استجابة لرغبة دفينة لديه، عبّر عنها في عدد من أفلامه، وهي "إشكالية المُتهم.. البريء".

كما قام "جيمس ستيوارت" ببطولة فيلم "الدوار" Vertigo (1958)، وشاركه "كيم نوفاك"، و"باربرا بيل گيدس". وأدى "ستيوارت" دور "سكوتي" المحقق الشرطي المتقاعد، بعد سقوط زميل له من أحد المرتفعات، ووفاته. مما جعله يعاني "رهاب المرتفعات". لكنه يتورط مرة أخرى في التحقيق في إحدى القضايا. ويكلف بملاحقة زوجة شخص ثري، ثم يقع في حبها، كما يواجه مخاوفه ثانية. ويؤدي ذلك إلى حدوث مأساة، ونهاية غير سعيدة. فيلم كلاسيكى، جيد الصورة والصوت. وكان العرض الأول في مهرجان "سان سباستيان" السينمائي الدولي، حيث فاز هتشكوك بجائزة "الصدفة الفضية". وهاهي منظمة سرية تعتقل شخصاً خطأ، حيث تظن أنه جاسوس. حيث اختلط الأمر بعميل للحكومة. وكان الأعداء يتعقبونه بشدة في أنحاء البلاد ويحاولون قتله.

تلكم حبكة فيلم واحد من أفضل الأفلام التي أنتجتها الولايات المتحدة حول الحرب الباردة: "الشمال في الشمال الغربي" North By North West (1959). وهو مُلهم رئيس لمجموعة أفلام "المهمة المستحيلة" Mission Impossible. وأن "هتشكوك" قد ظهر في هذا العمل، وهو يحاول اللحاق بالباص لكنه لم يتمكن من ذلك.

وتميز فيلم "نفوس معقدة" Psycho (1960) بأشهر مشاهد السينما. مشهد قتل عنيف، من "نورمان" صاحب الفندق المضطرب للبطلة الشابة "ماريون" تحت مياه الدش. وهنا خالف قاعدة أن تظل البطلة حية حتى النهاية، فقد قتلت في الثلث الأول من العمل. كما عرض لأرواح بريئة انتهكت على يد مجرم مختل. وتكرر ظهوره "العابر" وهو يرتدي قبعة كاوبوي. وفي فيلم "الطيور" The Birds (1963) المُستوحى من قصة قصيرة للكاتب "دافني دو موريه".. عشنا مغامرة ومطاردة مثيرة تهز الأعصاب. حيث تغزو الطيور وتهاجم سكان أحد ضواحي "سان فرانسيسكو". وهنا يظهر أيضاً "هتشكوك" خارجاً من محل كلاب وممسكاً بكلبيه الاثنين، بينما الممثلة تدخل المحل. كان "هتشكوك" -وهو يدشن القواعد الأساسية لأفلام المسوخ- رائعاً في هذا الشريط، الذي حصل به على جائزة أوسكار لأحسن إخراج.

كما عاد لإنجلترا ليقدم شريط "جنون" Frenzy (1972). وجاء آخر أفلامه "مؤامرة عائلية" Family Plot (1976)، حيث ربط بين مغامرات "محتالة روحانية" بلانش تايلر (باربارا هاريس)، وصديقها سائق سيارة أجرة "بروس ديرن". وكان يتكسب ماله من القوى الزائفة التي تمتلكها. كما اشتهر "هتشكوك" في (ما بين 1955- 1965) ببرنامجه التلفزيوني القصير "ألفريد هتشكوك.. يقدم". فضلاً عن كونه ناشراً ذكياً للقصص القصيرة التي راقت له، وأصدرها في سلسلة: "قصص لم يسمحوا لي بتقديمها على التلفزيون". ففي ذروة نجاحه، طلب منه تقديم تلك السلسلة المرفقة مع اسمه. وكانت لكتاب القصة القصيرة الشعبيين، وتركز أساساً على الإثارة والتشويق. فتضمنت العناوين: قصص تقرأ مع غلق الباب، ووحش متحف ألفريد هيتشكوك، ألفريد هيتشكوك وقصص فوق الطبيعة، وألفريد هيتشكوك والموهومون بالسحر، ألفريد هيتشكوك ومشروب الساحرة، ألفريد هيتشكوك وشبح المعرض، ألفريد هيتشكوك وعشرة جلادين، ألفريد هيتشكوك وأزمة منزلية.
 

◀  خصائصه الفنية.. وجوائزه

خلال حياته المهنية التي امتدت أكثر من نصف قرن، فرض نفسه "كأيقونة سينمائية عالمية". وأسس "هتشكوك" أسلوباً سردياً وإخراجياً مميزاً. فجاءت أغلب حكاياته متضمنة "الهوية الخاطئة"، وأشخاصاً هاربين من العدالة، برفقة شخصيات نسائية. مع حبكات مثيرة، وأسرار دفينة، وعمالة وجاسوسية، ومؤامرات دولية، وامتحانات نفسية، وإيحاءات جنسية، ومشاهد عنف وقتل وجريمة. ويختتم العديد من أعماله نهايات ملتوية. وكان من الرائدين في استخدم الكاميرا، وزوايا التقاط الصورة لتعبر عن نظرات الشخصية. مجبراً المشاهدين على الانخراط في "شكل من أشكال التلصص". وكما برع في تأطير اللقطة لزيادة القلق والخوف أو التعاطف، واستخدم طريقة مبتكرة في مونتاج الفيلم، وموسيقاه التصويرية.

وأخرج "هتشكوك" أكثر من خمسين فيلماً في حياته المهنية التي امتدت ستة عقود.. ينظر له على أنه "أعظم مخرج بريطاني ترك أثراً فنياً كبيراً". وجاء في المرتبة الأولى في استطلاع لنقاد السينما، نشر بمجلة دايلي تيليغراف البريطانية عام 2007. ومنحته (عام 1967) أكاديمية الفنون وعلوم السينما جائزة "ارفينغ ج. ثالبرج" التذكارية. وحصل ستة عشر فيلماً من إخراج "هتشكوك" على ترشيحات أوسكار. وتوالت ترشيحاته لأوسكار "أفضل مخرج" عن أعماله: "المضطرب نفسياً"، و"ريبيكا"، و"قارب النجاة"، و"المسحور"، و"النافذة الخلفية". بينما فاز "ريبيكا" بأوسكار أفضل صورة.

ودخلت ستة من أفلامه السجل القومي للأفلام: "الدوار"، و"النافذة الخلفية"، و"الشمال والشمال الغربي"، و"ظلال من الشك"، و"سيئ السمعة"، و"المضطرب نفسياً". وحصل "ظلال من الشك"، و"سيئ السمعة" عام 1998 على جائزة (أيه. إف. أي) من أفضل 100 أمريكي، وتحديث (إيه. إف. أي) 2007. وفي عام 2008 دخلت أربعة من أفلامه (الدوار؛ النافذة الخلفية؛ الشمال والشمال الغربي؛ واطلب م للقتل) قائمة أفضل عشرة أفلام أكثر غموضاً في كل العصور وفق (إيه. إف. أي). كما حصل "هتشكوك" على وسام "الفارس" من الإمبراطورية البريطانية من قبل الملكة إليزابيث الثانية عام 1980. على الرغم من أنه قد حصل على الجنسية الأميركية عام 1956، كان له الحق في استخدام لقب "السير"؛ لأنه كان لا يزال من الرعايا البريطانيين.

والخلاصة؛ الباحث الأول عن الإثارة، والتشويق، وصانعهما. سعى إلى إثارة رعب المتفرجين، ولم يترك فرصة دون أن يثير ضحكاتهم أيضًا. فكان مزيجًا من الإثارة والكوميديا. قدم مجموعة سينمائية مميزة ورائدة. فكان "سيد الإثارة" عبر أفلامه المتعددة والشهيرة، فيما لم ينتظمها مخرج من قبله أو بعده بهذا النحو الفني.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها