البرتغالي جوزيه لويس بايشوتو José Luís Peixoto

مسيرة من التأليف والحكاية

حاورته: نسرين البخشوني

وُلِد جوزيه عام 1974، ويُعدُّ الآن واحداً من أبرز الكتاب البرتغاليين. صدر له ستة عشر كتاباً ما بين رواية وشعر وقصة أطفال وأدب رحلات، وترجمت أعماله إلى ثلاثين لغة من بينها اللغة العربية. حصل على العديد من الجوائز المرموقة منها: "جائزة ساراماجو الأدبية" عام 2001، وآخرها جائزة أفضل رواية أجنبية مترجمة للغة اليابانية عام 2019. صدر له مؤخراً ديوان: "العودة إلى المنزل" قصائد كتبت أثناء فترة الحظر بين جدران البيت الأربعة، ذكريات الطفولة والأسرة والوطن.




غلاف رواية "سيرة ذاتية Autobiografia"
 

آخر رواية منشورة لك بعنوان: "سيرة ذاتية"، وهي بالفعل سيرتك الذاتية كما جعلت الكاتب البرتغالي الشهير خوسيه ساراماجو أحد شخصيات روايتك، أخبرني عن فكرتها، ومتى بدأت التفكير فيها؟

في عام 2006، نشرت أول رواية استخدمت فيها شخصية تشكل جزءاً من تاريخ البرتغال وهو فرانسيسكو لازارو بعنوان: "مقبرة البيانو"، الذي مات خلال سباق الماراثون في الألعاب الأولمبية لعام 1912. قبل ذلك، كنت قد فعلت الكثير من التجارب تتعلق بالعلاقة بين السيرة الذاتية والخيال، لكنني استخدمت بشكل أساسي شخصيات مرتبطة بي ارتباطاً وثيقاً، وهي عائلتي. كانت الفكرة الأولى لهذه الرواية هي أن يكون خوسيه ساراماجو الشخصية المحورية للرواية. ومن بين الجوانب الأخرى لكتابة هذه الرواية، أن هذا التحدي مثير للاهتمام بالنسبة لي؛ لأن فرانسيسكو لازارو لم يكن مجرد كاتب مهم في المجتمع البرتغالي فقط، بل كان أيضاً شخصاً مقرباً مني، منذ حصلت على جائزة خوسيه ساراماجو الأدبية عام 2001 حتى وفاته عام 2010.

كتبت في روايتك الأخيرة "أحكي عن نفسي من خلال الآخر وأحكي عن الآخر من خلال نفسي"، هل هذه العبارة تلخص فكرتك في التأليف؟

أشعر أن هذه الجملة تلخص جانباً مهماً من الأدب؛ لأنها الطريقة التي نقيم بها علاقة بيننا ككتاب وبين القراء. نحن نفهم الآخرين مع مراعاة ما نعرفه عن أنفسنا والعكس صحيح. الأدب أوسع من هذه الجملة، لكنها بالتأكيد جانب مهم جداً منه.

في رواية "سيرة ذاتية" اخترت مزج الواقع مع الخيال، بحيث لا يستطيع القارئ معرفة ما حدث حقيقة وما لم يحدث، لماذا؟

الخيال والواقع دائماً يختلطان. إن وصف شيء حدث لا يعتبر أبداً تفسيراً محايداً للواقع، وفي نفس الوقت الخيال ليس نقياً مطلقاً، إذا كان متماسكاً، فهو يعكس العالم. أيضاً، يستخدم المؤلف دائماً مراجعه للإبداع، بقدر ما يستخدم القارئ مراجعه الخاصة للقراءة.

أنت مغرم بالسفر، وقد كتبت العديد من المقالات عن البلدان التي زرتها كما نشرت كتباً تنتمي لأدب الرحلات، متى بدأت في التدوين عن السفر؟

لقد بدأت مدونة السفر الخاصة بي مؤخراً. كان من المنطقي بالنسبة لي أن أدشن المدونة في هذه الفترة التي لا يمكننا السفر فيها. فالقراءة وسيلة للسفر؛ لأنها تسمح لنا برؤية العالم من خلال وجهات نظر جديدة. لقد كنت أكتب عن السفر منذ فترة بالفعل. في عام 2012 قمت بنشر كتاب عن السفر حول كوريا الشمالية، وفي عام 2016، قمت بنشر كتاب عن تايلاند. تدوين السفر هو وسيلة لمواصلة هذا العمل.

ليس من السهل على الإنسان البقاء في المنزل لفترات طويلة، ماذا فعلت أثناء الحجر الصحي؟

إلى جانب كل الأعمال والتحديات التي جلبها هذا الحجر الصحي، تمكنت من إنهاء ديوان شعري بعنوان: "العودة إلى المنزل". وهذا جعلني أشعر بالرضا؛ لأني لم أنشر ديواناً شعرياً منذ عام 2008. بدأت في كتابة بعض القصائد حول الحجر الصحي نفسه، لكنه تطور إلى موضوع العودة إلى الوطن، وسيتم نشره في وقت واحد في عدة دول، البرتغال، والبرازيل والمكسيك (بالترجمة الإسبانية) خلال شهر أغسطس 2020. وأنا سعيد جدّاً بهذا.

الخوف من الجائحة، ماذا تعلمت منه وماذا تغير فيك؟

فقدت صديقي العزيز، الكاتب التشيلي لويس سيبولفيدا شهر إبريل الماضي. كنا معاً قبل أسبوع فقط من تشخيص إصابته بكوفيد 19. كنت كذلك خائفاً على والدتي التي تبلغ من العمر 78 عاماً. لكن، الآن وفي هذه اللحظة، أشعر أنني تعلمت الكثير؛ لأنه رغم كل الصعوبات في هذا الوضع، كان هناك جانب إيجابي أيضاً، مثل الوقت الذي شاركته مع عائلتي.

نظمت العديد من ورش الكتابة الإبداعية في عدد من الدول، هل توقفت هذه الورش بسبب الجائحة؟

أتيحت لي الفرصة لتقديم ورشتي عمل للكتابة عبر الإنترنت، وكانت تلك تجربة جميلة. صحيح أنها كانت عبر الإنترنت، لكن هذا سمح بتجمع أشخاص من أنحاء مختلفة في العالم، تبادلنا جميعاً الأفكار حول الكتابة، وهذا شيء مهم وأسعى إليه.

بالعودة إلى علاقتك مع الكاتب الكبير ساراماجو، نكتشف أحياناً أن الكاتب الذي طالما أُعجبنا به ليس هو الشخص التي نتخيله، فبِمَ تصفُ ساراماجو؟

قابلتُ ساراماجو عندما كان عمري سبعاً وعشرين عاماً، كان وقتها يبلغ من العمر ثمانين عاماً تقريباً وقد فاز بالفعل بجائزة نوبل. لذلك كنا في لحظات مختلفة تماماً من حياتنا. ومع ذلك، ليس لدي سوى كلمات عن كرمه معي؛ لأنني مندهش من أن شخصاً في مثل منصبه سيولي اهتماماً لمؤلف شاب مثلي. أيضاً، كان هذا مثالاً ملهماً. لقد كان ساراماجو مؤمناً حقاً بما كتبه.
 

آخر رواية صدرت لك ليست الأولى في عملك التي تستند فيها إلى أسلوب الكتابة الذاتية، هل تعتقد أن الشعر أثر على أسلوبك السردي؟

هذا صحيح، الشعر في البرتغال نوع أدبي مهم للغاية. لشعراء مثل بيسوا، على سبيل المثال، حضور هائل. فكتابة الشعر تعطي إحساساً بالوحدة، وتغير العلاقة مع اللغة وما إلى ذلك.

تمت ترجمة عملك إلى ثلاثين لغة من بينها اللغة العربية، حدثني عن ذلك.

نعم، أنا مؤمن بأن الترجمة ركن أساسي فيما يتعلق بتحديات الأدب، وكما قلنا من قبل، فإن الأدب يطمح دائماً إلى التواصل الإنساني، والترجمة وسيلة لتجاوز الحدود، وأنا فخور جدّاً بترجمة بعض كتبي إلى اللغة العربية، وأتمنى ترجمة المزيد.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها