معبد الرامسيوم.. مملكة رمسيس الثاني

عبد السلام إبراهيم


عزيزي الزائر؛ أنت على موعد مع زيارة مملكة رمسيس الثاني، معبد الرامسيوم الذي عُرِف في اللغة المصرية القديمة باسم "خنمت واست"، بمعنى "المتحد مع واست"، وأطلق عليه الإغريق اسم "ممنونيوم"، ربما لتشابه تمثال رمسيس الثاني الضخم المقام بداخله بالبطل الأثيوبي الأسطوري ممنون ابن تيثونس وإلهة الفجر إيوس، ويحتمل أن ضخامة تماثيل كل من امنحوتب الثالث، ورمسيس الثانى كانت هي السبب في إطلاق اسم "ممنون" على هذه التماثيل، وخاصة أن معبد تخليد ذكرى رمسيس الثاني قد شُيّد في مكان غير بعيد من تمثاليّ ممنون. خُصص هذا المعبد في المقام الأول للإله آمون.

 

أمرَ بتشييد هذا المعبد الملك رمسيس الثاني، قُصد به أن يظهر عظمة ومكانة رمسيس الثاني بين الملوك، يحيط بالمعبد سور ضخم من الطوب اللبن طوله مائتان وسبعون متراً، وعرضه مائة وخمسة وسبعون متراً، ولكن أغلب هذه المساحة مشغولة بالمخازن والمباني الثانوية، ومن المعروف أن جدران هذا المعبد لا توازي جدار السور؛ لأن المعبد بُني متشابهاً بمعبد سيتي الأول الصغير الملتصق به من جهة الشمال، وطول معبد الرمسيوم مائة وثمانون متراً وعرضه ستة وستون متراً.
 

نصل إلى الصرح الأول الذي كانت تُزيّن واجهته أربع ساريات للأعلام، وقد نُقش بالنص والصورة على واجهته الداخلية مناظر موقعة قادش الشهيرة، التي شاهدناها من قبل على واجهة معبد الأقصر، وهناك سلم يفضي إلى سطح الصرح في الجانب الشمالي من البرج الشمالي للصرح، نشاهد على جانبيّ مدخل الصرح من الداخل بقايا لمناظر رمسيس الثاني، في علاقاته المختلفة مع كل من مين وآمـون وحورس وحتحور، وبتاح وسشات وماعت وآلهة أخرى.

ندخل الآن إلى الفناء الأول المهدم لمشاهدة مناظر الصرح الداخلية على البرج الشمالي؛ من اليسار إلى اليمن؛ فنرى مناظر لبعض القلاع ومجموعة من الأسرى الآسيويين، ومناظر من معركة قادش، ونرى الملك جالساً ومعه ضباطه في انتظار عربته الحربية، الفناء الأول مهدم وكان به صفان من الأساطين، في الجانب الجنوبي منه كانت بمثابة صفين أمام قصر رمسيس الثاني الصغير، الذي كان يتألف من صالة أساطين بها ست عشرة أسطوانة في أربعة صفوف، توجد في واجهتها نافذة التجليّ، بعد ذلك نصل إلى قاعدة العرش وكان بها أربع أَساطين في صفين، ويكتـنف صالة الأساطين وقاعة العرش العديد من الحجرات الجانبية، ويوجد خلف القصر أربعة بيوت للحريم.

يوجد في الجانب الشمالي من الفناء الأول المهدم صف من الأعمدة الأوزيرية لم يبق منها الآن إلا قاعدتيّ تمثالين للملك رمسيس الثاني، يوجد في مؤخرة هذا الفناء درج يفضي إلى مدخل الصرح الثاني، وإلى اليسار منه توجد بقايا التمثال الضخم للملك رمسيس الثاني من الجرانيت الأسود. الصرح الثاني أصغر قليلًا من الصرح الأول وتحلي واجهته الداخلية سلسة أخرى من مناظر معركة قادش.

يشغل الفناء الثاني مسطحًا يعلو كثيرًا مسطح الفناء الأول وإن كان أقل مساحة منه، وهو مهدم أيضاً، وكانت تحيط به الأروقة من كل جانب، وكان يتألف كل من الرواقين الشمالي والجنوبي من صفين من الأساطين البردية، وهناك صف من الأعمدة الأوزورية تمثل رمسيس الثاني في الشرق، وصف آخر من الأعمدة الأوزيرية تمثله في الغرب، خلفه صف آخر من الأساطين البردية ذات تيجان على شكل برعم البردي.

نصل الآن إلى بهو أساطين المعبد، وهو في نظامه وتخطيطه صورة مصغرة من بهو أساطين الكرنك، ويعتمد سقـفه على ثمان وأربعين أسطوانة في ستة صفوف، ويقع سقـف البهو على مستويين، بحيث يعلو وسطه جانبيه، وكان يشغل الفراغ بين الأساطين شبابيك يدخل منها النور. ويتوج الأساطين الاثنتي عشرة العالية المصفوفة في صفين تيجان على شكل زهرة بردي يانعة، بينما تتوج بقية الأساطين تيجان براعم البردي. نشاهد أهم مناظر بهو الأساطين على الجدار الشرقي؛ الملك في طقوسه الدينية، ثم مجموعة من المناظر تمثل الملك وهو يقدم النبيذ إلى أحد الآلهة، والدهون العطرة إلى سكر اوزيريس والآلهة سخمت.

ندخل بعد ذلك إلى صالة صغيرة للأساطين، يحمل سقـفها الذي تزينه المناظر الفلكية ثمان أساطين بردية على صفين ذات تيجان بشكل براعم البردي، ولهذا تعرف هذه الصالة اصطلاحاً بـ"الحجرة الفلكية"، ويزين جدرانها العديد من المناظر الدينية فنشاهد على الجدار الشرقي الموكب المقدس، فنرى الكهنة وهم يحملون الزوارق المقدسة، وهناك زوارق لكل من آمـون وخنسو، والملك رمسيس الثاني، وعلى نفس الجدار يميناً نرى الموكب المقدس مرة أخرى، فنشاهد الكهنة وهو يحملون الزوارق المقدسة.

 

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها