الذئب.. في الخرافات والأساطير العالمية

حواس محمود

 


الكتاب تأليف د. فضل بن عمار العماري إصدار المجلة العربية –السعودية – الرياض– 2020
 

كتاب الذئب في الخرافات والأساطير العالمية، لمؤلفه د. فضل بن عمار العماري.. كتاب طريف ظريف، ينقلنا إلى حيث الأساطير والمعتقدات التي أحيطت بالذئب، دون إهمال النقوش والآثار التي كان الذئب مادتها الأساسية، فلقد أثبتت مكتشفات الهياكل العظمية، مما قبل التاريخ في المغارات والكهوف؛ أنه كانت هناك في الجديد من الأزمنة الأولى، المتقدمة لتكوين الأرض  Quartarأسلاف الكلاب التي تعيش بين ظهرانينا الآن، ولكن العلماء المتخصصين في هذا المجال لم يتمكنوا من القطع في كثير من الحالات، بأن البقايا العظمية التي عثروا عليها هي لكلاب أو لذئاب؛ إذ إنّ الكلب كان قد استؤنس منذ ما يزيد على 8000 سنة في بلاد الشمال، فمن أقدم ما عثر عليه مما يمثل الذئاب، ما وجده لي أزيس Les Eyzies في مغارة دي كارم في دوردونيه، فقد نقش السلتية الذين عاشوا في إقليم آوب، رأس ذئب على نقودهم البرونزية، وقد ظهر الذئب في أحد النقود في منطقة شارتري جالساً على حصان، وقد أظهرت النقوش الذئب مرسوماً على الصخور وهو يقف في صف الصياد، كما هو رأس الذئب على العلم التركي.

ويعرض المؤلف لصورة الذئب في الأساطير الشعبية، فيذكر أن هناك أسطورةً تقول: إن الله خلق هذا الحيوان المفترس ليسعد الأغنام التي ترعى زهر الكرنب في الحديقة، ولكن اللعنة أصابته عندما غضب الله عليه. وتقول حكاية أخرى من الحكايات المدهشة في بريتونيه: إن الذئب كان يرعى خراف مريم العذراء، ولم يتمالك نفسه فافترس أحدها، فهوت عليه مريم بمغزلها وهشمت ظهره. ومثل ذلك نجده في البلدان السلافية، حيث كان الذئب أول راع للأغنام تهشم ظهره لخيانته، فكان تهشيم ظهره هو عقابه، ولذلك فقد ساد الاعتقاد زمناً طويلاً بأن ضلوع ظهر الذئب ممتدة طولاً؛ وأنه ضعيف المرونة في حالة الدوران، ما يجعل من السهل مهاجمته من الخلف، وهم يفسرون ذلك بأنه جراء العقوبة الإلهية.

وفي المها بهارتا، وهي أعظم ملحمة هندية، أطلق على البطل فريدوكارا (بطن الذئب)، ويعني ذلك: الشرف والشجاعة والبطولة الظافرة، وعلى العموم؛ فقد كان الذئب يعد في الهند حيواناً مفترساً، وليس للمرء أن يقتله أو يشتمه.

أما عند الفرس فتوجد للذئب كلمة واحدة في الفارسية، وهي: كُر (Gorg)، وهذه الكلمة قديمة عريقة، توجد بصور مختلفة في النصوص والكتابات الأثرية القديمة، في اللغة الفارسية القديمة (old persan)، وفي لغة الكتابات الحجرية الموجودة من 2500 قبل هذا، في عصر الأخمينيين وركان (varkana)، وفي اللغة الاوستائية لغة كتاب أوستا الدينية للمجوس وهركا، وفي اللغة البهلوية، لغة إيران في العصر الساساني قبل مجيء الإسلام كُرك (Gorg)، وهي أخيراً في الفارسية الجديدة، أي الفارسية الإسلامية، أو لغة إيران بعد الإسلام كُرك (Gorg). وفي الكردية (varg) ، وهذه قد تكون بالكردية الصورانية، أو بلهجات أخرى غير الكورمانجية البهدينانية، التي تطلق على الذئب (gor)، أو (gur)، وليس (varg)– التوضيح من كاتب السطور–.

ولدى قبائل الهنود الحمر يُعد الاحتفال بأداء شعيرة الذئب، أبرز مظهر من مظاهر الاحتفالات المقدسة، عند قبائل الشمال الغربي للمحيط الأطلسي، والكوكيوتل والقيويليوت؛ إذ يلبسون أقنعة تخيف.
يعقد هذا الاحتفال في بداية فصل الشتاء قبل منتصف الشهر القمري، ويديره أحد وجهاء القوم في القرية، للاحتفاء بالشبان الجدد في القبيلة، إنه احتفال لتأكيد هُوية القبيلة، ولإتاحة فرصة لأولئك، للانضواء داخل المجموعة القبلية، والاعتراف بمشاركتهم المستقبلية.
وعلى الرغم من أن مدة اداء هذا الطقس تختلف من مجموعة إلى أخرى، وأن زمنه يمتد من خمسة أيام إلى تسعة أيام؛ فإن الفكرة العامة للأسطورة واحدة عند القبائل جميعها، ويمر أولئك طوال مدة الاحتفال باصطدامات عنيفة، ويبدون كالذئاب، ففي أوائل شهر مايو تتوالد الذئاب عادة، وهكذا يأتي الشيطان في زمجرات الرعد وهديره في الوقت نفسه.

إن قوة الذئب تقع في مقدمة عنقه (أنيابه، ومخالب أقدامه وعنقه، وهي كلها رموز شر، والشيطان يختلف عن الملائكة في كونه حمل الشر في رأسه، وشكله الأمامي البشع).

ويعرض المؤلف للأعمال السينمائية التي تناولت الإنسان المتحول إلى ذئب، فيشير إلى أن الكتابات حول هذا الإنسان قد نشطت منذ القرن التاسع عشر الميلادي، على الرغم من أن فكرة التحول إلى ذئب كانت موجودة قبل ذلك في القرن الثالث عشر.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها