طنجة بوابة إفريقيا .. عروس المغرب العربي

عبد الحميد محمد عبد الحميد الراوي

عندما يسرح المرء بخياله بعيداً صوب طنجة، عروس الشمال المغربي وبوابة إفريقيا، يطيب له أن يغوص في أعماق تلك المدينة الرائعة، التي ذاع صيتها على مر العصور، وأصبحت لفترة طويلة المدينة الأولى للمغرب الأقصى، كما أنها أصبحت موطناً للمبدعين والمفكرين نظراً لما اكتسبته من شهرة عالمية في ميادين الفن والثقافة، وفي هذا المجال لا يفوت الزائر لتلك المدينة أن يستعرض بذاكرته أحداثاً تاريخية مهمة اشتهرت بها وأصبحت جزءاً منها، وسوف أوردها كالتالي حسب تسلسلها الزمني:

 

أولاً: فتح الأندلس (موقعة وادي لكة 28 رمضان سنة 92هـ – 19يوليو 711م)

اشتهرت مدينة طنجة بحدث تاريخي غير خريطة العالم الإسلامي في تلك الحقبة ألا وهو "فتح الأندلس"، ففي اليوم الخامس من شهر رجب سنة 92ه (إبريل عام 711م)، وعلى متن أربع سفن مملوكة (ليوليان) حاكم مدينة سبتة، التي كانت تابعة للملك القوطي الأسباني لذريق (رودريكو)، أبحرت من ميناء طنجة حملة عسكرية إسلامية بقيادة حاكمها طارق بن زياد، ووصلت بعد مسافة قصيرة من الإبحار إلى جبل (كالبي) على الشاطئ الإسباني، الذي سمي فيما بعد بـ"جبل طارق" أو "جبل الفتح".
وتابع القائد البربري المسلم تقدمه حتى التقى بجيش لذريق في معركة (وادي لكة) الشهيرة، وانتهت تلك الموقعة بانهزام القوات القوطية، وسميت تلك المعركة التاريخية بمعركة وادي لكة تعريباً للكلمة الأسبانية (lago) أي "البحيرة، وانطلق بن زياد بجيوشه وفتح المدن الأندلسية: "شذونة – وقرمونة – وإشبيليه - وأستجة – وقرطبة – ومالقة – وغرناطة"، وواصل زحفه حتى وصل إلى طليطلة عاصمة مملكة القوط وفتحها.
وبذلك بزغت شمس الإسلام في سماء الأندلس التي اشتق اسمها من قبائل "الوندال" (vandals) الجرمانية، التي غزت إسبانيا قادمة من جالا "فرنسا" فسميت بذلك "واند ألوسية" أي أندلوسية أو "الأندلس"، وقد ذكر بن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ أن الأندلس سميت نسبة إلى "أندلس بن يافث" بن نوح وهو أول من عمرها.

ثانياً: ثورة الخوارج الصفرية (123هـ – 740م)

بدأت من طنجة الفتنة المغربية الكبرى أو "ثورة الخوارج الصفرية"، ففي ولاية عبد الله بن الحبحاب للمغرب بدأت ثورة الخوارج في إقليم (الريف)، وانتشرت في قبائل برغواطة وغمارة وزنانة البربرية.
فقد قدم البربر على أنفسهم رجلاً يدعى "ميسرة المدغري" بدعوة من الخوارج الصفرية نسبة إلى زياد بن الأصفر، وقد زحف هذا الزعيم على طنجة واستولى عليها بعد أن قتل حاكمها "عمر بن عبد الله المرادي"، ثم بايعه أصحابه بالخلافة، وخوطب بلقب "أمير المؤمنين"، وانتشرت دعوته في سائر أنحاء المغرب، وعلى إثر هذه الحادثة أرسل والي المغرب جيشاً بقيادة "خالد بن حبيب" لتأديب المتمردين واستعادة طنجة منهم، كما أمده بكتائب عسكرية بقيادة حبيب بن أبي عبيدة، وكان المتمردون قد تقدموا حتى بلغوا "نهر شلف" بقيادة ميسرة الذي تردد في اللقاء فقتله أتباعه؛ لأنهم اعتبروا التردد عار عليهم وولوا مكانه رجلاً اسمه "خالد بن يزيد الزناتي"، الذي تراجع بقواته إلى طنجة التي التقى على مقربة منها الجيشان العربي والبربري في معركة حامية سميت بمعركة "الأشراف"، وقد انتهت المعركة بانهزام الجيش العربي ومقتل قائده "خالد بن حبيب".

ثالثاً: حملة يوسف بن تاشفين ومعركة الزلاقة الشهيرة (479هـ – 1086م)

انطلق السلطان المرابطي المغربي "يوسف بن تاشفين" من ميناء طنجة على رأس حملة قوية لإنقاذ سلطان إشبيلية الأندلسي "المعتمد بن عباد"، من خطر الأسبان وعلى رأسهم ملكهم "ألفونسو السادس"، وذلك بعد أن قويت شوكته بعد سقوط طليطلة في شهر محرم سنة 487ه – 1085م، وتخاذل ملوك الطوائف.
وعندما تمركز المرابطون في الجزيرة الخضراء، تناسى ملوك الطوائف خلافاتهم، وهرع المعتمد بن عباد لاستقبال يوسف بن تاشفين على مقربة من القاعدة واستضافته.
وقد التحم الجيش المغربي الأندلسي مع الجيش الإسباني في معركة "الزلاقة" الشهيرة في يوم الجمعة من شهر رجب سنة 479ه – 1086م، وانهزمت جيوش ألفونسو ورُدوا على أعقابهم خاسرين مندحرين.

رابعاً: ميلاد الرحالة بن بطوطة (17 رجب 703هـ – 25 فبراير عام 1304م)

في يوم الاثنين 17 رجب عام 703ه – 25 فبراير عام 1304م ولد في طنجة الرحالة العربي المشهور "بن بطوطة" محمد بن عبد الله بن إبراهيم اللواتي الطنجي، صاحب الكتاب الشهير "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" الذي اشتهرت به المدينة، وقد استغرقت رحلات بن بطوطة الثلاث، التي بدأت من طنجة في يوم الخميس (2 رجب عام 725ه – 1325م) مدة تسع وعشرين سنة ونصف.
وقد تحدث بن بطوطة في كتابه عن رحلته الأولى التي زار فيها العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وبلاد الحبشة وشرق إفريقيا، وبلاد فارس وبلاد الأناضول وخوارزم وخراسان، وتركستان وأفغانستان، حتى وصل إلى الهند وأقام فيها فترة من الزمن، حيث تم تعيينه قاضياً في مدينة دهلي "نيودلهي"، ثم زار الصين وعاد إلى وطنه في الغرب عن طريق سومطرة.
وفي رحلته الثانية زار الأندلس، أما في رحلته الثالثة فقد زار بلاد السودان "الزنج" مبتدئاً رحلته من سجلماسة، ثم تغازا ومالي وزاغري، وكارسخو وتمبكتوا، وتكدة، ومن هناك عاد إلى فاس، وقد توفي سنة (779ه – 1377م).
 

تحقيق اسم طنجة

وبعد تقديمي بهذه النبذة التاريخية التي تضمنت أهم الأحداث التي مرت بها المدينة، لما لها من الأولوية والأهمية في تاريخها، فإنني أتابع ما تبقى من المقال مستعرضاً اسمها وأوضاعها الأخري.
ولعل من المناسب هنا التحقيق اسم طنجة لنتعرف على معناه، فعادة ما تضفي الأدلة اللغوية التي تتصل بالأسماء، وخاصة أسماء المدن والأماكن العمرانية ضوءاً على نشأتها، وتعد مسميات الأماكن تراثاً ثقافياً لأناس عاشوا في تلك الأمكنة لفترة طويلة من الزمن حيث اختزنوا في تلك المسميات خلاصة معارفهم.

أصل نشأة طنجة

أما عن أصل اسم طنجة ومعناه، فله عدة أصول ومعان بناء على ما ورد في النصوص القديمة من الأساطير، أو بناء على اجتهادات في فقه لغات الأمم التي ارتبط موقع هذه المدينة بتاريخها.
ومن الملاحظ أن اسم طنجة كما ورد في النصوص التي تحكي هذه الأساطير كان متشابهاً، لكنه متعدد الرسم والصبغ، وقد ورد على النحو التالي:
 Tingaتنكا أو تتكا، حيث حرف "ج" إلى "ك" –titga- تيتيجا –tingis - تنكيس أو تنكي أي طنجيش – تنتديا –tantdja.
ويطلق الاسم بالعبرية "طنجة" بينما هو (tangier) باللغة الإنجليزية و( tanger ) باللغة الفرنسية، ولعل ما يمكن الاهتداء به مما سبق في نظر أحمد التوفيق، هما صيغتان وردتا في نقول الفينيقيين الذين وصلوا إلي طنجة قبل أن يعرفها الأغريق واللاتنيون، حيث نجد صيغة "تينكا tinga" وصيغة "تيتكاtitga " مما يؤكد أن الاسم كان محلياً وأصيلاً من لغة أهل البلد، وجده الفينيقيون فكتبوه بشيء من التحريف ليتماشى مع لغتهم.
أما اسم طنجة كما يكتب وينطق به اليوم في العربية، فقد أدخل إلى أقدم النصوص الإسلامية كما يرسم وينطق به اليوم.
وذلك لأن طنجة كانت من أول مرتكزات الفتح الإسلامي للمغرب الأقصى، كما كانت مرتكز العبور إلى الأندلس لذا جاء الاسم في العربية مكتوباً بشيء من التصحيف ليتماشى مع التعريب.

مجمع البحرين

أجمع معظم المفسرين عند تفسيرهم للآية وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [الكهف:60]؛ بأن مجمع البحرين المذكور في الآية الكريمة هو "طنجة" التي التقى عندها النبي موسى والخضر عليهما السلام، وفي شرق طنجة يوجد جبل موسي "جبل أبيلا" مشرفاً على البحرين، البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.
ويسمى "عمود هرقل" بجبل "أبيلاabila " أو جبل موسى بقرب مدينة سبتة على الشاطئ الإفريقي أو الضفة الإفريقية للبوغاز، وهو الجبل الذي التقى عنده الخضر مع موسي عليهما السلام، ومنه عبر إلى مدينة الجزيرة الخضراء في الأندلس بواسطة سفينة المساكين، التي خرقها الخضر ليعيبها بغرض منع ملك المدينة الظالم من أخذها.
ومدينة الجزيرة الخضراء التي تقع على الشاطئ الإسباني الأيبيري هي القرية التي رفضت استضافتهما، فوجدا فيها جداراً آيلا للسقوط تحته كنز، ويملكه غلامان يتيمان فأقامه الخضر "عليه السلام" بدون أجر، أما العمود الثاني من عمودي "هرقل" فهو جبل كالبي أو جبل طارق، تذكر الأساطير أن هرقل فصل بينهما بقوته الجبارة، وتوجد أيضاً صخور ضخمة على جانبي المضيق في نهايته من ناحية الغرب، هذه الصخور تسمى أعمدة هرقل، التي أنشأ على مقربة منها مدينتين فينيقيتين هما: "ليكوس" المغربية و"قادش" يعرف ببلاد سوس.
أما العرب فقد وفدوا على هذه البلاد منذ عهد الفتح الأول، ثم اتسعت هجرتهم أيام الفاطميين بعد انتقالهم إلى مصر وتشجيعهم قبائل بني هلال وبني سليم وعرب المعقل على الهجرة إلى المغرب، ثم انضم إليهم إخوانهم الذين جلوا عن الأندلس.

معنى كلمة بربر

كان اليونان والرومان يطلقون كلمة بربر على كل ما ليس بيوناني أو روماني خارج الإمبراطوريتين مثل مدينة "بربرة" في الصومال، والبحر البربري على المحيط الهندي.
كما أن الكلمة نفسها كانت تطلق على إقليم "ميرفان"، وهي قبيلة عربية اللهجة على ضفتي النيل من الشلال الخامس إلى عطبراء، ومعظمهم في بلاد النوبة والصومال، ويزعم بعض المؤرخين أن كلمة "بربر" مشتقة حسب رأيهم من الفعل العربي "بربر" بمعنى همس، ويرى بعضهم الآخر أن "البربر" مكرر "بر" الذي هو الصحراء باللغة العربية، ولا يعرف البربر أنفسهم هذا الاسم الذي أطلق عليهم، ولا يوجد في لغتهم وإنما يطلقون على بلادهم "بلاد الأمازيغ"؛ أي الوطن الحر وعلى أنفسهم "إيما زيغن" أي الرجال الأحرار.

أصل البربر

أما البربر فقد ذكر بعض المؤرخين أنهم من ولد كنعان بن حام بن "نوح" عليه السلام، وقال آخرون بل هم ولد "بربر" بن قفط بن حام بن نوح، وأن قفطاً لما مات خرج ولده بربر مغاضباً لبني أبيه بولده إلى ناحية المغرب فنزلت لواته ومزاته أرض ودان، ونزلت هوارة أرض طرابلس، وساروا إلى تاهرت وطنجة وسجلماسة.
يقول المؤرخ المشهور العلامة أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله المعروف "بابن خرداذبة" في كتابه "المسالك والممالك":
كانت دار البربر فلسطين وملكها جالوت فلما قتله داوود عليه السلام جلت البربر إلى المغرب ناحية إفريقيا، وكانت تسمى "مراقية" فنزلوا بير العدوة متفرقين حتى انتهوا إلى لويبة ومراقية فتفرقت هناك، فنزلت زنانة ومغيلة وضريسة وقرسنة الجبال، ونزلت لواته أرض برقة وهي "أنطابلس" بالرومية وتعني خمس مدائن، ونزلت هوارة مدينة إياس، وهي طرابلس أي ثلث مدائن، وكانت للروم فجلت الروم إلي جزيرة صقلية في البحر، ثم انتشرت البربر إلى السوس الأدنى خلف طنجة، وهي مدينة قمونية من موضع القيروان على ألفي ميل ومائة وخمسين ميلاً، ثم رجع الأفارق والروم إلى مدائنهم على صلح من البربر، فكرهت البربر نزول المدن فنزلوا الجبال والرمال فعادت المدائن رومية حتى افتتحها المسلمون، والبربر يستقرون منذ أقدم العصور بالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط من برقة إلى المحيط الأطلسي، واتفق علماء النسب على أن البربر يجمعهم جذمان عظيمان وهما "البرانس والبتر".

الموقعان الفلكي والجغرافي

فلكياً تقع طنجة على خط الطول 49، 5 درجة غرب جرينتش (غرينتش) بينما تقع على دائرة عرض 47، 35 درجة شمال الدائرة الاستوائية، وبذلك تقع ضمن الإقليم المعتدل الدافئ وتنتمي بموقعها غرب حوض البحر المتوسط إلى مناخ البحر المتوسط، المعتدل بفعل المؤثرات المحيطية التي تشرف عليها المدينة وتتأثر بها.
وجغرافياً تقع المدينة في الطرف الشمالي الغربي من المملكة المغربية وقارة إفريقيا على الشاطئ الإفريقي لبحر العدوة "بحر الزقاق"، الذي يصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي، ويعرف الآن باسم بوغاز "مضيق جبل طارق"، بين المحيط الأطلنطي، والبحر الأبيض المتوسط في مقابلة مدينة "طريفة" على الشاطئ الإسباني، ولا يفصلها عنه سوى مسافة (14- 15) كيلو متراً فقط، وتبعد المدينة مسافة 12 كيلو مترا من "رأس سبارتل"، الذي يقع في الشمال الغربي، كما تبعد مسافة عشر كيلو مترات عن "رأس مالباطا"، الذي يقع في الجهة الشرقية منها، ويشرف على جون عظيم ينتهي إلى الشرق "برأس المنار"، وإلى الغرب عند "القصبة"، وتقع المدينة على بعد (278 كيلو متر) شمال الرباط عاصمة المغرب.

مضيق جبل طارق

"مضيق" أو "بوغاز" جبل طارق هو جسم ضيق من المياه يربط بين البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الأطلسي، يبلغ طوله حوالي 57 كيلو مترا ممتداً من الشرق إلى الغرب، ويصل عرضه بين (رأس الطرف الأغر trafulger) شمالاً في إسبانيا، و"رأس سبارتل" جنوباً في المغرب إلى (44) كلم غرب مدينة طنجة، بحوالي 10 كيلو حيث النهاية الغربية للمضيق، وكذلك أوسع قطاعاته عند انفتاحه على المحيط، ويحده من الشرق مستعمرة التاج البريطاني "جبل طارق" و"رأس المنيا"، وكان العرب يسمون البوغاز "بحر الزقاق"، بينما كان الإسبان يسمون جبل طارق "جبل كالبي"، وتقع مدينة طريفة في مواجهة طنجة، كما يتقابل جبل طارق مع مدينة سبتة.
أما المسافة البحرية بين الشاطئين الإفريقي والإسباني فتترواح بين (40 كم) في ناحية الأطلنطي، و(20 كم) في ناحية المتوسط، ولا تتجاوز في الوسط (15 كم)، والمسافة بين المرافئ هي كما يلي:
من طنجة إلى جبل طارق بحراً (60 كم)، ومن سبتة إلى جبل طارق ( 20كم)، ومن سبتة إلى الجزيرة الخضراء (30 كم).

شبه جزيرة طنجة

تتكون شبة جزيرة طنجة جغرافياً من أقاليم طنجة وتطوان والعرائش، وإدارياً من ولايتي طنجة وتطوان، وأقليمي العرائس وشفشاون، إضافة إلى مدينة سبتة المحتلة.
وخليج طنجة هو خليج متسع تمتد حوله المدينة، خاصة القطاع الغربي منه على امتداد شاطئ المضيق غرباً صوب "رأس سبارتل" ويوفر خليج طنجة مرافئ ذات أحجام مناسبة للبواخر، ومع ذلك يعاني من تعرضه للرياح الشمالية الغربية، والعواصف الغربية والشمالية الغربية التي تعوق الملاحة، ولا يعد الخليج آمناً إذ يتميز بقاع مرتفع يصل عمقه إلى (800 متر)، على مسافة (150 متراً)، من نهايته كما تتباين خطوط أعماقه.
أما ولاية طنجة فإنها تضم مدينة طنجة وبلدة أصيلا التي تقع في جنوبها، وتبعد عنها مسافة 49 كيلو مترا، وبلدة قصر الصغير التي تبعد عنها مسافة 33 كم شرقاً.
وكذلك ولاية تطوان التي تضم مدينة تطوان، والتي تبعد عن طنجة مسافة 57 كيلو متراً، وكذلك إقليم شفشاون الذي يضم مدينة شفشاون، والتي تبعد عن طنجة مسافة 68 كم، وإضافة إلى ذلك إقليم العرائس، الذي يضم مدينة العرائس، وتبعد عن طنجة مسافة 87 كم، وبلدة القصر الكبير التي تبعد عنها بنحو 123 كم، وهناك أيضاً مدينة سبتة التاريخية المحتلة من قبل الاستعمار الإسباني، والتي تبعد عن طنجة مسافة 75 كم شرقاً.

المناطق السياحية "مغارات هرقل – ومتحف القصبة"

وتضم المدينة عدة مآثر كمتحف القصبة وبيت المال، ودار المخزن وباب دار النيابة وفندق الجس، والصهريج البرتغالي في طنجة الجديدة الذي تم تشييده عام 1524م، وبضاحيتها توجد هضاب مرشان والشرف، وحديقة هاريس، وسيدي عمرو وسيدي قاسم وشرف العقاب ورأس مالباطا، ورأس سبارتيل، ومغارات هرقل على بعد 18 كم متراً منها، وهي كهوف كلسية تتكسر عليها أمواج البحر عند كل مد، وكانت مساكن الإنسان لفترة ما قبل التاريخ.
وانطلاقاً من الحي السكني للجبل، يمكن مشاهدة منظر رائع يطل على المدينة وعلى الخليج، وعلى بعد خطوتين توجد "داليات العنب" التي تحتضن مقاهي صغيرة في الهواء الطلق، وعلى بعدأ (500) متر من الطريق الذي تنتشر على جوانبه داليات العنب توجد شرفة صغيرة تمكنك من الاستمتاع بمشاهدة سواحل الأندلس في إسبانيا بالعين المجردة، حيث يكون الجو صحواً، وفي الطريق القديمة بين طنجة وتطوان توجد أطلال حصن روماني قديم يسمى "البنيان".

الأوقات العصيبة

ومثلما شاهدت المدينة الومضات المضيئة في سماء الإسلام فقد ذاقت أيضاً مرارة الساعات العصيبة في تاريخ المسلمين، فقد مر بها المعتمد بن عباد أمير إشبيلية أثناء رحلته إلى منفاه في "أغمات"، وأيضاً مرت بها القوات المرينية بعد هزيمتها النكراء في معركة "ريو سالادو" عام 1340م في الأندلس، وأخيراً فقد شهدت وصول السلطان أبي عبد الله محمد الصغير، آخر ملوك بني الأحمر بعد تسليمه " قصر الحمراء" إلى الملك الأسباني "فرد يناند" وزوجته الملكة إيزابيلا إبان سقوط غرناطة سنة 897 هـ (1492م)، وقد كانت غرناطة آخر معاقل المسلمين في شبه جزيرة أيبيريا، وبسقوطها بدأت نهاية الوجود العربي في الأندلس.
 

المساجد (مسجد القصبة والجامع الكبير)

قام الأمير "علي بن عبد الله الريفي" الذي عينه السلطان العلوي مولاي إسماعيل حاكماً على طنجة ببناء مسجد "القصبة" بعد جلاء الإنجليز عن المدينة عام 1684م، وبذلك يكون هذا المسجد أقدم مساجد طنجة، ومن الشائع أن هذا المسجد كان كنيسة في الموضع نفسه قبل ذلك.
وكان ثاني مسجد بني في طنجة هو "المسجد الأعظم" أو "الجامع الكبير" ويتميز هذا المسجد من بين سائر مساجد طنجة، بل بين كثير من مساجد المغرب آنذاك بموقعه في مدخل المدينة من جهة الميناء والشاطئ بالقرب من وسط المدينة وقلبها حيث مساحة السوق الداخلي، الذي يتميز بكونه الحي التجاري المهم في المدينة، وكانت تعقد في هذا المسجد حلقات الدرس باستمرار.
وقد أقيم هذا المسجد على أنقاض الكنيسة التي بناها الإنجليز على أنقاض الكنيسة البرتغالية السابقة، والتي كانت قد أقيمت في مكان المسجد الكبير الذي بني عقب الفتح على أنقاض المعبد الروماني في العصر السابق على الإسلام.
وكان لهذا المسجد إشعاعه الديني والثقافي الذي جعل منه المحور الأساسي في التخطيط العمراني الإسلامي لمدينة طنجة العريقة، ويُرى هذا المسجد من معظم جهات طنجة، من البحر أو من الداخل، حيث يعد علامة عمرانية مميزة للمدينة.
أما ثالث المساجد القديمة فهو "الجامع الجديد" وكان موضعه من قبل بقعة مهملة، ثم تطوع السكان وتبرعوا لبنائه، وتتميز طنجة بكثرة المساجد والزاويات رغم صغر مساحتها، ويرجع كل مساجد وزاويات طنجة لفترة ما بعد تحرير طنجة عقب رحيل الإنجليز، حيث إنه من الصعب العثور على أول مسجد بني في عهد الفاتحين الأوائل الذين دخلوا طنجة؛ لأن الغزاة غيروا معالم المدينة الإسلامية، وطردوا أهلها المسلمين فأقيمت الكنائس بدل المساجد.
ويعد مسجد سيدي بوعبيد بمناراته المزينة بالفسيفساء المتعددة الألوان والذي يشرف على السوق الكبير من المعالم البارزة في المدينة.
كما يوجد أيضاً المسجد السوري ومساجد بوحوت ومبروكة والبوغاز، وعبد الصادق زمزمي، وجامع الملك فهد إلى جامع المقراع.

تعاقب الحضارات

تعد طنجة من أقدم المدن العربية التي لعبت أدواراً مهمة في تاريخ المغرب القديم والحديث، فقد استوطنها الإنسان منذ العصور النيوليتية أو عصور الصوان، وقد ذكرها المؤلف إسماعيل العربي في كتابه الشهير "دولة الأدارسة" حيث ورد فيه أن الفينيقيين كانوا أول من أنشأ مستعمرة طنجة، التي استقر فيها اليونان ثم الرومان من بعدهم.
وقد ذكرت الأستاذة سناء مصطفى عبد الغني بأن الفينيقيين أسسوا طنجة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، حيث ورد في كتابها "المغرب" ما يلي:
وتقع مدينة طنجة على الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق، بين البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي، أسسها الفينيقيون في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ثم اتخذها الرومان عاصمة لمستعمراتهم في الشمال الإفريقي.
وقد ذكرها أيضاً الرحالة القرطاجي الشهير "هانو"، عندما مر بها في رحلته قاصداً الساحل الغربي لإفريقية، حتى وصل إلى شواطئ غينيا سنة 600 قبل الميلاد.

مُريطانية الطنجية

أما الكاتب الأستاذ الصديق بن العربي فقد ذكر في مؤلفه "كتاب المغرب" أن الرومان أسسوا وطوروا مدن: طنجيس وسلا – كولونيا – شالة – وفولوبوليس في القرن الأول من التاريخ الميلادي، وذلك بعد استيلائهم على الشمال الإفريقي بعد سقوط دولة قرطاجنة التي أسسها الفينيقيون، وقد أعلنت روما في عهد بوكوس الثالث حوالي سنة 38م طنجة جمهورية مستقلة حرة، وفي العهد الروماني أصبحت إفريقية الشمالية تشمل الأقطار التالية:
- إفريقية القطر التونسي وسكانها الإفريقيون.
- نوميدية الجزائر الشرقية وسكانها النوميديون.
- مريطانية وتنقسم بدورها إلى قسمين، مريطانية القيصرية "الجزائر الغربية" وعاصمتها "قصارية" أو "شرشال"، ومريطانية الطنجية بلاد المغرب وعاصمتها طنجة.
- واستمرت هذه الدولة "إفريقية الشمالية" ببسط سيطرتها على هذا الجزء من المغرب حتى سنة 429 بعد الميلاد حينما اضمحلت بدورها تحت ضربات شعب الوندال الذي اكتسح أوروبا من الشمال.

فتح طنجة: الفتح الأول عقبة بن نافع سنة 62هـ/681م

ذكر الكاتب "عبد الله الزكرة" في كتابه عقبة بن نافع تحت عنوان: طنجة تفتح أبوابها ما يلي:
وما إن وصل الجيش الكبير إلى طنجة حتى رآها مدينة مرتفعة بجمالها وروعتها تطل على المحيط، والماء ينساب من تحتها، توقع عقبة معركة عنيفة لا تقل ضراوتها عن المعركة التي دارت عند مشارف تاهرت فنادى في أصحابه، خذوا حذركم وأسلحتكم، وتقدموا نحو أبواب المدينة، فوجدوها مفتوحة ووجد في استقباله حاكم طنجة وكبار رجال دولته، يعلنون الطاعة ويظهرون الولاء، وتعرف القائد العربي بحاكم طنجة الكونت "يوليان"، وكان نصرانياً وقد تم فتح طنجة سنة 62ه -681م.

الوصول إلى المحيط (اللهم فاشهد)

استشار عقبة الحاكم يوليان في أن يعبر بجنوده إلى الأندلس، فقال له ما ذلك برأي وخير لكم أن تذهبوا إلى القبائل الصهناجية الكبرى في جبال الأطلس فذلك أيسر عليكم من مغامرة بحرية لا تطمئنون إلى نتائجها، محذراً إياه أن يترك رجال القبائل خلفه ويرمي بنفسه إلى الهلاك فاقتنع عقبة بذلك.
سار عقبة إلى قبائل مصمودة على سفوح الأطلس المتوسط فقاتلها قتالاً ذريعاً، ثم سار إلى السوس الأقصى آخر معاقل البربر، حيث تجمعت فلول قواتهم ومضى يقتل ويسبي، حتى بلغ شواطئ المحيط الأطلسي عند "ماسة"، وأدخل فرسه البحر حتى وصل الماء إلى تلابيبه في المحيط ونطق بكلمته المشهورة "اللهم فاشهد أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد من دونك".

الفتح الثاني: موسى بن نصير سنة 88هـ – 708م

ذكر الإمام أبو الحسن البلاذري في كتابه "فتوح البلدان" تحت عنوان: "فتح طنجة" ما يلي:
قال الواقدي: وجه عبد العزيز بن مروان موسى بن نصير مولى بني أمية وأصله من عين التمر والياً على إفريقية، في زمن الوليد بن عبد الملك ففتح طنجة ونزلها، وهو أول من نزلها واختط فيها للمسلمين، وانتهت خيله إلى السوس الأدنى وبينها وبين السوس الأدنى نيف وعشرون يوماً، فوطئهم موسى وسبا منهم، وقبض عامله منهم الصدقة، ثم ولاها طارق بن زياد وانصرف إلى قيروان إفريقية.
أما رائد علم الاجتماع العلامة بن خلدون فقد أكد أن "موسى بن نصير" قد أعاد فتحها عام 88ه – 708م، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في كتابه المعروف "بتاريخ بن خلدون"، الذي اشتهر الجزء الأول منه بمقدمة بن خلدون الشهيرة.

ولاية المغرب الأقصى

كانت طنجة عاصمة "لولاية المغرب الأقصى"، وهي إحدى "خمس ولايات" أنشأها المسلمون في المغرب الإسلامي، أما الولايات الأربع الأخرى فهي:
- ولاية برقة وعاصمتها برقة، ولاية إفريقية وتشمل أعمال طرابلس وأفريقية، ثم إقليم الزاب وتصل إلى نهر "شلف" ونهر "المولوية" وعاصمتها تلمسان، ولاية السوس أو "سجلماسة " وعاصمتها سجلماسة.

تعاقب الممالك الإسلامية

وبعد حلول الشريف إدريس بن عبد الله الأول وقيام دولة إدريس الثاني في مدينة فاس، فقدت طنجة التي ولي عليها القاسم بن محمد بن إدريس الثاني مكانة "المدينة الأولى" للمغرب الأقصى، وقد استولى أمراء "دولة بني حمود" على مقاليد الأمور في طنجة من الأدارسة وأجلوهم عنها، ثم استقل بها الحاجب "سقوط – سكوت" البرغواطي، وفي سنة 471ه – 1079م أرسل السلطان يوسف بن تاشفين مؤسس دولة "المرابطين" في المغرب والأندلس قائده "صالح بن علي" لمحاربة سقوط، وقد تمكن بن علي من اقتحام سبتة وإنهاء إمارة سقوط، ثم انتزع طنجة من ضياء الدولة بن سقوط.
وقد تمكن "الموحدون" من الاستيلاء على طنجة وطرد المرابطين منها، ثم جاء بعد ذلك أمراء الدولة "المرينية" وانتزعوا المدينة من دولة الموحدين وبقوا فيها حتى أخرجهم البرتغاليون سنة 1471م، وتجدر الإشارة إلى أن المرينيين هم الذين أسسوا "جامع القرويين" في مدينة فاس.
وكانت طنجة خلال العصور الإسلامية مركزاً مهماً للجيوش العربية والمغربية، التي كانت تتوجه إلى إسبانيا لتثبيت قواعد الإسلام منذ عصر طارق بن زياد إلى أواخر العصر المريني، وقد عرفت المدينة خلال تاريخا الطويل كلاً من الاستعمار الإسباني والإنجليزي، وفي عصر السلطان العلوي المولى إسماعيل، تحررت المدينة من الاحتلال الإنجليزي، عندما استولى عليها الأمير بن عبد الله الريفي قائد جيش تحرير طنجة عام 1684م.
ثم تعرضت طنجة لهجوم الأسطول الفرنسي سنة 1844م بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر، وفي أواسط القرن المنصرم أصبحت طنجة "عاصمة المغرب السياسية" بعدما استقر بها قناصل الدول الأجنبية، وبقيت كذلك حتى عام 1912م.

معاهدة الحماية الفرنسية 30 مارس 1912م

نتيجة للضغوط المتزايدة من قبل الاستعمار الأوروبي وقع السلطان العلوي مولاي عبد الحفيظ "معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب" في 30 مارس عام 1912م، وقد تم تقسيم البلاد بين الدول الاستعمارية إلى ثلاث مناطق: منطقة الحماية الإسبانية في الريف – منطقة طنجة الدولية – وما تبقى من المغرب منطقة حماية فرنسية.
ومن بين هذه المعاهدات اتفاق المغرب وفرنسا على تأسيس نظام جديد في المغرب واحتفاظ مدينة طنجة بطبيعتها الخاصة، وتعهد فرنسا بمساندة الجلالة الشريفية وتمثيل مندوب فرنسي مقيم في المغرب للحكومة الفرنسية بيده جميع سلطات الجمهورية، وقد نصت المعاهدة أيضاً على تعهد من جلالة السلطان بأن لا يبرم أي اتفاق ذي صفة دولية قبل موافقة الجمهورية الفرنسية.

ثورة الريف (1919 – 1926)

أصابت الفئات الوطنية في منطقة الريف خيبة أمل كبيرة بعد إعلان الحماية الإسبانية على المغرب ضمن معاهدة الحماية الفرنسية عام 1912م، وقد شاركت منطقة طنجة الدولية في أحداث ثورة الريف التي أشعلتها "قبائل الأمازيغ" المقيمة في منطقة الريف بقيادة الزعيم "عبد الكريم الخطابي" شيخ قبيلة "ورياغل" ضد الاحتلال الإسباني، وقد هزمت القوات الإسبانية وأصبحت عاجزة حتى عن حماية قواتها في مليلة، وبعد هذا النصر العظيم على الاستعمار الإسباني اختار الخطابي مدينة أغادير لتكون مقر قيادته، وعاصمة جمهورية الريف التي أعلن قيامها، ولم تعترف بها القوى الرجعية والاستعمارية.

عبد الكريم الخطابي 1299- 1382ه – 1882- 1963م

ويجدر بي في هذا المجال ذكر نبذة مختصرة عن سيرة المجاهد والمناضل المغربي الكبير الأمير "عبد الكريم الخطابي" زعيم ثورة الريف المشهورة.
ولد محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي سيعرف في التاريخ العربي المعاصر باسم والده، عبد الكريم الخطابي في قرية أغادير بين تطوان ومليلة في عام 1299ه – 1882م، بعد أن درس العلوم الشرعية واللغة العربية في جامعة القرويين بمدينة فاس.
اشتغل بالقضاء الشرعي في منطقة الريف وفي عام 1919م أعلن الثورة على محتلي بلاده من الإسبان، وقد استطاع هذا القائد الفذ أن يلحق هزيمة ماحقة بقوات الجنرال الإسباني "سيلفستر" في معركة أنوال الشهيرة نحو ستة أيام من 16 يونيو – 21 يونيو عام 1921م، وقد استسلم القائد الإسباني واقتيد أسيراً إلى الخطابي وفي 25 مارس عام 1922م، انتصر الزعيم الريفي على الإسبان بقيادة "بيرانجي" في موقعة "عريت" وهزمهم هزيمة نكراء، ومكنت تلك المعركة الريفيين من الوصول إلى مشارف مليلة حصن العدو الحصين.
ولكن تدخل الفرنسيين بقيادة المارشيال "ليوني" المقيم العام في المغرب، استطاع بتحالف عسكري بين القوات الإسبانية في مليلة والقوات الفرنسية في فاس أن يسحق ثورة الريف ويجبر زعيمها عبد الكريم الخطابي على الاستسلام للقوات الفرنسية في الساعة الخامسة والربع من صبيحة يوم 27 مايو عام 1926م.
بعد استسلام الخطابي للقوات الفرنسية تم نفيه إلى جزيرة "ريو نيون" في المحيط الهندي في العام نفسه "1926"، وظل شيخ قبيلة ورياغل هو وعائلته في المنفى طوال واحد وعشرين عاماً، وقد هيأت فرنسا مسكناً للزعيم الريفي قرب أحد الأماكن في مرسيليا، وركب الخطابي البحر من المحيط الهندي باتجاه البحر الأبيض المتوسط عام 1947م باتجاه قناة السويس، وأثناء عبوره للقناة طلب الأسير المجاهد حق اللجوء السياسي في الأراضي المصرية، وقد تم قبول طلبه وحل في القاهرة ضيفاً مكرماً حيث تولى رعاية "مكتب المغرب العربي"، وفي 14 تشرين الثاني "نوفمبر" عام 1963م توفي الخطابي، بعد أن غرس البذرة الأولى من الثورة الوطنية والجهاد ضد المستعمر الدخيل.

طنجة تحت السيطرة الإسبانية يونيو 1940م

وفي 14 يونيو عام 1940م سقطت طنجة في يد قوات الجنرال الفاشي "فرانسيسكو فرانكو" إثر اندلالع نيران الحرب العالمية الثانية، وإثر انتصار الدكتاتور الفاشي في الحرب الأهلية الإسبانية 18 يوليو 1936، وقد دخلت القوات الإسبانية بقيادة "أنطونيو سكورا" المدينة، وحاصرت طوابيرها المكونة من 3600 جندي مناطقها الاستراتيجية وسيطرت عليها.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي هزم فيها حليفا فرانكو "هتل وموسو ليني"، أرغمت قوات الدكتاتور الفاشي على الانسحاب من طنجة والجلاء منها في 11 أكتوبر عام 1954، بعد ضغط وتهديد من جانب قوات الحلفاء المنتصرة، وعادت المدينة إلى نظامها الدولي الخاص.

إلغاء النظام الدولي: طنجة تعود إلى التراب المغربي نوفمبر 1956م

في اليوم الثاني من شهر مارس عام 1956م اعترفت فرنسا باستقلال المغرب ولحقت بها إسبانيا، حيث اعترفت باستقلاله التام في السابع من إبريل من العام نفسه (1956)، وبمجرد إحراز المغرب استقلاله تم عقد مؤتمر "فضالة" في أوائل أكتوبر سنة 1956م، بين الدول التي كانت لها مصالح في طنجة، وبين المملكة المغربية.
وفي شهر نوفمبر 1965م تم إلغاء نظام "منطقة طنجة الدولية"، وعادت عروس الشمال إلى الوطن الأم (المغرب)، الذي تغير اسمه من (السلطنة المغربية الشريفة) إلى "المملكة المغربية"، وتم تتويج السلطان العلوي الشريف "سيدي محمد بن يوسف"، ليصبح لقبه الجديد "محمد الخامس" عاهل المملكة المغربية.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها