شِعري كعرَّافةٍ {قصائد قصيرة}

محمود عبد الصمد زكريا


◗1◖

في دورقِ الصدرِ آياتٌ
أضنُّ بها
كم عذبتني بها
نفسي وأنَّاتي
فرحتُ أشكو الجوى
من حفظها زمناً
أشكو ولا أنتوي
بوحاً بآهاتي
فلا السماءُ حوتها
لو أبوحُ بها
ولا الجبالُ استطاعت
حملَ آياتي
لكن شِعري كسكيرٍ
تجرعها
وراح يهذي بها
في عذبِ أبياتي
يا ويحَ قلبي إذا
ما الشِعرُ لامسَهُ
يروحُ يفضي بمكنوني
وغاياتي
كم كان يضمرها
بين الضلوعِ
وكم
من راحةٍ فصَّلتها
لي خيالاتي 
شِعري كعرَّافةٍ
من دون ما طلبٍ
باحتْ بسريَّ
في ثوبِ النبؤاتِ


***


◗2◖

اتشحتْ نفسي بوشاحٍ
ليلي النكهةِ مسوَّدٍ
مَنْ يرفع عن تلك النفسِ
أطرافَ وشاح؟!
مَنْ من أحبابي
يغرسُ بي حباتِ صباحْ؟!
يرويها بمياهِ الحُبِّ
كي ينهضَ عصفورُ الحُلمِ
بجناحٍ لا يعلوه جناحْ؟!
أحلامي أوسعُ من يأسي
تحتاجُ براحاً؛ تلو براحْ
وحديقةُ نفسي مُغلقةٌ
وأنا عصفورٌ صدَّاحْ

***


◗3◖

إذا ما ضاق واقعنا بحبي
فقد وسعتهُ أحلامي الفساح
فلا تأسَ إذا ما طال ليلٌ
ظلام الليلِ يقشعُهُ الصباح
إني أرى في الأفقِ روضاً
وتحملُ عِطرَ زهرتِهِ الرياحُ
ويرسم لي الخيالُ ربيعَ آتِ
وعصفوراً بِهِ يعلو الجناحُ
تعالَ فإن بي شوقاً براحاً
وأنتَ بدنيتي هذا البراحُ

***


◗4◖

لا؛ لن نعيش
بإظلامِ الدياجيرِ
فما خلقنا سوى
للعيشِ في النورِ
اللهُ نورٌ
ونورُ اللهِ داخلنا
لسنا كمثلِ الضفادعِ
والصراصيرِ

***


◗5◖

هو شاعرٌ متصالحٌ مع نفسِهِ
خلوٌ من الأهواءِ والخيلاءِ
يبدو حزيناً أو سعيداً حسبما
تبدو له الأجواءُ في الأنباءِ
فتراهُ عن قُربٍ رخيَّاً ناعماً
وتراه صلداً عند كل شقاءِ
وإذا تجشمُهُ الحياةُ عناءَها
فلقد تعوَّد ربقةَ الأنواءِ!!
هو سيدٌ؛ متفرِّدٌ؛ ومنزَّهٌ
عن أي حقدٍ؛ قُلْ: وأي غُثاءِ
لا يرتدي حُللَ الكهانةِ؛ لا ولا
يرنو لها مُتعللاً بذكاءِ
لكنه متوحِدٌ في صمته
من دونِ ما صخبٍ ولا غوغاءِ
لم يكترث يوماً بغيرةِ حاسدٍ
أو غِلِ خِلٍ أو خنا أعداءِ
سيغادر الدنيا بريئاً؛ هادئاً
في غير ما صخبٍ ولا ضوضاءِ

***


◗6◖

إذا عالجتُ ذاتي من شجاها
أو استنقذتُ نفسي من أساها
فما زالت تعاركني البلايا
ولم أبرأ تماماً من بلاها
وما زالت تعاندني حياتي
فهل لي أن ألوذ إلى سواها؟
لعلي أستعيد صفاءَ روحي
وأغسل مهجتي مما عناها
فلا تعدم حياتي بعضَ جدوى
وتهدأُ بعد موتٍ في ثراها

***


◗7◖

سألتْ ليلى في استحياءْ
ما إعرابُ حروف الهاءْ؟
نطقَ الميمُ: كلُ حروفِ الهاءِ نساءْ
إلاَّ حرفاً
بين سطورِ اليأسِ يُفتِّشُ عن معناه
في صحراء الحُبِّ يُفتشُ عن ليلاه
حرفٌ داءْ
يجعلُ فعلَ الفرحِ رجاءْ

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها