قصائد للشاعرة اليخاندرا بيزارنيك

ترجمة: د. سعيد سلمان الخواجة

القفص

خارج الشمس
إنها ليست أكثر من مجرد شمس
لكن الرجال يراقبونها
ثم يغنون.
لا أعرف عن الشمس... أعرف فقط لحن الملاك
والخطب العرمرمية... وأبكي حتى الفجر
في وجه الرياح... إلى أن يستقر الموت عارياً
في ظلي.
أبكي تحت اسمي... أنا موجة مناديل في الليل
والقوارب العطشى... أرقص معي
أخفي الأظافر... ساخراً من أحلامي
وخارج الشمس... أرتدي الرماد!!

ليلة القصيدة

إذا وجدت صوتك الحقيقي، فأحضره إلى أرض الموتى. فهناك رماد لطيف وإرهاب في عدم الهوية...
فتاة صغيرة فقدت في منزل مدمر، هذه هي قصائدي.
أنا أكتب مع الحقد الأعمى للأطفال وهم يرمون المرأة، مثل الغراب بالحجارة. 
لا - أنا لا أكتب: أفتح خرقاً في الغسق حتى يتمكن الموتى من إرسال الرسائل.
استحم لك في الضوء. لقد ضغطت على جسدي لإبعاد الصقيع الأسود العظيم في الليل.
كلماتي تتطلب صمت أرض قاحلة.
بعضهم لديه أيدي تقبض على قلبي لحظة كتابة القصيدة. محكوم ببعض الكلمات مثل الأرجوان في عاصفة. والبعض يشبه الموتى الأثرياء- حتى لو كنت لا أزال أفضّل عليهم كلام دمية فتاة صغيرة حزينة.

حتى وإن شاهدتني أبكي

حتى لو رأتني أبكي وأمسكتني لأسمع صدى صدرها، 
فلن أحيي ذلك. 
سأكون قادراً على النظر في عينيها مثل فان كوخ وأشاهد الشمس في عباد الشمس - هل يمكن تهجئة "الحياة" مع اثنين "من أكون أنا"؟
دمى قاسية جداً. 
ولماذا لا ينبغي أن تكون كذلك، 
عندما يكون الرجال والوحوش وحتى الحجارة قاسية؟ 
في القصيدة، تتعرض الدمى وغيرها من كائنات الليل. 
قصيدة هذه هي الليلة. هل قابلت الليل؟
ورود حمراء في يديها التهمتني.
أدعو الصمت الليلي. يخرج الليل من الموت.
يخرج من الحياة. كل غياب يعيش في الليل.
وفي الصباح، بكيت:
ليلتي العزيزة، يا صغيرة تعج بالأشرار.
حبي، يناديني بـ"ساشا" وأنا أعيد صياغة المسرحية كمأساة داخلية بحتة. كل شيء داخلي.

لائحة فارغة

صهاريج في الذاكرة... أنهار في الذاكرة
برك في الذاكرة... والهمس في الذاكرة

مطلوب: ميتاً أو حياً

أنا أجبرت نفسي... ركل وصراخ
في اللغة... فقط للتوقيع
رجاء اليخاندرا.. افتحي عينيك.. أوقدي ضوء الولادة.

صوتك

كمين في كتابتي.. أنت تغنين في قصيدتي.
تسير نوايا الطيور في رحلاتها
على وقع بصوتك الحلو.. محفورة في ذاكرتي
الهواء محمل بالغياب.. الساعة التي تحافظ على الوقت معي
لذلك أنا لا أستيقظ أبداً!

مغني الليل
"إلى أولغا أوروزكو"

ماتت وهي ترتدي ثوبها الأزرق بينما كانت تغني. 
أغنية للموت ولأشعة السكر. 
داخل أغنيتها هناك ثوب أزرق، حصان أبيض، قلب أخضر موشوم بأصداء قلبها الميت. 
تغني مع فتاة ضالة هي نفسها، تميمة لها. 
وعلى الرغم من الضباب الأخضر المرسوم على شفتيها والبرد الرمادي في عينيها، 
ينهار صوتها لمسافة تفصل بين العطش واليد التي تصل إلى الماء. إنها ما زالت تغني!!
في انتظار العتمة. هذه هي اللحظة التي لا تستطيع أن تنساها
بما أن فراغك العميق كان قد طُرِدَ من الظّلال
بما أن فراغك تمّ صرفُه من الساعات
هذه اللحظة التي ظننتها حناناً
عارية، عاريةٌ كلها أجنحة الدم
بلا عيون تذكر قلق الماضي
بلا شفاه لتجميع عصير العنف
الضائع في نشيد أجراس الجليد
يا ابنة روحي العمياء احمي نفسك
ارمي خصلات مغطّاةً بالجليد في النار
ضمّي إليك التمثال الصغير للرعب
اطوي تحت أقدامك العالم المتشنّج
تحت أقدامك حيث تموت السنوات
وهي ترتجف خوفاً من المستقبل الآتي
قولي إنّ تأوّه البحر
يبلّل الكلمات الفريدة
واعملي جاهدة لكي تكون الحياة جديرة بالعيش
لكن ومن هذه اللحظة يرشح العدم
تكوّري في كهف القدر
بلا أيْدٍ لتقول أبداً
بلا أيْدٍ لتمنح فراشات الربيع
للأطفال الميتين!!
 



الشاعرة أليخاندرا بيزارنيك  (1936-1972) Alejandra Pizarnik: ولدت في مدينة افيلانيدا- بيونيس آيريس/ الأرجنتين لأبوين يهوديين مهاجرين من أوكرانيا. وقد عاشت طفولة بائسة، وعانت من قضايا تقدير الذات وعانت من فرط السمنة. وأدت هذه العوامل إلى ضعف في تقدير ذاتها. وبسبب الصورة السلبية لجسدها واستمرار مقارنة ذلك بشقيقتها، أصبحت حياتها أكثر تعقيداً. ولهذا السبب كان بالإمكان أن تبدأ بتناول المخدرات وأدمنت عليها، مما تسبب لها في اضطرابات في النوم والأرق. التحقت بالجامعة ودرست الصحافة والأدب والفلسفة في جامعة بيونيس آيريس، ولكنها انسحبت وعملت في الرسم بعد إصدار كتابين من القصائد. 
عاشت في باريس خلال الفترة 1960 – 1964 حيث عملت لدى مجلة كواديموس ومحررة في مجلات أخرى. ونشرت قصائد ونقديات في العديد من الصحف. حصلت على جائزة غوغينهايم سنة 1968، وعلى منحة من الفول برايت سنة 1971. وهي تعد واحدة من أقوى شعراء منتصف القرن العشرين. وتصور قصائدها حياة المرأة الأمريكية اللاتينية بأنها مدمرة بسبب التسلط والعدوانية ضدها. توفيت وهي في السادسة والثلاثين من عمرها سنة 1972 بسبب تعاطي جرعة زائدة من المخدرات ودفنت في تابلابدا، الأرجنتين. أصدرت عدداً من الدواوين الشعرية من بينها: الدولة الأجنبية الأكثر/ 1955، البراءة الأخيرة/ 1956، ومغامرات مفقودة/ 1958، والعمل والليل/ 1965، وجحيم موسيقي/ 1971.

المصدر: https://www.harpandaltar.com/interior.php?t=p&i=7&p=64&e=185

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها