العاداتُ والتّقَالِيد عند قبيلة "دوجون"

د. أشرف فؤاد عثمان أدهم


دوجون هي إحدى قبائل دولة مالي.. التي تمكنت -حتى وقت قريب نسبياً- من الحفاظ على ثقافتها دون عائق من جانب القبائل المعادية، أو المستعمرين، أو الحياة المعاصرة. ويرجع هذا أساساً إلى عزلتها الجغرافية لانتشارها على طول "الجدران الصخرية المنحدرة لهضبة باندياجارا". ويتجاوز عدد أفرادها ثلاثمائة ألف شخص موَزَّعين على 700 قرية. وحتى اليوم يعيش شعب دوجون بدون كهرباء، أو سباكة، أو صرف صحي، أو نظام طرق. ويجب على زوار "دوجون" أن يصلوا إليها على الهضبة سيراً على الأقدام، أو في عربة يجرها حمار، على أن يرافقهم دليل من أهل المكان ليرشدهم على الأماكن المقدسة، وأحياناً المحَرَّمَة على العامة، والمنتشرة في قرى دوجون.
 

تاريخ دوجون

يعتمد تاريخ "دوجون" على العادات والتقاليد الشفوية المتوارثة، التي تحكي قصة أسلافهم الذين جاءوا إلى هضبة باندياجارا في منتصف القرن العاشر. هؤلاء الأسلاف كانوا أربعة إخوة هم: "ديون"، و"أونو"، و"أرو"، و"دومنو"، ونتج عنهم أربع قبائل، وتخبرنا مساكن قبيلة دوجون على هضبة باندياجارا التقاليد الشفهية بأنّهم جاءوا من الضفة الغربية لنهر النّيجر، وانتهى بهم الأمر في منطقة المنحدرات الصخرية في باندياجارا، حيث عاشوا على طول هذه المنحدرات، التي وفر لهم موقعها وتكويناتها الطبيعية الأمان من القبائل المتعطشة للحروب.

وبعد أن نجح المستعمرون الفرنسيون في تهدئة المنطقة بعد استعمارها وفرض سيطرتهم عليها، باعتبارها جزءاً من دولة مالي عام 1920م، بدأ شعب دوجون بالانتشار الآمِن عبر السهول، حيث كانت المياه أكثر وفرة، والأرض أسهل للزراعة. وتشير بعض النظريات لعلماء الحضارات إلى أن شعب دوجون من أصل مصري قديم، وهاجروا بعد ذلك إلى ليبيا، ثم إلى مكان ما في شرق موريتانيا حوالي عام 1490م هرباً من الغزاة والجفاف، ثم هاجروا أخيراً إلى منحدرات باندياجارا الصخرية وسط مالي، وقد نقلوا معهم علومهم الفلكية عن الكهنة المصريين.
 

من أساطير وأسرار الدوجون

يمتلك كهنة الدوجون علوماً ومعارِفَ فلكية متطورة جدّاً تثير التساؤلات والحيرة، فرغم حياتهم البدائية، إلا أن ثقافتهم الدينية معتمِدة بالكامل على علوم الفضاء، وبالتحديد نظام النجم "سيريوس"، والذي تحدَّث عنه المصريون القدماء أيضاً، وربطوا وجوده في السماء بوقت فيضان النيل، رغم أنه لا يمكن رصده بالعين المجردة، وقد تمكن شعب دوجون من تحديد مكانه بدقة، ومعرفة بعض أسراره، ويعتبرونه مفتاح علومهم الفلكية منذ قرون طويلة، قبل أن تكتشفه التلسكوبات الحديثة، وكانوا يؤكدون على وجود توأم له، وهو نجم يدور حوله دورة كاملة كل خمسين عاماً، وهو نجم أبيض صغير وثقيل بشكل لا يصدق، وكانوا يسمونه "بو تولو"؛ أي النجم البذرة. وقد صنف فيما بعد بالنجم القزم، وكانوا يقصدون بذلك النجم "سيريوس ب".. والأكثر عجبًا هو أنهم ينسبون تلك المعرفة لديهم إلى تواصل أجدادهم قديمًا مع مخلوقات فضائية أكسبتهم هذه المعلومات، وأن هذه المخلوقات كانت تشبه الزواحف.

وقد تم تسجيل أشكال مختلفة فعلاً لكائنات غريبة، منها ما يشبه الزواحف على جدران منازلهم، وعلى الصخور. ومن أساطير الدوجون أيضاً: الأسطورة التي تتكلم عن نشأة الكون، وتقول إن الإله "أما"، خلق الكون من الأرض، حيث صنع من طين الأرض بعض الكُرَيَّات وقذفها في الكون لتُكَون النجوم، ثم صنع كرتين كبيرتين من الطين أيضاً وقذفهما في الكون لتُكَوِنا الشمس والقمر، ثم خلق أربعة توائم من نجم "سريوس" وتناسلوا ليصبحوا ثمانية، ونشأ عنهم طوائف "شعب دوجون" بعد ذلك.

هذا بالإضافة إلى أن "شعب دوجون" لديه الكثير من العلوم الفلكية الحديثة، والتي توصل إليها من مئات السنين، مثل: أن كوكب المشتري له أربعة أقمار رئيسة، وأن كوكب زحل له حلقات تدور حوله، وأن الأرض تدور حول الشمس، كما يعلمون الكثير عن نظام درب التبَّانة الذي ينتمي إليه نظامنا الشمسي، وحركته اللولبية في الكون.

ومن الأساطير المعروفة عندهم أيضاً: أن الجن يعيش في الغابات، وفريق منهم يسمى "ييبان"، وهم مخلوقات نحيفة، وصغيرة الجسم، ولها رؤوس ضخمة، ويسكنون الكهوف، والأشجار الكثيفة المتداخلة بالغابات، وقد تحمل منهم النساء، وأنهم كانوا يسكنون الأرض قبل خلق الإنسان. وفريق آخر من الجن يسمون "أدمبولو"، لهم لحى طويلة وأجسام ضئيلة. وفريق ثالث يسمى "جينان"، لهم ذراع واحدة، وساق واحدة، ويتحركون بالقفز، وشعرهم أخضر اللون، ويسكنون الأشجار، ويسببون المرض للإنسان.

المجتمع في شعب دوجون

شعب دوجون مزارعون في المقام الأول، ويهتمون بزراعة الدُخن، والذرة الرفيعة، والأرز، والبصل، والفاصوليا، والتبغ. ويتم تصدير التبغ والبصل ِإلى مناطق عديدة خاصة غرب السودان، كما أن لديهم نشاطاً محدوداً في الإنتاج الحيواني، الذي يرتكز أساساً على رعي الأغنام، والقليل من الأبقار، بالإضافة إلى نشاط تربية الدواجن، ونشاط الصيد من الأدغال، وهو نشاط موسمي مرة واحدة في العام، وهو نشاط عام جماعي لكل القبيلة.

ويعيش شعب دوجون في أسر معيشية كبيرة تسمى "جينا"، وهي تتألف من عدة أزواج، وكل زوج له العديد من الزوجات، ومعهن أولادهن غير المتزوجين، سواء من الذكور أو الإناث، وأقدم ذكر في أسرة "جينا"، يسمى "جينابانا"، وهو "رأس النسب"، وهو أيضًا "رئيس مجلس شيوخ القبيلة"، والذي يتألف من كبار رجال القبيلة، ويقوم "المجلس" مع "جينابانا" بتسوية كافة النزاعات العائلية، وإدارة الممتلكات، وحفظ الأمن في القبيلة، ونادراً ما تحدث الخلافات بين أفراد القبيلة لاقتناعهم بأن الله خلق الأرض ومواردها لتكفي الجميع، وعلى ذلك فإن الرزق متاح بوفرة للجميع.

كما تساهم المرأة والفتيات في العديد من الأعمال الهامة في القبيلة، مثل "تجميع ونقل الحطب للمنزل، وطحن الحبوب، وتربية الدواجن، وجمع البيض..."، بالإضافة إلى متابعة كافة الأعمال المنزلية. والذي يوضح أيضًا أهمية المرأة في مجتمع "دوجون"، أنهم يرسمون وينحتون شكل المرأة على أسلحتهم، حيث وجد السكين المستخدم في مختلف أغراض الحياة، أن الجزء الأعلى من المقبض عبارة عن شخصيتين نسائيتين يقفان بظهورهما لبعض، والأذرع ملفوفة أمام صدورهن، وأسفلهن، ومنقوش ثعبان كامل على النصل، والمقبض والنصل من النحاس الأصفر.
 

ثقافة شعب دوجون

ومن المعروف أن شعب دوجون هو أقدم الشعوب الإفريقية في نشاط نحت الأقنعة الخشبية الجميلة والمعبرة بأشكال رمزية، مثل الصور الشائعة في اللوحات والأقنعة والمنحوتات الخشبية الإفريقية، ومن أشهرها القناع كانانجا، وهو رمز ديني لشكل إنساني يتكون من ذراعين يشيران إلى السماء، وساقين يشيران إلى الأرض، وهو يرمز للحياة كمرحلة انتقالية من الأرض إلى الجنة في السماء، وأكثر الألوان الشائعة المستخدمة لفنون دوجون هي الأحمر، الأسود، والأبيض، وترتبط كل أشكال الأقنعة بقصص دوجون عن السلف.

ومن ثقافتهم أيضاً الاعتقاد في العدوى بالنجاسة، وأنه عندما تحيض النساء، فإنهن يدخلن حالة النجاسة، ويتعين عليهن الذهاب إلى أكواخ خاصة لا يمكنهن الخروج منها إلا بعد انتهاء فترة الحيض، وتسمى كوخ الطَمَثْ، حيث إن شعب دوجون يعتقد أن دم الحيض يجذب الأرواح الشريرة. وبالنسبة للنساء فإن الاستراحة الشهرية تعتبر لطيفة للغاية، حيث يتم جلب الطعام لهن من قِبَل رجال كوخ عزل النساء خلال فترة الطمث، ويسترحن من العمل في الحقول، ومتابعة أطفالهن، بالإضافة إلى جلسات السمر، وتبادل الرأي والمشورة بين النساء، مما قد يجعل المرأة تشتاق للمنزل وللزوج أيضاً. كما أنهم يعتقدون بالنجاسة في بعض طوائف الصناع، مثل فئة الحدادين، والعاملين في إصلاح الأحذية، والسحرة، ويتعين على هذه الفئات ألا تتعامل بالشكل الطبيعي مع باقي أفراد الشعب، وهم يتزوجون من بعضهم فقط.

ومن التقاليد المتوارثة أيضاً، والمثيرة للجدل حول نساء دوجون هي خِتان الإناث، بإزالة جزء من الأعضاء التناسلية للبنت قبل البلوغ بهدف تطهيرها روحياً، وفي كثير من الأحيان يكون إجراء عملية الختان مؤلمة للبنت، وقد لا تنساها طوال حياتها، وقد تسبب لها أيضاً مشاكل نفسية واجتماعية مع الزوج، حيث يتم إجراؤها بدون تخدير، كما تكون أدوات الجراحة غير معقمة، ويموت العديد من البنات بالنزيف الدموي خلال هذه العملية. ويرتبط هذا العرف بقوة مع أسطورة بداية خلق شعب دوجون، حيث تم تنفيذ أول ختان لأول أنثى من قبل الإله "أما" بنفسه وهو على الأرض.

ومن أهم وأعظم الأعياد عندهم: عيد "سيجي"، والذي يأتي في نهاية كل ستين عاماً، احتفالاً بتبديل القناع الأكبر القديم، بالقناع الأكبر الجديد. والقناع الأكبر عندهم هو حامل روح الجد الأول للقبيلة. وهذا القناع عبارة عن تمثال منحوت من الخشب، يمثل أفعى هائلة، ويتم التضحية في هذا الاحتفال بحيوان وطير، حتى تنتقل أرواحهم لتحل في تمثال الأفعى الخشبية، فتدب فيها حياة رمزية، وتستمر الاحتفالات بهذا العيد مدة اثنين وعشرين يومً، يقضيها الناس في الرقص، واحتساء الخمور. والغرض من هذه الاحتفالات طلب المغفرة لشباب القرية، وتوثيق الصلة بين كل أفرادها باشتراكهم في الشراب معاً.

ومن الأعياد "الموسمية" المهمة أيضاً لشعب دوجون، عيد "الأومدبلو" في موسم الجفاف، وفيه يبدأ الرقص عند غروب الشمس ويستمر لساعات طويلة، حيث يرقصون على دقات الطبول الضخمة حتى وقت متأخر من الليل، ويرتدي الراقصون ملابس نسائية مثل الأوشحة والقلائد الذهبية، ويرمز هذا التنكر إلى واحدة من أكثر المواضيع أهمية لشعب الدوجون، وهي خصوبة الأرض وتجديدها.
 

المساكن.. ومخازن الحبوب عند الدوجون

يتكون كل منزل عائلي من فناء يتوسط المسكن، وقاعة لكبار السن الذين لا يستطيعون مغادرة المنزل، لقضاء وقتهم مع القرويين الآخرين (صالون، أو غرفة الضيوف)، كما تستخدم أسطح المنازل لتجفيف وتخزين المواد الغذائية المختلفة، وأحياناً تكون حواف المدرجات كسقف طبيعي للمنزل. كما توجد مخازن للتخزين، وهي على نوعين، تبعاً للجنس، من الذكور أو الإناث، ويتم استخدام صوامع الرجال لتخزين الحبوب مثل الدُخن، وعادةً ما تكون صوامع الحبوب للرجال أكبر قليلاً من صوامع النساء، ولها باب واحد، وعلى العكس من صوامع الحبوب النسائية؛ فإنها تحتوي على أكثر من باب، ويتم استخدام مخزن الحبوب للإناث لتخزين الأنواع الأخرى من الحبوب والأطعمة المختلفة، والمجوهرات، والملابس، والفخار، وغيرها من الممتلكات الشخصية، ولا يسمح للرجال بدخول صوامع التخزين الخاصة بالنساء. ويلاحظ أن المساكن وصوامع التخزين مرفوعة على حجارة لترك فراغ مناسب يسمح بمرور المياه المتجمعة من الأمطار، للحفاظ على سلامة المباني، والمواد المخزنة بالصوامع.

المعتقدات الدينية للدوجون

المعتقدات الدينية للدوجون معقدة بشكل كبير، ويأتي على قمة المعتقدات الإله "أما" وهو الإله الخالق الأعلى، خالق الحياة والموت، وهو يرى كل شيء ولا يراه شيء، وهو سيد كل شيء، ويعرف كل شيء. وقد خلق "أما" ثلاث طوائف رئيسة هي: "العوا"، "ليبي"، "بينو". وترتكز فلسفة "العوا" على عبادة أرواح الموتى، من خلال طقوس مختلفة، أهمها الرقص بالأقنعة الرمزية المنحوتة من الخشب، بهدف توجيه أرواح الموتى إلى مكانهم في العالم الآخر، والاتصال بهم باستمرار.

أما طائفة "ليبي"، والمقصود منها عبادة الإله "ليبى"، إله الأرض، ويسمى رئيس الطائفة الكاهن، أو "هوجون"، وتنتشر أضرحة "ليبى" في في جميع قرى دوجون، بهدف التبرك، ونشر خصوبة الأرض في كل مكان. وتقول الأساطير إن الإله "ليبـــــى": يتشكل كل ليلة في هيئة ثعبان، ويهبط إلى الأرض ليلعق ظهور الكهنة ليمحي ذنوبهم ويطهرهم باستمرار، ويقوم بتزويدهم بقوة الحياة، وشحن أجسادهم بالطاقة الحيوية.

ونجد أيضاً في فلسفة عبادة الإله "ليبى"، أن الخنازير مسؤولة عن حراسة خصوبة التربة، ولذلك لا بد من تواجدها باستمرار في طقوس الاحتفالات الزراعية. أما عبادة الإله "بينو"، فهي تعتمد على الممارسة من خلال الطوطم، وهو تقديس رمزي للحيوان أو النبات أو أرواح الأسلاف، وهي من العبادات المعقدة لدى شعب دوجون، والتي ترتبط بالأماكن المقدسة المنتشرة في دوجون، وتعتمد أيضاً على التواصل الروحاني بالأسلاف، وتقديم القرابين لهم في احتفالات مقدسة، بتقديم الذبائح، وعصيدة الدُخن، وقت المحصول الرئيس، من خلال الكاهن "هوجون" كلما كان مطلوباً المساعدة والشفاعة من أرواح السلف الخالدة. وبمجرد أن يتقلد الكاهن هوجون منصبه فإنه يُمنَع منعاً باتاً بمصافحة الأيدي، ولا يملك الحق في أن يكون لديه اتصال جسدي مع أي شخص، حتى زوجاته وأطفاله، وتكون زوجته الأولى فقط هي المسؤولة عن إعداد وجباته، لكن العفة تبقى إلزامية حتى الموت.

ومزارات الإله بينو، هي عبارة عن منشآت ذات حجرة فردية مزينة بالنقوش والتصميمات الهندسية، ورسومات على الجدران ترمز لقرون طويلة الغزلان والظباء، يتم تجهيزها خلال الطقوس الزراعية، وتتم هذه الطقوس لضمان مجيء المطر، وتجديد الطبيعة، والحصاد الوفير ومن أهم رقصاتها رقصة الداما، ويتم فيها ارتداء الكاهن لقناع كانانجا، وهذه الرقصة تخلق جسراً خارقاً لقوانين الطبيعة، حيث تنتقل عليه "أرواح الموتى" إلى الآخرة بسلام، وبدون هذه الممارسات تظل الأرواح حبيسة ومعذبة في سماء الدنيا.

تطلق قبائل دوجون اسم "أما" على الإله الأعظم خالق الكون، وله عندهم المكانة العليا، ويقام له محراب، في كل بيت، على شكل مخروطي، مصنوع من الطين اليابس، القرابين إليه، وهو لحماية الأسرة من الشرور، كما يوجد له محاريب كثيرة على طرق السفر لحماية المسافرين. والإله العظيم "أما" له كاهنات خاصة، يزعمون بقدراتهن الكبيرة في كشف الغيب.

وتتفق القبائل الإفريقية على اختلاف مذاهبها بأن الإله الأعظم هو خالق الكون، إلا أنهم يختلفون كثيراً في مدى تقديرهم لسلطاته في تصريف أمور الحياة، والفكرة السائدة عندهم (ومنهم قبائل دوجون أيضـاً)، أن هذا الإله الأعظم يبعد بعداً شاسعاً عن العالم، بحيث يصعب على البشر الاتصال به، وعلى ذلك فإنه يجب أن توجه العبادات إلى من دونه من الآلهة المكلفة من قبله بمتابعة شؤون وأحوال البشر على الأرض، فمنهم من يحمي البشر من المرض، ومن اللصوص، ومنهم من يمنح الخصوبة والنسل، ومنهم من يمنح الثروة...إلخ.
 

القرابين عند الدوجون

كلمة قربان في لغة الدوجون معناها إعادة الحياة، والغرض من نحر الذبائح للقربان هو استعادة القوى الحيوية، فالمرض، وارتكاب المحرمات عندهم تسبب فقدان بعض تلك القوى، ولا يمكن استعادتها إلا إذا سال الدم بالقربان، وصبغ به المحراب. ويستعيد المتعبد تلك القوى التي ضاعت منه، كما يستعيد أسلافه قواهم، لوجود شراكة روحية بين الأحياء والأموات؛ لأن القاعدة المعروفة عندهم "أن كل فرد يمنح الجميع، ويأخذ من الجميع".

مسجد


ويشكل الإسلام حالياً عنصراً مهماً في الحياة الدينية لشعب دوجون، ويعتبر المسجد جزءاً مهماً من المشهد المعماري للدوجون، وقد تم قبولهم لبعض مبادئ الإسلام، ورفضهم للبعض الآخر، وفي كثير من الحالات، يتم مزج العناصر الجديدة مع الديانات التقليدية. وقد لعب "شعب الفولان" المجاور دوراً أساسياً في نقل العقيدة الإسلامية إلى دوجون..

وعلى الرغم من أن بداية الإسلام عندهم تعود إلى القرن الحادي عشر، إلا أنه كان مرتبطاً إلى حد ما بالمراكز الحضرية، مثل "جيني"، و"ديا"، و"تيمبكتو"، و"غاو"، وكان دخول النخبة من أصحاب السلطة في الإسلام دافعاً لكسب المزيد من شعب دوجون للدخول في الإسلام، كما ترسخ الإسلام في المناطق الريفية أيضاً تدريجياً لبساطــــــــته وسماحة مبادئه. ومعظم القرى لديها مسجد على الأقل، ويتم إنشاؤه من الطين المخلوط بالقش، مع تجديده كل فترة لضمان تماسكه ومقاومته للعوامل الطبيعية.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها