دور الترجمة في الأدب المقارن

سورجيت سنغ واروال

حسين تقي سنبلي

تزداد شعبية الترجمة في عالم اليوم، وثمَّة العديد من الأسباب وراء ذلك. أمَّا السبب الأول وهو الأهم هو أن الترجمة تسهم في وحدة الأمم، وتشجع على التفاهم المتبادل، واتساع الأفق، والحوارات الثقافية، والتناص. ولكن، لا يكاد المرء أن يفكر في الأدب المقارن من دون التفكير الفوري في الترجمة. فعلى سبيل المثال، يعرف معظم القراء في الهند أعمال جوته، وتولستوي، وبلزاك، وشكسبير، وغوركي، من خلال الترجمة فقط. فمن خلال المترجم يمكننا الوصول إلى الآداب الأخرى.

 

وهكذا؛ فإن الأدب المقارن والترجمة يضفيان طابعاً إنسانياً على العلاقة بين الشعوب والأمم. ولمَّا كانت الترجمة والأدب المقارن وسيطاً بين اللُّغات، والأفكار، والثقافات، فإنهما يسهمان في احترام الاختلاف بين الشعوب وقابلية التغيير. وعلاوةً على ذلك، إن الترجمة والأدب المقارن يوحدان الذات والآخر في الحقائق، والأساطير، والقوة، والضعف. ومن منظورٍ تاريخيٍّ، كان الأدب المقارن والترجمة دائماً يكملان بعضهما. ومن دون مساعدة الترجمة، فإن الشخص العادي الَّذي يعرف عادةً لغتين أو ثلاث، لم يكن ليعرف قطّ أعلاماً مثل: دانتي، وشكسبير، وبورجيس، وكاليداس، وسرفانتس وما إلى ذلك. ولعلَّ الشخص العادي لا يعرف عادةً أكثر من لغتين أو ثلاث. ولكن، إذا أراد دراسة أدب لغتين أو أكثر ومقارنتها، فيجب أن يكون على درايةٍ بتلك اللُّغات والثقافات. وإذا كان لا يعرف هذه اللُّغات على الإطلاق، فيمكنه المساعدة في الترجمة. وقد يترجم هذه النصوص شخصاً آخر يعرف تلك اللُّغة، ويمكن للمقارِن2 استخدام هذا النص المترجم للوصل إلى غايته.

فيمكننا على هذا الأساس أن نقول:
1. الأدب المقارن والترجمة مترابطان.
2. يمكن للشخص العادي أن يتعرف إلى الكتَّاب الرئيسيين في مختلف المجالات.
3. يمكننا من خلال ترجمة الأدب من لغاتٍ مختلفةٍ فهم فلسفة الآخرين، وعلم اجتماعهم، وعلم النفس عندهم، وفوق كلِّ ذلك ثقافتهم.
4. ستُحلّ مشاكل قطاعٍ معينٍ من الناس إمَّا بالترجمة أو بالمقارنة.
5. يستطيع أكبر عددٍ من القرَّاء أن يقرؤوا النصَّ بمساعدة الترجمة.

الأدب المقارن هو تخصصٌ مخصوصٌ بدراسة الأدب، ومن دون حواجز وطنية ولغوية. يدرس المقارِن مشاكل في الجنس الأدبي، أو الأسلوب، أو الزمن. ويبحث المقارِنون في آليات الأشكال الأدبية، ويشاركون في تحليل المناهج النظرية والنقدية القائمة، وصياغة الفروق النقدية الضرورية ذات الأهمية المتساوية. ويتعامل المقارِن أيضاً وأسئلة التفاعل بين الأدب، والفنون، والتخصصات الأخرى. وقد يدرس المقارِن السياق السياسي، والاجتماعي، والفكري للأدب المحافظ عليه. وبعبارةٍ أخرى، إن الهدف الرئيس من دراسة الأدب المقارن هو تقدير الأدب تقديراً مناسباً من منظورٍ أوسع، ويشمل عدداً كبيراً من المؤلَّفات، وخاصةً تلك الَّتي تنشأ ضمن الحدود الوطنية للبلد. أمَّا في بلدٍ متعدد اللُّغات مثل بلدنا3، فثمَّة هدفان أساسيان لدراسة الأدب المقارن.

ولا ريب في أن دور الترجمة في الأدب المقارن دورٌ مهمٌ جداً، وتزداد أهميته في عالم اليوم بعد أن أصبح العالم كلَّه قريةً عالميةً. ومع تقدم التقانة، يتقارب الأشخاص الَّذين يعيشون في بلدانٍ مختلفةٍ ويتحدثون لغات مختلفة. ومع وجود لغة دولية واحدة -وهي اللُّغة الإنجليزية- وهي المصدر المشترك للتواصل بين الناس، فلا تزال ثمَّة مشكلة في دراسة الأدب؛ إذْ تُكتب الآداب عادةً باللُّغات الإقليمية، أو لغات بلدانٍ معينةٍ مثل اللُّغة الفرنسية والروسية. وليس من الضروري أن يعرف المقارِن جميع اللُّغات. لذلك، ثمَّة حاجة إلى الترجمة تُمكِّن المقارِن من قراءة تلك الأعمال الأدبية التي ليست بلغته وفهمها، وبمساعدة الترجمة أصبحنا على دراية بعادات البلدان الأخرى، ولباس أهلها، وثقافتهم.

ويمكننا القول باختصارٍ إن للترجمة دوراً كبيراً في الأدب المقارن. ويمكننا أن نقول أيضاً إن الدراسة المقارنة للآداب من مختلف اللُّغات، والثقافات، والمنبت الاجتماعي والثقافي أمر عسير غير ممكن. لذا، تحتل الترجمة مكانةً خاصة في الأدب المقارن. وتزداد شعبية الأدب المقارن في عصر العولمة هذا، ولكن ليس ثمَّة شخص يتقن كلّ اللُّغات، لذلك قامت الترجمة بدورٍ مهمٍ في فهم أدب اللُّغات المختلفة وثقافته، والَّتي من دونها لا يمكننا مقارنة الأعمال الأدبية المختلفة المكتوبة بلغاتٍ مختلفةٍ. وعلى هذا الأساس؛ فإن الأدب المقارن هو شجرة تُعدُّ الترجمة أهم فرعٍ من فروعها.

الأدب المقارن هو تخصصٌ جديدٌ في بلدنا4، نما نمواً كاملاً في المجالات الأكاديمية في العالم الغربي. هو في الأساس طريقة ندرس من خلالها الأدب بالمقارنة، وهو الأداة الرئيسة للدراسة. ومع أن دراسة الأدب المقارنة كانت جزءاً من النقد الأدبي العام في المراحل المبكرة، إلَّا أنها أصبحت في أيامنا هذه تخصصاً منفصلاً بكلِّ مضامينه. وأصبح الآن جانباً من جوانب النقد الأدبي الَّذي يساعدنا على فهم الأدب والتمتع به. يُدرس الأدب هنا ليس بمعزل عن الآخرين، ولكن بالمقارنة. وفي إطار هذا التخصص، قد نقارن بين شكلين أو أكثر من الأشكال، أو بين الاتجاهات المتشابهة أو غير المتشابهة في الأدب من اللُّغة نفسها.

ويمكن أن تكون المقارنة بين مؤلفين أو أكثر، أو عملين أو أكثر باللُّغة نفسها. وقد تكون المقارنة بين أشكالِ لغتين، أو اتجاهاتها المتشابهة أو غير المتشابهة، أو أكثر من البلد نفسه، ويمكننا أيضاً أن نقارن الغنائيات في البنجابية، والهندية، والمالايالامية. ويمكنه أيضاً تجاوز الحدود الوطنية، ومقارنة الموضوعات والأشكال الأدبية لمؤلفي لغات العالم المختلفة، لاكتشاف عناصر التشابه الأساسية في هذا الاختلاف مع نظرةٍ عالميةٍ للأدب. وفي مثل هذه النظرة الواسعة، يكون الأدب مستقلاً عن اللسانيات والترسيم القومي والعرقي. لذلك يمكننا القول إن الأدب المقارن هو دراسة نقدية تتعامل وأدب اللسانيات، أو مجموعات ثقافية أو قومية مختلفة. ويشمل أيضاً نطاق الاستفسار والمقارنة بين أنواع مختلفة من الفن: فقد يقوم المقارِن على سبيل المثال بالتحقيق في علاقة الفيلم بالأدب، والرقص، والموسيقا وما إلى ذلك، كما يشمل أيضاً مقارنة الأدب مع التخصصات الأخرى، مثل الأدب مع التاريخ، وعلم الاجتماع، وعلم النفس، إلخ.

تزداد شعبية هذا الموضوع هذه الأيام، وثمَّة العديد من الأسباب وراء ذلك. أولها وأهمها أنه يسهم في وحدة الأمم، ويشجع على التفاهم المتبادل، واتساع الأفق، والحوارات الثقافية، والتناص. لكن بالكاد يمكن للمرء أن يفكر في الأدب المقارن من دون التفكير الفوري في الترجمة. فعلى سبيل المثال، يعرف معظم القراء في الهند أعمال جوته، وتولستوي، وبلزاك، وشكسبير، وغوركي فقط من خلال الترجمة؛ فالمترجم وسيط يُمكّننا من الوصول إلى المؤلفات الأخرى.

وهكذا؛ فإن الأدب المقارن والترجمة يضفيان الطابع الإنساني على العلاقة بين الشعوب والأمم. وتسهم في احترام الاختلاف وقابلية التغيير، بما فيها من وساطة بين اللغات، والأفكار، والثقافات. علاوة على ذلك، فهما يوحدان الذات والآخر في الحقائق والأساطير، والقوة والضعف. ومن منظور تاريخي، كان الأدب المقارن دائماً يكمّل الترجمة، والترجمة تكمّل الأدب المقارن. ومن دون مساعدة الترجمة، فإن الشخص العادي الذي يعرف لغتين أو ثلاث لغات لم يكن ليعرف قط روائع دانتي العالمية، أو شكسبير، وبورجيس، وكاليداس، وسرفانتس، وما إلى ذلك، فمن خلال الترجمة فقط يمكننا الوصول إلى الأعمال الأدبية العظيمة المكتوبة بلغة أخرى؛ اللغات التي لا نستطيع قراءتها. قبل مناقشة علاقة الترجمة بالأدب المقارن يجب أن نعرف ما هي الترجمة؟

ما هي الترجمة؟

الترجمة هي تفسير معنى الكلام، أو معنى النص المكتوب في لغة، ونقله كلاماً أو نصاً مكتوباً إلى لغة أخرى. نسمي هنا النص في اللغة الأولى- source text5 - والنص المكافئ الَّذي ينقل الرسالة نفسها بلغة أخرى يسمى target text6. يُعرَّف مصطلح الترجمة (Translation) في العموم بأنه عملية تفسير معنى النص، وإنتاج نصٍّ مكافئٍ ينقل الرسالة نفسها بلغةٍ أخرى.

تتمثل الترجمة وفقاً لنِدا وتيبر في إعادة إنتاج أقرب مكافئٍ طبيعيٍّ لرسالة اللغة المصدر في لغة المستَقِبل، أولاً في المعنى، وثانياً في الأسلوب7.

لكن ترجمة الأدب ليست مجرد مسألة إيجاد كلماتٍ في لغةٍ ما لتكون بديلاً لكلماتٍ في لغةٍ أخرى. لا يتعلق الأمر فقط بإيجاد تعبيرٍ أدبيٍّ مناسبٍ للتركيبات اللغوية المقابلة للغة العمل الأصلي. يتضمن الأمر في الترجمة أن يبذل أصحاب اللغة المنقول إليها جهداً يفوق جهد أولئك الذين يتحدثون اللغة المصدر، بما في ذلك نقلهم المفاهيم، والجماليات، والثقافة، والروح، والتاريخ. وهذا يعني إتقان المترجم ثلاثة مواضع مهمة على الأقل:
1. لغة الأصل.
2. محتوى العمل الأصلي بأوسع معانيه.
3. القدرة على تقديم اللغويات الأصلية والمواد السياقية تقديماً مناسباً إلى اللغة الهدف.

ومن ثمَّ؛ فإن ترجمة الأعمال الأدبية ليست مهمةً سهلةً، وخاصةً ترجمة الشعر. لكن الترجمة الجيدة للأدب تعطينا البديل عن الأعمال الأصلية.

ما هو الأدب المقارن؟

الأدب المقارن مجال أكاديمي يتعامل وأدب لغتين مختلفتين أو أكثر. ومع أنه يُمارس في أغلب الأحيان على أعمالٍ في لغاتٍ مختلفةٍ، إلَّا أنه قد يُجرى أيضاً على أعمالٍ من اللغة نفسها؛ إذا كانت تلك الأعمال في تلك اللغة ناشئةً عن دول أو ثقافات مختلفة يتحدث أهلها بهذه اللغة. يتضمن أيضاً مقارنات مع أنواعٍ مختلفةٍ من الفنون، فعلى سبيل المثال علاقة الفيلم بالأدب، والأدب بالفنون الشعبية (أو) الفنون الجميلة، والأدب بالموسيقا وما إلى ذلك. وفي إطار الأنشطة متعددة التخصصات، نناقش أيضاً علاقة الأدب بالتخصصات الأخرى؛ مثل التاريخ، والفلسفة، وعلم الاجتماع، وعلم النفس... إلخ.

تعريف الأدب المقارن:

وفقاً لريماك8 1971:

يُنظر إلى الأدب المقارن على أنه دراسة للأدب خارج الحدود الوطنية، ويهتم بدراسة العلاقة بين الأدب ومجالات المعرفة والمعتقدات الأخرى.
(Comparative Literature: written by Ceritera hati, 29th January, 2010 http://butterflyneeraz.blogspot.com//)

وفقاً لسوزان باسنيت9:

الأدب المقارن هو دراسة النص من سياقات ثقافية مختلفة وأصول ثقافيةٍ مختلفةٍ، لتحديد نقاط التقارب والاختلاف، وبالإشارة إلى هذين المصدرين الموثوقين المُعوَّل عليهما فالأفضل أن نقول باختصارٍ: إن الأدب المقارن يُصوَّر أساساً على أنه دراسة الأدب خارج حدود الوطن، ويهدف إلى إبراز العلاقة بين الأدب، ومجالات المعرفة، والمعتقدات الأخرى، وكذلك التأكيد على نقطة التقارب والاختلاف بينهما. (سوزان باسنيت 1993: 25).
وعلى هذا، يُقال إن دراسة قصة (سندريلا) على سبيل المثال، هي دراسة من الأدب المقارن؛ شريطة أن تتضمن قصتين أو أكثر كُتبت في حدودٍ وطنيةٍ مختلفةٍ. ومن خلال وضع هذا التعريف في عين الاعتبار، فمن المفيد لنا أن نضع حداً بين ما يُقال إنه دراسة للأدب المقارن، وما لا يُقصد به أن يكون دراسة للأدب المقارن.

أهمية الترجمة في الأدب المقارن ودورها:

سأبدأ مقولتي بمساعدة الخريطة الموضحة أدناه. في هذه الخريطة يمكننا أن نرى أن ثمَّة العديد من اللغات المحكية في جميع أنحاء العالم، والناس من كلِّ هذه اللغات مترابطون. ولفهم آراء الناس من مختلف أنحاء العالم وأفكارهم، ومشاعرهم، وعواطفهم فإننا نحتاج إلى الترجمة.

(خريطة للعلم تبين اللغات المحكية، ص: 7 من ملف pdf)

وهكذا يمكننا أن نرى أن ثمَّة العديد من اللغات، وكلُّ لغة تقريباً لها أدبها الخاص وثقافتها الخاصة. ولا يعرف الشخص العادي في العادة أكثر من لغتين أو ثلاث لغات. ولكن إذا أراد دراسة أدب لغتين أو أكثر ومقارنته، فيجب أن يكون على دراية بتلك اللغات والثقافات. وإذا كان لا يعرف أياً من تلك اللغات المعينة، فيمكنه الاستعانة بالترجمة؛ فقد يترجم له هذه النصوص شخص آخر يعرف تلك اللغة، ويمكن للمقارن استخدام هذا النص المترجم لحل معضلته. لذلك يمكننا أن نقول:
1. الأدب المقارن والترجمة مترابطان.
2. يمكن للشخص العادي أن يتعرَّف إلى الكتَّاب الرئيسيين في مختلف المجالات.
3. من خلال ترجمة الأدب من لغات مختلفة يمكننا فهم فلسفتهم، وعلم اجتماعهم، وعلم النفس، وفوق كلّ ذلك ثقافتهم.
4. سيحلّ الناس مشاكل منطقةٍ معينةٍ إمَّا بالترجمة، أو من خلال الأدب المقارن.
5. بمساعدة الترجمة يحصل النص على نطاقٍ أوسع من القرَّاء.

الأدب المقارن هو تخصص مخصصٌ لدراسة الأدب من دون حواجز وطنية ولغوية. يدرس طالب الأدب المقارن المشكلات في النوع الأدبي، أو الأسلوب الأدبي، أو الحقبة الأدبية، أو الاتجاه الأدبي. ويسبر علماء المقارنة آليات الأشكال الأدبية، ويشاركون في تحليل المناهج النظرية والنقدية القائمة، وصياغة الفروق النقدية الضرورية ذات الأهمية المتساوية. ويتعامل المقارنون أيضاً مع أسئلة التفاعل بين الأدب والفنون والتخصصات الأخرى. قد يدرس المقارِن السياق السياسي، والاجتماعي، والفكري للتأكيد الأدبي ويحافظ عليه. وبمعنى آخر، إن الهدف الرئيس من دراسة الأدب المقارن هو التقدير المناسب للأدب من منظور أوسع يشمل أكثر من أدبٍ، وخاصة تلك الآداب الَّتي تنمو في الحدود الوطنية. في بلدٍ متعدد اللغات مثل بلدنا (الهند) لدينا هدفان أساسيان لدراسة الأدب المقارن.

يمكن أن تكون المنهجية الأدبية المقارنة في المشهد الأدبي الهندي مفيدة في تطوير مفهوم التاريخ الأدبي الهندي الموحد على مستوى واحد من التنظيم. وما أعنيه بالتاريخ الأدبي الهندي، تاريخ المظاهر الإقليمية للأدب الهندي، مع إعطاء اللغة السنسكريتية المكانة التي تستحقها على أنها ديباجة للهيكل بأكمله، وتصور رسماً بيانياً مقنعاً تاريخياً للظهور الأدبي المستمر في الأبعاد المختلفة لتجربتنا الوطنية. وفي حين تبدع عقول الأدباء قدراً كبيراً من الأدب في الهند، فما عاد ممكناً تطوير فكرة الأدب الهندي الموحد؛ لأنه مكتوب بعدة لغات. وفي الوقت الحاضر، فإن فكرة الأدب الهندي الواحد لم يتم تطويرها بعد في منظورها الصحيح، مع الدراسات الفردية للآداب الإقليمية على نطاق واسع دراسات مقارنة ونقدية. لا يزال الأدب الهندي مجرد مجموعة من الآداب المختلفة ذات المظاهر اللغوية المتنوعة. من خلال الدراسات الأدبية المقارنة وحدها يمكننا الوصول إلى وحدانية الأدب الهندي.

أمَّا الهدف الآخر فهو تطوير فهم أشمل للأدب الغربي. يقول البروفيسور بوداديفا بوس Buddhadeva Bose إن اللغة الإنجليزية هي اللغة الأجنبية الأكثر انتشاراً في الهند، فإن الموقف المؤسف وغير اللائق لطالب الأدب الغربي الطموح هو التركيز فقط على اللغة الإنجليزية، ومعرفة أوروبا حصرياً من خلال إنجلترا. ونتيجة لذلك، نستوعب التحيزات البريطانية، ونحيي روبرت بريدجز، ونشوه سمعة دي إتش لورانس، ونقوم بأدبنا الإنجليزي من دون حتى أن نسمع عن بودلير، أو هاينه، أو أوفيد، أو دانتي، أو ويتمان، أو الكتَّاب الروس العظام. والعلاج الواضح لذلك هو نشر معرفة الأدب الغربي بخلاف اللغة الإنجليزية، وهنا يمكن للأدب المقارن أن يلبي حاجة حقيقية لمساعينا الأدبية. هذه المقدمة المطولة هي دفاعًا عن انتشار دراسة الأدب المقارن في الهند للتأكيد على دورها في تطوير فكرة التكرار الهندي الواحد، وفهم الأدب الغربي فهماً أشمل. وفيما يتعلق بوسائل تأمين هذه الأهداف وأساليبها؛ فإننا نواجه أهم مسألة، ولكنها مسألة مثيرة للجدل تتعلق بالترجمات الأدبية.

لا ريب في أن معرفة اللغة أمرٌ مهم، ولكن ليس له تأثير مباشر في الفهم الأدبي. وكانت لجنة نوبل قد منحت جائزة نوبل لطاغور على أساس ترجمة جيتانجالي10 بالطبع التي قدمها الشاعر نفسه، وكانت ترجمة من البنغالية الأصلية. والمرء حر في الاختيار بين أمرين: أن يرضى رغماً عنه بقراءة بضع صفحاتٍ من النص الأصلي، أو الخوض في تجربة الكاتب الغنية بلغةٍ مفهومةٍ. والخيار الأخير هو الخيار الأفضل لطالب الأدب، مع أنه يحتاج إلى معرفة اللغة، ولكن نظراً لأنه ليس طالباً في مدرسة لغة، يجب أن يكون تركيزه الأساسي على محتوى النص وشكله.

ثمَّة العديد من المشاكل العملية في ترجمة الأدب، لا سيما عندما يستخدم هذه الترجمات قرَّاءٌ في بلدٍ مختلفٍ. ليس من السهل من غير ريبٍ تقدير مؤلِّفٍ غربي، ووضعه في السياق التاريخي، وتقييمه جمالياً في السياق الأوسع للغة الإنجليزية، أو أي أدب غربي آخر.

ولمَّا كان الأدب عملاً إبداعياً، فإن الترجمة وفقاً لهنري جيفورد11 لا يمكن أن تكون أكثر من لوحة زيتية مستنسخة بالأبيض والأسود (هنري جيفورد، الأدب المقارن، 1969). ثمَّة شيء آخر يجب أن نضعه في الاعتبار؛ وهو أنه عندما يعمل الخيال الإبداعي عملاً مكثفاً، سواء في قصيدةٍ غنائيةٍ، أو مسرحيةٍ، أو رواية، فإنه ينظم إبداعه تنظيماً دقيقاً شاملاً قد لا تضاهيها أي ترجمة. تجمع وحدة العمل المكتمل عدداً كبيراً من التفاصيل المتقاربة، ولكن لا بدَّ من أن تكون قليلةً في الترجمة.

يجب أن تقبل الترجمة إحدى المعادلتين أساساً لعمل المترجم.

أولهما: A-B = ترجمة أقرب إلى الأصل. يشير (A) هنا إلى الأصل، ويشير (B) إلى درجات الخسارة.

وثانيهما: A-B + C = ترجمة منفصلة عن الأصل، وتعني (C) هنا ما أضافه المترجم من عنده.

ويتبنَّى مترجم العمل الأدبي عموماً المعادلة الأخيرة. ولكن يجب أن يكون لديه التدريب اللازم للحفاظ على سيطرته على المعادلة الثانية إذا قبلها على الإطلاق. ويمكن القيام بذلك عن طريق تحليل المادة النصية للغة المصدر (SL)12، والتحليل الدلالي للمعنى المرجعي والضمني، وإعادة هيكلته إلى مادة نصية معادلة للغة الهدف (TL)13.

وعندما يتبع المترجم المعادلة الثانية، أي في أثناء ترجمة نص اللغة المصدر إلى نص اللغة الهدف، ثمَّة دائماً إمكانية تعديل المعنى المرتبط في العموم بدرجةٍ معينةٍ من الكسب والخسارة. في هذه العملية، قد يكون عمل المترجم جيداً، أو حتَّى رائعاً، وقد يفوق العمل الأصلي جودةً إذا كان المترجم صاحب صنعةٍ محترفاً، وفناناً مبدعاً.

وفي الواقع، غالباً ما نغفل عن حقيقة أن الترجمة نفسها هي تفسير، وهي عملية إبداعية تعني أنه لا ينبغي للمترجم أن يكلف نفسه عناء الإخلاص للأصل، وأن يكون حراً مع عقل المؤلف في وقت الإنشاء. يقول ويليام كوبر: إن "الإخلاص التام هو أيضاً خيانة للإخلاص".

تثار أحياناً مسألة حرية التصرف في الترجمة تحت اسم السهولة والمتعة. يُقال إن الترجمة يجب أن تكون سهلةً ماتعةً يمكن قراءتها بسهولةٍ ومتعةٍ، ولكن من دون انتهاك معنى أو ظلٍّ في النص الأصلي. تكمن المخاطر في مدى درجة الحرية التي يسمح بها المترجم لنفسه. ويجب الاعتراف بأن ثمَّة فرقاً بين المؤلف الأصلي والمترجم، وذلك لسببين: أحدهما يكون للمترجم تعبيره الخاص وأسلوبه الذي يتأثر بشخصيته وبالحقبة الزمنية الَّتي يعيش فيها. ثانياً، قد يكون نظام الشكل والمعنى في اللغة المصدر قريباً للنظام في اللغة الهدف، ولكنه لا يشابهه أبداً، ونتيجة لذلك لا يمكن أن تكون هناك ترجمة دقيقة.

يمكننا معرفة السياق الاجتماعي والثقافي لمؤلف معين من خلال أبعاد مستخدمي اللغة: الأصل الجغرافي، والطبقة الاجتماعية، والوقت، وأيضاً من خلال أبعاد استخدام اللغة: الدور الاجتماعي (العلاقة بين المرسل والمرسل إليه)، والموقف الاجتماعي (درجة الشكليات الاجتماعية كما هو واضح في الأسلوب). ومن ثمَّ فإن كلّ نص مصدر له سياقه الاجتماعي، والثقافي، واللغوي الخاص. ولكن، عندما يترجم المترجم نصاً؛ فإن سياقاته الاجتماعية، والثقافية، واللغوية تحكم عملية الترجمة، ونتيجة لذلك لدينا نص لا يخلو من تأثير خلفية المترجم.

لذلك تقوم الترجمة بدورٍ مهمٍ في الدراسة المقارنة للأدب. ولكن في الوقت نفسه، تساعدنا دراسة مقارنة للنظامين المرجعيين (الأنظمة اللغوية والثقافية الخاصة للكاتب والمترجم) على فهم النسخة المترجمة من النص الأدبي، مع الإشارة إلى استراتيجيات قراءة المترجم ودرجة الموضوعية، وإلى أي مدى يُعدَّل العام أو يُستبدل بالخاص ونوع ثنائية اللغة. إن المقارنة بين سبع ترجمات إنجليزية مهمة لكتاب: (جيتا جوفيندا)14 الَّتي أنجزها ويليام جونز (1792)، وإدوين أرنولد (1875)، وجورج كيتس (1940)، ولاكشمي نارايان شاستري (1956)، ودنكان جرينليدج (1962)، ومونيكا فيرما (1968)، وباربرا ستولر ميلر (1977) لا تقدم نظرة ثاقبة للأدب فحسب، بل تلتقط أيضاً التغيير في الإحساس الذي يميز العصور المختلفة ومزاج المترجم. في الوقت نفسه، إن المقارنة للنص المصدر ذات التقاليد اللغوية/الأدبية، والأدبية الإضافية، فكرةً عن المصطلح الأدبي والمضمون الثقافي للنص المصدر.

تُعد معرفة اللغة أمراً مهماً في الأدب المقارن، ولكن ليس له تأثير مباشر في فهم الأدب. وفي كثيرٍ من الحالات، تصبح دراسة الترجمة ممارسة نقدية مقارنة ذات قيمة كبيرة، حتَّى بالنسبة إلى القراء الَّذين يفتقرون إلى الأصل. يمكن لطلاب الأدب الأذكياء الاستفادة من مقارنة منهجية لستة ترجمات مهمة باللغة الهندية لربيعيات عمر الخيام. كل هذه ترجمات للترجمة الإنجليزية لفيتزجيرالد. إحدى رباعيات الفارسية التي ترجمها فيتزجيرالد هي:
Dreaming when Dawn's left hand was in the sky
I heard a voice within the tavern cry
Awake my little ones, and fill the cup
Before life's liquor in its cup be dry.

والآن، إن: (my little ones) هي ترجمة الخيام للعبارة: (A Rind Kharavati)، والتي تعني: (Drunkards of the tavern)، وهو ما تُرجم ترجمةً خاطئةً بعبارة: (my little ones). وقد أثار هذا معان دلالية مختلفة في أذهان المترجمين المختلفين، وفقاً لتركيباتهم الثقافية المختلفة حيث يعيشون.

ويمكن للمقارنة بين هذه الترجمات المختلفة أن تلقي الضوء على التغيرات في موقف المجتمع تجاه موضوعات أخرى معينة، وليس فقط على التغييرات في موقف حضارة معينة تجاه الأدب. هذه المواقف المرتبطة بالثقافة تصمم تصوراتنا حتَّى إننا نختبر "تمسكنا الصارم بالتقاليد والأعراف" على أنه أمرٌ طبيعي، ولكن من دون التعمق في الأسباب التاريخية، وجذور الحتمية15 التي تكمن وراء بنية حساسيتنا، والرموز التعبيرية الَّتي لا يمكننا ترجمتها ترجمةً صحيحةً.

وهكذا، فإن ترجمة مترجمين مختلفين من خلفيات ثقافية ولغوية مختلفة لنصٍ أو مفهومٍ تظهر المسافة بين مجتمعات اللغة المصدر واللغة الهدف. يجب مراعاة الاختلافات الواضحة في التراث الثقافي الفريد للمجتمعين في دراسات الترجمة. ويقودنا هذا التقييم المرتبط بالثقافة إلى الاقتراب من الأدب المقارن، وهو دراسة الأدب للعلاقة بين الآداب من ناحية، ومجالات المعرفة والاعتقادات الأخرى من ناحية أخرى. ينظر المنظور المقارن إلى جميع الأدبيات على أنها عملية عضوية واحدة، وكاملة، ومستمرة، وتراكمية. هذا هو السبب في أنه يمكن للمرء أن يأمل في أن تكون المقارنة مفيدة في التواصل بين الثقافات بوساطة الترجمة.

نحن نعلم جميعاً أنه ليس ثمَّة لغة ما لم تكن منغمسة في سياق الثقافة، لذا فإن الترجمة الدقيقة هي فرضية فقط. نعلم جميعاً أن الترجمة تُنجز لمجتمع أحادي اللغة، ومرتبط بممتلكاته الثقافية الخاصة. وهذا يعني أنه يجب قبول أي خطاب في اللغة المصدر، وترجمته في اللغة الهدف على أنهما مجموعتان من العوالم المحتملة الَّتي لها تكافؤاً ديناميكياً (نيدا). ترتبط مسألة التكافؤ بالمعنى، وعلى وجه الدقة: بالمعنى البراغماتي. لا يعني المعادل التطابق؛ إذْ لا يمكن أبداً أن تكون الاستجابة متطابقة بسبب اختلاف البيئة الثقافية، والتاريخية، والظرفية.

لذلك من الضروري دائماً السعي إلى تكافؤ المعنى البراغماتي، إذا لزم الأمر على حساب التكافؤ الدلالي. البراغماتية تتعلق بالعلاقة بين الوحدات اللغوية ومستخدم هذه الوحدات في موقف تواصلي معين؛ لذلك قد نعد الترجمة إعادة بناء عملية لنصها المصدر في المقام الأول، وعندها يصبح التواصل بين الثقافات ممكناً.

يمكن للمرء أن يقتبس من ترجمتين: إحداهما باللغة الهندية، والأخرى باللغة البنغالية من قصيدة: Ash Wednesday لإليوت. في ترجمة فيشنو خير16 الهندية يُستخدم أسلوب المراسلات الرسمية، وتأثير هذا الأسلوب في القارئ غير طبيعي ومرهق؛ لأن هذا الأسلوب يسعى إلى إنتاج نظير في لغة مستقبلية، يتوافق شكلها والأصل قدر الإمكان. الآن، بالنسبة إلى القارئ الهندي أحادي اللغة، فإن مصطلحات مثل:

Ash Wednesday, Juniper-Briksha, Dhyan me Virgin ka adar karti hain, Mai ke Samay, Bakain k phool, Neel Mery ke Varna ke Vastra Pahine

هي مصطلحات أجنبية وتشير إلى الفجوة الثقافية، ولا بدَّ للقارئ حتَّى يعرف هذه المصطلحات أن يتعلَّم مطولاً بمساعدة أدبٍ ثانويٍّ، وليس من القرَّاء إلَّا عدد قليل على استعداد لمثل هذا. كيف يمكن للقارئ باللغة الهندية من دون معرفة خاصة أن يفهم أن Ash Wednesday هو اليوم الأول من الصوم الكبير في الكنائس الكاثوليكية والأنجليكانية، وبعض الكنائس الأخرى؟ وسمي بهذا الاسم من استخدام الرماد في الاحتفالات على أنه رمز للتوبة والصلاح في هذا اليوم. ولتغطية هذه الفجوة الثقافية، يحول بيشنو دي17 باللغة البنغالية كلّ هذه المصطلحات الأجنبية إلى مصطلحات هندية، ولا سيما تلك المألوفة للقارئ البنغالي الَّذي لا يعرف إلَّا لغةً واحدةً؛ فغيَّرAsh Wednesday إلى Charaker Gan، وهو نوعٌ مماثلٌ من المراسم الدينية في البنغال.

ولا يحاول جهد بينشو داي للتكافؤ الديناميكي في ترجمة أن يملأ الفجوة الثقافية، بل أن يجعل الفرق بين الثقافات واضحاً قدر الإمكان، ولكن بمطابقة القيمة التواصلية للنص المصدر والقيمة التواصلية للنص الهدف؛ أي عندما يرتبط كلا النصين بالمعنى العملي، أو كما قال بوبوفيتش جين: "عندما لا يضيع جوهر اللغة الهدف الثابت، تُحقَّق النتيجة المناسبة". وفي قصيدة أخرى لإليوت تدعى (جيرونشين)، يحتفظ فيشنو خاري الشرح بنفسه في نص ديفانجاري، في حين أن فيشنو داي يترجمه (جارايان) باللغة البنغالية الَّتي تنقل المعنى إلى قارئ البنغالية على الفور.

وبالإضافة إلى ذلك، تُنقل بعض أسماء الأشخاص، والأماكن في القصيدة باللغة الهندية، مثل: بروكسل، ولندن، والسيِّد سلفر... لكن غُيِّرت في النسخة البنغالية إلى كابور، وكالكوتا، وهاتيلاي ميهتا... وذلك لإضفاء النكهة الهندية عليها. وفي التواصل بين اللغات يكون الرابط هو المترجم مستقبل الرسالة الأصلية ومصدر الرسالة الثانوية. كلتا الرسالتين مدمجتان في إطارهما الثقافي الخاص، ونتيجةً للتواصل بين الثقافات ثمَّة تداخلات تشير إلى الصعوبات الَّتي تهمّ المترجم والترجمة. وما أن يتحرر المترجم من دوره وسيطاً موضوعياً، ويضع مستقبليه في الحسبان، ويتوقع علاقاتهم الممكنة، مشروطةً بالافتراضات المسبقة، وأنماط سلوك ثقافتهم، عندها تصبح الترجمة الأدبية ممكنة. وإذا كان على المستقبلين فهم خطاب ملتزم بثقافة أجنبية، فلن يحتاجوا إلى أن يكون النسخ واضحاً لغوياً فقط، بل يجب أيضاً التخلص من الحد الأدنى من المعلومات حول أنماط التفكير، وقيم ثقافة المصدر.

ولهذا الغرض، يجب على المترجم إجراء تعديلات معينة، كما فعل بيشنو دي، ولكن يجب أن تكون هذه التعديلات في حدها الأدنى مع مراعاة المعنى الواقعي. تعطينا المقارنة الدليل على فهم الأدب على أنه كيان واحد له مظاهر مختلفة. ويساعدنا في فهم الأدب على أنه أدب باللغة الإنجليزية، أو البنغالية، أو الهندية، وليس الأدب الإنجليزي، أو البنغالي، أو الأدب الهندي. ومن ثمَّ، فإن نوعاً من معادلة التوازن ممكن في عملية ترجمة خطاب إلى آخر، مع المسافة الثقافية الواضحة بين مجتمعات اللغات الإنجليزية، والهندية، والبنغالية.

ومع ذلك، ثمَّة وجهة نظر أخرى أفضل وأحسن. تقول إنه لا يمكن اختزال المرجع عبر الثقافات إلى مثل هذا المستوى إذْ تصبح فكرة الذهاب إلى الترجمة للاستمتاع بالأدب الأجنبي بسياقاته الثقافية زائدة عن الحاجة. كان بوسع بيشنو داي أن يملأ الفراغ، أو عناصر تقليد المكان الزمني بالحواشي السفلية، أو قد يتجاهل مشكلة المراجع عبر الثقافات كما هو الحال في الترجمة الهندية. لكن ذلك كان سيتجاهل المشكلة من دون حلها. قد يؤدي استخدام الحواشي السفلية إلى تقسيم النص المصدر تقسيماً غير معقول إلى أجزاء: نص الهدف والحواشي السفلية. ويمكن أن يزعج هذان الجزءان استقلالية النص المصدر. وعلاوةً على ذلك، قد تكون الحواشي أفسدت الهيكل العام للنص المصدر.

يتحدث النقاد أحياناً عن حلٍّ باستخدام مراجع أقل غرابةً، بدلاً من مراجع غير مألوفة. بالإشارة إلى النباتات، أو أسماء المدن، أو الأسماء الشخصية المناسبة، يمكن للمرء أن يستخدم هذه الطريقة، ولكن نقل: Christ the tiger إلى: Elo Krishna Narashimha يستخدم مصطلحات مألوفة للغة الهدف لنقل المعنى. تغيَّر موقع اللون هنا والَّذي يتناسب تناسباً جيداً مع اللغة الهدف. ولكن، قد لا يُقبَل هذا على أنه حلٌّ مناسبٌ.

وفيما يتعلق بنقل المعنى الأساسي من خلال النص الهدف، فقد لا ينسى المرء أن النص المصدر في مجمله يُظهر المعنى الأساسي، ومن المهم جداً معرفة كيف يلتقط المترجم هذا المعنى، الَّذي يُعرف في العموم بالجوهر الثابت للنص الأصلي. يقوم بيشنو دي بتحويل هذا الجوهر الثابت أو الرسالة الأصلية من خلال إضفاء الطابع الهندي على المراجع الثقافية.

وباختصار، لعلَّي أقول إنه من الصعب إنشاء النص نفسه باللغة الهدف من خلال الترجمة. وباستخدام إبداعه الخاص به، يحاول المترجم إعادة إنتاج معنى (أو) معرفة ومواد النص المصدر إلى اللغة الهدف، مع الأخذ في الاعتبار التفضيلات الاجتماعية والثقافية للقراء المستهدفين. ومن خلال نصٍ مترجمٍ أصبحنا قادرين على الوصول إلى أقرب نقطة من المسافة بين ثقافتين. إن مهمة الترجمة هي تحويل الغرابة إلى شبه، وفي هذه العملية تصبح غرابة الأصل أوضح، لكن هذه الحيوية نفسها تحررنا من الشخص الثقافي، وتعطينا طعم ثقافةٍ أخرى.

دور الترجمة في الأدب المقارن مثير للإعجاب حقاً. لم تجمع الترجمة البلدان ذات اللغات المختلفة في هذا العالم العالمي فحسب، ولكنها عرّفتنا أيضاً إلى الشعراء العظام والكتاب الآخرين. لذا؛ فإن الترجمة هي أداة رئيسية في الدراسة المقارنة للأدب، ومن دونها، لا يمكن للمقارن الوصول إلى الكلاسيكيات العالمية، والنصوص المكتوبة بلغات مختلفة، ومن دون معرفة أو فهم هذه النصوص، لا يمكنه الذهاب للدراسة المقارنة.

نرى في بلدنا أن معظم العمل في مجال الأدب المقارن ثنائي اللغة، أي أنه يتم اهتماماً أساسياً بين لغتنا الوطنية الهندية، وأي لغة من اللغات الإقليمية. لكن بعد التفاعل واللغة العالمية -وأقصد الإنجليزية- أصبح مجال الدراسة المقارنة للأدب في بلدنا أوسع من ذي قبل. نحن الآن نقارن أدبنا بأي من آداب اللغات الأجنبية. ومن خلال الترجمة، نتعرف إلى آداب اللغات الأجنبية الأخرى، مثل: الفرنسية، والإيطالية، والروسية، والألمانية، وما إلى ذلك، وقد بُذلت بعض الجهود لإجراء دراسة مقارنة للأدب الهندي مع أدب هذه اللغات. وإدراكاً لأهمية الترجمة في الدراسة المقارنة للآداب من لغات مختلفة، قدمت الجامعات الَّتي تقدم البرنامج الأكاديمي في الأدب المقارن أيضاً ورقةً واحدةً عن نظرية الترجمة وممارستها.

خاتمة:

لا شك أن دور الترجمة في الأدب المقارن مهم جداً. وتصبح أكثر قيمةً في عالم اليوم عندما يصبح العالم كلّه قرية عالمية. مع تقدم التقانة، يتقارب الأشخاص الَّذين يعيشون في بلدان مختلفة بلغات مختلفة. ومع وجود لغة دولية واحدة، وهي الإنجليزية، وهي المصدر المشترك للتواصل بين الناس، ولكن ما تزال ثمَّة مشكلة في دراسة الأدب، إذْ إن الآداب عادة ما تكتب باللغات الإقليمية، أو لغات تلك البلدان المعينة، مثل: الأدب الفرنسي بالفرنسية، والأدب الروسي بالروسية. ليس من الضروري أن يعرف كل مقارن جميع اللغات. لذلك ثمَّة حاجة إلى الترجمة الَّتي يمكن من خلالها للمقارن قراءة تلك الأعمال الأدبية التي ليست بلغته وفهمها. أصبحنا بمساعدة الترجمة على دراية بعادات البلدان الأخرى، ولباس أهلها، وثقافتهم.

وباختصار، يمكن القول إن الترجمة تقوم بدورٍ كبيرٍ في الأدب المقارن. يمكننا حتَّى أن نقول: إن الدراسة المقارنة للآداب من مختلف اللغات، والثقافات، والخلفيات الاجتماعية والثقافية غير ممكنة من دون الترجمة. لذلك تحتل الترجمة مكانةً خاصةً في الأدب المقارن. وفي عصر العولمة هذا، تزداد شعبية الأدب المقارن مادةً دراسية. لكن ليس ثمَّة شخص كامل في كلِّ اللغات. لذلك قامت الترجمة بدورٍ مهمٍ في فهم أدب اللغات المختلفة وثقافتها، والَّتي من دونها لا يمكننا إجراء دراسة مقارنة لمختلف الأعمال الأدبية المكتوبة بلغات مختلفة. لذا، فإن الأدب المقارن هو شجرة تعدّ الترجمة أهم فرع لها.


الهوامش: 1. دكتور الأدب المقارن في قسم اللغة الهندية، في جامعة دكتور هاري سينغ غور، ولاية مادهيا براديش، الهند. ويمكن التعرف إلى نتاجات الدكتور سورجيت على الإنترنت في المواقع التالية أدناه:
• http://surjeetsinghwarwal.blogspot.com
• https://scholar.google.co.in/citations?user=bKfTraIAAAAJ&hl=en
2. ترجمةٌ وضعتُها للدلالة على اللَّفظ الإنكليزية: Comparativist، والَّتي لم أجد ترجمةً لها في القواميس، واللَّفظة تعني: الدارس للأدب المقارَن والعالم بدقائقه. (المترجم). ┇ 3. يقصد الهند. (المترجم). ┇ 4. يقصد الهند أيضاً. (المترجم). ┇ 5. نص المصدر. ┇ 6. النص الهدف. ┇ 7. (Nida and Taber 1982:32).
8. Remak.
9. Sussan Bassnett.
10. Gitanjali.
11. Henry Gifford.
12. Source Language.
13. Target Language.
14. Gita Govinda: عملٌ من تأليف الشاعر الهندوسي (جاياديفا). (الموسوعة بتصرف).
15. determinism.
16. Vishnu Khare.
17. Bishnu Dey.

Role of Translation in Comparative Literature
 Surjeet Singh Warwal 
✑ 

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها