أفلامٌ خالدة؟!

قطعةٌ من الخيال تُثير الحماس

ترجمة: حسام حسني بدار


 

قصة الفيلم

هربت الوريثة المدللة إيلين "إيلي" أندروز مع الطيار وصائد الثروات "كينغ ويستلي" ضد رغبات والدها الثري، "ألكسندر أندروز". يريد السيد أندروز إلغاء الزواج لأنه يعلم أنّ ويستلي مهتم فقط بأموال إيلي. تهرب إيلي بالقفز من سفينة والدها الراسية في مياه فلوريدا سابحة إلى الشاطئ، وتستقل حافلة تابعة لشركة جرييهاوند إلى مدينة نيويورك لجمع شملها مع زوجها. تلتقي مع زميل سفر من ركّاب الحافلة يدعى "بيتر وارني"، وهو مراسل صحفي طُرد من العمل حديثاً. سرعان ما يتعرف عليها بيتر ويصرح لها بالتالي: إما أن تعطيه سرداً حصرياً لقصتها ويكون نشْرها حكراً عليه مقابل أنْ يساعدها على لمّ شملها مع ويستلي، أو أنْ يشي لأبيها بمكانها. إيلي توافق على الخيار الأول.


 

في سياق الفيلم، وأثناء قيامهما بالعديد من المغامرات معاً، تتخلى إيلي عن ازدرائها الأولي لبيتر وتبدأ بالوقوع في حبه. عندما يشرعان في البحث عن رحلة مجانية توصلهما إلى مقصدهما يفشل بيتر، بينما تنجح إيلي (بدهاء حوّاء) في ذلك. ويوافق "دانكر"، السائق التالي، أنْ يقلهما بسيارته. عندما يتوقفون في الطريق، يحاول دانكر أنْ يسرق أمتعتهما ولكن بيتر يطارده ويستولي على سيارته الفورد موديل T. مع اقتراب نهاية رحلتهما، اعترفت إيلي بحبها لبيتر. عندما يلاحظ أصحاب النّزل الذي يقيمان فيه أن سيارة بيتر قد رحلتْ، يقومون بطرْد إيلي معتبرين أنّ بيتر قد هجرها. اتصلت إيلي بوالدها الذي وافق على السماح لها بالزواج من ويستلي. في هذه الأثناء حصل بيتر على المال من رئيس تحريره ليتزوج من إيلي، لكنه أضاع إيلي في زحمة الطريق.
وبالرغم من أن إيلي لم تعد لديها رغبة في أن تكون مع ويستلي، إلا أنها كانت تعتقد أن بيتر قد خانها من أجل الحصول على مكافأة مالية خصّصها والدها أندروز. وتوافق لهذا على عقد حفل زفاف رسمي ثانٍ (مع ويستلي).

في يوم الزفاف، تكشّفت أخيراً القصة الكاملة لوالدها عندما يأتي بيتر إلى منزل إيلي، ويظنه أندروز قد جاء في طلب أموال المكافأة (وقدرها عشرة آلاف دولار). لكن بيتر يصرّ على أن يدفع له أندروز مصاريفه فقط: 39.60 دولاراً مقابل أغراض كان عليه بيعها لإنفاقها على إيلي. عندما يضغط والد إيلي عليه للحصول على شرح لسلوكه الغريب ويطالب بمعرفة ما إذا كان يحبها، يحاول بيتر أولاً أن يتجنب الأسئلة، لكنه يعترف بعد ذلك أنه يحب إيلي ويخرج وبيده شيك النفقات. وصل ويستلي لحفل زفافه بواسطة طائرة عمودية صغيرة. ولكن في الحفل، يكشف أندروز لابنته عن رفض بيتر لمكافأة المال، ويخبرها أن سيارتها تنتظر عند البوابة الخلفية في حال غيّرت رأيها بالاستمرار بمراسم الزفاف. إيلي تفلت بعصبية من ويستلي عند المذبح وتركض إلى سيارتها لتقودها بعيداً إلى المكان الذي يتواجد فيه بيتر، بينما تدور كاميرات الأخبار بالتصوير.

بعد بضعة أيام، وأندروز يعمل في مكتبه، يتصل به ويستلي ليخبره أنه يقبل بأخذ التسوية المالية التي عرضها عليه ولن يعارض إلغاء الزواج. يقوم مساعده التنفيذي بإحضار برقية له من بيتر، والتي تقول: "ما الذي يعطل الإلغاء؟ أنت تبطئ. جدران أريحا تكاد تسقط!"، في إشارة إلى جدار مؤقت صنعه بيتر (بغرض توفير نوعٍ من الخصوصية) من بطانية وضعها فوق سلك مربوط عبر غرفة النزل التي شاركته الإقامة فيها إيلي لقضاء الليلة (احتماءً من المطر الشديد بانتظار إصلاح حافلتهما التي تعطلت).

اختيار الممثلين

لم يكن غيبل ولا كولبيرت الخيار الأول لأداء الأدوار الرئيسة. فقد رفضت ميريام هوبكنز أولاً دور إيلي. ثم عُرض على روبرت مونتغمري وميرنا لوي، لكن كل منهما رفض السيناريو، على الرغم من أنّ لوي لاحظت لاحقاً أنّ القصة التي تم تصويرها كانت تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ النص الذي قدم لهما هي ومونتغمري للاطلاع عليه. مارغريت سولافان أيضاً رفضت الدور. كما كانت كونستانس بينيت مستعدة لقبول الدور إذا استطاعت إنتاج الفيلم بنفسها. لكن شركة أفلام كولومبيا Columbia Pictures  لم توافق على هذا الشرط. ثم أرادت بيتي ديفيز الدور، لكنها كانت متعاقدة مع شركة وارنر براذرز التي رفضت إقراضها إلى شركة كولومبيا. ولم تتمكن كارول لومبارد من القبول؛ لأن جدول تصوير كولومبيا المقترح سيتعارض مع عملها في فيلم بوليرو من إنتاج شركة باراماونت. لوريتا يونغ رفضته كذلك.

بعد ذلك طُرح اسم الممثلة كولبيرت، لكنها رفضت الدور في البداية. الفيلم الأول لكولبيرت -من أجل حب مايك (1927)- كان من إخراج كابرا، وكان ذلك الفيلم كارثة بحقّ حتى إنها تعهدت بعدم العمل معه في أي فيلم آخر. في وقت لاحق، وافقت على الظهور في فيلم "It Happened One Night"  فقط إذا تم مضاعفة راتبها إلى 50،000 دولار، وكذلك بشرط أن يكتمل تصوير دورها في أربعة أسابيع حتى تتمكن من قضاء إجازتها المخطط لها جيداً.

بالنسبة لأسطورة هوليوود (غيبل)، فقد تم إقراضه لكولومبيا بيكتشرز (التي كانت تعتبر شركة سينمائية ثانوية في ذلك الوقت)، كنوعٍ من "العقوبة" لرفضه دوراً في الاستوديو الخاص بشركته. لم يكن لدى Metro-Goldwyn-Mayer  مشروعاً جاهزاً لغيبل، وكان الاستوديو يدفع له راتبه المتعاقد عليه وهو 2000 دولار أمريكي في الأسبوع سواءً أكان يعمل أم لا. فقام لويس ماير بإقراضه إلى كولومبيا مقابل 2500 دولار في الأسبوع، وبالتالي كان يحصل على خمسمائة دولار في الأسبوع أثناء إقراضه. ومع ذلك، أصرّ كابرا على أن غيبل نفسه كان متردداً في المشاركة في الفيلم.
 



تصوير الفيلم

بدأ التصوير في أجواء متوترة حيث كان غيبل وكولبيرت غير راضيين عن جودة النص. أدرك كابرا استياءهما فطلب من كاتب السيناريو روبرت ريسكين أنْ يعيد كتابة السيناريو. ومع ذلك، استمرت كولبيرت في إظهار استيائها. خلال التصوير، زعم كابرا أنّ كولبيرت "كان لديها الكثير من نوبات الغضب الصغيرة، بدافع من الكراهية تجاهي، لكنها كانت رائعة في الدور".

ترميم الفيلم

في عام 2013، خضع فيلم حدث ذات ليلة لترميم رقمي. ابتكرت شركة Sony طريقة جديدة للمسح الضوئي بتقنية 4k. تمت معالجة الصور رقمياً في Prasad Corporation لإزالة الغبار والخدوش وغيرها من التأثيرات الضارة، وبُذلت عناية فائقة للحفاظ على المظهر الأصلي للفيلم.

استقبال الفيلم

بعد الانتهاء من التصوير، اشتكت كولبيرت لصديقة لها: "لقد انتهيت للتو من أسوأ فيلم في العالم". وبدا أنّ كولومبيا نفسها كان لديها توقعات منخفضة للفيلم، ولم تقم بالكثير من الحملات الإعلانية للترويج له. كانت المقالات النقدية الأوّلية إيجابية بوجه عام. أطلق عليه مارداونت هول (الناقد الفني لدى صحيفةNew York Times ) في ذلك الوقت "قطعة جيدة من الخيال تنعم، بكل ما لديها من أعمال مثيرة للحماسة، بحوار مشرق ونصيب جيد من المشاهد المقيدة نسبياً". كما وصف أداء كولبيرت بأنه "جذاب وحيوي"، وغيبل بأنه "ممتاز". وذكرت مجلة فارايتي أنه "من دون قصة قوية بشكل خاص"، ولكنه "تمكن من النجاح بصورة كبيرة بسبب التمثيل والحوار والمواقف والإخراج". وأشادت النشرة الفنية فيلم ديلي باعتباره "غزل نابض بالحياة، سريع الحركة، ومفعم بالحيوية وروح الدعابة". ووصفته صحيفة نيويورك هيرالد تريبيون بأنه: "حيّ ومسلٍّ". ومع ذلك، فقد وصفه جون موشر من مجلة نيويوركر بأنه "هراء إلى حد كبير وكئيب للغاية". وهذا النقد هو الذي كان على الأرجح في ذهن كابرا عندما استذكر في سيرته الذاتية أن النقاد "المتحذلقين" قد رفضوا الفيلم.

على الرغم من التعليقات الإيجابية، إلا أن الفيلم لم يحقق سوى نتائج مالية متوسطة في عرضه الأول. مع ذلك، وبعد أن تم طرحه في دور السينما الثانوية، بدأ الحديث عن الفيلم يتزايد بين الناس، وانتعشت مبيعات التذاكر بصورة كبيرة، خاصة في البلدات الصغيرة حيث أصابت شخصيات الفيلم وما احتواه من رومانسية بسيطة وتراً حساساً لدى روّاد السينما الذين لم يحاطوا بالرفاهية، ليتضح بعدها أنه قد حطّم شباك التذاكر، وأنه كان أكبر نجاح لشركة كولومبيا حتى الآن (فقد وُضعت له ميزانية قدرها 325000 دولار، بينما حقق إيرادات تجاوزت ال 2500000 دولار).

جوائز الفيلم

في عام 1935 وبعد ترشيحها لجائزة الأوسكار، قررت كولبيرت عدم حضور العرض لشعورها المطلق بأنها لن تفوز بالجائزة. وبدلاً من ذلك، خططت للقيام برحلة بالسكك الحديدية عبر البلاد. وبعد اتضاح فوزها أرسل رئيس الاستوديو هاري كون شخصاً ما "لسحبها" من القطار، الذي لم يغادر المحطة بعد، واصطحبها إلى الحفل. وصلت كولبيرت وهي ترتدي بدلة سفر من قطعتين كانت صممتها مصممة أزياء باراماونت بيكتشرز، ترافيس بانتون لرحلتها.

فاز الفيلم بجميع جوائز الأوسكار الخمس التي رشح لها في جوائز الأوسكار لعام 1934:
- أفضل صورة/فيلم: كولومبيا بيكتشرز Columbia Pictures (فرانك كابرا وهاري كون Frank Capra/Harry Cohn)
- أفضل مخرج: فرانك كابرا Frank Capra
- أفضل ممثلة: كلوديت كولبيرت Claudette Colbert
- أفضل ممثل: كلارك غيبل Clark Gable
- كتابة/إقتباس: روبرت ريسكين Robert Riskin

"حدث ذات ليلة" كان أول فيلم يفوز بجوائز الأوسكار "الخمس الكبار" (أفضل صورة، أفضل مخرج، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، وأفضل كتابة). وحتى عام 2019 لم يحقق سوى فيلمين آخرين فقط هذا الإنجاز الهائل: أحدهما "طار فوق عش الوقواق One Flew Over the Cuckoo's Nest" في عام 1975، و"صمْت الحملان "The Silence of the Lambs في عام 1991.

في 15 ديسمبر 1996 بيع أوسكار غيبل في مزاد مقابل 607500 دولار إلى المخرج ستيفن سبيلبرغ الذي تبرع به على الفور لأكاديمية الأفلام السينمائية. وفي 9 يونيو من العام التالي عُرض أوسكار كولبيرت للمزاد من قبل دار المزادات "كريستيز، ولكن لم تتقدم أي جهة لشرائه.

تأثيرات الفيلم

كان لفيلم حدث ذات ليلة تأثير فوري على الجمهور، وتجلى ذلك في تقليد رجال ذلك العصر لارتداء ملابس شبيهة بما كان يرتديه غيبل في ذلك الفيلم. كما أنّ عرض الفيلم لحافلة Greyhound بشكل بارز في القصة أثار الاهتمام بالسفر في الحافلة على مستوى البلاد.
وتذكر مذكرات رسام الرسوم المتحركة فريز فريلنج أن هذا كان أحد أفلامه المفضلة لديه، وأنه استوحى بعض أفعال شخصية الرسوم المتحركة Bugs Bunny التي ظهرت لأول مرة بعد ست سنوات من عرض الفيلم. وخصّ فريلنج بالذات المشهد الذي يأكل فيه غيبل الجزر أثناء التحدث بسرعة وفمه ممتلئ كما يفعل باغز.

إصدارات جديدة واقتباسات

ألهم الفيلم عدداً من الإصدارات الجديدة -بما في ذلك المسرحية الموسيقية  Eve Knew Her Apples (1945) من بطولة آن ميلر، وأنت لا تستطيع الهروب بعيداً عنه (1956) You Can't Run Away from It بطولة جون أليسون وجاك ليمون- الذي أخرجه وأنتجه ديك باول. ثم اقتبس فيلم "حدث ذات ليلة" كمسرحية إذاعية بُثت في 20 مارس 1939 من مسرح راديو لوكس، وقد أعاد فيها غيبل وكولبيرت تمثيل الأدوار المنوطة بهما.


*المصدر
https://en.wikipedia.org/wiki/It_Happened_One_Night

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها