روبي كُور.. قصائد مِن "حليب وعسل"

ترجمة: د. بشير رفعت

تعريف مختصر للشاعرة

روبي كُـور Rupi Kaur ، شاعرة كندية مِن أصلٍ هنديٍّ. وُلِـدت في الرابع من أكتوبر عام 1992م في إقليم البنجاب بالهند في أسرة تنتمي لطائفةِ السيخ، وهاجرتْ مع أسرتها إلى كندا وهي في الثالثة من عمرها. كان لوالدتها أعظم الأثر في اهتمامها بالرسم منذ الصغر، واتجهت للكتابة في سن السابعة عشر.

بدأت شهرة (كور) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديداً عبر منصة (انستغرام)، وتحظى في الوقت الحالي بما يقارب 4 ملايين متابعٍ. وقد برز مصطلح جديد للتعبير عن هذه الظاهرة، وهو: (شعراء انستغرام) (Instapoets).

اندلعتْ شهرة كُـور عقب نشر ديوانها الأول {حليبٌ وعسل} ”Milk and Honey“ عام 2014م، حيث تَـصَـدَّرَ قائمة الأعلى مبيعاً على مدار سبعة وسبعين أسبوعاً في القائمة التي تنشرها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. وقد بيعت من الديوان 3 ملايين نسخة، كما تُرجِمَ لأكثر من ثلاثين لغة.
وفي أكتوبر 2017م صَـدَرَ ديوانها الثاني {الشمسُ وأزهارها} ”The Sun and Her Flowers“ وقد بيعت منه مليون نسخة في العام الأول من صدوره، وفي كلا الديوانين تكتب ( كُـور) بطريقة مغايرة لقواعد الترقيم الإنجليزية، فلا تستخدم إلا أحرف الطباعة الصغيرة. كما أنها لا تستخدم أيّـاً من علامات الترقيم المتعارف عليها باستـثـناء وضع نقطة في نهاية الجملة في مواضع نادرة. وترد ذلك إلى رغبتها في محاكاة نظام الكتابة في اللغة البنجابية التي تُـعَـدُّ لغتها الأم. كذلك لا يوجد أي عنوان للقصائد، لكن أحياناً يوجد في نهاية القصيدة ما ينوب عن العنوان، ويتميز عن متن القصيدة بأنه مكتوب بحروف الطباعة المائلة. وإذا كانت موهبة الرسم قد نمت برعاية والدتها منذ الطفولة، ثم ظهرت موهبة الشعر، فإنَّ كُـور لم تـتـخلَّ عن موهبتها في الرسم لحساب الشِّـعر، بل جمعتهما معاً، فلا تكاد تخلو صفحة في ديوانيها من رسومها المتناغمة مع موضوع القصيدة.

تكتب كُـور في موضوعاتٍ إنسانيةٍ ونِسْويَّـةٍ مختلفة، كما يحتل موضوع الاغتراب والهجرة بعضاً من قصائدها، ولا يكادُ يخلو لقاءٌ تليفزيوني معها من سردِ بعض تفاصيل طفولتها وشعورها بالاغتراب إثر هجرة أسرتها من الهند إلى كندا واختلاف اللغة بين الدولتين. تقول في أحد اللقاءات: "لا شيْء يعدلُ وجودك في سن الخامسة في حجرةٍ دراسيةٍ كلُّ مَن فيها يتحدثُ لغـةً لا تفهمها. لقد مارستُ الصمتَ بدلاً مِن الكلام، إذ كنتُ أشعرُ أنني جئتُ من كوكبٍ آخر". لكنَّ الشعور بالاغتراب بسبب اللغة، هو ذاته الذي دفعها لالتهام الكتب. وقد كانت نقطة الانطلاق في الصف الثالث الابتدائي، حيث كانت معلمتُها تَمنحُ جائزة أسبوعية لمَن يقرأ أكثر. وهو ما صادَفَ هوى في نفس (كور) التي وجدتْ في القراءة تعويضاً عن شعورها بالاغتراب، وهو الأمرُ الذي تطور تدريجيّاً لتُعـبِّرَ عن نفسها بالكتابة وتتغلب على خوفها من اللغة الإنجليزية.

ورغم أنَّ (كُور) غادرت البنجاب وعُمرها أقل مِن أربع سنوات؛ فإنها ما زالت تعايش ثقافتها البنجابية مِن خلال حياتها الأسرية مع والديها في (تورنتو). هكذا تحاول أن توازن بين ثقافة مجتمعين مختلفين. وتصِفُ الأمر كأنها تمشي على حبلٍ مشدودٍ محاولةً الحفاظ على توازنها حتى لا تسقطَ على أحد جانبيه.


 

قصائد من ديوان {حليبٌ وعسل}

(1)
عندما تَفـتحُ أمي فمها
لتتحدث، ونحن نتـناولُ العَشاء
يغرزُ أبي كلمة "اسكُتي"
بين شفتيها
ويَطلبُ منها
ألَّا تتكلمَ أبداً
وفمُها ممتليءٌ بالطعام
هكذا تعلمتْ النساءُ في أُسْرتي
أن يَعشنَ وأفواههنَّ مطْـبَـقة

***

(2)
أَجتهدُ وسعَ طاقتي
حتى أفهم
كيف يتأتى لأحدٍ ما
أن يَسكبَ روحَه بأَسْرِها
ودمَه وطاقـتَـه
لأحدٍ آخرَ
دون أن يَطلبَ شيئاً
في المقابل
...
(علَيَّ أن أنتظر حتى أَكُونَ أُمّاً)

***


(3)
لا، لن يَكونَ حُـبّاً
من النظرة الأولى
عندما نلتقي
سيكونُ حُبّاً يلامس ذاكرتي
لأني قد رأيتُكَ مِن قبل
في عينَيْ أمِّي
وهي تخبرني أن أتزوج
هذا النوعَ من الرجال
الذي أودُّ أن أربِّي ابني
ليكون مِـثـله

***

(4)
أجْمَلُ ما أجدُه فيك
رائحتُـك
رائحتُـك كرائحةِ الأرض
والأعشاب والحدائق
رائحةُ إنسانٍ أسمَى مِن بقيةِ الناس

***

(5)
أحتاجُ إلى رَجُلٍ
يعرفُ معنى الكفاح
كما أعرفه
ويشدُّ أزري
في أيامٍ لا أقوى فيها على الوقوف
هذا النوع مِن الرجال
الذي يمنحني ما أحتاج
 حتى قبل أن أعرفَ ما أحتاج
هذا النوع مِن العشاق
الذي يسمعني
حتى وأنا لا أتكلم
هذا هو التجاوب الذي أطلبه
....
(العاشق الذي أحتاج إليه)

***


(6)
وُلِدْنا جميعاً
ونحنُ أجمل ما نكون
المأساةُ الأعظَم
أنْ يُـقْـنعنا أحد
أننا لسنا كذلك

*

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها