إسماعيل فهد هو معلمي وأبي الروحي

حـوار مـع خالد النصرالله

حاوره: إبراهيم فوزي


خالد النصر الله كاتب روائي كويتي من مواليد 1987. حصل على بكالوريوس التربية البدنية، وعمل معلماً في وزارة التربية بدولة الكويت. نشر العديد من المقالات في جريدة الوسط والقبس الكويتية. حصل على المركز الأول في مسابقة قصص على الهواء التي تنظمها مجلة «العربي» بالتعاون مع إذاعة BBC. وصلت روايته «الدرك الأعلى» إلى القائمة الطويلة لجائزة «الشيخ زايد»، عام 2017. ووصلت روايته «الخط الأبيض من الليل» للقائمة القصيرة لجائزة «البوكر»، عام 2022.



● ماذا يعني لك تواجد روايتك «الخط الأبيض من الليل» -الصادرة عن دار الساقي- في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2022؟

هذا محل تقدير كبير بالطبع. وبعيدًا عن الجائزة في حد ذاتها؛ فإن الروائي الذي تصل روايته للقائمة الطويلة أو القصيرة للبوكر يشعر أنه على الطريق الصحيح، ويسير في خطى صحيحة؛ بمعنى أنه يؤدي عمله على أحسن وأكمل وجه ممكن، وأنه يضيف للمكتبة العربية كتابًا يستحق القراءة، ويضيف لطرق وأساليب السرد الروائية تجربة جديدة لم يتم تناولها بشكل موسع في الروايات العربية. فالوصول إلى القائمة القصيرة يعني لي سعادة داخلية خاصة، إلى جانب أن الرواية تلقى أهمية عند القراء، وهذا بالطبع مهم؛ لأن الأديب يرغب أن تقرأ أعماله. فأنا يهمني أن يجد القارئ في العمل الشيء الذي يجعله يقول في سريرته: هذا عمل يستحق الاهتمام.

● كيف نشأت فكرة «الخط الأبيض من الليل»، وما الذي دفعك للكتابة عن الرقابة والرقيب؟

في الكويت، نُعاني من مسألة الرقابة بشكل غريب جدًا، الكويت هي الدولة الوحيدة تقريبًا في الخليج العربي التي يوجد بها برلمان؛ أعني برلمان حقيقي طبعًا وليس مجلس شورى مُعيّن، إضافة إلى هامش الحرية الجيد الذي يتيح لنا التعبير والاعتراض الشفهي، لكن في السنوات الأخيرة صدرت مجموعة من القوانين السيئة جدًا، والغريب أنها صدرت من البرلمان نفسه، وهذا من العجائب. والعجيب أن هذه القوانين قيّدت الحريات، وشدّدت الرقابة على السوشيال ميديا والصحافة وعلى أي شيء قد يكون مكتوبًا؛ بإمكانك أن تعترض شفهيًا ولا تحاسب، ولكن عندما تكتب، فستحاسب. فهذه من عجائب ديمقراطيتنا. في الرواية انتقدت أيضاً فكرة الديمقراطية هذه بشكل من الأشكال على لسان أحد الشخصيات. بالطبع لم أشر إلى الكويت في العمل أو إلى أي مكان حتى أكتب بأريحية، ولأن قضية الرقابة على الكتب عالمية، لا تخص الكويت فقط، وهي موجودة في دول كثيرة، وحتى الدول التي تخلصت منها بشكل أو بآخر ما زالت تعاني من الرقابة بصورة غير مُعلنة - هذه وجهة نظري. أمّا الشيء الذي دفعني لكتابة الرواية هو أنني أعرف صديقاً يملك حسًا إبداعيًا. وصدر ت له روايتان، ولكنه شخصية غير مشهورة؛ لأنه منكفئ على ذاته، والعجيب أنه يعمل في الرقابة. هذه الشخصية حفزتني للكتابة عن هذا الموضوع، إضافة إلى أنه كان لدينا نشاط مناهض للرقابة، وحاولنا تعديل القانون، وبالفعل نجحنا في جزء منه من خلال الضغط على أعضاء البرلمان. هذا النشاط جعلني أنغمس نوعًا ما في الفكرة وشجعني أكثر على الكتابة فيها.

● لنعود بالزمن للوراء وتحديدًا للعام 2017، وصلت روايتك «الدرك الأعلى» للقائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد للكتاب، فما مزايا وعيوب وصولها للقائمة الطويلة، بمعنى آخر من وجهة نظرك ما مزايا وعيوب أن تصل روايتك لقائمة في أي مسابقة وخصوصًا المسابقات الكبيرة، مثل البوكر أو الشيخ زايد؟

لا أعتقد أن هناك عيوباً، وإن وجدت، فهي أنك تكتشف واقعك الثقافي مقارنةً بمن حولك. على سبيل المثال، عندما وصلت رواية «الدرك الأعلى» للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد التي ضمّت ثمان روايات، ولم تُعلن القائمة القصيرة في هذه الدورة وحجبت الجائزة. حينها اكتشفت أنه لا توجد لدينا في الكويت حركة نقدية، ولا يوجد اهتمام ثقافي حقيقي بالأعمال الكويتية. فأحد العيوب هي أنها كشفت لي الواقع الثقافي بشكل أو بآخر. لكن المميزات عديدة وتتمثل في وضع اسمك على خريطة الأدب العربي، وإلقاء الضوء على أعمالك، خصوصاً أنني قمت بنشرها مع دار نوڤا وهي دار أنشأتها، وهي دار متواضعة مقارنةً بدور النشر العربية العريقة. أعتز جدًا بوصولي؛ لم أكن اسمًا معروفًا حينها، كان هذا أول تقدير كبير لما أكتب. وقبلها قد فزت بالمركز الأول في مسابقة القصة القصيرة التي تنظمها إذاعة BBC بالتعاون مع مجلة العربي، حكمت المسابقة حينها الكاتبة العراقية دونى غالي، وأشادت بالقصة، وكان تعليقها أنني أمتلك حسًا روائيًا. دائمًا المبدع لديه شك فيما يقوم به وفيما يكتبه، لذلك وصول «الدرك الأعلى» للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد أزاح جزءًا كبيرًا من الشك، رغم أن الشك مفيد جدًا وضروري في العمل الإبداعي.

● لاحظت استخدامك التخييل المزدوج في «الدرك الأعلى»، فالبطل روائي ويكتب رواية بطلها روائي، وأيضاً في رواية «زاجل» استخدمت أسلوبًا مشابهًا، فهل أسلوب رواية «الخط الأبيض من الليل» يتشابه مع الروايات التي سبقتها؟

نعم؛ هذه تقنية مستخدمة نوعًا ما في «الدرك الأعلى» و«الخط الأبيض من الليل»، أما في رواية «زاجل» لا، استخدمت في «زاجل» ضمير المخاطب، فكان العم قارئًا ومثقفًا، ويحكي للولد بيشوي ما حدث له في شبابه، ولكنها لم تكن رواية، ولم يكن العم يكتب الرواية؛ فالتقنية السردية المستخدمة هي أن يقطع الراوي مجرى القصة أو الحوار الذي كان في زمن الماضي ويتحدث في زمن الحاضر. على سبيل المثال، أكون جالسًا معك في مكان نتحدث سويًا عن قصة ما، أحكي لك عن طفولتي مثلًا، وفجأة أقول لك: «هل يمكن أن تناولني كوب الماء الذي بجانبك» كنت أرتب أحداث القصة على هذا المنوال. بينما في «الدرك الأعلى» كان الرجل الميت روائي، وكان صديقه الصحفي يكمل روايته، وبها العديد من الشخصيات واستخدمت بالفعل التخييل المضاعف. الأمر ذاته في رواية «الخط الأبيض من الليل» فبها نوع من التخييل المضاعف، فالمدقق نفسه يكتب رواية. حاولت في «الخط الأبيض من الليل» أن أجعل رواية المدقق كاملة في النهاية، ولكن وجدتها ستكون فاترة وليست محفزة للقارئ، فوجدت أن الدمج أفضل خصوصًا أن النهايتين يتماهيان مع بعضهما.

● لمَ أعطيت لشخصيات الرواية ألقابًا مثل «الروائي الفارس»، «الروائية المغامرة» ولم تعطهم أسماء مثل، خالد وإبراهيم ومحمد، إلخ؟

وجدت هذا الشيء عند جوزيه ساراماجو، ووجدته فعّالًا جدًا، لذلك استخدمته حتى في أوائل أعمالي؛ في رواية «زاجل» كنت أستخدم هذا الشيء؛ فتجد «فتاة الشرفة» التي يعرف القارئ لاحقًا في الرواية أن اسمها «هبة»، وكذلك اسم «بيشوي» ليس متداولًا في الخليج - أعتقد أنه مألوف في مصر. كذلك في «الدرك الأعلى» نجد «الرجل الميت»، و«الفتاة المتنبئة» وألقاب أخرى كثيرة للشخصيات. أرى أن الألقاب تظل في ذهن المتلقي أكثر من الأسماء المجردة. أحيانًا عندما أسمّي أي شخصية اسمًا، ثم تسألني عنه، لا أتذكره، ولكني أتذكر سلوك الشخصية وصفاتها. في الغالب لا أتذكر الاسم، لكن الصفة تبقى في الذهن. وفي الحياة عمومًا، عندما نذكر شخصيات نتذكر ألقابهم لا أسماءهم، ومن الممكن أن يكون ذلك تأثير عملي كمعلم تربية رياضية، فدائماً أنسى أسماء الطلاب لكن ما أنسى أشكالهم وسلوكياتهم.

● لقد أهديت «الخط الأبيض من الليل» إلى إسماعيل فهد إسماعيل وحديثكما الذي لا ينتهي، ماذا يعني لك إسماعيل فهد إسماعيل؟

إسماعيل فهد إسماعيل هو معلمي الأول وأبي الروحي، ولم يكن معلمًا لي وحدي، فهو معلم لجيل كامل من الروائيين الكويتيين. كان إسماعيل يتطلع إلى بناء جيل من الأدباء قادر أن يكمل هذه المسيرة، ولا يتركها لتموت؛ أي استمرار أدب الرواية بشكل خاص، والأدب والثقافة في الكويت بشكل عام، ونجح في ذلك، وعندما اطمأن لنجاح مشروعه رحل.

● هل سبق وتُرجم أي عمل من أعمالك، من ضمن مزايا البوكر الاستفادة التي تقع على الكاتب الذي وصل للقائمة القصيرة أن أعماله ستترجم، فما فائدة أن عملك يترجم من وجهة نظرك؟

لا، لم يُترجم لي أي عمل كامل، ولكن مع وجود روايتي بالقائمة القصيرة للبوكر ظهرت بعض الاهتمامات، فترجم إبراهيم فوزي جزءًا من الرواية إلى الإنجليزية لمجلة أراب ليت، وكذلك ترجم مترجم بانيبال رفائيل كوهين جزءًا. أما عن فائدة الترجمة، فبالفعل سيصل الكِتَاب إلى العالمية، ويصل للقارئ الغربي. أجدها أيضًا فرصة أن يتطلع الآخر على ما يُكتب في الوطن العربي. بالتأكيد توجد أعمال ترجمت لأسماء كبيرة في الأدب العربي، لكنها فرصة أيضًا ليتعرف القارئ الغربي على أصوات روائية جديدة. الحمدلله، أنني الآن محظوظ بوصولي للقائمة القصيره في البوكر، وقبلها في جائزة الشيخ زايد، لكني أجزم أن هناك أسماءً كثيرة لم تحصل على هذه الفرص. أرى أن الترجمة انفتاح على العالم.

● ما مشاريعك الإبداعية الحالية؟

أعمل حاليًا على سيرة متخيّلة، ومستمتع جدًا بالعمل، وكتبت ما يزيد عن عشرة آلاف كلمة تقريبًا، ويبدو أن هذا المشروع سيلازمني لفترة طويلة، لذلك أقرأ رواية «عالم صدام حسين» لمهدي حيدر؛ وهي رواية عظيمة كتبت عقب وفاة صدام حسين، وتسرد كيفية كتابة سيرة متخيلة بشكل مبدع؛ ولأني أكتب شيئًا قريبًا من هذا، فأحاول أن أتشرّب الأجواء.

● ما الشيء الذي جعلك كاتب؛ أعني ما الشيء الذي دفعك للإمساك بورقة وقلم والبدء في الكتابة، وعندما تكتب، ما الجزء الأكثر متعة في الكتابة؟

أن تدرك أنك تجيد الكتابة فهذا اكتشاف في حد ذاته؛ أعني أن كل شخص يجب أن يكتشف ما يجيده لأنك لن تكون واعيًا لهذه النقطة تمامًا. كل شخص له قصة مختلفة مع الكتابة. في طفولتي كنت أعشق قراءة قصص الأطفال «ماجد وبسّام»، وحينها كان يوجد بالكويت قصص «سعد»، وبعد ذلك كانت تُباع مجلدات «ميكي ماوس وبطوط» وكانت تضم تلك المجلدات عددًا كبيرًا من القصص، فكنت أقرأ بلا ملل. وحينما كبرت كنت أشتري هذه القصص وأخفيها خوفًا من أن يراها أحدهم ويقول: «هل أنت طفل لتقرأ هذه القصص»؟ وهذا المشهد كتبته في رواية «الخط الأبيض من الليل». فيما بعد، قرأت لأنيس منصور؛ حيث يمتلك أسلوبًا بسيطًا ومشوقًا، وعناوينه جميلة ومثيرة للفضول. في مرحلة ما من العمر نقرأ القصص البوليسية والمواضيع التي كانت على هذه الشاكلة. وبعد ذلك قررت أن أقرأ «الأيام» لطه حسين، فوجدت صعوبة بالغة في استيعابها، ولكني أدرك تمامًا أن المشكلة كانت تكمن بداخلي وليست بالكتاب.

كما تعلم وقت الدراسة ندرس طه حسين أكثر من نجيب محفوظ؛ فهو عميد الأدب العربي، وهو الأعمى الذي أنار العالم، ولكن في رأيي أن طه حسين مفكر أكثر من كونه أديبًا، فكنت أغالب نفسي، ومع هذا لم أستطع الاستمرار بقراءة «الأيام». في مرحلة ما انتشرت المنتديات الرياضية والثقافية المتنوعة، ولأنه لدي اهتمام رياضي، أسست منتدى رياضيًا، وكنت أكتب فيه عن الأحداث والفعاليات الرياضية. كنت أستمتع بهذا العمل؛ فكنت أجري مقابلات صحفية، وأقوم بعمل تحقيقات. في فترة ما بالكويت، سمح أحد وزراء الإعلام في الكويت بإنشاء الصحف الرياضية، فازداد عدد الصحف، وطلبتني بالاسم صحيفة تسمى حينها «الوسط»، وذلك بتزكية من أحد الأشخاص الذي امتدح كتابتي عن الرياضة، كنت حينها طالبًا جامعيًا، واستصعبت الأمر على نفسي، ولكني لم أضيع تلك الفرصة الجيدة، فذهبت وبدأت العمل. سألني رئيس القسم أستاذ جابر نصار -وهو إعلامي رياضي معروف- عن رأيي في مستوى الصحف فيما يتعلق بالرياضه العالمية، فأخبرته أن مستواها ضعيف. بعد ذلك اكتشفت أن تحليل الجولات في الدوري الإنجليزي يصل إليهم جاهزًا من الوكالات الإعلاميه الألمانية؛ حيث تتعاقد الصحف مع وكالات عالمية، فيصل إليهم تحليل كل جولة جاهزًا، فرفضت ذلك، وقلت لكي نتميز سأقوم بكتابة تلك الأخبار بنفسي. استمر بالطبع اهتمامي الأدبي، وفي أوقات الفراغ كنت أكتب مقالات على غرار مقالات أنيس منصور، فكنت أكتب مقالات حول موضوعات مختلفة، وأنهيت كتابي الأول «كويتي من كوكب آخر: الحياة من منظور شاب في العشرين».

كان المدسِّك حينها الأستاذ غانم الشمري يمتدح ما أكتب، وهو جاد جدًا، وقاموسه لا يعرف المزاح في العمل، فشجعني على الاستمرار في الكتابة ونبهني أنني أملك حسًا أدبيًا، وطلب مني التعرف على الشاعر دخيل الخليفة الذي كان يعمل معي حينها، وقال لي إنه من المهم لي أن أتعرف على دخيل الخليفة، ووصف لي شخصيته. وبالفعل تعرفت عليه، ثم تعرفت على الدكتور علاء العنزي وهو الآن المدير العام للمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت . عندما قرأ دخيل الخليفة كتابي بعد صدوره قال لي: «استمر يا خالد»... كما تعلم، أن تكتب شيئًا على الإنترنت، وتهتم بك الصحافة، ويطلبونك لتعمل معهم، وبالفعل تكتب لديهم، وشخص يخبرك بأنك تكتب بشكل جيد، وعندما أعود لقراءة العمل الذي كتبته حينها، أجد مستوى ضعيفًا من الكتابة قياسًا بمستواي الآن؛ لذلك فأنا مدين بالفضل لأولئك الذين رأوا هذه اللمسة الأدبية، هذه الموهبة. والآن أحب أن ألعب نفس الدور؛ بمعنى أنه إذا وجدت شخصًا ذا موهبة، أحب أن أشيد بموهبته، وأشيد بكتاباته، وأحب أن أرشده وأؤكّد له بأنه كاتب جيد ويجب أن يستمر.
 

● هل لديك روتين في الكتابة؟

الروتين هو المحافظة على روتين الكتابة ذاته؛ بمعنى أنني أحب أن ألزم نفسي يوميًا بفتح صفحة جديدة لأكتب فيهاـــــــــــ إن كنت طبعًا خاليًا من المسؤوليات. وبلا شك أتهيأ للكتابة، فالروائيون ليسوا كالشعراء يأتيهم الإلهام في أي وقت، حسب الموقف، حتى الشاعر يحضر نفسه لفعل الكتابة أحيانًا. أسمي ذلك الاحتشاد؛ بمعنى أن يتشبع من الداخل بحيث يستطيع الكتابة كأن يقرأ ما كتبه من قبل، فأنا مثلا أقوم بقراءة أربع صفحات مما كتبته آخر مرة، وأجري بعض التعديلات عليه، وبعد ذلك أشرع في الكتابة.

● ما أعظم إنجاز لك حتى الآن؟ وما أقرب أعمالك لقلبك؟

أعظم إنجاز هو عندما أنتهي من كتاب كنت أظن أنه أفضل شيء أثناء كتابته، وعندما أنهيه وأقوم بقراءته، أحدّث نفسي بأنه ما زال هناك أفضل. في الواقع، العمل الذي تنتهي منه ترغب في إنهاء علاقتك معه، لكن من الممكن أن أختار «آخر الوصايا الصغيرة» لسبب واحد وهو أنني أحب أن أعيد كتابته.

● أخيرًا، ما الأعمال الروائية الكويتية التي أثّرت في المشهد الثقافي الكويتي من وجهة نظرك؟

سأذكر لك أعمالًا أرى أنها أثّرت في المشهد الثقافي الكويتي، وهذا لا يعني أنها الأفضل، لكنها بلا شك أعمال مهمة ورائدة: رواية «كانت السماء زرقاء» لإسماعيل فهد إسماعيل؛ من ناحية التأثير، فكل تجارب إسماعيل فهد مغايرة ولها حضورها الخاص؛ منها ما تناول الشيوعية في العراق، والحملة الفرنسية في مصر، والحرب الأهلية في لبنان، والقضية الفلسطينية، واحتلال الكويت وقضايا البدون. «كانت السماء زرقاء» أثرت في المشهد الثقافي العربي بشكل عام وليس فقط في الكويت. رواية «وسمية تخرج من البحر» لليلى العثمان؛ تجربة ليلى العثمان لها وقعها الكبير على الساحة الخليجية كونها أول امرأة تكتب بتلك الجرأة التي تخطت فيها التابوهات، ولعل روايتها هذه كانت علامة؛ لأنها اختيرت في قائمة أهم 100 رواية عربية. رواية «ساق البامبو» التي سلّطت الأضواء على الأدب الكويتي عربيًا بعد فوزها بجائزة البوكر. ثلاثية «الجهراء» (الصهد - كاليسكا - المسطر) لناصر الظفيري التي خلّد فيها قضية البدون، وتناولها باستفاضة كبيرة في هذه الثلاثية، وهي مشروعه الروائي الأكبر والذي استهدف كتابته منذ تجاربه الأولى.

أخيرًا؛ رواية «ارتطام لم يُسمع له دوي» لبثينة العيسى، وتأتي أهميتها كونها أول عمل روائي يتناول قضية البدون بشكل صريح وأساسي.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها