الأهازيج هي نوع من الغناء والشعر الشعبي؛ يُغنّى أو يُنشد في المناسبات الاجتماعية والاحتفالية، وغالباً ما تؤدى جماعياً مع الإيقاع والتصفيق والطبول. وتُعدُّ الأهازيج وسيلةً للتعبير عن المشاعر الجماعية، من حزنٍ وفرحٍ وحماسة وفخر، وتنتشر في العديد من الدول العربية.
في الإمارات تُعدّ الأهازيج جُزءاً من هُوية المجتمع الثقافية، ظلت ملازمة للإنسان الإماراتي منذ تاريخ قديم.. زمَن الغوص والصيد، فقد كانت رحلة الغوص بما تحمله من مخاطر ومشاق، في حاجة ماسة للتخفيف من قساوتها، باستخدام فنون الأهازيج الشعبية، من شيلات ونهمات، للأهازيج البحرية.
المسرح ابن بيئته لذا؛ فقد وجدَ كتّاب المسرح في الإمارات، وخاصة في حياة البحر ومهنة الغوص بيئة درامية خِصبةً، فرحلة الغوص التي تأخذ البحارة، في فترة غياب طويلة ما كان لها أن تتكلّل بالنجاح، إلا بالاتّكاء على دور الفن، والغناء للترويح على النفس، ومساعدتها في احتمال الشدائد والصعاب.
وفي رحلة تأكيد الهوية الوطنية، اغترف كتاب المسرح الإماراتي من معين الأهازيج البحرية، في نصوصهم المسرحية، وخاصة عند مسارح المنطقة الشرقية، في كلباء وخورفكان ودبا الحصن.
من الأهازيج البحرية، نجد النَّهمة، وهي نوع من الأداء الفردي، لرجل يُسمى النَّهامْ، يتميز بالصوت القوي، وهو الأكثر حساسية ووعياً بما يتغنى به، من أهازيج، ماهي إلا تحضير، مبدئي لكل مَن يصعد إلى السفينة، في أنه ذاهب إلى رحلة اللاعودة.
"واليا مال" وهي نوع من الغناء الجماعي، يعبر عما يجيش في صدور البحارة من الوجد وألم الفراق، والحنين للعودة للشاطئ وللأهل.
"الخطفة" وهي نوع غناء، يختص بعملية رفع الشراع، والاستعداد للإبحار.
"الشيلات" وتشمل الونة، والردحة، والطارق، والتعازي.
ومن نماذجها:
البحر لي هب الهوى هاج ... وانا شراته افوادي يهيج
عوق المحبة ماله علاج ... ساطي وباطي في المعاليج
وتتنوع الأهازيج البحرية، تبعاً، لمراحل إبحار السفن، بداية من مرحلة رفع الشراع:
يا بوفلان حدي يا بوفلان حدي
نرفع شراع العالي ونركب بحر مدى
عسى السلامة ويان والرزق من عند ربي
نهمة الغوص:
يا مركب الهند جيب محبوبي
لا تسري الليل والليالي عجافي
نهمة الشوق:
يا دار ما خبرك جديد .. يا نور عيني والبعيد
قلبي عليك ما هو سعيد.. والبعد ذابحني ذبيح
نهمة العودة أو الرجوع:
يا دار خلاني يا منيع الشأن
رجعتك سالم بعد العنا والاشجان
لم تكن الأهازيج إضافة زخرفية في النصوص المسرحية الإماراتية، بل هي من صميم البعد الدرامي، واقعياً، حيث تتمثل المعاناة والمخاطر، في رحلات الغوص الشاقة، وما تحمله من مشاعر الفقد والحزن، على فراق الأهل. وفنياً، فيما تضيفه للبعد الدرامي، في أحداث وحوارات، وبناء الصراع المسرحي.
الكاتب الكبير، الأستاذ إسماعيل عبد الله، ابن مدينة خورفكان وظف الكثير، من الأهازيج في نصوصه المسرحية، مثل مسرحية، اللوال وحرب النعل ومجاريح، وراعي البوم عبرني، وغصيت بك يا ماي.
نجح إسماعيل عبد الله، بأسلوبه في الكتابة بروح الشعر، في مجاراة الأهازيج الشعبية، ونظم قصائد حديثة، ذات صلة بالنهمة والشيلات، مثال في مسرحية حرب النعل، أو يا ما لو يامال:
زيد الرجال رجال وزيد الرداية عيش
الخمس مخلوقة الفعل ماهي لدق العيش
لعزوم ملعبها الشقي ماهي صواني عيش
شيفيد غلق الباب وبيتك ما لو جدار
كأنك تبا دفوة قمر سوار أرضها دار
ما بنحصد حنظل ربا غير ابحمش بيدار
وفي مسرحية صرخة:
يا ريح بسج نحن في فلوج محملنا
مكسور سكانه ابشوح كيف يحملن
كما وظفها الكاتب الراحل سالم الحتاوي، والكاتب المسرحي ناجي الحاي، والفنان عبد الله صالح.
المخرج المبدع محمد العامري، استعان بالأهازيج، في عروضه المسرحية، ومنها مسرحية (القفال)، في مهرجان كرنفال-خورفكان المسرحي، في دورته الأولى، يناير 2014. في مسرحيته الاستعراضية (القفال)، والتي قدمت على شواطئ مدينة خورفكان، بمشاركة ما يزيد على مائة ممثل، في مشاهد استعراضية، لوصول السفينة إلى الشاطئ، واستقبال الأهالي لعودة البحارة، بالغناء والأهازيج والاحتفالات.
صورة المقال: المسرحية الإماراتية "أشوفك"