دعنا في البداية نتعرّف على حياة هذه الشخصية العلمية البارزة: إنه شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي (نحو 830هـ/1426م- بعد 933هـ/ 1527م)، من أهل نجد. و"السعدي" نسبة إلى سعد بن قيس بن عيلان، وهي قبيلة عدنانية مشهورة. ويفتخر ابن ماجد بهذا النسب في قصيدته "عدة الأشهر الرومية"، فيقول:
فخذ حكماً من ماجد ابن ماجد ... يؤول إلى سعد بن قيس بن عيلان

وكان ابن ماجد من أكبر علماء الملاحة البحرية وتاريخها عند العرب، وكان يلقب بربّان البريْن (برّ العرب وبرّ العجم). وعرف ابن ماجد بعدة ألقاب أخرى: "أسد البحار"، و"ليث الليوث، و"الرئيس المقدّم"، و"المعلم"، و"المعلم العربي"، و"الربان". ولُقّب كذلك بألقاب دينية منها: "الشهاب"، و"شهاب الدين"، و"حاج الحرمين الشريفين".
وهناك تضارب في المصادر التاريخية حول تاريخ ميلاده. أما المؤرخ أنور عبد العليم المختص في تاريخ علم الملاحة العربية، فيؤكد أن سنة ميلاد ابن ماجد تنحصر بين 835هـ/1431م و840هـ/1436م. وبخصوص سنة وفاته؛ فإننا نجد في خاتمة أهم مؤلفاته "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" العبارة التالية: "وختمنا هذا الكتاب في عام خمس وتسعين وثماني مائة...". ومن ثمّ نستخلص أنه كان حيّاً عام 895هـ/1490م. بل نجد بيتين في قصيدته "ضريبة الضرائب" التي نظمها عام 900هـ/ 1494م يثبتان أنه تجاوز الستين من العمر، يقول فيهما:
شباب برأسي أعجب الناس من أمـري ... أتـاني عقيب الشيب في آخر العمر
وأي شبـابٍ بعـد ستــين حجــةً ... سما في السما فوق السماكين والنسر
كما يتبيّن مما كتب عام 895هـ/1489م أنه لم يعد يركب البحر لضعف جسمه وفكره. ويبدو أن آخر ما نظم من الشعر قصيدته القصيرة "المخمّسة"، وكان ذلك عام 906هـ/1500م.
ولد ابن ماجد في ميناء جلفار (رأس الخيمة)، وهو ينتسب لعائلة لها باع في الملاحة البحرية، حيث كان أبوه وجدّه بحّاريْن كبيريْن، فورث عنهما هذه المهنة واكتسب مهاراتهما. وقد ترك هؤلاء الثلاثة قصيدة طويلة سُميت بـ"الحجازية"، تضمّ أزيد من ألف بيت، كتب كلّ منهم فيها جزءاً ضمنه معارفه الخاصة في الملاحة البحرية، والإرشادات التي يحتاج إليها البحّار. استهلّ القسم الأول منها الجدّ، ثم قام الأب بكتابة القسم الثاني في مؤلف ضخم، وأخيراً جاء دور الحفيد أحمد بن ماجد ليزوّدنا بما أوتي من علم في الجزء الثالث من هذه القصيدة المشتركة.
درس ابن ماجد مؤلّفات العلماء العرب والعجم في شتى العلوم والآداب المتوفرة في زمانه، مثل: علم الفلك، والجغرافيا، والأدب، ومنها: مؤلفات الإغريق، وجداول البتّاني (240هـ/854م-317هـ/929م)، ونصير الدين الطوسي (597هـ/1201م-672هـ/1274م)، وابن الشاطر (404هـ/1304م-777هـ/1375م)، ومحمد أولوغ بيك (796هـ/1394م- 852هـ/1449م)، وابن سينا (370هـ/980م-427هـ/1037م)، وابن الهيثم (354هـ/965م-430هـ/1040م)، والحسن المراكشي (توفي 660هـ/1262م)، وابن حوقل (توفي 367هـ/977م)، وياقوت الحموي (574هـ/1179م-626هـ/1229م)، وابن سعيد المغربي (610ه/1214م-685هـ/1286م)، وعبد الرحمن الصوفي (291هـ/903م-376هـ/986م)، وأبو حنيفة الدينوري (212هـ/828م-282هـ/895م).
يقول ابن ماجد بشأن هؤلاء العلماء: "وقد عظّمنا علمهم وتأليفهم وأجللنا قدرهم بقولنا". كما تضمن شعره ما يوضح أنه أفنى عمره في علم البحار، واطلع على الكثير من مؤلفاته، وعاشر رجال الملاحة وجال في البحار والسواحل، فهو يقول مثلاً:
قد راح عـــمري في المطالعات ... وكثرة التساؤل في الجــــهات
وكم رأيت في خـــطوط الشول ... ونظمه والنثر والفـــــصول
وكم نظرت فــي الحساب العربي ... وحسبة الهند مذ كنت صـــبي
فلم أر في اتــــــفاق أصلي ... في القمر والزنج صــحيح النقل
وفي جــــنوبي جاوه والصين ... والفال عـلما صادقا يــــقيني
ومما نلاحظه في شعر ابن ماجد أنه لا يلتزم عموماً بالقوافي، لكنه يعمل بها حين يريد. انظر مثلاً إلى قافيته، وهو يفاخر بما أوتي من علم:
وألقوا ســلاح الجهل لما تحققوا ... مقالي في عــرب وعـجم ودَيلَمِ
بـــقولي إنّـي رابعٌ لثــلاثةٍ ... فَحـُـقَّ لحسّادي تمــوتُ وتعتمي
نَوادِرُ عــلم البحر عني تَفَرّعت ... وخيرُ صفاتِ البحرِ تَخرجُ من فَمي
ريادة ابن ماجد في علم البحار
يرجع الفضل في اكتشاف مؤلفات ابن ماجد لجهود المستشرق الفرنسي جبرييل فِرَّاند Ferrand في الربع الأول من القرن العشرين. فقد اكتشف عدداً من هذه المؤلفات ضمن مجموعتين مخطوطتين في المكتبة الوطنية بباريس سنة 1913م. وكانت هذه المؤلفات مغمورة بتلك المكتبة منذ 1860م.
وتحتوي المخطوطات على "كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، وقصيدة طويلة بعنوان "حاوية الاختصار في أصول علم البحار"، إضافة إلى عدد من الأراجيز والقصائد التي تقدِّم كمّاً من المعلومات حول المسالك البحرية في المحيط الهندي من سواحل الجزيرة العربية إلى السواحل الإفريقية والهندية والأندنيسية. كما نجد في هذه المخطوطات بعض ما ألّف سليمان المهري (معاصر ابن ماجد). ومن جهة أخرى، تم العثور في مكتبة سنت بطرسبورغ (روسيا) على أراجيز أخرى لأحمد بن ماجد، نشرها وحققها لأول مرة تيودور شوموفسك Shumovsky (1913-2012) عام 1957م، وهي ما زالت تحتاج إلى تمحيص.
وهكذا يتضح أن ابن ماجد كان من كبار علماء البحار بل مؤسس هذا العلم، وقد انفرد بغزارة إنتاجه الفكري، وتدوين تجاربه في عديد المؤلفات، فكانت مرجعاً لمن أتوا بعده. وفي هذا السياق ذكر الرحالة الإنكليزي ريتشارد بورتن Burton (1821م-1890م) في أحد مؤلفاته حول إفريقيا صدر عام 1856م بأن البحّارة في عدن كانوا يقرؤون فاتحة الكتاب للشيخ ماجد. ولا شك أن ذلك كان تلبية لرغبة ابن ماجد ذاته، الذي طلب في أرجوزة "حاوية الاختصار في فصول علم البحار"، ممن يطالع مؤلفاته أن يقرأ سورتي الفاتحة والإخلاص حيث، يقول:
أسأل الرحمن يا معــاوني ... إذا تلوت النظم والمعــاني
اقرأ لي الحمد مع الإخلاص ... تنفعني في العرض والخلاص
وعندما عقد المؤتمر الدولي الأول لتاريخ علوم البحار بموناكو Monaco عام 1966، قدّم خلاله الأستاذ أنور عبد العليم بحثين حول الملاحة عند العرب، أحدهما حول شخصية ابن ماجد، والأثر الذي تركه هذا الملاح في علوم البحر والملاحة الحديثة. يقول صاحب البحث بهذا الشأن: "والحق أنني لم أكن أتوقّع أن يقابل هذان البحثان بمثل ذلك الاهتمام من رجال المؤتمر؛ إذ لم يكن يدور بخلد أحد أن للعرب فضلاً كذلك على الملاحة الحديثة، إلى جانب أفضالهم على علوم الرياضيات والكيمياء والطب...".
ألم يختم أحمد بن ماجد أرجوزته "ضريبة الضرائب" بالبيت:
فإن تجهلوا قدر حياتي فإنما ... سيأتي رجال بعدكم يعرفوا قدري
ويعتبر كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" أهم ما أَلف ابن ماجد. كما يراه المؤرخون أهم وثيقة كتبت في الجغرافيا الملاحية خلال العصور الوسطى. ويبرّر ابن ماجد تأليفه لهذا الكتاب بالقول في مقدمته "ألفته وصنفته لركاب البحر ورؤسائه... وسميناه كتاب الفوائد، وهو يشتمل على فوائد كثيرة غوامض وظواهر"، ويختمه بالعبارة التالية "وختمنا هذا الكتاب في عام خمس وتسعين وثمان مائة على الاختصار، بقولي أوصيكم بتقوى الله، وقلة الكلام، وقلة المنام، وقلة الطعام، ونستغفر الله في التقصير والزيادة والنقصان"؛ علماً أنه ألّف "حاوية الاختصار" ثلاثين سنة قبل تأليف "كتاب الفوائد".
وتضمّن الكتاب بحوثاً في أصول الملاحة، وحجر المغناطيس، ومنازل القمر والنجوم التي تقابل أقسام الإبرة المغناطيسية، حيث يقول في هذا الباب: "ومن اختراعاتنا... تركيب المغناطيس على الحلقة، وهي بيت الإبرة (أو البوصلة) بنفسه، ولنا فيه كلمة كبيرة لم تكتب في كتاب".
وتعرض المؤلف أيضاً لبعض الخصوصيات التي يتميّز بها المحيط الهندي، والبحر الصيني، وسواحل الهند الغربية، والجزر العشر الكبرى المشهورة، منها جزيرة العرب، وجزيرة القمر (مدغشقر)، وزنجبار، وجزيرة البحرين. وذكر الطوفان والرياح وأوقاتها ومواقع حدوثها، وتحدث عن دورة البحر، واصفاً السواحل ومعالمها المشهورة على الساحل العربي والإفريقي والهندي، مستنداً إلى كتاب "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" للشريف الإدريسي (493هـ/1100م-560هـ/1165م)، وكتاب "المسالك والممالك" لعبيد الله بن خرداذبه (توفي نحو 300هـ/913م)، بل ويزيد على ما ورد في هذه الكتب، فيوضح كيفية الوصول إلى تلك السواحل.
ويتناول ابن ماجد في الكتاب الذي قدمه في 12 فصلاً تاريخ تطوّر علم البحار، فيذكر أخباراً قديمة عن سفينة نوح وصنعها، والطوفان، ويذكر ربابنة السفن المشهورين، ثم يعدّد فنون البحر. ويشير إلى وردة الرياح والعلامات الساحلية، ويقدم مسرداً لما يجب أن يلمّ به الربّان من معلومات كمعرفة المنازل والأخنان والدير [أي أراضي الشواطئ]، والمسافات والباشيات [أي القياسات الرأسية عند البحّارة]، وحلول الشمس والقمر والرياح في مواسمها، ومواسم السفر في البحر، ويذكر المنازل الفلكية والنجوم الملاحية، التي يمكن أن يهتدي بها الربّان في عرض البحر.
ويقسم ابن ماجد النجوم والكواكب حسب درجة لمعانها، ويعدّد أسماء الكتب والمراجع الفنية التي يجب على عالم البحار الاطلاع عليها، وهي في مواد الجغرافيا الوصفية والفلك والرياضيات. ويحذر البحارة من أخطار البحر. وتعود شهرة ابن ماجد أيضاً إلى أنه أدخل تعديلاً جوهرياً على البوصلة، وأشار إلى ذلك في كتابه بعبارة "تجليس المغناطيس على الحقة"... والحقة هي البوصلة.
وكانت وردة الرياح التي استخدمها البحّارة المسلمون مقسمة على دائرة الأفق بأسماء النجوم المعروفة في المحيط الهندي. ولقد ابتكر ابن ماجد وردة الرياح التي استخدمها مع البوصلة المغناطيسية، وقسّمها على دائرة الأفق حسب الجهات الأصلية إلى 32 خنّاً. وجعل الشمال يشير إلى الجاه، والجنوب يشير إلى قطب السهيل أو نجم السهيل، والشرق يشير إلى مطلع نجم الطائر، والغرب إلى مغيب نجم الطائر.
ولذلك تكون الجهات الأصلية الأربع متفقة مع عدد المنازل (28 منزلة)، التي يمثّلها مطلع أو مغيب هذه النجوم، وهي بالترتيب من الشمال إلى الجنوب : الجاه، الفرقد، النعش، الناقة، العيوق، الواقع، السماك، الثريا، الجوزاء، التبر، الإكلي، العقرب، الحمارين، السهيل، السلبار، قطب السهيل. وينقسم قرص البوصلة حسب هذا النظام إلى 32 قسماً بخطوط تمرّ بالمركز، وخطها الأساسي يمرّ بنقطتي الشمال والجنوب.
وتقسيم ابن ماجد يناسب الملاحة في المحيط الهندي بشكل كبير. ولا يزال نفس هذا التقسيم يستعمل حتى الآن على الساحل الشرقي لإفريقيا، مع مسميات للنجوم باللغة المحلية. كما لا يزال يستخدم هذا التقسيم أيضاً عند ملاحي جزر الملديف واللكديف بالمحيط الهندي. ولكن تقسيم وردة الرياح عند الأوروبيين يختلف عنه عند العرب لاعتماد البحارة الأوربيين على النجوم الملاحية عندهم.
كما كانت لابن ماجد الريادة في رسم الخرائط الدقيقة، حيث ابتكر طريقة للقياس تعتمد على النجم القطبي، وبعض نجوم الدّبيْن الأكبر والأصغر، وبذلك صوّب قياس عرض رأس الرجاء الصالح. وتجدر الملاحظة إلى أن ابن ماجد هو أول من استعمل مصطلح "علم البحر"، و"علم البحار" الذي نجده ضمن عنواني كتابيه ""الفوائد في أصول علم البحر والقواعد"، و"حاوية الاختصار في فصول علم البحار". وترجع أهمية مؤلفات ابن ماجد أيضاً إلى أنها تحتوي على مصطلحات العلوم والملاحة البحرية التي ما زالت مستخدمة حتى الآن، وانتقلت إلى اللغات الأوروبية عبر البحّارة البرتغاليين.
بطلان رواية النهروالي
هناك قضية حساسة لا زال الجدل فيها قائماً بخصوص ابن ماجد والبحارة البرتغاليين. فقد اعتبر بعض المؤرخين أن ابن ماجد كان المرشد الذي جعل أسطول فاسكو دا غاما Vasco da Gama (874هـ/1469م-930هـ/1524م) البرتغالي يبلغ الهند. والظاهر أن هذه الرواية وردت لأول مرة في كتاب "البرق اليماني في الفتح العثماني"، الذي ألّفه قطب الدين النهروالي (917هـ/1511م-990هـ/1582م). ويروي النهروالي أنّ الإفرنج كانوا يعبرون بحر الظلمات في الغرب ويعودون إلى الشرق عند المدخل الجنوبي. وكانت شدّة الرياح تحطم مراكبهم في المدخل الجنوبي فيهلكون، وطالت محاولاتهم المتكررة دون جدوى، ولم يتمكّنوا من إدراك بلاد الهند التي كانت مقصدهم الأخير.
ويواصل النهروالي روايته المثيرة، فيذكر أن وصول الإفرنج إلى أرض الهند قد تمّ بعد أن أرشدهم شخص اسمه أحمد بن ماجد. ويوضح أنّ القائد البرتغالي، المدعو "الملندي"، قد نسج صداقة مع ابن ماجد فشربا الخمر وسكرا، وقدّم ابن ماجد للبرتغاليين المعلومات اللازمة التي تمكنهم من الوصول إلى الهند وهو في حالة سكر. وهكذا استطاعت هذه الطائفة الإفرنجية الوصول إلى الهند، وتكاثر عددها بعد ذلك. وعلى إثر ذلك شرعت في محاربة سفن العرب والمسلمين، وصارت تستولي على بضاعتهم وممتلكاتهم.
لكن هذه الرواية فنّدها العديد من المؤرخين، بينما أوصت فئة أخرى بأن تقرأ بكثير من الحذر، إذ إن ابن ماجد كان رجلاً متديّناً وتقيّاً، وعرف المخاطر والمهالك في البحر. ونلمس بوضوح في كتاباته روح الورع كقوله: "وينبغي للمعلم [أي قائد السفينة] أن يكون عادلاً تقياً لا يظلم أحداً، مقيماً على طاعة الله، متقياً الله حق اتقائه تعالى". وفي مكان آخر يقول: "ينبغي أنك إذا ركبت البحر تلزم الطهارة؛ فإنك في السفينة ضيف من ضيوف الباري عزّ وجلّ فلا تغفل عن ذكره". وفي بيت من قصيدة، تعرف بـ"القصيدة المكّية"، يقول:
ركبت على اسم الله مجرى سفينتي ... وعجلت فيها بالصلاة مبادرا
ثمّ هل يُعقل أن يصدِّق فاسكو دا غاما معلومات يقدّمها رجل في حالة سكر، ويبني عليها خطته المحفوفة بالمخاطر المميتة؟ لذا يرجح البعض أن ابن ماجد رضي بأن يرشد أسطول فاسكو دا غاما إلى الهند دون ضغوط، ولا تناول مشروبات كحولية ونحوها. ومهما يكن من أمر؛ فقصة ابن ماجد مع فاسكو دا غاما كانت موضوع نقد ودراسات عديدة، ذهبت بعضها إلى تأكيد بأن ابن ماجد لم يكن البحار الذي دلَّ فاسكو دا غاما على طريق الهند. وممن برؤوا ابن ماجد المؤرخ أمير الشارقة سلطان بن محمد القاسمي الذي أتى بالعديد من الوثائق والشهادات، منها: أن عمر ابن ماجد كان يناهز 75 عاماً عندما وصل فاسكو دا غاما إلى منطقة الخليج، ثم انقطعت أخباره بعد بلوغه 81 سنة.
وفي كتاب "الفوائد في أصول علم البحر والقواعد" أشار ابن ماجد إلى محاولات البرتغاليين وفشلهم عدّة مرّات في الوصول إلى الهند، لكنهم في الأخير استطاعوا الوصول إليها؛ غير أنه لم يشر إلى كونه ساعدهم في مسعاهم إلى بلوغ الأراضي الهندية. كما أنه عندما يروي في أرجوزته "السفالية" خبر وصول الإفرنج إلى مياه المحيط الهندي وغرق سفنهم بالجنوب الإفريقي وما أثاره وصولهم من قلق وخوف بين البحّارة والتجّار وسكّان المواني، لم يذكر أنّه اتّصل بهم وعاشرهم. كما أن المؤرخين البرتغاليين لم يشيروا بدورهم إلى اسم ابن ماجد، بل ذكروا أن ربّاناً مشهوراً ساعدهم.
ذلك هو أحمد بن ماجد، وتلك هي آثاره في البرّ والبحر، وفي الشعر والنثر، وفي العلم والخلق. فكيف لا يمجده العرب والمسلمون تمجيداً يليق بكبار العلماء في العالم؟
مراجع
1. القاسمي، محمد بن سلطان: الأمير الثائر، رابط النسخة الإلكترونية للكتاب هنا┊2. خوري، إبراهيم : أحمد بن ماجد، منظر الملاحة الفلكية في المحيط الهندي وبحاره الشاطئية في القرن 9هـ/15م، 4 أجزاء، مركز الدراسات والوثائق، رأس الخيمة، 1989.┊3. رشدي، صالح: أسد البحار: ابن ماجد، بيروت، دار القدس، 1974.┊4. شهاب، حسن صالح: أحمد بن ماجد والملاحة في المحيط الهندي، مركز الدراسات والوثائق في الديوان الأميري، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، 1988.┊5. عبد العليم، أنور: كتاب الفوائد في أصول علم البحر والقواعد، تراث الإنسانية، المجلد 4، القاهرة، 1968.┊6. العيدروس، محمد حسن: ابن ماجد الملاح الفلكي، دار المتنبي، أبو ظبي، 1992.┊7. محمد، خالد سالم: ربابنة الخليج العربي ومصنفاتهم الملاحية، توزيع شركة الربيعان، الكويت، 1982.
8. Ferrand, G. : Instructions nautiques et routiers arabes et portugais des XVe et XVIe siècles, Tome I, 1921, Paris