شجرةُ العود.. المزايا والخصائص؟!

محمد جمال المغربي

 

من المعروف أن دهن العود من العطور العتيقة التي لها مكانة خاصة عند العرب قديماً وحديثاً، حتى إنه يقال: "العود عطر الملوك والأمراء"، وذلك لأنَّ رائحته فضلًا عن أنَّها طيبة إلا أنها قوية، وتدوم في الملبس والجسد بل وتطوف آجواء المكان أيضاً، ومحببة عند الرجل والمرأة العربية، ومن أثمن العطور العربية العود، والذي يستخلص من أخشاب شجرة العود. وقد ذكرها (ابن بطوطة) ووصفها قائلاً: "وأما العود الهندي فشجره يشبه شجر البلوط إلا أن قشره رقيقٌ، وأوراقه كأوراق البلوط سواء ولا ثمر له، وشجرته لا تعظم كل العظم، وعروقه طويلة ممتدة وفيها الرائحة العطرة، وأما عيدان شجرته وورقها فلا عطرية فيها".



أسماء العود الأخرى في العالم:

الاسم العلمي:  Aquilaria spp
اسم الفصيلة:  Thymelaeaceae
الاسم الهندي: "أغار Agar"، الاسم الانجليزى: "ايغل وود eaglewood"، والاسم الصينى: "تشن شيان"، والاسم الإيراني:"أكيان، بلنجيرج".


وصف الشجرة

شجرة العود شجرة خضراء، يصل طولها لحوالي عشرين متراً، ساقها أملس وخشبها أبيض خفيف ورقيق، تتواجد أنسجة اللحاء جنباً إلى جنبٍ مع أنسجة الخشب، وأوراقها متبادلة معنقة، ونصل الورقة بيضاوي مستطيل، يتراوح طولها من (5:9) سم، وعرضها من (2،5:4،5) سم، أما الثمرة فهي عبارة عن علبة خضراء مصفرة يصل طولها إلى 5،2 سم فيها بذرتان فقط.

أماكن نمو شجرة العود

تنمو هذه الشجرة في الأماكن الاستوائية من قارة أسيا، وخاصة جنوب شرق آسيا في الأراضي الجبلية والرملية، مثل الهند وماليزيا، وبورما، وأندونيسيا، والصين.

ويقال إن العرب هم أول من اكتشفوا عطرية شجرة العود، فتقول الرواية إنَّ العرب كانوا يجولون بسفنهم الشراعية بقصد التجارة، وفي إحدى الرحلات البحرية نحو كمبوديا تحطمت سفينتهم وغرقت، وتمكن بعض البحارة من النجاة نحو الساحل المليء بالأشجار الكثيفة، وعندما جمعوا بعضها لطهي الطعام اكتشفوا عطرية الشجرة النفاذ، وبذلك كانوا أول من كشف هذا الأمر عن طريق الصدفة.

العود كمادة مستخلصة من شجرة العود لونها داكن بسبب عملية تحول الخشب الرقيق إلى خشب داكن اللون، ويحتوي العود على زيوت دهنية طيارة تكونت نتيجة إصابة الشجرة بفطريات جرحت ساقها جرحاً غائراً، ويحدث هذا الجرح إما بسبب (طبيعي)، وهو حفر الساق عن طريق بعض الحشرات، والطريقة الأخرى (ميكانيكية)، عن طريق إحداث جرح بآلة حادة. الطريقة الأولى تقوم الحشرات ببناء ممرات وأنفاق عن طريق تدمير بعض خلايا الساق، التي تحتوي على مواد كربوهيدراتية، فتسيل المادة الغذائية على جدار تلك الأنفاق مما يساعد على نمو وانتشار الفطريات فيها، وينتشر الغزل الفطري إلى أجزاء أخرى من النبات، ويحدث نتيجة تفاعل أنزيمات الفطريات أن يتحول جزء من السليلوز واللجين المحيط بالخلايا إلى دهن عود.
 

كيفية استخراج عطر العود

يتم استخراج مادة العود النادرة عن طريق التقطيع لأشجار العود في موسم الشتاء، حيث يعم الجفاف، وذلك عن طريق انتزاعه من جذور الشجرة بقطعها بطريقة فنية متخصصة بفصل الأجزاء المصابة عن الأجزاء غير المصابة، وتنظيف الأجزاء المصابة بمعدات نحت، ثم نستخلص العود من الأجزاء غير المصابة، ومن بعض الأجزاء غير الخشبية العالقة بالعود بغير تعجل وصبر.

بعد التنظيف، تبدأ مرحلة التلميع عن طريق مبرد غير حاد، وذلك للحصول على قطع عود نظيفة وصالحة، أما النفايات فيحتفظ بها لكي يصنع منها دهن العود.

عملية فرز العود

 ينتج عن عملية الفرز أنواعاً مختلفة للعود:
قطع سوداء ثقيلة الوزن وصلبة: وهي أثمن أنواع العود، وتمتاز بعدم تقطير الدهن منه.
خشب عود سوبر: وهو أقل سواداً ووزناً.
خشب متوسط: وهو ذو لون بني.
خشب عادي: ولونه بني مائل للصفرة، وهو الأقل سعراً.
الدقة: وهي قطع صغيرة ناتجة عن تكسر خشب العود.

دهن العود

وهو زيت ذو رائحة طيبة، يتم الحصول عليه من شجر العود المصابة، وذلك بعد عملية التقطير.
 

كيفية صناعة دهن العود الشهير

صناعة دهن العود بالفطريات أو الشقوق.. يُصنَع دهن العود بطريقة ترتبط بإحداث بعض الشقوق في شجرة الصنوبر العطرية، أو بإضافة نوع من الفطر عليها، ومن الممكن أن تُستخدم الحشرات كمُعاونٍ لإتمام هذه العملية، مما تُنتِج الشجرة مادة الصمغ، ويُدعى أيضاً دهن العود الذي يتسم باحتوائه على مركبات عضوية متطايرة تُساهم في تأخير أو منع نمو الفطريات، حيثُ يرتبط إنتاج العود إرتباطاً وثيقاً بالفطريات المختلفة، بالرغم من عدم التوصل الفعليّ للنوع المحدد المسؤول عن تكوين دهن العود، وتزيد مادة الصمغ المُنتَجة كتلة الخشب وكثافته بشكل كبير، كما يَصنع تغييراً في لون الخشب ليكتسب لوناً أسوداً، أو بنياً داكناً بدلاً من اللون الفاتح الطبيعي، وفي الوقت الحاضر لا توجد بدائل لدهن العود تتسم بجودتها العالية، حيثُ إنَّ الفطر يُصيب نسبة 7-10% فقط من أشجار الغابات الطبيعية، بالإضافة إلى صعوبة إنتاج المُكّون الأساسي لزيت العود، والذي يُسمى )السيسكيتربينس).

صناعة دهن العود بالتقطير

يُمكن إنتاج دهن العود من خلال عملية التقطير، وتتميز هذه العملية بتحديدها الدقيق لكمية ونوعية دهون العود التي يتم إنتاجها، حيثُ يتم تقطيع خشب العود إلى قطع صغيرة جداً، أو يتم سحقها للحصول على خشب مطحون، ويُستثنى من هذه العملية قطع الخشب الكبيرة حيثُ يتم الاستفادة منها بالتجارة، ثمَّ تُغمر بالماء وتُنقع، وبعد مرور مدة من نقعها توضع في أوعية خاصة للتقطير والبخار، وعندما يطفو الزيت يتم فصله عن الماء، ووضعه في وعاء آخر، ويُصبح جاهزاً للاستخدام كما يُمكن تكرار هذه العملية مرة أو أكثر، تبعاً للتكليف التي تحتاجها عمليات التقطير بالإضافة إلى نوعية المياه.
 

فوائد العود العامة

  يستخدم قلف شجرة العود في الكتابة، وخصوصاً في مراسلات الملوك، ويستخدم كملابس في أدغال الفلبين.
  الخشب الأبيض منه يستخدم في صناعة السبح، والخرز وعلب المجوهرات.
  وإلى جانب عطرية خشب العود، فهو يستخدم أيضاً في صناعة شراب للعلاج في الطب البديل، كمقوٍّ عام أو جنسي، ولعلاج ديدان البطن، والنقرس، والروماتيزم، ومشاكل المفاصل.
  دخان خشب العود يستخدم كمهدئ موضعي للآلام، وطارد للحشرات، مثل البعوض والبراغيث.
  كذلك دهن العود يعالج بعض الأمراض الجلدية، ويساعد في علاج الشلل بالتدليك به للمريض.
 

أنواع العود

العود الهندي
من أفضل أنواع العود وأكثرها جودة، ويتميّز هذا النوع من العود بأنه يهدئ الصداع المستمر ويخفف آلامه، وخاصة الصداع النصفي، برائحته الفواحة العطرة، وثمنه غالٍ جداً، والإقبال على شرائه كبير، ويعتبر استيراده من الهند أمراً في غاية الصعوبة.

العود الكمبودي
من أهم أنواع العود، ويوازي في جودته العود الهندي، ويمتاز بكثافته العالية، ومتانته، وثقله، ويشتهر بشكلٍ كبير في دول الخليج العربي، وأسعاره تتفاوت حسب المتانة التي يكون فيها.

العود اللاوسي
رائحته قوية جداً، وتتميّز رائحته بالثبات والبقاء لفترة طويلة على الملابس، وهو من أفخم أنواع العود، ويتميّز بأن وجوده نادر جداً، ولا يستطيع الحصول عليه إلا الأغنياء.

العود البورمي
يعتبر من الأنواع الجيدة نوعاً ما، وله عدة أصناف، منها ما تُشبه دهن العود الهندي، والأنواع الأخرى تتّصف بالخفة والبرودة.

العود الجاوي
موطنه الأصلي أندونيسيا، له رائحة جميلة جداً وزكيّة، ويتميز بثباته وبقائه لفترة طويلة على الملابس والأثاث والستائر، ويتميز هذا النوع باستخدامه في تصنيع الأدوية، نظراً لفوائده الصحية العظيمة؛ حيث تُحضّر منه الأدوية الطاردة للبلغم، ومعقمات الجروح، وأدوية تطهير المسالك البولية، ويُسكّن الآلام، لكنه ضعيف، وقابل للكسر بسرعة، ولا يستورده التجّار نظراً لهشاشته الكبيرة، وسرعة تلفه أثناء عمليات الشحن والتخزين.

العود الكلمنتان
من أنواع العود الأندونيسية المنشأ، ويتميز بثبات رائحته، وبخوره الكثيف، وبقائه الطويل..

العود الماليزي
رائحته زكية جداً، ويوجد بوفرة في ماليزيا، وله أصناف عديدة، أجودها الأسود المنقط.

العود السومطري
يشيع استخدامه كثيراً في المناطق الجنوبية من الجزيرة العربية، واليمن وله رائحة زكية جداً.
 

فوائد العود الصحية

يهدئ التوتر ويعمل على إزالته نهائياً، حتى تهدأ أعصاب المريض.
يحارب الأرق الذي بات ملازماً لكثير من الناس، ويجعل النوم الهادئ العميق مكانه.
العود ينشط خلايا الجسم عامة، والدورة الدموية خاصة.
العود مقوٍّ عام للذاكرة، ويمنع الـ(الزهايمر) من التسلل لعقل الإنسان.
يعالج السعال والربو والرشح ونزلات البرد.
يعمل على فلترة جسم الإنسان من السموم.
 

طريقة معرفة العود النقي من المغشوش

لمعرفة العود الأصلي من المغشوش، يلقى بنقطة من دهن العود في كوب من الماء، فإن ذاب دهن العود في الماء فهو نقي، وإن لم يذب وطافت بقعة دهن العود على سطح الماء كالزيت فهو مغشوش.
 

شجرة العود أغلى أشجار العالم

تختلف الأشجار من حيث قيمتها بحسب أهميتها المادية ومدى الاستفادة منها، وقد يكون شكلها الجمالي هو المعول كأشجار (الأرز)، وقد يكون لها فوائد طبية كشجر (الأراك)، أو فوائد غذائية كشجرة (النخيل).
لذلك؛ فإن الشجرة النادرة التي تنتج مادة العود، هي الشجرة الأغلى في العالم، بسبب الإقبال الكبير على هذا العطر الخلاب المصنوع من دهن العود، وخاصة في منطقة الخليج العربية وشبه القارة الهندية. وقد أصبحت هذه المواد بفضل ندرتها من أغلى المواد، ويصل ارتفاع أسعارها في بعض الأوقات بنسبة تصل إلى خمسة أضعاف سعرها. وبحسب جودة ونوعية العود، تبدأ أسعار كيلو البخور بمبالغ قد تبدأ بعشرة آلاف دولار، وقد تصل بسبب ندرتها وجودتها إلى مبالغ تصل إلى مائة ألف دولار للكيلو الواحد.
وقد عرفت منطقة الخليج العربي باستهلاك هذه المادة العطرة بكميات هائلة، سواء على صورة دهن العود، أو البخور. وعلى سبيل المثال؛ فإن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر مناطق استهلاك هذه المادة، وتصرف المملكة العربية السعودية مشكورة ملايين الدولارات سنوياً لشراء العود، لتعطير وتطيب الحرمين الشريفين.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها