أركيولوجيا.. الشعرية العربية

د. عبيد لبروزيين


تكتسب الشعرية معناها من خلال السياق الثقافي والتاريخي، رغم أن كرونولوجيا الشعرية العربية تثبت أنه لا وجود لهذا المصطلح في المعاجم العربية القديمة بمعناه الحديث، ولم يظهر إلا في القرن السابع الهجري نتيجة اتساع حركة الترجمة التي أسهمت في تطور الأدب العربي بعد انفتاحه على آداب حضارات أخرى. وفي سياق هذا الانفتاح الذي استفاد منه حازم القرطاجني (1211-1386م) ظهرت معالم مفهوم الشعرية بمعناه الحديث، لاسيما بعد اطلاعه على كتاب "فن الشعر" لأرسطو، وقد ساعده ذلك كثيراً على تطوير النقد العربي القديم، فهو يعتقد أنه "لو وجد هذا الحكيم أرسطو في شعر اليونانيين ما يوجد في شعر العرب من كثرة الحكم والأمثال، والاستدلالات، واختلاف ضروب الإبداع في فنون الكلام لفظاً ومعنىً، وتبحرهم في أصناف المعاني، وحسن تصرفهم في وضعها ووضع الألفاظ بإزائها، وفي إحكام مبانيها، واقترانها ولطف التفاتاتهم وتتميماتهم، واستطراداتهم، وحسن مآخذهم، ومنازعهم وتلاعبهم بالأقاويل المخيَّلة كيف شاؤوا، لزاد على ما وضع من القوانين الشعرية"1.
 

لقد كان حازم القرطاجني أول من وظف مفهوم الشعرية بمعناه الحديث في النقد العربي القديم، لذلك اعتبره النقاد سابقاً لعصره، حيث اعتبر أن "الشعرية في الشعر إنما هي نظم أي لفظ كيف اتفق نظمه وتضمينه أي غرض اتفق على أي صفة اتفق لا يعتبر عنده في ذلك قانون ولا رسم ولا موضوع..."2، ويتضح أن مفهوم الشعرية في توظيفه، إنما يدل على قواعد أدبية وشعرية ترتبط بطريقة النظم والتوليف بين الكلمات، وقد كان يبحث عن معيار آخر يحقق شعرية الشعر، وهي عناصر أخرى غير العناصر الشكلية التقليدية التي كانت معتمدة قبله، ونقصد بذلك الوزن والقافية.

ولا تقتصر الشعرية عنده، كما أسلفنا، على النظم فقط، بل تتجاوزه إلى الأشكال الأدبية النثرية، حيث أورد أنه "ما من الأقاويل القياسية مبنياً على تخييل وموجودة في المحاكاة فهو يعد قولاً شعرياً"3، وبالتالي، سيصبح التخييل من المفاهيم المركزية التي تحدد شعرية القرطاجني، بل ومعيار شعرية النص الأدبي بصفة عامة.

لقد كان للقرطاجني فضل السبق في توظيف الشعرية بمعناها المتداول حالياً، إنها شعرية تؤسس لمبادئ بعض الشعريات الحديثة، حيث تستحضر عناصر التواصل الأدبي من خلال حديثه عن القائل والمقول والمقول له، ويفسر ذلك بأن "الحيلة فيما يرجع إلى القول والمقول فيه، وهي محاكاته وتخييله بما يرجع إليه، أو بما هو مثال لما يرجع إليه هما عمودا هذه الصنعة، ومما يرجع إلى القارئ والمقول له كالأعوان والدعامات لها"4.

إن التخييل بهذا المعنى، ينبني أساساً على مفهوم المحاكاة الذي يرتبط بالمبدع، فضلاً عن آثاره في نفس المتلقي، وهي الآثار التي تتعلق بما يتخيله كـ"أن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المخيل أو معانيه أو أسلوبه أو نظامه، وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها، أو تصور شيء آخر بها انفعالاً من غير روية إلى جهة الانبساط أو الانقباض"5.

وإذا كانت الشعرية كما شرحها حازم القرطاجني في كتابه "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" ترتبط بالتخييل متجاوزاً الشعرية القديمة؛ فإنها تتقاطع مع مجموعة من المفاهيم الأخرى من قبيل النَّظْم، والصِّناعة، والبلاغة القديمة، لتصبح الشعرية تصوراً نظرياً في النقد العربي القديم يستمد أسسه من البلاغة والنحو وعلم الكلام، قبل وجود المفهوم لوجود معناه.

وبالرغم من غياب مفهوم الشعرية في النقد العربي القديم قبل حازم القرطاجني، إلا أنه توجد بعض المصطلحات التي تتأطر ضمن الشعرية القديمة كالنظم ومفهوم الصناعة، وقضية علاقة اللفظ بالمعنى، والتركيب، وغيرهما من القضايا التي بلورت النثر الفني ونظرية عمود الشعر؛ فالصناعة، مثلاً، أشار إليها ابن سلام الجمحي (139-231ه) عندما اعتبر "الشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم، والصناعات منها ما تثقفه إليه، ومنها ما يثقفه اللسان..."6، ثم انتشر استعمال المصطلح مع الجاحظ، وقدامة بن جعفر، والقاضي الجرجاني، وابن خلدون وغيرهم.

بيد أن الشعرية عند القرطاجني هي عنصر أساس في دراسة النثر الفني والشعر معاً، وهي مجموعة من القواعد والنُّظُم والعلوم المرتبطة بالدراسات الإغريقية في هذا المجال، حيث "يمكن إقامة علم الشعر إذن بالجمع بين الأصول العربية واليونانية ومراعاة الإجمالي من القوانين، دون التفصيل في الأحكام، ولكن أهم من ذلك كله عدم التباعد بين الشعر نفسه، وبالتالي الحرص على صياغة القوانين بطريقة غير مفارقة لطبيعة مادة العلم وخصوصياتها، فقوانين الشيء وأصوله، لا بُدّ أن تؤخذ من الشيء نفسه، وإلا كانت مجافية لطبيعته"7.

لقيت الشعرية الإغريقية إقبالاً من لدن النقاد العرب القدماء، وخصوصاً القرطاجني، ولكن لم يكن تابعاً للأدب الإغريقي، بل تأثر به وأقامه كأساس للدراسة والبحث، ومن هنا جاء مفهوم "التخييل"، و"حسن التأليف"، وغيرها من المصطلحات التي تؤسس لشعريته.

ومن بين النقاد العرب القدماء الذين كان لهم الفضل في تأسيس الشعرية العربية القديمة نجد عبد القاهر الجرجاني (1009-1078م)، الذي عُرف في النقد العربي القديم بنظرية النظم، حيث بسط فيها معايير الصياغة الشعرية، وأبرز مميزات الخطاب ومكوناته، ويفسر المقصود بالنظم في قوله: "وأما نظم الكلم فليس الأمر فيه كذلك؛ لأنك تقتفي في نظمها آثار المعاني وترتيبها على حسب ترتب المعاني في النفس، فهو إذن، نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، وليس هو النظم الذي معناه ضم الشيء إلى الشيء كيف جاء واتفق"8.

إنه منظوم يراعي تراتب المعاني في النفس، والعلاقة بينها، بيد أن جدة وأهمية نظرية النظم تكمن في رصد الجرجاني للعلاقة بين النظم والنحو، ويكون مركز الاهتمام على المعنى المتولد عنهما، فليس الوزن أو المضمون ما يكون به شعر خيراً من شعر، بل كلاهما معاً، والمضمون عند الجرجاني عقلي وتخيلي، ويميز بينهما في كون الأول بأنه المعنى الذي "يجري الأدلة والفوائد. ويصفه بأنه (ثابت) و(صريح)، ويحكم عليه بأنه "ليس للشعر في جوهره وذاته نصيب"، ويعلل حكمه هذا بقوله إن الشاعر هنا "يورد معاني معروفة"، وبأنه "يتصرف في الأصول كالأعيان الجامدة، لا تزيد ولا تفيد، كالحسناء العقيم، والشجرة الجميلة لا ثمار لها (...) ويحدد المعنى التخيلي بأنه "الذي لا يمكن أن يقال إنه صدق، وأن ما أثبته ثابت وما نفاه نفي"9.

وهذا يعني أن الشعرية العربية القديمة، ورغم ارتباطها بالجانب الشكلي من الشعر، إلا أنها أولت المضمون أهمية كبيرة في التمييز بين الشعر وغير الشعر، حتى إن حازم القرطاجني يقدم شعرية الجرجاني بقوله: "اعلم أنك إذا رجعت إلى نفسك علمت علماً لا يعترضه الشك أن لا نظم في الكلم ولا ترتيب حتى يعلق بعضها ببعض ويبنى بعضها على بعض، وتجعل هذه بسبب تلك"10.

كما تتحدد الشعرية عند الجرجاني في كتبه التي تعنى بالبلاغة، وخاصة كتابه "دلائل الإعجاز"، وذلك في حديثه عن البلاغة والفصاحة، واللذين يشكلان جزءاً مهماً من شعريته، فالفصاحة عنده "أن يؤتى المعنى من الجهة التي هي أصحُّ لتأديته، ويُختار له اللفظ الذي هو أخص به، وأكشف عنه، وأتم له، وأحرى بأن يُكسِبه نبلاً ويُظهِر فيه مزية"11، وتكتسب اللفظة عند الجرجاني فصاحتها "باعتبار مكانها من النظم وحسن ملاءمة معناها لمعاني جاراتها وفضل مؤانستها لأخواتها"12، وبهذا المعنى، لا توجد لفظة شعرية وأخرى غير شعرية؛ وإنما تصبح اللفظة شعرية حسب مكانها من النظم "ومما يشهد لذلك أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثم تراها بعينها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر"13.

لقد قامت المدرسة النقدية العربية القديمة ببناء التصور العام لما يمكن أن يطلق عليه بالشعرية العربية القديمة، وهي تصورات نظرية ونقدية تصبو لخلق معيار عام من أجل قياس جودة الشعر ورداءته، من خلال اللفظ أحياناً، والمعنى والتركيب أحياناً أخرى.

وتلخيصاً لشعرية الجرجاني، الذي أكد على التحام الشكل والمضمون، باعتبارهما كلاً منسجماً بقوله: "إن سبيلَ الكلام هو سبيل التصوير والصياغة، وإن سبيلَ المعنى الذي يعبَّر عنه هو سبيلُ الشيء الذي يقع التصوير والصوغ فيه – كالفضة والذهب يصاغ منهما خاتم أو سوار. فكما أنه محال، إذا أردت النظر في صوغ الخاتم وفي جودة العمل ورداءته، أن تنظر إلى الفضة الحاملة لتلك الصورة أو الذهب الذي وقع عليه العمل وتلك الصنعة، كذلك محال، إذا أردت أن تعرف مكان الفضل والمزية في الكلام، أن تنظر في مجرَّد معناه"14.

والكلام باعتباره وسيلة للصياغة والتصوير، يقسمه الجرجاني إلى ضربين "ضرب تصل منه إلى الغرض بدلالة لفظه وحدّه، وضرب آخر لا تصل منه إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده، ولكنه يحيلك إلى دلالة ثانية تصل بها إلى الغرض؛ ومدار هذا الأمر على الكناية والاستعارة والتمثيل"15.

لقد كانت الشعرية عند الجرجاني، تستمد أصولها من البلاغة، لذلك كان من مؤسسي الشعرية العربية القديمة، التي ترتكز بشكل كبير على تطور الدرس البلاغي، ويمكن أن ننعت شعريته بشعرية النظم.

أما أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي (ت: 1030م) فقد أسهب في حديثه عن الشعرية العربية القديمة، بل استطاع أن يحدد معالمها الكبرى فيما يتعلق بالشعر من خلال الشعراء الذين "يحاولون شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة كثرت سوائر الأمثال وشوارد الأبيات، والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما للقافية حتى لا منافرة بينهما"16.

إنها خصائص شعرية تمكن من التمييز بين الجيد والرديء من الشعر، وترسم، في الوقت نفسه، معالم الشعرية العربية القديمة عند المرزوقي، وتلخيصاً لما جاء به، حدد سبعة أبواب هي عمود الشعر، أو ما يكون به الشعر شعراً، ولكل باب منها معيار. وهذه المعايير هي17:
1. معيار المعنى: أن يعرض على العقل الصحيح والفهم الثقاب، فإن انعطف عليه جنبتا القبول والاصطفاء مستأنساً بقرائنه، خرج وافياً وإلا انتقص بمقدار شوبته ووحشته.

2. معيار اللفظ: عيار اللفظ الطبع والرواية والاستعمال، فما سلم مما يهجنه عند العرض عليها فهو المختار المستقيم، وهذا في مفرداته وجمله مراعى؛ لأن اللفظة تستكره بانفرادها، فإذا ضامها ما لا يوافقها عادت الجملة هجيناً.

3. الإصابة في الوصف: وعيار الإصابة في الوصف الذكاء وحسن التمييز فما وجداه صادقاً في العلوق، ممازجاً في اللصوق يتعسر الخروح عنه والتبرر منه...

4. عيار المقاربة في التشبيه: وعيار المقاربة في التشبيه الفطنة، وحسن التقدير فأصدقه ما لا ينتقص عند العكس، وأحسنه ما أوقع بين شيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما ليبين وجه التشبيه بلا كلفة.

5. عيار التحام أجزاء النظم: وعيار التحام أجزاء النظم والتئامه على تخير من لذيذ الوزن، والطبع واللسان. فما لم يتعثر الطبع بأبيه وعقوده، ولم يتحبس اللسان في فصوله ووصوله، بل استمر فيه واستهلاله بلا ملال ولا كلال، فذلك يوشك أن تكون القصيدة منه كالبيت، والبيت كالكلمة تشابهاً لأجزائه وتقارناً.

6. الاستعارة: وعيار الاستعارة الذهن والفطنة. وملاك الأمر تقريب التشبيه في الأصل حتى يتناسب المشبه والمشبه به، يكتفى منه بالاسم المستعار؛ لأنه المنقول كما كان له في الوضع إلى المستعار له.

7. مشاكلة اللفظ للمعنى: وعيار مشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائها للقافية طول الدربة، ودوام الدراسة، فإذا حكما بحسن التباس بعضهما ببعض لا جفاء في خلالها ولا نبو فيه ولا قصور، وكان اللفظ مقسوماً على رتب المعاني، قد جعل الأخص للأخص والأخس للأخس، فهو البريء من العيب.

ومن خلال هذه المعايير المتعلقة بعمود الشعر، نستطيع أن نرصد خصائص شعرية الشعر عند المرزوقي، فهناك ما يعود إلى اللفظ، ومنها ما يرتبط بالأسلوب والخيال، وهناك ما يرتبط بالمعنى، أما اللفظ عنده فمتعلق بالشرف، والرفعة، والصحة والصواب. بينما يتطلب الأسلوب المتانة، والانسجام، والألفاظ المتميزة، والقافية المواتية للمعنى. وأما الخيال فيطلب منه قرب التشبيه، ومناسبة المستعار منه للمستعار له18.

ويقصد بالألفاظ المتميزة بأنها يجب أن يتوفر فيها شرطان أساسيان، وهما الجزالة والاستقامة.

وهكذا حدد المرزوقي العناصر والمعايير المميزة للشعرية العربية القديمة، واعتبر كل من حاد عنها مخلاً بقوانين الشعر العربي؛ لأن "هذه الخصال هي عمود الشعر عند العرب، فمن لزمها بحقها، وبنى شعره عليها فهو عندهم المفلق المعظم والمحسن المقدَّم، ومن لم يجمعها كلَّها فبقدر سُهمته منها يكون نصيبه من التقدم والإحسان، وهذا إجماعٌ مأخوذ به، ومتَّبع نهجه حتى الآن"19.

وقد اعتمد المرزوقي في بناء تصوره النقدي حول عمود الشعر على آراء كل من الآمدي والجرجاني، إلا أنه تميز عنهما وأرسى أسس عمود الشعر، فالآمدي اعتمد في تحديد عناصر العمود الشعري على الشعر القديم، آخذًا بالبحتري أنموذجًا له، فأقصى معاصريه ممن حاولوا التجديد.

وهذا يدل على أن الشعرية العربية القديمة ارتبطت بالسيرورة التاريخية، وبالتراكم المعرفي لمفاهيمها، فتطورت من ناقد لآخر، فها هو أبو علي الحسن بن رشيق المعروف بالقيرواني (999-1063م) ينتصر للفظ والمعنى، حيث اعتبر "اللفظ جسماً، وروحه المعنى، وارتباطه به كارتباط الروح بالجسم، يضعف بضعفه، ويقوى بقوته، فإذا أسلم المعنى واختل بعض اللفظ كان نقصاً للشعر وهجنة عليه، كما يعرض لبعض الأجسام من الفرج، والشلل، والعور، وما أشبه ذلك، من غير أن تذهب الروح، وكذلك إن ضعف المعنى واختل بعضه كان للفظ من ذلك أوفر حظ كالذى يعرض للأجسام من المرض يمرض الأرواح، فإن اختل المعنى كله وفسد، بقي اللفظ مواناً لا فائدة فيه، وإن كان حسن الطلاوة في السمع، كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيء في رأي العين، إلا أنه لا ينتفع به، ولا يفيد فائدة، وكذلك إذا اختل اللفظ جملة وتلاشى لم يصح له معنى؛ لأنا لا نجد روحاً في غير جسم البتة"20، لقد أسهم ابن رشيق في التأسيس للشعرية العربية، أيضاً، من خلال كتابه "العمدة في صناعة الشعر ونقده" مركزاً على علاقة اللفظ بالمعنى، والخصائص المميزة له، والتي تمكننا من التمييز بين الجيد والرديء من الشعر كما في الشاهد أعلاه.

ويتبين أن الشعرية العربية القديمة ركزت على اللفظ والمعنى، وإن حاول بعض النقاد القدماء الانتصار لأحدهما، لكنهما يرسمان معاً معالم هذه الشعرية في جل الدراسات النقدية القديمة، علاوة على الإيقاع، الذي يعد بدوره جزءاً مهماً في تحديدها، وإظهار خصائصها العروضية والفنية، وتنقسم الشعرية العربية إلى قسمين في كتابات النقاد القدماء، الأول يتعلق بالتنظير كما نجد عند المرزوقي، والتطبيق كما هو الشأن بالنسبة للجاحظ (775-868م)، خصوصاً في كتابه "البيان والتبين"، بالإضافة إلى أنها كانت تراعي العوامل السوسيوثقافية والسوسيوسياسية، فقد نهلت من محيطها لتؤسس مبادئها الجمالية، رغم ارتباطها بالشعر دون سائر الفنون الأخرى.

ويمكننا أن نحصر عناصر الشعرية عند نقاد العرب القدماء عموماً في:
•  شعرية ترتبط بالتقعيد لعمود الشعر (الوزن، القافية...).
•  شعرية قائمة على جزالة اللفظ.
•  شعرية قائمة على شرف المعنى وصحته.
•  شعرية ترتبط بالتحام اللفظ والمعنى.
•  شعرية قائمة على توظيف اللغة الشعرية (الاستعارة، التشبيه، الكناية...).
•  شعرية التخييل.

 

الهوامش: 1. حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تقديم وتحقيق محمد الحبيب بن خوجة، دار العودة بيروت، ط 3، 1986، ص: 69. ┊ 2. نفسه، ص: 28. ┊ 3. حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، م س، ص: 71. ┊ 4. نفسه، ص: 346. ┊5. نفسه، ص: 89. ┊6. ابن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء، تحقيق محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، دط، دت، ص: 7. ┊ 7. حسن ناظم، مفاهيم الشعرية، م س، ص: 32. ┊8. عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تعليق محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 1، 1984، ص: 49. ┊ 9. حسن ناظم، مفاهيم الشعرية، ص: 28.┊ 10. حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، م س، ص: 119.┊ 11. عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي أبو بكر، دلائل الإعجاز، تحقيق محمود محمد شاكر أبو فهر، مكتبة الخانجي - مطبعة المدني، دت، د ط، ص: 35. ┊ 12. نفسه، ص: 36. ┊ 13. نفسه، ص: 38. ┊ 14. عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني النحوي أبو بكر، دلائل الإعجاز، م س، ص: 197. ┊ 15. نفسه، ص: 202. ┊ 16. محمد الطاهر بن عاشور، شرح المقدمة الأدبية لشرح الإمام المرزوقي على ديوان الحماسة لأبي تمام، الدار العربية للكتاب، ليبيا تونس، دط، دت، ص: 56. ┊ 17. نفسه، ص ص: 95-101. ┊ 18. انظر: محمد البرازي، في النقد العربي القديم، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1987م، ص: 267. ┊ 19. طه أبو كريشة، النقد العربي التطبيقي بين القديم والحديث، مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1997م، ص: 11. ┊ 20. أبو علي الحسن ابن رشيق القيروانى، العمدة فى صناعة الشعر ونقده، بتصرف، الطبعة الأولى، مطبعة السعادة، مصر، 1907م، ص: 80.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها