أسهمت في خلق عالم أفضل عَبْر تصاميمها الرَّاقية للأبنية

"زها حديد".. المعماريَّة العربيَّة الأكثر شهرة حول العالم

وفيق صفوت مختار


مهندسةٌ معماريَّةٌ عراقيَّةٌ، لها شهرة واسعة في الأوساط المعماريَّة حول العالم، نفذت حوالي (950) مشروعًا في (44) دولة. وقد تميَّزت أعمالها باتجاه معماري واضح في جميع أعمالها وهو الاتجاه المعروف باسم: «التفكيكيَّة» Deconstruction.

 

وُلدت «زها مُحمَّد حسين حديد اللهيبي»، المشهورة باسم: «زها حديد» في 31 أكتوبر عام 1950م بمدينة «بغداد»، العاصمة العراقيَّة. كانت والدتها ربَّة بيت تُدْعى «وجيهة الصَّابُونجي»، تُحبّ الرَّسم وتُمارسُه بشكلٍ جيدٍ، وهي مَنْ علَّمتها الرَّسم، بينما كان والدُها يعمل رئيسًا لشركةٍ صناعيَّةٍ والوزير الأسبق للماليَّة العراقيَّة، خلال الفترة من عام 1958م وحتَّى عام 1963م.

وفي سنِّ السَّادسة من عُمْرها، اصطحبها والداها إلى معرضٍ خاصٍّ بـالمعماري الأمريكي الشَّهير «فرانك لُويد رايت» 1959-1867)م) في دار الأوبرا بالعاصمة «بغداد»، ووقتُها انبهرت كثيرًا بما رأته من تصميماتٍ معماريَّةٍ. وفي سنِّ الحادية عشر، حدَّدت «زها حديد» اهتماماتها لتُصبح معماريَّة، فقامت بتصميم ديكُور غُرفتها، وكانت تُراقب التَّصميمات المعماريَّة للمباني عن كثبٍ.

كما بدأ اهتمامها أيضًا بالهندسة المعماريَّة عندما ذهبت مع أُسرتها في رحلةٍ لزيارة الآثار السُّومريَّة في جنوب «العراق»، والتي تُعتبر أقدم حضارة عرفتها البشريَّة. تقول «زها حديد»: «اصطحبنا أبي لزيارة المُدُن السُّومريَّة، وقد ذهبنا بالقارب وبعدها استكملنا بقاربٍ أصغر مصنُوع من حِزَم القصب. ظلّ جمال المناظر الطَّبيعيَّة هُناك، من رمال، وماء، وطيور، ومبانٍ، وأناس، عالقًا في ذاكرتي مُنذ تلك اللَّحظة. أنا أُحاول اكتشاف أو اختراع طراز معماري وأشكال من التَّخطيط العُمراني يكُون لها التَّأثير نفسه، لكن بصورةٍ أكثر عصريَّة».

تعلَّمت الرِّياضيَّات في «الجامعة الأمريكيَّة» بـــــ«بيروت»، ثُمَّ درست العمارة في «مدرسة الجمعيَّة المعماريَّة للهندسة» بمدينة «لندن»، في الفترة من عام 1972م وحتَّى عام 1977م، حيث منحت شهادة الدِّبْلُوم.

في مسيرتها المهنيَّة والإبداعيَّة تميَّزت «زها حديد» بنشاطٍ أكاديميٍّ واضح مُنذ بداية حياتها العمليَّة، فقد بدأت نشاطها المعماري في مكتب «ريم كُولهاس»، و«إليا زنجليس» أصحاب مكتب خاص للتَّصميمات المعماريَّة، ثُمَّ أنشأت مكتبها الخاص في «لندن» عام 1979م، ليبدأ صيتها بالانتشار حول العالم بمشروعاتٍ خرجت عن المألُوف.

وقد أقامت العديد من المعارض الدّوليَّة لأعمالها الفنِّيَّة تشمل التَّصاميم المعماريَّة والرُّسُومات واللَّوحات الفنِّيَّة. وقد بدأتها بمعرضٍ كبير في «متحف سُولُومُون غاغينهايم»، وهو متحف معروف يقع على الجانب الشَّرقي من «مانهاتن» في مدينة «نيُويُورك» عام 1978م. كما أقامت مجمُوعة من المعارض الأخرى الكبيرة في «الجمعيَّة المعماريَّة» بـــــــ«لندن» عام 1983م، ومعرض بصالة GA Gallery بـــــ «طُوكيُو» عام1985م، و«متحف الفنّ الحديث» في «نيويورك» عام 1988م، وقسم الدِّراسات العُليا للتَّصميم في «جامعة هارفارد» عام1994م.

وفي عام 1994م، عيَّنَت بدرجة أُستاذ في كُلٍّ من: «مدرسة التَّصميم» التَّابعة لـــــ «جامعة هارفارد»، وكُلِّيَّة الهندسة في «جامعة إلينوي» في «شيكاغُو»، و«جامعة كُولُومبيا»، و«جامعة الفُنُون التَّطبيقيَّة» في «فيينا». كما شَغَلَت مَنْصِب أُستاذ زائر في «جامعة ييل». وقامت بإلقاء سلسلة من المُحاضرات في أماكن كثيرةٍ من العالم، وكانت عضواً شرفياً في «الأكاديميَّة الأمريكيَّة للفُنُون والآداب»، و«الجمعيَّة الأمريكيَّة للمعماريِّين».

أمَّا عن تكنيك «زها حديد» المعماري فيُمكننا القول إنَّها تأثَّرت تأثُّرًا كبيرًا بأعمال المعماري البرازيلي «أُوسكار نيماير» (1907- 2012م)، وخاصَّة إحساسه بالمساحة، فضلًا عن موهبته الفذَّة. حيث إنَّ أعماله كانت قد ألهمتها وشجَّعتها على إبداع أسلوبها الخاصّ، مُقْتَدية ببحثه على الانسيابيَّة في كُلِّ الأشكال.

وقد تميَّزت أعمالها باتِّجاه معماري واضح، وهو الاتِّجاه المعرُوف باسم: «التَّفكيكيَّة»، أو«التَّهديميَّة»، وهو اتِّجاه ينطوي على تعقيدٍ عالٍ وهندسةٍ غير مُنتظمةٍ، وقد ظهر هذا الاتِّجاه في عام 1971م من القرن المُنصرم، ويُعدّ من أهم الحركات المعماريَّة التي ظهرت في القرن العشرين. ويدعو هذا الاتجاه بصفةٍ عامَّةٍ إلى هدم كُلِّ أُسُس الهندسة الإقليديسيَّة، المنسوبة إلى «إقليدس» (300 ق.م –265 ق. م) عَالِم الرِّياضيَّات اليُوناني، والذي كان يُلقَّب بـــــ «أبي الهندسة»، من خلال تفكيك المُنشآت إلى أجزاءٍ. ورغم الاختلاف والتَّناقض القائم بين رُوَّاد هذا الاتِّجاه، إلَّا أنَّهم يتَّفقُون في أمرٍ جوهريٍّ وهُو الاختلاف عن كُلّ ما هُو مألوف وتقليدي.

كما أنَّها كانت تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمَّل درجات كبيرة من أحمال الشَّدِّ والضَّغط، ممَّا مكَّنها من تنفيذ تشكيلات حُرَّة وجريئة. وأيضًا تميَّزت بأعمالها المعماريَّة ذات الكمُّونيَّة في الطاقة، إضافة إلى عراقة أعمالها وأصالتها، حيث الدِّيناميكيَّة العالية.

لقد لعبت «زها حديد» دورًا فاعلًا في تغيير مفهُوم العمارة في العالم. وأسهمت في خلق عالم أفضل عَبْر تصاميمها الرَّاقية للأبنية، وقد عُدَّت تصاميمُها فريدة من نوعها، وكأنَّها تنتمي إلى عالمِ الخيال في كوكب آخر. وكانت ترى أنَّ تصاميمها تتفاعل مع المدينة وتمنح النَّاس مكانًا يتواصلُون فيه، حيث قالت: «إنَّ المُتابعين لأعمالي يعرفُون أنَّ خلق أماكن عامَّة يمكن للنَّاس استعمالها بحُرِّيَّةٍ، كما تسمح للمدينة بأنْ تنساب بطريقةٍ سلسةٍ وسهلةٍ».

وما ميَّز هذه التَّصاميم أنَّها اتَّخذت اتجاهًا معماريَّا واضحًا يتكئ على خلفيَّةٍ فنِّيَّةٍ وفلسفيَّةٍ، لذلك فكانت تَجْنَح لما هُو تخييلي وتجريدي، ولهذا فإنَّ أعمال «زها حديد» تقع ضمن الاتجاه البنائي الحديث، وقد ارتبط هذا الاتجاه أيضًا بأعمال «ريم كُولهاس» (معماري هُولندي وُلد في عام 1944م). حيث كانت رُؤيُتُهم تتلَّخص في أنَّها تقُوم على دعاماتٍ عجيبةٍ ومائلةٍ وتتمَّتع بالانسيابيَّة والتَّفكيك في تحدِّي الجاذبيَّة الأرضيَّة من خلال الإصرار على الأسقف والكمرات الطَّائرة، مع التَّأكيد على ديناميكيَّة التَّشكيل.

هذا، وقد قال أحد النُّقَّاد عنها، وعن تجربتها المعمارية الفريدة: «جميع تصميماتها في حركةٍ سائبةٍ لا تُحدِّدُها خُطُوط عمُوديَّة أو أُفُقيَّة، إنَّها ليست عمارة المرأة؛ فهي فنَّانةٌ مُرْهَفَةٌ، تُقدُّم ما تشعُر به من تأثير التَّطوُّر التِّقني والفنِّيّ في جميع اتِّجاهاته في عالمٍ أصبح قرية صغيرة». وقال النَّاقد المعماري «أندرياس روبي» عن إبداعاتها وتصاميمها: «إنَّ مشاريع زها حديد تُشبه سُفُن الفضاء، التي تسبح دون تأثير الجاذبيَّة في فضاءٍ مُترامي الأطراف، لا فيها جُزء عالٍ ولا منخفض، ولا وجه ولا ظهر، فهي مبان تظهر وكأنَّها في حركةٍ انسيابيَّةٍ في الفضاء المُحيط ومن مرحلة الفكرة الأوليَّة لمشاريع زها إلى مرحلة التَّنفيذ؛ تقترب سفينة الفضاء إلى سطح الأرض، وفي استقرارها تُعتبر أكبر عمليَّة مُناورة في مجال العمارة». كما وصفها شريكُها وزميلُها «باتريك شُوماخر»‏ المهندس المعماري الألماني (وُلد في 30 أغسطس 1961م)، بأنَّها كانت: «صرخةٌ فيما قدَّمته، منذ عقدين من الزَّمن، من أعمالٍ في مجالي الرَّسم والعمارة».

وقد نفذت «زها حديد» نحو (950) مشروعًا في (44) دولة، سنحاول إلقاء الضوء على بعضها:

منصة التَّزحلق في «إنسبروك» (1999- 2002م):

في ديسمبر عام1999م، فازت «زها حديد» بالمُسابقة العالميَّة لمنصَّة التَّزحْلُق الجديدة في جبل «بيرغيزل» في «إنسبرُوك» Innsbruck المدينة النِّمساويَّة.. ويُعدّ هذا المشرُوع علامة مميَّزة في المدينة وأحد أهمّ المعالم السِّياحيَّة المُهمَّة بها. وهو جُزء من مشرُوع تجديد حلبة الأولمُبيَّاد، التي لم تعد تتوافق مع المقاييس الدوليَّة. ويحتوي المبنى خليطًا من التَّجهيزات الرِّياضيَّة العالميَّة ومقهى ومطعم وشُرفة للرُّؤية. وتتَّحد هذه العناصر المختلفة في تكوين واحد جديد، يتمتَّع بانسيابيَّةٍ عاليةٍ ويتناغم مع طبقات الأرض التي شُيدت عليها.

مركز فاينُو للعُلُوم ( 2000- 2005م):

مركز فاينُو للعُلُوم Phaeno Science Center هُو أحد أعمال المعماريَّة «زها حديد»، ويقع في «فُولفسبُورغ»  Wolfsburg بــــــ «ألمانيا». ويتَّصف مبناه بذلك التَّصميم الفريد والحديث من نوعه، ويبدو كشيءٍ غامضٍ يدفع للفُضُول والاكتشاف؛ فهو مشرُوع جمع بين الكلاسيكي والتَّعقيد الهندسي، وفي الوقت ذاته التَّصميم الجريء واعتماد المواد الأصليَّة، حيث تمَّ رفع المبنى برُمَّته على أعمدةٍ، ممَّا جعله يسمح للمُرُور العامّ من تحته.

ويُشبه مركز العُلُوم من الخارج وكأنَّه منطقة جليد عائم، أو سفينة فضاء قد هبطت على الأرض بشكلٍ مُثلَّثي ذُو فراغاتٍ مُلتويةٍ ومُتَّسعةٍ من أسفل المبنى، مُؤدِّية إلى تشابكٍ أنيقٍ وجذَّابٍ مع الفراغات الخارجيَّة، بشكلٍ أجبر جميع القادمين إلى «فُولفسبُورغ» على المُرُور من خلال المبنى. وهو يُعرِّف الزُّوَّار على التَّطوُّرات العلميَّة الحديثة.

يرتكز المبنى على دعائم أسمنتيَّةٍ مخرُوطيَّةٍ وسميكةٍ، كأنَّما هُو كاتدرائيَّة من الزَّوايا الحادَّة المُتداخلة مع المُنحنيات المُحدَّبة والأسطح المُتكسِّرة والنُّتُوءات الجريئة، فيبدُو البناء بطوله البالغ 154 مترًا كأنَّه مُعلّق في الهواء. ويشغل المبنى موقعه مُثلَّث الشكل بدون أي تحريف. وتمُرّ طُرُق المرور التي تؤدِّي إلى «فُولفسبُورغ»، وكذلك قناة الميتلاند من خلال المبنى، حيث تتشابك الفراغات الدَّاخليَّة والخارجيَّة.

دار الأوبرا في «غوانزو» (2003-2010م):

دار أُوبرا «غُوانزُو» بمقاطعة «كُونغدنغ» هي دار للأوبرا الصينيَّة وأكبر مركز عُروض فنِّيَّة في جنوب الصِّين، تمَّ افتتاحها عام 2010م، لتُصبح أكبر دار أُوبرا في جنُوب الصِّين. يمتدّ المشروع على مساحة (70) ألف متر مُربع في قلب مدينة «غُوانزُو». وقد بلغت الكُلْفة الإجماليَّة للمشروع (1,38) مليار يُوان، أي ما يُقارب (200) مليُون دولار أمريكي.

تقع دار الأُوبرا بالقُرب من نهر «بيرل»، لذا استوحت «زها حديد» الشَّكل المُدهش للأُوبرا من أشكال الحصى التي تقع على ضفاف النَّهر، واستوحت انسيابيَّة تصميمه الخارجي من تأثير الرِّياح والمياه على الصُّخُور لتبدُو وكأنَّها نحتت المبنى. وبقدر غرابة المبنى من الخارج بقدر جماله الاستثنائي من الدَّاخل؛ حيث أرادت «زها حديد» من خلال تلك الانسيابيَّة الفائقة تمثيل آثار نحت النَّهر في الوُديان، تتَّسع القاعة الرَّئيسة في الدَّار لــــــ (1800) شخص، وتضُمّ بجانبها قاعة أصغر مُتعدِّدة الوظائف تتَّسع لــــــ (400) مقعد لحُضُور عُرُوض الأُوبرا والمسرحيات. ويعتمد التَّصْميم الدَّاخلي على الإضاءة الطَّبيعيَّة التي تدخل من نوافذ مُثلَّثة مُوزَّعة ببراعةٍ لأكبر استفادةٍ من الإضاءة الطَّبيعيَّة.

مركز حيدر علييف في «باكُو» (2006- 2013م):

هو أحد المراكز الثَّقافية المشهُورة عالميًّا، ويقع في «باكُو» عاصمة «أذربيجان». وقد عمل المركز على تغيير أنماط ومفاهيم التَّصاميم العُمرانيَّة في «أذربيجان»، فقد أبرزت «زها حديد» عَبْر تصميمها انحناءات شبيهة إلى حدٍّ ما بأمواج البحر العالية، والتي تأتي بشكلٍ مُتتال لتُعطي انسيابيَّة مُذهلة ابتداءً من السَّاحة خارج البناء، وانتهاء بسقف البناء الذي يلتقي مع أرضه في نقطةٍ مُحدَّدةٍ؛ فهو لا يحتوي على أبوابٍ أو أسوارٍ، بل هُو مُجرَّد امتدادٍ للبيئة من حوله، بوصفه كومة رمل على الشَّاطئ تجرفُها الأمواج بكُلِّ انسيابيَّةٍ. ويُعطي صورة حضاريَّة للدَّولة خاصَّة أنَّه يحمل اسم رئيس «أذربيجان» السَّابق «حيدر علييف» (2003-1923م).
 تبلغ المساحة الكُلِّيَّة للمركز حوالي (100) ألف متر مُربَّع، ويحوي على موقفٍ ضخمٍ للسَّيِّارات مُكوَّنٍ من أربعة طوابق، بالإضافة إلى إشرافه على مناطق طبيعيَّةٍ مُميَّزةٍ، يسندل على أحد جُدرانه الخارجيَّة شلَّال اصطناعي ليُعطي نوعًا من السَّكينة للزَّائرين. ويُوجد بداخله مجمُوعة من المسابح ومركز للمُؤتمرات ومكتبة كبيرة، حيث تتداخل جميعها ضمن فضاء داخلي مفتُوح النطاق ولا يعترض طريقها شيء.
 

جسر الشَّيْخ زايد (2007 - 2010م):

في عام 1967م، تمَّ بناء جسر من الحديد لربط مدينة «أبُوظبي»، المُقامة على جزيرةٍ، باليابسة؛ وفي السبعينيَّات من القرن المنصرم تمَّ بناء الجسر الثَّاني لربط الجُزء الجنُوبي من الجزيرة. ويرجع بناء كُلٍّ من الجسرين إلى اعتماد مجتمع «الإمارات»، بشكلٍ كبيرٍ، على استخدام السَّيِّارة، والذي يتطلَّب بدوره طريقًا جديدًا حول شاطئ الخليج الجنُوبي لربط «الإمارات» بعضها ببعض. وفي عام 1997م، فازت «زها حديد» في مسابقة تصميم لجسر الشَّيْخ زايد، وهُو جسرٌ قوسيٌ. وسُمِّي نسبة إلى مؤسِّس البلاد الشَّيْخ «زايد بن سُلطان آل نهيان» (1918- 2004م).

وتبدُو الفكرة التَّصميميَّة للجسر في تجميع مجمُوعة من جدائل الإنشاء في شاطئ واحد، وهي ترتفع وتندفع فوق القناة. والجسر عبارة عن منحنى يُشبه شكل الموجة. ويرتفع العقد الأساس للجسر حوالي (60) مترًا فوق مستوى الماء ويصل إلى (20) مترًا في النهاية، ويبلغ طوله (842) مترًا.

المبنى العائم بـ«دبي» (2016-2013م):

يُعدّ البُرج العائم في «دُبي» أيقُونة معماريَّة مُميَّزة في الشَّرق الأوسط والعالم. تمَّ تصميمُه من قِبَل «زها حديد» على أحدث الطُّرُز العالميَّة. يتكوَّن هذا البُرج من مُكعَّبٍ به فراغ كبير في الوسط، وهُو مُقسَّم إلى هيكلين مُرتبطين، بارتفاع (21) طابقًا، بقاعدةٍ مخفيَّةٍ تجعلُه يبدو وكأنَّه يطفو فوق سطح الأرض. يبدُو ليلًا بشكلٍ مُختلفٍ عن نهاره، حيث يبدُو في النَّهار على شكل مُكعَّب كامل لامع بانعكاس أشعَّة الشَّمس عليه، ويبدُو في اللَّيل به أضواء تملأ الفراغات، حيث تمتصّ واجهتها الزُّجاجيَّة الضَّوء وتتألَّق بإضاءةٍ اصطناعيَّةٍ رائعةٍ.
يحتوي هذا البُرج أيضًا على مشاريع أُخرى داخله كبعض الفنادق المعدة كذلك على الطِّراز الحديث، إضافة إلى مجموعة مطاعم عالميَّة إلى جانب العلامات التِّجاريَّة الشَّهيرة على مساحة (250) ألف قدم مربع.
 

وقد نالت «زها حديد» العديد من الجوائز الرَّفيعة، والميداليات والألقاب الشَّرفيَّة، في فُنُون العمارة، والتي نذكر منها: فوزُها بجائزة بريتزكر في الهندسة المعماريَّة في عام 2004م، حيث تعادل في قيمتها جائزة نُوبل، وتبلُغ قيمتُها المادِّيَّة مائة ألف دولار مقرُونة بميداليةٍ برونزيَّةٍ. وهي أصغر مَنْ فاز بها سنًّا حينها، حيث أشادت لجنة التَّحكيم بالمنُجزات العُمرانيَّة التي حقَّقتها «زها حديد» ووصفتها بأنَّها: «إسهاماتٌ مُهمَّةٌ وباقيةٌ للبشريَّة».

وفي عام 2007م منحت جائزة تُوماس جيفرسون للهندسة المعماريَّة، تقديرًا لمساهمتها الجِدَّيَّة والمُتفرِّدة في الهندسة المعماريَّة، وهي جائزةٌ تمنح للمعماريين مُنذ عام 1966م بشكلٍ سنوي. وفي عام 2010م اختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم، حسب تصنيف مجلة «التَّايمز». أمَّا في عام 2016م فقد فازت بجائزة ريبا أو الميدالية الذَّهبيَّة الملكيَّة للهندسة المعماريَّة RIBA Royal Gold Medal، وهي تمنح سنويًّا من قِبَل المعهد الملكي للمُهندسين المعماريِّين البريطانيِّين نيابةً عن ملكة بريطانيا، في الاعتراف للفرد أو المجموعة بالمُساهمة الكبيرة في مجال الهندسة المعماريَّة العالميَّة.

تُوُفِّيت المعماريَّة الكبيرة «زها حديد» في 31 مارس عام 2016م عن عُمْر ناهز (65) عامًا، إثر إصابتها بأزمةٍ قلبيَّةٍ في إحدى مُستشفيات «ميامي» بالولايات المُتَّحدة الأمريكيَّة، كما أعلن مكتبُها في «لندن»، حيث قال: «بحزنٍ كبيرٍ تُؤكِّد شركة زها حديد للهندسة المعماريَّة أنَّ زها تُوُفِّيت بشكلٍ مفاجئٍ في ميامي هذا الصَّباح، وكانت تُعاني من التهابٍ رئويٍّ أُصيبت به مطلع الأُسبُوع وتعرَّضت لأزمةٍ قلبيَّةٍ أثناء علاجها في المُستشفى».

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها