منذ فجر البشرية عبّر الإنسان عن أفكاره في صور على جدران الكهوف والمعابد، ولقد شكلت الحضارات القديمة للبشرية حلقة من حلقات المعرفة والتقدم، وكانت الصورة أي الرسم والنحت، الغائر منه، والبارز، والمنظور المعماري مثل المعابد في الحضارات القديمة في مصر وبلاد الرافدين. ومع ظهور المسيحية في أوروبا، لم يجد رجال الدين غير الصورة المرسومة على جدران الكنائس وحوائطها وسقوفها، والذين أمروا برسمها لتشرح للجماهير أهمية هذا الدين الجديد وحكاياته وقصصه، حيث أباحت الديانة المسيحية الرسم في الكنائس لهذا الغرض، وإن كانت بعض الكنائس مثل الكنيسة الإنجيلية تحرم التصوير، كما لا يوجد في الديانة اليهودية تاريخ ما للصورة.
بينما تحولت الصورة في الإسلام إلى عظمة القص، والمعنى المتخيل من قراءة القرآن الكريم، والمعاني الفنية في اللغة العربية وجرس الكلمات، وجمال الخط العربي على جدران المساجد، والحس التصوري للحكي لما يحدث للمشركين الكافرين، أو المؤمنين الصالحين، والأحداث الموصوفة جعلت ثقافة الصورة في الإسلام في عقل وخيال ووجدان المسلم، ومن ثم اهتمت الحضارة الإسلامية بالزخارف النباتية والهندسية وأشكال الحيوان، وكان هذا جمالاً منفرداً في رسم الصورة بالحروف العربية واستغلالها لمنمنمات القرآن الكريم، وبقيت الصورة في المجتمع العربي متوارية إلا في المنظورات والمدلول الشعبي، مثل الرسم على جدران البيوت عند عودة الحجاج، وصورة الكعبة المشرفة أو الصور الفولكلورية للبطولات الشعبية لأبي زيد الهلالي أو عنترة. ومع عصر النهضة في أوروبا أصبحت الصورة تتداول في لوحات مرسومة للمناظر الطبيعية، وللأساطير والصور الشخصية كزينة تُعلق في البيوت والقصور، وكانت الألوان ببهجتها أو قتامتها، وشكل الضوء الموجود في اللوحة تتطور مع تطور ثقافة البشرية.
ومن ثم يأتي كتاب الفنان سعيد شيمي سحر الألوان من اللوحة إلى الشاشة، وفيه يتناول الفنان سعيد شيمي مجالاً جديداً لم يتناوله أحد من قبل، وهو سحر الألوان التي اختارها المشاهير من الرسامين العالميين، وكيف استفاد من دراسة ألوان هذه اللوحات عدد كبير من فناني التصوير السينمائي في أنحاء العالم، ومدى تأثيرها كذلك على بعض فنانينا الكبار.
فالكتاب يبحث في الجمال وعن الإبداع اللوني للون في الأفلام السينمائية، ويشرح العلاقة المتداخلة بين الألوان في اللوحة التشكيلية، ومدى الاستفادة التي استلهمتها الصورة السينمائية من تاريخ الرسم عبر مراحل تطور الحضارة الإنسانية.
كما يبين ارتباط تطور فن الرسم أي فن الصورة والرؤية بالتقدم العلمي للإنسان حتى وصل إلى اختراع التصوير الفوتغرافي 1839، الذي أحدث نقلة نوعية جديدة تماماً لوعي وتلقي الإنسان، صاحب ذلك تشكيلاً جديداً له الأثر الأكبر في تطور الفن التشكيلي الكلاسيكي. بعد عشرين عاماً أقيم أول معرض للتأثيريين عام 1860، اتخذ أسلوب إعلاء وجدان الفنان والاهتمام أكثر بأحاسيسه الداخلية، وتطويع الألوان لهذه الرؤية بشكل ثوري، وكسر تابو رسم الخط إلى البراح وسيطرة الألوان في اللوحة.
ثقافة الصورة
يتحدث الكاتب عن ثقافة الصورة منذ فجر البشرية، وكيف ساعدت على تكوين الألوان مروراً بالحضارة الفرعونية والديانة المسيحية، وكيف أثرت هذه الحضارات على الاختراعات العلمية سواء في الحياة مثل اختراع جاليليو المنظار الفلكي، أو الفنية منذ بدأت صناعة السينما بفرنسا عام 1895م.
ومع ظهور أول عرض سينمائي، سلكت السينما اتجاهين: الأول سلكه الأخوان أوغست لوميير ولويس لوميير في توثيق الأحداث والمكان والزمان، وهو اتجاه تطور فيما يسمى بالفيلم الوثائقي أو التسجيلي، والاتجاه الثاني ابتدعه الفرنسي جورج ميلييس الممثل المسرحي الذي صور الأفلام السردية الأولى التي تقص الحكايات، وقد استفاد من الخدع المسرحية، وهو ما سمي بالأفلام الروائية.
ويؤكد الكاتب أن السينما فن قائم على التخيل، وعلى بناء الصورة والضوء الذي له مهمتان، أولاهما: أن الضوء هو المسبب الأول لتأثيره على الأملاح الفضية ويحولها إلى ما يطلق علىه هاليدات الفضة، يؤثر الضوء فيها ويقوم بأكسدتها إلى اللون الأسود في الفيلم، ثم بعد ذلك في المعمل يحدث إظهار الكيميائي الفوتغرافي، وهو أساس النظرية الفوتغرافية التي بنيت علىها الصورة الفوتغرافية منذ عام 1893، مع داجير في فرنسا وتالبوت في بريطانيا، فلولا تأثير الضوء فيزيقياً على الفضة ما كان وجد تصوير فوتغرافي أصلاً، وبالتالي السينمائي، أو التصوير الإلكتروني الرقمي، فإن الضوء هو المؤثر الفعال في تنشيط الإليكترونيات الممسكة للصورة الإليكترونية.
أما الثانية: فإن الضوء يلعب كمصدر للإبداع في الفيلم السينمائي، عن طريق إضاءة الصورة أي اللقطة؛ لكي يظهر الفيلم ظهوراً درامياً متميزاً، لذلك تطور الإنتاج السينمائي، وأنشئت أولاً الاستوديوهات المكشوفة الأسقف فوق المباني أو خارج المدن لتسمح بدخول الشمس وضوئها، إلى الديكورات البسيطة التي تبنى على قرص دوار لتحريك الديكور مع حركة الشمس وضوء النهار، وعندما لم يعد ضوء النهار كافياً لتصوير المزيد من الأفلام تمت الاستعانة باللمبات الكهربائية المعلقة في أسقف البلاتوه.
ثم تحدث عن الضوء وطبيعة الألوان، والرؤية وقوة الألوان.. في بحث يتميز بالدقة، فيبدأ بتعريف الضوء وطبيعة الألوان والرؤية، وكيفية تناسق الألوان وتنافرها، وأنواع الألوان ومساحتها.. وما يتم عن كل لون من معنى، حيث عرض الأبحاث اللونية للشاعر غوته التي استمرت لأكثر من 40 عاماً. وكان غوته يريد أن يدرس حالة الفنان التشكيلي، حين يترك نفسه لإحساسه وخياله وانفعالاته، فيلجأ إلى استخدام الألوان، ويقوم بتوزيعها على موضوع لوحته بسجية وغريزة فيتكون الإبداع، واستشهد بعديد من الأفلام التي سيطر علىها لون معين، مثل فيلم شيكاغو الذي سيطر علىه اللون البنفسجي، الذي يوحي بالمجهول والموت.
كما رصد شيمي كيف استفاد المخرجون في السينما العالمية -وبعض التجارب المصرية- من المدارس التشكيلية، بدءاً من الكلاسيكية، والرومانسية، والواقعية، والوحشية، وصولاً إلى التيارات السريالية والتجريدية. وقارن بين عدد من اللوحات المهمة في تاريخ الفن التشكيلي، والتي شكلت مصدر إلهام لعدد من كبار المخرجين في أعمالهم، ومنهم مايكل أنجلو أنطونيوني، وإنجمار برجمان وألوانه النفسية. ويحلل فيلم ظلال الأجداد المنسيين، الذي عرض تحت اسم الخيول للمخرج سيرجي بارادجانوف، ورجل وامرأة للمخرج كلود لبلوش، ومن اللوحات التي استشهد بها رسم الأبيض والأسود للسوق الكبير في بابل للفنان أونغ لونغ بينكس، والتي وظفها المخرج الأميركي جريفيث في لقطة من فيلم التعصب، وصورة أخرى باسم عروس الأسد وظفها المخرج سيسيل دي ميل في الفيلم الصامت ذكر وأنثى عام 1919. كما تناول باستفاضة تجربة أنطونيوني فيلسوف الصورة، وبرغمان وألوانه النفسية. وأفرد شيمي مساحة لفيلم المومياء لشادي عبد السلام الذي جعل اللون شكلاً خالصاً في فيلمه، مستمداً قوته وعظمته من ألوان مصر القديمة، وكان اللون عنصر التكوين والحركة البطيئة، وباقي عناصر اللغة السينمائية من أهم مميزات أسلوبه الفريد.
الاستنارة اللونية
ثم تناول الكاتب دخول الألوان في الصورة الفوتوغرافية والسينمائية.. حيث يعتبر الكيميائي الفرنسي لويس دوكو دي هارون أول من نجح في التقاط صورة فوتوغرافية ملونة جيدة، وذلك بعد تجارب عديدة، حيث اعتبروه أول من ساهم في المعامل البحثية في مصانع الأفلام الخام 1877. وقد عرف التلوين السينمائي المصري عام 1929، حيث تم تلوين 400 متر من فيلم زينب الصامت. وقد كلف تلوين المتر الواحد جنيهاً أي بتكلفة إجمالية 400 جنيه، وهذا رقم ضخم بالنسبة لهذا الزمن.
ويرى أنه عندما ظهرت الأفلام الملونة، كان كثير من فناني الفيلم الذين أبدعوا بالأبيض والأسود رافضين للألوان؛ لأن رأيهم أن أفلام الأبيض والأسود هي أكثر درامية، وأحسن انطباعية لفن الصور المتحركة، وخاصة بعدما دخلها الصوت، وتخوفوا أن تصبح الصورة نسيجاً من البهرجة اللونية والكروت بوستال الملونة، وتبعد الفيلم عن انطباعية السرد الدرامي، التي بدأ الجمهور يحبها. ومع التقدم أصبح اللون أساسياً في السرد الدرامي والأحداث.
ثم يشرح مرحلة الاستفادة اللونية وقوة تأثير اللون في السرد الدرامي، وكان أول من طرحها المخرج الإيطالي مايكل انجلو انطونيوني، في أول أفلامه الملونة الصحراء الحمراء عام 1964.. وبعدها المخرج الفرنسي كلود ليلوشي حيث جسد كيفية استخدام الألوان في فيلم رجل وامرأة 1966، وفي أفلامه الأخرى.
كما تكلم شيمي عما أسماه بمرحلة الاستنارة اللونية في السينما، لمخرجي السينما، وقوة تأثير اللون في السرد الدرامي للفيلم مستشهداً بالعديد من الأعمال السينمائية مثل الامبراطور الأخير وغاندي، والجمال الأميركي، وصرخات وهمسات لبرغمان، وأشار إلى كيفية التحكم في لون الصورة السينمائية لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الذي تشهده السينما حالياً.
ويرى سعيد الشيمي في كتابه أن فن الفيلم هو امتداد طبيعي لفن الرسم، تستخدم فيها التكنولوجيا بدلاً من الفرشاهة، فترى السينمائيين يستعينون بلوحات، مثل استعانة المخرج الكبير جريفيت بلوحة السوق الكبير في بابل للرسام إيدوين لونغ بينكس مرجعية في فيلمه التعصب، وهذا ينطبق أيضاً على الأفلام الملونة بعد ذلك، ولا تقتصر فقط على أفلام الأبيض والأسود، كما بين أنه يوجد مخرجون ومديرو تصوير ومهندسو مناظر، لا تقل رؤيتهم الإبداعية عن رؤية عظماء البنائين والفنانيين في الحضارات القديمة، وفناني الرسم في عصر النهضة، أو المدارس الأحدث في القرنين التاسع عشر والعشرين، وأن السينما استطاعت بكونها فناً شعبياً أن تنشر عن طريق وسائلها البصرية والسمعية فنون الرسم والموسيقا والعمارة والنحت وغيرها، بعدما كانت محبوسة بين جدران المتاحف وأماكنها التاريخية.
إن فناني السينما لم ينظروا إلى الفنون التي سبقتهم إلا بكل الحب والتعاطف، كما يقول مدير التصوير الإيطالي فيتوريو ستورارو بأنهم حين يصورون يحملون على كاهلهم كل فنون الألفي عام المنصرمة، بل إن كثيراً من فناني السينما كانت رسومات الفن التشكيلي بالنسبة لهم مرجعية يحتذون بها، لم يقتصر الأمر على الفن التشكيلي فقط، بل امتد إلى فن الصور الفوتغرافية عبر تطورها، لقد استعان السينمائيون بفن الرسم قبل أن تدخل الألوان للسينما، كما فعل المخرج الأمريكي الرائد جريفيت، وقد أخذ لوحة السوق الكبير في بابل للرسام أدوين لونغ بينكس مرجعيةً في سوق بابل في فيلم التعصب، ونلاحظ أن البناء التكويني للرسم واللقطة السينمائية يكاد يتطابق تماماً.
استعار الفيلم من اللوحة -أيضاً- الاتجاهات الفنية مثل: الاتجاه التعبيري الذي ظهر في السينما الألمانية، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى كما في أفلام كانينة دكتور كاليجاري عام 1919، كما نجد اتجاهاً سريالياً بحتاً ظهر في أفلام لويس بونويل في فيلم كلب الأندلس عام 1936.
وبين الكاتب أن كثيراً من الفنانين جعلوا أفلامهم حواراً بين الكلمة والصورة، ويتداخل الفن السينمائي والتشكيلي ليصبح فعّالاً في خدمة ثقافة الرؤية؛ لأنهما من منبع واحد، وكثير من فناني الفيلم كانت علاقتهم بفن الرسم وثيقةً، وهي الطريق إلى الفيلم، وذكر منهم الإيطالي مايكل أنجلو أنطوينون المهندس والرسام، والمخرج أكيروساوا كان رساماً، والمخرج الأمريكي ستانلي كويريك كان مصوراً فوتغرافياً، والمخرج الروسي سيرجي إيزنشتاين، وبالنسبة للسينما المصرية كان شادي عبد السلام رساماً، وكذلك المخرج التسجيلي علي الغزولي، ومديرا التصوير رمسيس مرزوق ومحسن نصر كانا مصورين فوتغرافيين.
كما تناول الكاتب اهتمام مديري التصوير بالتراث العظيم من الفن التشكيلي على مر العصور، يستعينون بنقاط من الانطباع العام في الزمان والمكان والشكل والألوان والأسلوب وغيرها؛ لأنه سيزيد من ثقافة الرؤية للمصور السينمائي، كما يمثل محوراً مشتركاً للاهتمام وضبط الرؤية بين مدير التصوير والمخرج، ومصممي الديكورات والملابس، ومن مديري التصوير الذين طوروا السينما: الإسباني نيستور ألميندروس، والمكسيكي جون ألونزو، والأمريكي جون بيلي، ومواطنه كونراد هال الذي حصل على جائزة الأوسكار في التصوير مرتين، والسويدي سفين نيكفيست، والمخرج المصري الذي تنبه إلى الرؤية التشكيلية السينمائية الراحل ممدوح شكري، ومواطنه شادي عبد السلام الذي حدد شكله السينمائي المصري بالعودة إلى أصول الفنون التشكيلية الفرعونية التي عبر بها عن شخصية المصري المعاصر، الذي يستعيد أصوله التاريخية لينهض من جديد، ولا يغفل الكاتب في هذا المجال أن يذكر تجربته في تصوير الأفلام الحديثة، ومنها فيلم عمر 2000.
كما يوضح الكتاب طرق التحكم في الصورة السينمائية، باختيار نوع الفيلم الملون واختيار العدسات، والمكان والوقت المناسب لتصوير، واستخدام المرشحات بأنواعها المختلفة من المرشحات العامة إلى مرشحات الكثافة المحايدة والاتزان اللوني والألوان المتداخلة، ومرشحات تكرار الصورة في اللقطة الواحدة وغيرها، إلى جانب استعمال اللون كهدف نفسي سيكولوجي، أو جمالي أو تأثيري انطباعي، أو فانتازي أو كلون خارج الواقع، أو كهدف شاعري أو كبعد تاريخي زمني.
ويختتم الكتاب بتوضيح أهمية الألوان في الأفلام الحديثة حيث يتم التصوير في الواقع، فمن هنا تصبح الألوان طبيعية، وهناك أفلام يتم فيها تداخل بسيط من صانعي الفيلم. كما بين كيفية التلوين الجرافيكية، حيث قام بعض المنتجين بتلوين أفلامهم القديمة. ويعد هذا الكتاب مرجعاً أساسياً لمن يهتمون بالنقد السينمائي وتذوق التصوير.. والكتاب صدر في طبعتين خلال شهور قليلة عام 2008م عن سلسلة آفاق السينما، التي تصدر عن هيئة قصور الثقافة في عدد ممتاز، وبمناسبة مرور 10 سنوات على ظهورها.

سعيد شيمي شاعر الصورة السينمائية
في مقدمة الكتاب التي كتبها الناقد أحمد الحضري، يركز على مكانة سعيد شيمي كواحد من أهم مديري التصوير في مصر والعالم العربي، فهو ليس مجرد مدير تصوير، لكنه فنان له رؤية، ورائد من رواد الصف الأول في صناعة السينما المصرية، وهو نموذج فريد للمصور الجريء والمغامر وكادراته ممتعة ومثيرة، بل يعده من الصف الأول من مديري التصوير السينمائي في مصر والعالم العربي، يعترف بمكانته كل من له علاقة بالعمل السينمائي، من المحترفين والدارسين والهواة.
فهو الذي قام بتصوير بعض التجارب السينمائية في العالم العربي وليس مصر فقط، مما جعل رصيده من الأفلام يبلغ 107 أفلام روائية طويلة، إضافة إلى 73 فيلماً في مجالي السينما التسجيلية والروائية القصيرة، كما أنه تخصص في التصوير السينمائي تحت سطح الماء، وكان أول فنان مصري يقتحم هذا المجال برصيد 19 فيلماً.
كما شارك في إنتاج بعض الأفلام.. وبلغ عدد الجوائز التي حصدها شيمي من المهرجانات العربية والمحلية والدولية 37 جائزة. والحقيقة أننا قلما نجد فيلماً متميزاً في تاريخ السينما المصرية لا يحمل توقيع سعيد شيمي كمدير تصوير، خصوصاً في تجارب مخرجي سينما الثمانينيات أصحاب تيار الواقعية الجديدة في السينما المصرية؛ إذ قدم شيمي مع محمد خان فيلمي ضربة شمس، والحرِّيف، ومع عاطف الطيب العديد من الأفلام ومنها سواق الأتوبيس، والحب فوق هضبة الهرم، وملف في الآداب، وغيرها.
كما قدم سعيد شيمي عدة مؤلفات للمكتبة العربية حول التصوير السينمائي، وصناعة السينما وتذوقها بلغت ثلاثة عشر كتاباً، منها: تاريخ التصوير السينمائي في مصر 1897-1996، والحيل السينمائية للأطفال، واتجاهات الإبداع في الصورة السينمائية، والخدع والمؤثرات الخاصة في الفيلم المصري، تجربتي مع الصورة السينمائية... وغيرها.
ولقد وضع أحمد الحضري كتاباً بعنوان سعيد شيمي شاعر الصورة السينمائية، والذي صدر بمناسبة تكريم شيمي في المهرجان القومي 2005، وفي كتاب الحضري عرض لمقتطفات من كتابات النقاد حول شيمي، حيث كتبت الناقدة حسن شاه في جريدة الأخبار عن فيلم ضربة شمس، متحدثة عن تلك اللمسات الشعرية التي أضفتها الكاميرا على الأماكن، خصوصاً في أوقات الغروب والفجر، التي تدل على إحساس فني وعشق قوي لمدينتنا الجميلة، وكتب الناقد سامي السلموني في مجلة الإذاعة والتليفزيون عن فيلم الرغبة: هناك مصور عظيم يلعب بالإضاءة في المشاهد الليلية بالذات دوراً درامياً وفنياً.
وكتب الناقد رفيق الصبان عن فيلم الثأر في مجلة الكوكب: سعيد شيمي سيد الفيلم الأول بلا منازع، قدم مع محمد خان سيمفونية بصرية للقاهرة. وكتبت خيرية البشلاوي عن فيلم الحريف في جريدة المساء: الكاميرا هنا شخصية حية وديناميكية.. وكتبت سهام العقاد في الأهالي عن فيلم حكاية في الزمن الجميل: سعيد شيمي هو شاعر الصورة السينمائية، وساحر الكتابة بالضوء واللون والظل والتكوين صاحب لغة بصرية خاصة.
ولد سعيد الشيمي في القاهرة في مارس 1943، بدأ هاوياً في تذوق الأفلام وتصويرها، ثم تخرج في المعهد العالي للسينما عام 1971، كما حصل على دبلوم متخصص في التصوير الفوتغرافي من الولايات المتحدة الأمريكية، واشترك كمصور متطوع في تصوير حربي الاستنزاف وأكتوبر 1973. يقوم بتدريس مادة التصوير السينمائي والتلفزيوني في عدد من الكليات والمعاهد في مصر والدول العربية.