
نُحاول في هذا المقال الكشف عن أهمِّ الملامح الجمالـيَّة لديوان "ماذا تبقَّى"؟ للشَّاعر المصريِّ رجب لقي، بوصفه نموذجًا لشعر الفصحى التَّـفعيليِّ المعاصر، حيث يمتاز بخصوصيَّة أسلوبه الأدبيِّ، ويمثِّـل نضجًا فـنِّـيًّا إلى حدٍّ كبيرٍ رغم أنَّه الدِّيوان الأوَّل له، ممَّا يشي بأنَّه تجربةٌ مبشِّرةٌ بصوتٍ واعـدٍ، قـد يحقِّـق إضافةً في بابه إذا تَعَهَّـدَ موهبته؛ بصقلها بمزيدٍ من البحث والنَّظر، ووضعها على محكِّ النَّـقـد والتَّـقـيـيم، ومنافستها مع مثيلاتها من المواهب المعاصرة أو المجايلة.
ويميل الشَّاعر إلى وضع عناوينَ موجزةٍ جدًّا، فـقـد احتوى الدِّيوان على (أربعين) قصيدةً، وردَتِ (اثـنـتان وثلاثون) منها ذات عنوانٍ مكـوَّنٍ من لفظةٍ واحدةٍ، كما أنَّه يميل إلى الجملة الشِّعريَّة المكثَّـفة، وإلى القصائد القصيرة. وربَّما نستطيع قراءة الدِّيوان في ضوء حقليْنِ دلالـيَّـيْنِ، يمثِّلان ثـنائـيَّةً ضِدِّيَّةً؛ الحقل الدِّلاليُّ الأوَّل يمثِّـل المشكلة (أو الاغتراب)، والحقل الدِّلاليُّ الثَّاني يمثِّـل الحلَّ (أو الصُّوفـيَّة)، وقـد رأينا أنَّ السَّـكن النَّـفسيَّ بمنزلة الشَّاطئ الآمن، الَّذي ترسو عليه سفينة النَّـفس البشريَّة، بعدما أَبْحَرَتْ في أمواج الاغتراب المتلاطمة، فالسَّـكن بمعنى السُّـكون والسَّـكينة والرَّاحة والطُّمأنينة، وحقيقٌ بهذه النَّـفس أن تـنعم به بعدما اكْـتَـوَتْ بجمرة الاغتراب المُـتَّــقِـدَةِ.
ويوطِّئ الشَّاعر لتجربته باستخدام صفة التَّعب؛ فيصف بها (النَّـفس) عامَّةً، قائلًا: "يَـنْسَابُ عَـبْـرَ الْأَوْرِدَةْ/ فَجْـرًا أَضَاءَ سَمَاءَ نَـفْـسٍ مُـتْـعَـبَةْ"، ممَّا يدفعه إلى الإحساس بالوحدة في القصيدة ذاتها، قائلًا: "لَكِنَّ قَـلْبِيَ وَحْدَهُ/ قَـدْ ظَـلَّ يَـنْـظِمُ فِي وَدَاعِـكِ مَرْثِـيَةْ"1. ويصف بها (نفسه) خاصَّةً، قائلًا: "مُعَـذَّبٌ أَنَا فِي هَـوَاكِ/ وَمُـتْـعَـبٌ حَدَّ الرَّدَى"، كما يصف بها (الرُّوح) في القصيدة ذاتها، قائلًا: "الرَّاءُ رُوحٌ مُـتْـعَـبَةْ"2. كذلك فإنَّ الوحدة تكون باعثًا على الاغتراب، حيث يجعلها الشَّاعر حالًا لذاته، في قصيدةٍ باسمها، قائلًا: "وَحِيدًا أَقِـفُ/ أَبْحَثُ عَـنْ مَخْمَـلَتِي/ أُشْعِـلُ مَجْمَـرَتِي/ أَحْرِقُ أَرَقِي"3.
فتسري في الدِّيوان روح الاغتراب، بنوعـيْهِ: اغترابٍ نفسيٍّ عن الذَّات، واغترابٍ مكانيٍّ عن الوطن. ويرى النَّاقـد شعيب خلف أنَّ الشَّاعر يمتـلك حسًّا رومانسيًّا وأبعادًا من الشَّجن، حيث يقول عنه: "يكون فـقـد الذَّات أوَّلها، والَّذي يصل بصاحبه للاغتراب الَّذي يأتي الوطن أحد سياقاته الواضحة، إنَّ التَّـدرُّج الاغترابيَّ يبدأ من أمكنةٍ أليفةٍ، الذَّات أوَّل الاغتراب وأقساه، إنَّ اغترابها أصعب أنواع الاغتراب، حين تُـظلم الذَّات فليس للضَّوء مكانٌ يستريح فيه، وحين يُـظلم محيط البيت، المكان الأليف الَّذي فيه تستريح الذَّات من همومها واغترابها، تـفـتح الذَّات صفحة الوطن كي تستريح، هنا الألفة مراحلُ كما الاغتراب مراحلُ"4.
وقـد عبَّر الشَّاعر عن حركة الحياة بالإبحار، وعنون به إحدى قصائده، قائلًا في أعطافها: "الْمَوْجُ الدَّافِـقُ يَجْذِبُـنِي/ وَسَفِينِي مِنْ غَـيْرِ شِرَاعْ/ وَالْبَحْـرُ يَهِـيجُ وَيَـتَـوَعَّـدُ/ لَوْ أَنِّي أَنْوِي الْإِقْـلَاعْ/ الشَّطُّ يَغِـيبُ فَـأَتَسَاءَلُ/ هَـلْ يَغْـدُو مَـرْسَايَ ضَيَاعْ"5؟ فـ(السَّفينة) رمزٌ لما يستـقلُّه الإنسان في سيره، والَّذي يريحه مرَّةً ويـتعبه مرَّاتٍ، و(البحر) طريقه الَّذي يكون معبَّـدًا حينًا ووعرًا أحايـينَ كثيرةً، و(الموج) معاناةٌ لا يسلم الطَّريق منها، و(الشَّطُّ) هدفٌ يدنو للرَّائي فيستبشر، وينأى عن ناظريْهِ فيتساءل متوجِّسًا من ضياعٍ مرتـقَـبٍ، فضلًا عن صور التَّحدِّي؛ فالسَّفينة دونما شراعٍ تـتـقـوَّى به ويهديها، والبحر هائجٌ وليس هادئًا بل يتوعَّـد، والموج دافـقٌ وليس رقراقًا.
ولعلَّ الشَّاعر وجد في الحياة الرُّوحيَّة لدى الصُّوفـيَّة سلواه، ممَّا قـد يخـفِّـف عنه عبء الاغتراب، فيتَّخذ من حرف (الرَّاء) المبدوء به كلمة (الرُّوح) مقامًا، فيقول: "الرَّاءُ رُوحٌ مُـتْـعَـبَةْ/ رَجُلٌ يُدَاعِبُ حُـلْمَهُ/ الْمَـكْسُورَ بَـيْـنَ يَدَيْهِ/ يَرْتِـقُ جُرْحَ أَيَّامِهْ... أَرَادَنِي رَمْـيًا رَحِيقُـكَ الْمَخْـتُومُ/ إِذْ تَـذُوبُ الرُّوحُ سَـكْـرَى/ فِي مَقَامَاتِ الْفُـتُونِ"6.
واسترعى انتباهي وضع الشَّاعر عنوان ديوانه على هيئة سؤالٍ، يـبدو سؤالًا مجازيًّا، استـنكاريًّا على وجه التَّحديد؛ لدلالةٍ هي الفـقـد، فإلى مَنْ يوجِّه الشَّاعر سؤاله؟ يحاول النَّاقـد شعيب خلف الإجابة قائلًا: "إنَّ العنوان الَّذي يبدأ بسؤال: (ماذا تبقَّى)؟ يمنح القارئ فرصةً لفتح أمكنةٍ أخرى للتَّساؤل: لمَنِ السُّؤال الَّذي يوجِّهه الشَّاعر؟ هل يوجِّهه لذاته الَّتي تُـمَـثَّـلُ في الدِّيوان بكلِّ كياناتها؛ لأنَّه ومهما تعـدَّدَتْ نظريَّات القراءة والتَّــأويل، ستبقى الذَّات واحدةً من المرجعـيَّات الهامَّة في البنية الدِّلالـيَّة للنَّصِّ، أم يوجِّهه للآخرين المحيطين به وعلى تماسٍّ خاصٍّ بهذا المحيط؟ وهم أيضًا لا يمكن التَّعامُـل مع النَّصِّ في تغافُـلٍ عن دورهم ووجودهم؛ لأنَّهم مصدر التَّـلـقِّي للمرسِل والرِّسالة، بل وهم الأساس في تكوين الرِّسالة. نعاود التَّساؤل: (ماذا تبقَّى)؟ مِنْ ماذا تبقَّى من الشَّاعر كي يحيا؟ من وجوده وإنسانـيَّـته، من ميراثه الفكريِّ والثَّـقافيِّ، من مكـوَّنه الاجتماعيِّ في المجتمع الَّذي يعيش فيه؟ أم تبقَّى من المحيطين به داخله كي يأنس؛ كأبٍ وزوجٍ في البيت، وكمعـلِّـمٍ ومربٍّ في بيئة العمل؟ أو كشاعرٍ صديقٍ للقصيدة يرتاح لها حين يريد، وترتاح له حين تصطفيه بفعل الكتابة؟ في كلِّ الأحوال السُّؤال يدشِّن للفـقـد والاغتراب، الفـقـد سمةٌ رئيسةٌ تطالعنا من أوَّل العنوان"7.
والشَّاعر عندما تستغرقه الحياة الرُّوحيَّة يصل إلى درجةٍ من النَّـقاء تجعله ينظم قصيدته "بَوْحٌ"، يقول فيها: "آنَ لَكَ الْآنَ أَنْ تَـبْـتَـسِم/ إِنَّ السَّمَاءَ الَّتِي مَـنَعَـتْـكَ بَـشَاشَةَ صُبْحٍ/ مَـنَحَـتْـكَ نَقَاءَ الْفُؤَادِ وَنُبْلَ الْـكَـلِمْ/ وَإِنَّ الْجِرَاحَ الَّتِي سَـكَـبَـتْـكَ دَمًا لِلتَّـطَهُّـر/ آنَ لَهَا الْآنَ أَنْ تَـلْتَـئِمْ"8، ويقول في القصيدة التَّالية "ماذا تبقَّى لديكَ": "بِأَنَّ دِمَاءَ مَسِيحِكَ سَالَتْ/ وَأَنَّ الْقِـيَامَةَ جَدُّ عَـسِيرَةْ"9، وتظهر منهما شفافية الذَّات الشَّاعرة؛ لما فيهما من اعترافاتٍ تـقـترب من التَّـنسُّـك الإسلاميِّ أو التَّطهُّر المسيحيِّ.
فسيلان دم السَّـيِّد المسيح -عليه السَّلام- رمزٌ للخلاص، وصفته المخلِّص، كما أنَّ الاعترافات أحد أشكال السِّيرة الذَّاتـيَّة، فالشَّاعر يرى أنَّ السَّماء هي الَّتي تمنحه الخلاص من عذابات الحبِّ ومرارات الاغتراب، ويستلهم هذه الصُّورة فيصبُّ دماء قريضه في حبِّ وطنه، داخل مقطعٍ شعريٍّ بعنوان "ذوبانٌ"، من قصيدته "تمازُجٌ"، قائلًا: "أَعْـلَمُ أَنَّـكِ فَـرْحِي تَـرْحِي/ تَارِيخِي/ مِيلَادِي أَوْ مَـوْتِي/ حِينَ أَصُبُّ دِمَاءَ قَرِيضِي/ فَـوْقَ مَائِدَةِ الْأَوْرَاقِ/ تَـرْسُمُ مِنِّي/ ثَالُوثًا أَقْـدَسَ/ (م- ص- ر)"10.
لينطلق الشَّاعر إلى روحٍ إيجابـيَّةٍ وثَّـابةٍ، تـنأى عن اغتراب الذَّات واغتراب الوطن، وتـنطلق من خلالها الذَّات الشَّاعرة من شَرَكِ الاغتراب إلى مشاركة المتـلـقِّي في صناعة الأمل ورحابة الوطن، قائلًا: "فَابْسُطْ جَنَاحَ الْقَـصِيدِ وَغَـرِّدْ/ تَـبَـتَّـلْ وَرَتِّـلْ نَشِيدَ السَّمَاءْ/ مِنَ الْفَـرَحِ اصْـنَع لِقَـلْبِكَ وَطَـنًا/ عَـفِـيًّا يُـنَاجِزُ كُلَّ الْمِحَنْ/ وَلُفَّ حَرِيرَ السَّمَاحَةِ طَـوْقًا/ يَـقِـيكَ الْمَـوَاجِدَ يَمْحُو الشَّجَنْ/ وَهُـزَّ غَمَامَاتِ رُوحِكَ صُـبْحًا/ تَـفِـيضُ عَـطَاءً يَسِحُّ الْمَطَـرْ/ فَيَغْـمُرُ أَرْضَ وُجُودِكَ زَهْـرًا/ وَيُـشْرِقُ بَـيْـنَ ضُـلُوعِـكَ شَمْسًا/ تُـذِيـبُ جَلِيدَ الْمَوَاتِ الْمُسَجَّى/ بِأَغْـوَارِ نَفْـسِكَ عُـمْـرًا"11.
والقصائد الَّتي تسري فيها الرُّوح الصُّوفـيَّة تكون مفعمةً بالتَّـناصِّ مع القرآن الكريم، ناهيكَ عن زَخَمِ الاصطلاح الصُّوفيِّ، مثـل قول الشَّاعر: "وَيَصُبُّ أَقْـدَاحًا مِنَ الْعَـسَلِ الْمُـصَـفَّى مِنْ دَمِهْ"12، متـناصًّا مع قوله –تعالى-: {مَثَـلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِـدَ الْمُتَّـقُـونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَـيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَـتَـغَـيَّـرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِـينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَـسَلٍ مُصَفى} [سورة محمَّـدٍ، الآية: 15].
أو بالتَّـناصِّ مع التُّراث الأدبيِّ، مثـل قول الشَّاعر: "قَـدْ ظَـلَّ يَـنْـظِمُ فِي وَدَاعِـكِ مَرْثِـيَةْ/ بَانَتْ سُعَادُ وَلَمْ تَـبِـنْ"13، متـناصًّا مع قول الشَّاعر المخضرم كعب بن زُهَـيْرِ بن أبي سُلْمَى (ت 26هـ/ 646م)، في قصيدته الشَّهيرة "البُرْدَة" أو "اللَّاميَّة"، الَّتي مدح فيها النَّبيَّ الكريم -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام -رضي الله عنهم- واعتذر فيها عمَّا بدر منه، ومستهلُّها14: [بحر البسيط]
بَانَتْ سُعَادُ فَـقَـلْبِي الْيَوْمَ مَتْـبُولُ ** مُــتَـــيَّــمٌ إِثْــرَهَـا لَـمْ يُــجْــزَ مَــكْــبُـولُ
وأحيانًا يرى الشَّاعر رجب لقي أنَّ عذاباته هي تجلياتٌ لحبِّه الصَّادق، فيلتمس من معـذِّبته فـكَّه من رِبْـقَةِ الحبِّ الَّذي كاد أن يرديه، فيقول لها راجيًا حرِّيَّـته: "يَا رَاءَ رُوحِي/ مُعَـذَّبٌ أَنَا فِي هَـوَاكِ/ وَمُتْـعَـبٌ حَدَّ الرَّدَى/ فَـلْـتُـطْـلِـقِي رُوحَ انْحِبَاسِكِ فِي الضُّـلُوعِ/ أَوْ أَطْـلِـقِـيـنِي لِلْمَدَى"15.
كما استخدم الإمام أبو عبد الله محمَّـد بن إدريس الشَّافعيُّ (ت 204هـ/ 820م) اسم سعاد كنايةً عن المحبوب الأعظم، وهو الله -عزَّ وجلَّ- في تعبير العارفين، الَّذين يجدون فيه السَّـكن من كلِّ خوفٍ، والأنس من كلِّ وحشةٍ، قائلًا16: [بحر الكامل]
كَيْفَ الْوُصُولُ إِلَى سُعَادَ وَدُونَهَا ** قُــلَــلُ الْـجِــبَـالِ وَدُونَهُـنَّ حُــتُـوفُ؟
وَالــرِّجْــلُ حَـافِــيَـةٌ وَلَا لِــي مَــرْكَــبٌ ** وَالْـكَـفُّ صِفْــرٌ وَالطَّـرِيـقُ مَخُوفُ!
ولعلَّ الشُّعراء اتَّخذوا من (سعاد) معادلًا موضوعـيًّا للمحبوبة من جهةٍ، وما يمكن أن يتحمَّـله هذا الاسم من أبعادٍ رمزيَّةٍ -لاسيَّما في بيئة المتصوِّفة- من جهةٍ أخرى، فضلًا عن معناه العامِّ الَّذي يشير إلى السَّعادة واليُمْن، وهو ما تـنشده النَّـفس المغترِبة في بحثها عن سكنٍ.
تـتـمَّةٌ.. في معنى (السَّـكن) بوصفه مدخلًا للقراءة؛ فبالاستقراء استـنـبط الباحث أنَّه يدور حول عـدَّة معانٍ، يمكن تصنيفها على النَّحو التَّـالي:
البعد الزَّمانيُّ (اللَّيل): كما في قوله –تعالى-: {وَجَعَـلَ اللَّـيْـلَ سَـكَـنًا} [سورة الأنعام: الآية 96]، وقوله –تعالى-: {هُـوَ الَّذِي جَعَـلَ لَكُمُ اللَّـيْـلَ لِتَسْـكُـنُوا فِيهِ} [سورة يونس: الآية 67]، وقوله –تعالى-: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَـلْـنَا اللَّـيْـلَ لِيَسْـكُـنُوا فِيهِ} [سورة النَّمل: الآية 86]، وقوله –تعالى-: {مَنْ إِلَهٌ غَـيْـرُ اللهِ يَـأَتِيكُمْ بِلَـيْـلٍ تَسْـكُـنُونَ فِيهِ} [سورة القصص: الآية 72]، وقوله –تعالى-: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَـلَ لَكُمُ اللَّـيْـلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْـكُـنُوا فِيهِ وَلِتَـبْـتَـغُـوا مِنْ فَضْـلِهِ} [سورة القصص: الآية 73]، وقوله –تعالى-: {اللهُ الَّذِي جَعَـلَ لَكُمُ اللَّـيْـلَ لِتَسْـكُـنُوا فِيهِ} [سورة غافر: الآية 61].
والبعد المكانيُّ (المَسْـكَن): كما في قوله –تعالى-: {لَقَـدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْـكَـنِهِمْ آيَةٌ} [سورة سبأ: الآية 15]، وقوله –تعالى-: {أَسْـكِـنُوهُـنَّ مِنْ حَيْثُ سَـكَـنْـتُـمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [سورة الطَّلاق: الآية 6]. و(المَسَاكِن)؛ في قوله –تعالى-: {وَمَسَاكِنُ تَـرْضَوْنَهَا} [سورة التَّوبة: الآية 24]، وقوله –تعالى-: {وَمَسَاكِنَ طَـيِّـبَةً فِي جَنَّاتِ عَـدْنٍ} [سورة التَّوبة: الآية 72- سورة الصَّفِّ: الآية 12]، وقوله –تعالى-: {وَسَـكَـنْـتُـمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَـلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [سورة إبراهيم: الآية 45]. و(مساكنكم)؛ في قوله –تعالى-: {لَا تَـرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْـرِفْـتُـمْ فِيهِ وَمَسَاكِـنِكُمْ} [سورة الأنبياء: الآية 13]، وقوله –تعالى-: {ادْخُـلُوا مَسَاكِـنَـكُمْ لَا يَحْطِـمَـنَّـكُمْ سُـلَـيْمَانُ وَجُـنُودُهُ} [سورة النَّمل: الآية 18]. و(مساكنهم)؛ في قوله –تعالى-: {يَمْـشُونَ فِي مَسَاكِـنِهِمْ} [سورة طه: الآية 128- سورة السَّجدة: الآية 26]، وقوله –تعالى-: {فَـتِـلْـكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْـكَنْ مِنْ بَعْـدِهِمْ إِلَّا قَـلِيلًا} [سورة القصص: الآية 58]، وقوله –تعالى-: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَـدْ تَـبَـيَّـنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِـنِهِمْ} [سورة العنكبوت: الآية 38]، وقوله –تعالى-: {فَـأَصْبَحُوا لَا يُـرَى إِلَّا مَسَاكِـنُهُمْ} [سورة الأحقاف: الآية 25].
ومنه (الجنَّة- الأرض- القرية- البيت): كما في قوله –تعالى-: {يَا آدَمُ اسْـكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [سورة البقرة: الآية 35- سورة الأعراف: الآية 19]. وقوله –تعالى-: {وَلَنُسْـكِـنَـنَّـكُـمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ} [سورة إبراهيم: الآية 14]، وقوله –تعالى-: {وَقُـلْـنَا مِنْ بَعْـدِهِ لِبَـنِي إِسْـرَائِـيلَ اسْـكُـنُوا الْأَرْضَ} [سورة الإسراء: الآية 104]. وقوله –تعالى-: {اسْـكُـنُوا هَـذِهِ الْـقَـرْيَةَ وَكُـلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْـتُـمْ} [سورة الأعراف: الآية 161]. وقوله –تعالى-: {وَاللهُ جَعَـلَ لَكُمْ مِنْ بُـيُوتِـكُمْ سَـكَـنًا} [سورة النَّـحل: الآية 80]، وقوله –تعالى-: {لَيْسَ عَـلَيْـكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَـدْخُلُوا بُـيُوتًا غَـيْـرَ مَسْـكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَـكُمْ} [سورة النُّور: الآية 29].
والحالة (الاستـقرار- السُّـكون وعدم الحركة): كما في قوله –تعالى-: {وَلَهُ مَا سَـكَنَ فِي اللَّـيْـلِ وَالنَّهَارِ} [سورة الأنعام: الآية 13]، وقوله –تعالى-: {وَأَنْـزَلْـنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَـدَرٍ فَـأَسْـكَـنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [سورة المؤمنون: الآية 18]، وقوله –تعالى-: {رَبَّـنَا إِنِّي أَسْـكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّـتِي بِوَادٍ غَـيْرِ ذِي زَرْعٍ عِـنْدَ بَـيْـتِـكَ الْمُحَرَّمِ} [سورة إبراهيم: الآية 37]. وقوله –تعالى-: {أَلَمْ تَـرَ إِلَى رَبِّـكَ كَيْـفَ مَدَّ الظِّـلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَـلَهُ سَاكِنًا} [سورة الفرقان: الآية 45]، وقوله –تعالى-: {إِنْ يَشَأَ يُسْـكِنِ الرِّيحَ فَيَظْـلَـلْنَ رَوَاكِدَ عَـلَى ظَهْرِهِ} [سورة الشُّورى: الآية 33]. وقوله –تعالى-: {وَضُرِبَتْ عَـلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْـكَـنَةُ} [سورة البقرة: الآية 61]، وقوله –تعالى: {ضُرِبَتْ عَـلَيْهِمُ الذِّلَّةُ... وَضُرِبَتْ عَـلَيْهِمُ الْمَسْـكَـنَةُ} [سورة آل عمران: الآية 112].
والبعد المعنويُّ (السَّـكينة): كما في قوله –تعالى-: {إِنَّ آيَةَ مُـلْكِهِ أَنْ يَـأْتِـيَـكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَـكِينَةٌ مِنْ رَبِّـكُمْ} [سورة البقرة: الآية 248]، وقوله –تعالى-: {هُـوَ الَّذِي أَنْـزَلَ السَّـكِينَةَ فِي قُـلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الفتح: الآية 4]، وقوله –تعالى-: {فَعَـلِمَ مَا فِي قُـلُوبِهِمْ فَـأَنْـزَلَ السَّـكِينَةَ عَـلَيْهِمْ} [سورة الفتح: الآية 18]. و(سكينته)؛ في قوله –تعالى-: {ثُـمَّ أَنْـزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَـلَى رَسُولِهِ وَعَـلَى الْمُؤْمِنِينَ} [سورة التَّوبة: الآية 26]، وقوله –تعالى-: {فَـأَنْـزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَـلَيْهِ} [سورة التَّوبة: الآية 40]، وقوله –تعالى-: {فَـأَنْـزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَـلَى رَسُولِهِ وَعَـلَى الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الفتح: الآية 26].
والعلاقة الإنسانيَّة (الزَّواج): كما في قوله –تعالى-: {هُـوَ الَّذِي خَلَقَـكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَـلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْـكُـنَ إِلَيْهَا} [سورة الأعراف: الآية 189]، وقوله –تعالى-: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَـلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْـكُـنُوا إِلَيْهَا} [سورة الرُّوم: الآية 21].
والعبادة (الصَّلاة بمعنى الدُّعاء والاستغفار): كما في قوله –تعالى-: {وَصَلِّ عَـلَيْهِمْ إِنَّ صَـلَاتَـكَ سَـكَـنٌ لَهُمْ} [سورة التَّوبة: الآية 103].
هوامش: 1. ديوان ماذا تبقَّى؟!: الشَّاعر المصريُّ رجب لقي، دار عالم المعرفة، مصر، ط1، 1437هـ/ 2016م، قصيدة عشقٌ، ص: 13- 14.┃2. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة من مقام الرَّاء، ص: 7- 8.┃3. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة وحدةٌ، ص35.┃4. دراسة النَّاقـد الدُّكتور شعيب خلف، عـقب ديوان ماذا تبقَّى؟ ص: 89. وانظر: المبحث السَّادس: الوقوف على خارطة الجسد المحترِق (قراءةٌ في ماذا تبقَّى؟! لرجب لقي)، ضمن كتاب/ العدوُّ خلف حبائل الدَّهشة (بين ثـقافة المجتمع وفلسفة الخطاب الأدبيِّ في المنيا)، للدُّكتور شعيب خلف، الهيئة العامَّة لقصور الثَّـقافة، القاهرة- مصر، سلسلة "الفائزون"، ط1، 1439هـ/ 2018م، ص: 98.┃5. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة إبحارٌ، ص: 36.┃6. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة من مقام الرَّاء، ص: 7- 8.┃7. دراسة النَّاقـد الدُّكتور شعيب خلف، عـقب ديوان ماذا تبقَّى؟ ص:87- 88. وانظر: المبحث السَّادس: الوقوف على خارطة الجسد المحترِق (قراءةٌ في ماذا تبقَّى؟! لرجب لقي)، ضمن كتاب/ العدوُّ خلف حبائل الدَّهشة (بين ثـقافة المجتمع وفلسفة الخطاب الأدبيِّ في المنيا)، للدُّكتور شعيب خلف، ص: 97- 98.┃8. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة بَـوْحٌ، ص: 9- 10.┃9. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة ماذا تبقَّى لديكَ؟ ص: 11.┃10. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة تمازُجٌ، ص: 42.┃11. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة بَـوْحٌ، ص: 9- 10.┃12. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة من مقام الرَّاء، ص: 7.┃13. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة عشقٌ، ص: 14.┃14. شرح ديوان كعب بن زُهَـيْرٍ (ت 26هـ/ 646م): صنعة أبي سعيـد الحسن بن الحسين بن عبيد الله السُّـكَّريِّ (ت 275هـ/ 888م)، مركز تحقيق التُّراث- دار الكتب والوثائق القوميَّة، القاهرة- مصر، ط4، 1431هـ/ 2010م، القصيدة من ص: 6، ويُروى البيت الأوَّل: (يُجْـزَ) من الجزاء، و(يُـفْـدَ) من الفداء.┃15. ديوان ماذا تبقَّى؟ قصيدة من مقام الرَّاء، ص: 8.┃16. ديوان الشَّافعيِّ: حَبْرُ الأمَّة وإمام الأئمَّة الإمام أبو عبد الله محمَّـد بن إدريسٍ الشَّافعيُّ (ت 204هـ/ 820م)، تحقيق د/ محمَّـد عبد المنعم خفاجيّ، مكتبة الكلِّـيَّات الأزهريَّة، القاهرة- مصر، ط2، 1405هـ/ 1985م، ص: 95.