أعْمَالي الأَدَبيَّة.. جُزْء مِنْ عَالَمي المُتَـخَيَّـل

حـوار مع الروائي أحمد قرني

حاورته: ماجدة حسن سلام



في هذه اللقاء؛ نحاور الروائي والشاعر أحمد قرني محمد شحاتة، من مواليد مصر - الدقي 1967، ومُقيم حاليًا بالفيوم. شارك في الحركة الأدبية منذ التسعينيات، وله إصدارات عديدة في الرواية وروايات اليافعين وأدب وأشعار الأطفال. حصل على جوائز عربية ومصرية عديدة منها: جائزة ساويرس الأدبية في يناير من هذا العام عن رواية "لماذا لا يطير التمساح"، كما حصل على جائزة كتارا 2017 عن رواية "جبل الخرافات"، وجائزة الشارقة للإبداع عن رواية "آخر سلالة عائلة البحار"، ورواية "لا فائدة" التي صدرت ضمن إصدارات الجائزة العربية مصطفي عزوز بتونس عام 2018. وديوان "لك العشق والنيل لي" الحاصل على جائزة دار سعاد الصباح بالكويت. وتوالت إصداراته ومنها: رواية "الفتى الذي يشبه السندباد"، ورواية "جدتي الرقمية"، ورواية "ساسندرا" لليافعين، ورواية "لا أحد هنا"، ورواية "رسائل جدي"، و"ورواية "الخرافي"، ورواية "الشيطان الذي سرق وجهي"، ورواية "مملكة الليل"، وأيضًا رواية "صلاة إبليس"، ورواية "إحدى عشرة خطيئة".

 

✦ الشخصية الإبداعية لا تنفصل عن الشخصية الحياتية، ويولد الإبداع، ويتشكَّل في وسط اجتماعي يُثري الموهبة.. كيف بدأت رحلتك مع عالم الكتابة وصولًا للنشر وصيد الجوائز؟

بدأت رحلتي بعشق القراءة منذ زمن بعيد لا أتذكره، قرأت روايات الهلال التي وقعت تحت يدي بالمصادفة، الصدفة وحدها ساقت لي كنزًا من الكتب والمجلات، فقد رحل أحد مستأجري شقة ببيتنا في حي بولاق بالجيزة، وترك هذا الكنز خلفه ولم يعُد، جلست شهورًا أقرأ وطُفت في خيال بعيد مُحلقًا مع تلك القصص وأنا ما زلت صغيرًا، ثم انتقلت بعدها لأعيش في محافظة الفيوم، وهي محافظة هادئة لا تُشبه زحمة القاهرة وضجيجها، ووجدت في الكتابة متعتي سواء بداياتي مع الشعر وحصولي على جائزة "سعاد الصباح" بالكويت عن ديواني "لك العشق والنيل لي" عام 1996، ثم حصول مسرحية "الثعلب ملكا" على جائزة المركز القومي لثقافة الطفل 1997، وبعدها توالت رحلة الكتابة، وحصلت على جائزة "سوزان مبارك" عن قصتي "شادي في دنيا الحواديت" عام 1997. وبدأت رحلتي مع الإبداع ومع الجوائز الكبرى حتى فازت روايتي "آخر سلالة عائلة البحار" بجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2004، وسافرت لأول مرة خارج مصر ووجدت احتفاءً رائعًا من قبل حكومة الشارقة، ومن سمو حاكم الشارقة المثقف والكاتب المسرحي الكبير، وحفاوة سعادة رئيس دائرة الثقافة والإعلام عبد الله العويس بالكُتَاب لا تُوصف، فأدركت ساعتها أن حرفة الكتابة حرفة مهمة، فقد تعرفت وقتها لأول مرة على كُتاب من المغرب، ولبنان، والعراق، وسوريا وصِرنا أصدقاء وكانت تجربة رائعة، أما داخل مصر فقد حصلت على جائزة نادي القصة 2004، وجائزة وزارة الثقافة عن رواية "سماء الحضرة"، وجائزة مجلة الثقافة الجديدة بالتعاون مع وزارة الثقافة عن رواية "كما يليق بحفيد"، ثم مؤخرًا في يناير هذا العام حصلت على جائزة "ساويرس الأدبية" عن قصة لماذا لا يطير التمساح".

✧ تتميز نصوصك الأدبية بأنها مُرتكزة على ملكات المُبدع من بناء الدَّلَالَةِ الْفَنِّيَّةِ، واستيعاب جمالي واستعاري ولغوي، فما الروافد الأساسية لهذا الإبداع؟ وما مقومات الكتابة الجيدة في رأيك؟

لكل مبدع أو كاتب بصمته التي لا تتشابه مع كِتابة الآخرين ممن سبقوه من كُتاب كِبار، لكن عليه ألا يتماهى في كِتاباتهم وألا يقف عند ما قدموه، لكل جيل رسالة وآليات تختلف عن الجيل الذي يسبِقه، وهنا تتطور الكتابة ويتطور الإبداع، ولكل مُبدع رحلته التي عليه أن يخوضها ليكتمل مشواره الإبداعي، ويترك للإنسانية بصمة أو ميزة تُميزه عن غيره، وقد أردتُ طوال الوقت أن أكون مختلفًا لا أكتُب كما يكتُب الآخرون، حاولت أن أبني عالمي وشخصياتي التي تنبع مني ومن أحلامي، وكل رواية أو عمل أدبي هو جزء من عالمي المُتَخيل، وحتمًا سيحاول الكاتب أن يختلف في طريقة بناء الرواية واختيار عوالمها ستكون مختلفًا لأنك ابن عصرك.. ما يحدث الآن هو وليد الآن، ويختلف عما حدث في الماضي حتى ولو تشابه، فلماذا نُكَرر تجارب الآخرين مادمنا نعيش زمنًا مختلفًا، وحتى المكان يتَّسمُ بروح زمنه وعصره، وإن بدا متشابهًا لكن روحه تختلف، إحساسك بالمكان سيختلف عن إحساس غيرك.. حتى قضاياك وهموم عصرك وتقنياتك الحديثة التي تتغير كل ثانية تؤثر فيك، حتى ولو تشابهت مع الماضي في بعض التفاصيل لكنها تبقى فريدة كتجربة إنسانية، التجارب الإنسانية تتجاور ولا تتشابه؛ لأنها وليدة علاقة شخص ما بالعالم وكُل شخص قادر على صناعة تجربته الفريدة، لو أثرتك تجربة آخر كما يحدث مع بعض الكتاب؛ ستكون مجرد ناقل مجرد شبيه بعض شعراء العامية مثلا، أثرتهم تجربة جاهين فاختفي صوته وظهر جاهين وبعضهم أثرته تجربة فؤاد حداد، بعض الساردين أثرتهم تجربة محفوظ العظيمة فكتبوا مسخاً لا قيمة له، لو تشابهت ستصبح مجرد تابع أو سارد لا يقدم طاقة جديدة لعالم يعيشه، التجربة لا تتشابه لأنها وليدة زمان مُختلف ومكان مُختلف، الكاتب السابق عاش تجربته وزمانه وأنا أعيش تجربتي وزمني وأمكنتي الخاصة بي، فمقومات الكتابة الجيدة أن تكون نفسك أنت تُعبر عن همومك فتكتب زمنك وتتلقى رسائلك الخاصة بعناية؛ لأنها لك أنت وليست لأحد غيرك، وستكون بصمتك التي تُميزك عندما ترحل.

✦ في روايتك "رسائل جدي" تُحول الخيال إلى حقائق، وتحثُ اليافعين بوعي على التفكير المنطقي وصُنع المستحيل بقدرة العقل والطاقة الخلاقة، فكيف تنفذ إلى أعماقِهم بتلك الكيفية؟

عالم اليافعين يأسرني يشدُني يملئُني بالطاقة؛ لأنهم يمثلون الجيل الصاعد، وكل جيل صاعد له ملَكاته وطاقته التي تختلفُ عما قبله، فما يشغل هذا الجيل لم يكن يشغل ما قبله من أجيال، هذا جيل يواجه تقدمًا مهولًا في المعرفة وأدواتها الرقمية، والتكنولوجية، يواجه أيضًا مخاوف مواجهة الآخر الأكثر تسلحًا بالعلم وأكثر تحررًا وأكثر وعيًا، الشباب يمتلكون طاقة التغيير وهم قاطرة التغيير لأي مجتمع لكن إلى أين وكيف؟ تكمن أهمية السؤال لأنها تكشف عن الاضطراب والتوهان واختلاف الأهداف، وعدم تحديد الأولويات.. كلها مواضيع تَهُم اليافعين حاولت أن أعالج بعضها في رواية "رسائل جدي"، فقديمًا كانوا يخافون من وحوش الغابة، من الديناصور والوحوش التقليدية، ولكن وحوش هذا العصر مختلفة وحش الأمية، ووحش الإرهاب، ووحش التعصب، ووحش العلم وأوضحت في الرواية كيف تتطور المجتمعات وتُبنى، وعلى الجيل الصاعد أن يحتمي بالمعرفة والخيال لكي يكون قادرًا على البناء. كتبت هذا في "جبل الخرافات" الخرافات التي تَكمُن في تراثنا وفي حكاياتنا التي تَعوق تقدمنا نحو العلم والمعرفة، مجتماعاتنا إن لم تؤمن بقيمة العلم والمعرفة الآن ستنتهي وأنا لا أريد لها أن تنتهي؛ لأنني أنتمي لذلك المكان ولتلك الثقافة، لذلك كتبت كل أسئلة الدهشة في رواية "جدتي الرقمية"، كما تَمنيتُ أن أرى السِندبادُ العصري فكتبتُ رواية "الفتى الذي يشبه السِندبادُ"؛ كي أُحثّ فيها الشباب العربي على التعلم والمعرفة والدخول في تجارب ومغامرات من أجل الحصول على العلم، لا حل للثقافة العربية إلا أن تتخلى عن خرافاتها من أجل العلم لتتقدم، حتى الدين يَحثُنا على العلم لكننا نُعلي من شأن الخرافة على حساب العلم فنهوى سريعًا.

✧ لكُلِ كاتب رصيد من الخبرة والمعرفة، وهناك المئات من المبدعين المؤثرين في وعي المُتلقي، فلمن من هؤلاء تقرأ؟ وكيف تُقِيّم الأعمال الأدبيَّة الأُخرى؟

أحاول أن أقرأ كل ما يكتب قدر الطاقة، سواء جيل الأساتذة العظام ممن سبقونا مِن أول يحي حقي، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وقبلهم طه حسين.. إرثٌ مُهم وكبير لمبدعين شَكَّلوا حركة أدبية مهمة مثل يوسف إدريس، الذي كان مهمومًا بالتجريب والتجديد، وأمثال يحيى الطاهر عبد الله، وبهاء طاهر وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم، هناك كتابات تلفت نظري من كتابات زملائي أو من الجيل الحديث، وأُحاول أن أكتبَ مراجعات لهذه الكتابات تحمل رؤيتي ووجهة نظري فيما قرأتُ، ليس قدحًا ولا مدحًا ولكن لأقدم رؤيتي للعمل الأدبي من منظور نقدي متوازن.

✦ بعض النَّقَّادِ وَالْمُبْدِعِينَ أصبح كُل منهم يتحرك في مَسَارِ مفارق للآخر، ولا بد للرؤية النقدية أن تكون بمثابة نَصٍّ مُوَازٍ، فما رؤية النقاد في أعمالك؟

لقد حظيتُ بمتابعات نقدية مهمة وكثيرة وعديدة، ربما لا أحصي منها ما وقع تحت يدي ومنها ما عَلمتُ به لكن لم أعثر على النص المكتوب، أهتمُ بالنقد وأرى أنه مُهم للكاتب، وقد حظيت بآراء في أعمالي أكثر مما كُنت أتمنى.. أحدهم كتب لي ذات مرة وكان ناقدًا وأستاذًا جامعيا إنه يرى مثلا رواية "جبل الخرافات" من أهم مائة رواية عربية، وبعضهم تحدث عن رواية "رسائل جدي" كمنجز أدبي كبير ومختلف، وبعضهم كتب عن رواية "آخر سلالة عائلة البحار" كلامًا مهمًا جداً عن قيمة الرواية، وهناك رسائل علمية بالجامعات عن أعمالي.

✧ هل يمكن للرواية في العموم ورواياتك على وجه الخصوص أن تحدث تغييًرا جذريا في الحياة البشرية، وتجعل المتلقي أكثر معرفة ووعيًا بعالمه والعوالم الأخرى؟

لا يوجد إبداع يحدث تغييرا جذريا في الحياة البشرية، الكتابة تحاول فهم الحياة، تقدم الجمال للقارئ والمتعة معًا؛ لأنها عمل فني في الأساس والأعمال الفنية والإبداعية هدفها في النهاية تقديم الرسالة مغلفة بالمتعة، لو خليَت من الإمتاع صارت موعظة أو خطاباً أيديولوجياً صارخاً، لهذا فالأدب كباقي الفنون يحاول تحسين الحياة، ويحاول فهمها ويحاول أن يقدم رؤية للعالم ربما ينجح الكاتب أو يفشل، لكنها محاولات لكسر جمود الحياة وفهم الموت وإضاءة قبح الحياة الذي يسود أحياناً في الحروب والمجاعات والأزمات، ربما نستطيع أن نضيء شمعة صغيرة لتضيء ظلام العالم أحياناً.

✦ من أين وكيف يستدعي الكاتب شخصيات رواياته؟ هل هي أشخاص واقعية أم أنه يرسمها بحنكة لأنها من وحي خياله؟

الكاتب لديه حياة ولديه تفاعل مع هذه الحيوات التي يعيشها هو لا يدري من أين يستقي أعماله، لكنها حتمًا ستولد مع تجاربه العديدة في الحياة ستنضج مع نضوج مشاعره وستقوى مع أول ضربة سيتلقاها فتُقويه، الكاتب مثل أي إنسان يعيش حياته لكنه فقط يعيشها على مستويين، مستوى الواقعي بكل تفاصيلها وأوجاعها وآلامها وحلاوتها ومتعتها، ومستوى آخر وهو ما يراه بشفافية العارفين أو بروحه أو يلتقطه، ويكمن ربما بداخله سنوات كمخزون ينتظر إشارة ليخرج للنور، قد يشاهد حوادث تاريخية كبيرة أو يعيشها لكنها تمر مرورًا عابرًا لا تهزه، وربما يرى طفلًا يبكي فيخرج ماردًا من داخله، لحظة الإشارة التي ينتظرها الكاتب أو لحظة الاشتعال والتوهج ليس لها موعد، والحكايات سواء عظيمة أو صغيرة مهمشة تظل داخله حتى يخرجها مكتوبة ساحرة تشد الآخرين إليها، المستوى الثاني هو الأعمق في رؤية الكاتب، وهو زاده ومعينه على الكتابة، فقد يرى الناس وهم يركبون إحدى عربات المترو رجلا يتحدث عبر الهاتف إلى زوجته، حدث عارض لا يلفت الانتباه لكنه قد يراه بمستواه الآخر يصلح بطلًا لرواية إنسانية عظيمة، هذا الرجل لن يتذكره أحد من ركاب المترو سوى كاتب أتته الإشارة لحظة الرؤية الأخرى للعالم الظاهري، فرأى رجلا يمثل إنسان التفاصيل الصغيرة التي تقتل الحياة داخل البشر... الحياة تمدنا بالإبداع وتمنحنا تفاصيله، وعلينا فقط أن نسرده للناس بشكل جيد، وعلينا أيضًا أن نعيد تركيب المشاهد التي رأيناها وليس بينها رابط في الظاهر، لكنها يمكن أن تنخرط في عقد ربما يربطها الألم أو تربطها السعادة أو الدهشة، علينا أن نقدمها لا كما رأيناها بعيوننا، ولكن كما رأيناها بأرواحنا، تلك هي الرؤية التي تجعل الكاتب مختلفاً في ممارسة الحياة عن غيره.

✧ تتعدد كتاباتك وتتنوع ما بين شعر ورواية وأدب أطفال.. هل هناك كتابة أفضل من كتابة؟ وكيف حدث هذا التنوع؟

السؤال يبدو فخًا للكاتب لكن في الحقيقة أنا لا أعترف بتلك التسميات وهذه الأنواع، أنتِ تتحدثين عن أشكال لتسمية واحدة هي الإبداع، الإبداع هو الجوهر الحقيقي لهذه الأنواع الأدبية، كل الأنواع الأدبية تتجاور وتتلاقح وتتداخل ولا يوجد صنف أو نوع أدبي خالص، فمثلا من قبل أن توجد الرواية أين كانت.. بالتأكيد هذا النوع الأدبي كان موجودًا ربما لم يكن موجودًا بهذه الصورة التي هو عليها الآن لكنه كان موجودًا سمه ما شئت، لكن لا يمكن أن يوجد شيء من فراغ، النقاد يتحدثون طويلًا عن أصول ونشأة الرواية هذا ما أعنيه، كل الأنواع الأدبية تتوارى في القيمة الأهم الجوهر ما أسميه "الإبداع"، حتى العبور إلى الأشكال الأخرى في الإبداع منها الرسم أيضاً والفن عمومًا، أنا أجد نفسي في الكتابة أي كان نوعها... سواء الرواية، أو الشعر، أو الكتابة للطفل، وأنا أستمتع بكتابتي قبل القارئ أجد دائمًا متعة في الكتابة وأحزن حين أنتهى من عمل؛ لأنني أشعر أنني أفارق شخصياته وأجواءه وعالَمه.

✦ حصلت على جوائز عديدة في مصر على المستوى المحلي، وجوائز أخرى عربية، ما الذي تمثله الجائزة بالنسبة لك؟

كنت موفقًا، فقد نلت العديد من الجوائز كما قلت سابقًا في بداية مشواري الإبداعي، منها: جائزة سعاد الصباح، وجائزة المركز القومي لثقافة الطفل، ثم كانت جائزة الشارقة في الرواية، ومنها جائزة نادي القصة، وجائزة مجلة الصدى الإماراتية، وجوائز أخرى عديدة من الكويت والدوحة مثل جائزة كتارا، ومؤخراً هذا العام جائزة ساويرس، وجائزة أفضل كتاب لليافعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومنحة البدر لكتابة سيرة الرسول الكريم، طبعاً هذه الجوائز مهمة للكاتب في ظل غياب واضح للنقاد في مصر، بعض النقاد في مصر شوهوا الحركة الثقافية، لم يعد هناك حركة نقدية مثل التي كانت موجودة في الستينيات وما قبلها، النقاد الآن أكثرهم "تك أواي" يقرأون الأعمال وهم في طريقهم للندوات والمؤتمرات، وبعضهم من خلال حديثه تكتشف أنه يتحدث عن عمل آخر غير الذى يتحدث فيه.. نحن نحتاج إلى جيل جديد من النقاد أراه يتشكل حاليًا، ومن المؤكد أن الجوائز الأدبية مهمة جدًا للكاتب في ظل هذا الجو الخانق حتى تدرك أنك تسير في اتجاه صحيح.

✧ هناك أنماط متعددة من التجريب والتغريب في الكتابات الروائية، فهل تميل في إبداعك مع تلك الاتجاهات والأنماط تحت ما يسمى بالحداثة الروائية؟

لا أظن أن هناك كاتبًا مبدعًا يكتب من خلال مدرسة أو وفق قواعد مدرسة أدبية، فقيمة الكاتب في حريته، وأنه لا يتبع قواعد إلا ما يفرضه هو على ذاته ومن ثَم فأنا أدع النقاد يصفون ما أكتبه، لكن قناعتي أنما أكتبه هو وليد حريتي وقناعاتي التي تتولد لحظة الكتابة؛ لأنني أؤمن أن كل عمل يبني نفسه وعالمه هو ما يفرض طريقة بنائه، والكاتب حر في اختيار طريقته في إنجاز عمله، لا يجب أن يتبع قواعد مدرسية ولا أعتقد في التجريب أو التغريب، بل أظن أن كل ما يحدث أن كاتبًا يتمرد لأنه أراد أن يتمرد، أو كاتب آخر فضل التقليد عن الحرية واختار الاتباع عن الإبداع، الكاتب هو لحظة اختيار بين طرق متعددة يختار من بينها أيها سيسلك الوعرة أو الممهدة أو الترابية، أو الواسعة أو الضيقة.. الكاتب اختيار والاختيار يعني الحرية، ولا يوجد كاتب عظيم بدون حرية أو قدرة على الاختيار، وإذا فقد الكاتب حريته فقد إبداعه، وربما في أحلك الظروف وداخل السجون يولد أدبًا حرًا لأن الكاتب برغم ما يحيطه من ظلام لم يفقد حريته؛ لأنها حرية إرادة وروح وليست جدران.

✦ الطقوس الخاصة أثناء ممارسة الكتابة ضرورة لكل مبدع لتمكنه من المواصلة، فماذا عن طقوسك الخاصة؟ وهل سنحظى قريبًا بأحد أعمالك الإبداعية الجديدة؟

طقوسي عندما تلح علي الكتابة بسيطة لا تتجاوز سوى اللاب توب، وفنجان القهوة الذي يتكرر، وإضاءة خفيفة في الغرفة، وصمت تام لا أريد أن أنشغل بشيء سوى الكتابة فقط هذا كل ما يحدث أثناء الكتابة، زوجتي تعرف ذلك تعرف قهوتي، وتمنحني بحضورها طاقة للكتابة فهي القارئ الأول لي، أما عن أعمالي القادمة فلدي رواية ستصدر قريباً عن دار نشر عربية بعنوان "القطة عازفة الكمان"، وهناك مشاريع أخرى ما زالت تكتمل.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها