سيمياء الشخصيات في المسرحيات الإبداعية

حوار مع وفاء الشامسي الفائزة بجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية 2023

حاورتها: سريعة سليم حديد


الدكتورة وفاء الشامسي نجمة برَّاقة في سماء سلطنة عمان، تكتب بأحرف تنبض رقة وجمالاً في مجال أدب الأطفال بمختلف أجناسه، ساهمت في تأسيس مجموعة أدب الطفل العماني، وتعزيز الحركة الثقافية في مجال التأليف والكتابة للطفل. فازت بجائزة الدولة القطرية في مجال الكتابة المسرحية للأطفال عام 2020، وقد نالت مؤخراً جائزة الشارقة في مجال الدراسات الأدبية لإبداعات المرأة الخليجية في الآداب، فأثبتت قدرتها الأدبية المميزة في مجال المسرح خاصة، لما لها من إسهامات كبيرة في مجال الإخراج وما إلى ذلك.
 

وكان لنا معها الحوار الآتي:
 

 عنوان الدراسة التي فزت بها: "سيمياء الشخصيات في المسرحيات الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع: قراءة تحليلية" هل لنا أن نطلع على بعض النقاط الهامة فيها، وما الهدف منها؟

قمت باختيار أربع مسرحيات فائزة بجائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها 22 لعام 2018م، وذلك نظراً لأهمية هذه الجائزة، وأهمية الأعمال التي تحصد المراتب الأولى، وخصوصاً الأعمال الموجّهة للأطفال. وقد جاء هذا البحث ليتناول سيمياء الشخصيات الموجودة في المسرحيات الأربع من خلال تحليلها، والوقوف على سماتها، بدراسة أنماط الشخصية المسرحية التي اعتمدت حسب ما ورد في الأدب التربوي في تصنيفها إلى شخصية البطل، والشخصية النامية، والشخصية الثابتة، والشخصية الرمزية.

يتمثّل هدف البحث في تحديد سيميائية الشخصيات التي استعان بها الكتّاب في البناء الدرامي لأعمالهم الفائزة، وإلى الكشف عن أنواع هذه الشخصيات، وسماتها، وبالتالي محاولة بيان أثرها على الطفل المتلقّي، وأسباب اختيار شخصيات معينة دون أخرى.

وتتمثل أهمية البحث في الوقوف على الملامح العامة لسيميائية الشخصيات في المسرحيات عينة الدراسة؛ بوصفها مكوّناً أساسياً من مكونات العمل المسرحي، مما يفيد الكتّاب والمهتمين مستقبلاً في استقراء سيميائيات ما يُكتبُ للطفل العربي، ومساعدتهم على تحرّي الإبداع والأصالة في ابتكار شخصيات نصوصهم المسرحية الموجهة للأطفال، إضافة إلى بيان أثر نوع الشخصية على الأحداث، وتوضيح علاقة الشخصيات ببعضها البعض، والمساحات المخصصة لهذه العلاقة، ومدى التداخل فيما بينها.

 حصلت في عام 2020 على جائزة الدولة القطرية لأدب الطفل في المسرح، وكان عنوان المسرحية: (باي باي بوبجي)، وكذلك حصلت الآن على جائزة الإبداع في الشارقة، فأية جسور استطعت مدّها بين العملين حتى وصلت إلى ساحة النجاح والتألق؟

لم أكن أطمح إلى الفوز بالجائزتين؛ وإنما كان همّي أن يكون اسمي حاضراً بين أسماء المشاركين، خصوصاً في القائمة القصيرة، ويُعد هذا تتويجاً لجهودي كباحثة وكاتبة. إن الشغف الذي يربطني بالمسرح، وإبقاء علاقتي وطيدة به هو الجسر الذي عبرتُ من خلاله بين العملين، فقد اعتنيت باختيار شخصيات العمل المسرحي (باي باي ببجي)، واشتغلت على رسمها بدقة لتصل إلى الطفل المتلقّي، ويشعر بأنها تمثله في مرحلة ما من خلال أحداث المسرحية ومشاهدها. من هنا جاءت الرغبة في تتبع سيمياء الشخصيات التي استعان بها الكتّاب الآخرون في معالجة نصوص مسرحياتهم الموجهة للأطفال.

 أية جوانب هامة حرصت على وجودها في عملك، حتى أقنعت بها لجنة التحكيم، مما جعلها تعطيك علامة الفوز؟

لم يتسن لي معرفة لجنة التحكيم أو قراءة تقييمها، لكني أجزم بأن الموضوع الذي تناولته أثار اهتمامها، خصوصاً أنني اعتنيت بتحليل الشخصيات الموجودة في الأعمال المسرحية، وتتبعت خط سيرها وبالتالي تأثيرها على النص بشكل كامل. وهذا يكاد يكون من الاشتغالات القليلة جداً على سيمياء الشخصيات التي تدخل في أعمال الأطفال؛ خصوصاً أن الشخصية لها تأثيرها الكبير وأبعادها المتفاوتة على عقليات الأطفال وتوجهاتهم. وراعيت كباحثة أن يتَّبع البحث أصول البحث العلمي؛ كي أقدم دراسة بحثية متكاملة من حيث المبنى والمعنى.

 عملتِ محكمة في العديد من المسابقات التي تخص أدب الأطفال، فما الذي لفت نظرك بشكل عام، وجعلك تستفيدين منها؟

العمل في مجال التحكيم يتيح لك الاطلاع على خبرات متنوعة يُستهدف إليها الأطفال، وتأتي هذه الخبرات في محاور شتى: كالفكرة ومعالجة النص والاشتغال الأدبي والفني، وما يتعلق باختيار العقدة والحل المقدّم للطفل القارئ.

لقد حكمت في مسرح الطفل، والشعر والقصة، وبعض محاور الدراسات المتخصصة بالعديد من جوانب أدب الطفل، لذلك أقول: إنني استفدت بلا شك من تلك التجارب، فتشكلت لدي موسوعة مصغرة حول أساسيات الكتابة الناجحة.

كذلك وجود الأديب ضمن لجنة التحكيم يجعله ينتقي موضوعاته بدقة ويشذِّب أسلوبه، ويكون أكثر دقة في تقديم أي منتج إبداعي يفكر فيه، بحيث ينال الإعجاب ويترك بصمة ثابتة على جدار الأدب؛ لأن المحكم يجب أن يحافظ على مركزه الأدبي في الساحة الثقافية، ويكون على مستوى عال من التوازن والإبداع، بذلك يحق له أن يكون قدوة يحتذى بها.

إن تناول النص على طاولة التحكيم يستهدف تحليله وقراءته بعين المتفحص، وهذا ما يمكّن المحكّم من اختيار أدوات الكتابة المناسبة لاحقاً؛ لأنه سيكون حريصاً على تحكيم نصه والتدقيق فيه قبل خروجه للنور.

لفت نظري أن كثيراً من المعالجات ما زالت تتناول المعالجة بمفهومها الكلاسيكي، إضافة إلى الحشو والإطالة في السرد وهو ما لا يناسب الأطفال. كما أود الإشارة إلى أن غالبية الاشتغال في هذا المجال ما يزال يعتمد على المنظومة القيمية بالدرجة الأولى، مما يجعلني أقول: إن معالجة الموضوعات المستجدة تحتاج إلى عناية أكبر وأعمق.

 هنالك أسماء أدباء أخذت تشق طريقها في مجال الإبداع الطفلي، برزت خاصة في المسابقات الدولية؛ فما هي انطباعاتك التي كونتها حِيال الجيل الصاعد من الأدباء الفائزين على مستوى الوطن العربي؟

لقد حكّمت في فترة سابقة ضمن جائزة عبد الحميد شومان كتابة اليوميات لليافعين، وأدهشتني المعالجات التي قرأتها في الأعمال التي ترشحت للمراكز الأولى، إذ كانت النتيجة النهائية على النحو الآتي:
حصدت الكاتبة هالة عبد النبي عباس من مصر المرتبة الأولى، عن عملها "معسكر غابة السناجب"، فيما فازت بالمرتبة الثانية الكاتبة بثينة بهاء البلخي (أردنية سورية)، عن عملها "يوميات مراهقة بدينة"، وحلت بالمرتبة الثالثة الكاتبة السعودية فاطمة يعقوب الخوجة، عن عملها "يوميات بنكهة كوفيد".

وتعتبر هذه الأعمال نموذجاً متميزاً بالإضافة إلى الأعمال التي دخلت في القائمة القصيرة لمعالجة اليوميات الموجهة لليافعين، خصوصاً أن هذا الأدب لا نجد له المساحة الحقيقية من الاهتمام والاشتغال على مستوى الوطن العربي. ومع ذلك فإني أستطيع القول: إن الاشتغال الراهن في أدب الطفل واليافعين على مستوى الوطن العربي يدعو للراحة حقيقة؛ لأنه يدل على أن هذا الأدب يسير بخطى جادة وواثقة طالما أن بيننا أسماء تكتب بحبٍ وحرفية للطفل.

 غالباً ما يكون وراء كل إنسان ناجح جندي مجهول، فمن هو ذلك الجندي الذي أمسك يدك، وقادك إلى ساحة الإبداع والنجاح؟

أعتقد أن من أشعل الشرارة الأولى في قلبي كانت جدتي -رحمها الله- وفي كل عمل أكتبه يكون هناك جندي مجهول يقودني للاشتغال عليه. يمكنني القول: إن أبنائي هم العطر الذي يدغدغ مساحات إبداعاتي ليأخذني بمتعة نحو العالم الأرحب.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها