جبار ياسين

مسافرٌ أبدي يبحث عن نبتة خلود

حاوره: عاطف محمد عبد المجيد

جبار ياسين الذي يحلم كأجداده بمدن فاضلة قد لا يراها في حياته الأرضية، ولد في بغداد في العام 1954، وبدأ النشر في مجلات عربية في بيروت ويذكر سعادته حينما نشرت له مجلة الهدف البيروتية أول قصيدة له في نيسان 1973. على عجل وبمعجزة يغادر العراق إلى فرنسا فجر الثالث من آب 1976. تُرجمت كتاباته إلى لغات أوربية أخرى كالإيطالية والإسبانية خاصة كتابه "القارئ البغدادي"، الذي صدر في العام 2000 وترجم حتى اليوم إلى 14 لغة. كما ترجمت أعماله الأخرى إلى لغات كثيرة تجاوزت اليوم 15 لغة. في ديسمبر 2006 عرضت القناة 22 الثقافية بالقارة الأمريكية اللاتينية فيلم "المسافر بين الثقافات"، الذي تناول حياته وأفكاره التي يناضل من أجلها، خاصة فكرة تواصل الثقافات.
وفي شهر شباط يتسلّم "إكليل السلام العالمي" في مدينة بومبي لدوره في التقريب بين الثقافات، كما منحته مؤسسة كريكال الثقافية في إيطاليا عام 2010 جائزة المتوسط العالمية تقديراً لمجمل أعماله الأدبية. جبار ياسين، رغم خيباته الكبيرة التي يعبر عنها في حواراته، ما زال يكتب ورغم خيبته المعلن عنها، فإنك حين تسأله عن بلاده لن يتوقف عن الحديث عنها إلا بصعوبة وغصة في حنجرته. في ريفه، في حديقته يزرع أشجار الأمل وزهراته. حين يسافر يحمل وطنه الأم على ظهره، ويبدو مثل مسافر أبدي باحثاً عن نبتة خلود، كما كتبت عنه الإيطالية تيرزا لسكيتي.


 

أعرف أنك تقيم في فرنسا منذ ما يزيد عن أربعين عاماً.. هل غيّرت إقامتك، خارج الوطن العربي عامة والعراق خاصة، في تكوينك أم هي فقط مجرد إقامة خارج حدود الوطن الأم؟

هي إقامة خارج حدود الوطن الأم وخارج ثقافاته خصوصاً. الوطن بيومياته وأساطيره وشمسه وأموميته كذلك، يصبح حلماً بعيداً. الأرض تميد نهائيّاً بلا عودة، فالمنفى قطع في الذاكرة، انتقال إلى ذاكرة أخرى، ذلك أشبه بولادة أخرى في العشرين، المشهد كله يتغير، اللغة كذلك والإحساس بمرور الزمن. شخصيّاً عشت، واقعيّاً، خارج حدود الوطن منذ لحظة ابتعادي عنه وأنا في العشرين من العمر، في زمن قياسي وجدت نفسي في دهشة كبرى أمام عالم آخر، ليس دهشة السائح، بل دهشة الغريب، الوحيد، الذي عليه إعادة صياغة عالمه كله من جديد. شاءت الظروف أن أكون خارج الغيتو العراقي أو العربي، اجتماعيّاً وثقافيّاً منذ وقت مبكر، بعد أن اكتشفت هشاشة الغيتو وسطحيته. لسنوات طويلة عشت منعزلاً عنه ولا أصادفه إلا نادراً ولوقت قليل. لكني داخليّاً، كنت دائماً أعود إلى الوراء، إلى الماضي في غير انقطاع، كما عبر الراوي في جاتسبي العظيم.
المنفى "رغم سيولة هذه الكلمة وفقدانها لمعناها اليوم"، هو غربة قصوى تمضي بك للبحث عن لغة أخرى لتجد مكاناً لك في مجتمع لم تولد فيه. تبقى وحيداً لكن اللغة تعيدك إلى شحن الذاكرة الأولى والاندماج مع ذاكرة المجتمع الآخر في نفس الوقت. لقد دخلت بقوة وبجهد في المجال المغناطيسي لمجتمع الضيافة، وأقصد المجتمع الفرنسي، ثقافيّاً لكي أجد توازناً في إنسانيتي النصف مُستلبة. اعتناق ثقافة جديدة في الغربة وطن على إيقاع مقولة علي بن أبي طالب: "الغنى في الغربة وطن". بالتأكيد لم أعد كما الذي خرج من بلاده قبل 43 عاماً. المنفى يعلمنا دروساً أخرى.لا يسعني إلا أن أقول لك: أنا مزدوج الثقافة لكني لا أشعر بالفصام. كائن بوجهين يبدو غريباً وأقرب إلى مسوخ بابل لكنه أَلِف نفسه كذلك.

تكتب بالعربية وبالفرنسية.. تُرى أيهما أقرب إليكَ، وأيهما أسرع في حمْل أفكارك وإبداعاتك إلى القارئ؟

سؤال صعب لا جواب مطلق له. كأنك تسألني أيهما الأقرب إليك: الأم أم الحبيبة؟ اللغة الأم حاضرة دائماً بطرق مختلفة في الذاكرة القديمة وهي لا تصدأ. اللغة المُتبناة حاضرة يوميّاً. أعيش وقتي كله في أجواء فرنسية وبالتالي فإن الفرنسية حاضرة في التفاصيل. أتحدث قليلاً الإيطالية والإنجليزية والإسبانية، لكن حتى في هذه اللغات فإن مرجعيتي في الذاكرة اللغوية هي الفرنسية، أقصد أن نسق العبارة يفكر بالفرنسية التي هي أقرب إلى هذه اللغات، بينما العربية من عائلة لغوية بعيدة جدّاً. سئلت وبدوري تساءلت كثيراً في هذا الأمر. إنه أمر شائك بعد هذا الزمن الطويل في أحضان لغة أخرى، يومية في القراءة والحديث والتفكير غالبًا، كيف أشرح لك هذا؟ ما قرأته وسمعته باللغة العربية أفكر فيه عربيّاً والأمر نفسه ينطبق على الفرنسية. حينما أتحدث مع فرد أو جمهور، كما هو الحال معك الآن، فإن مجموع أفكاري تمر بعملية ترجمة متبادلة، لذلك تجدني، أحياناً، بطيئاً في الحديث. لغتي، ترجمة مستمرة هي نتاج هذا الازدواج الثقافي – اللغوي. وحيداً، وقد راقبت نفسي مراراً، أجدني أفكر بالفرنسية، بل إني خلافاً لما يقوله مَن لم يجرب هذه الازدواجية، فأنا أحلم منذ أكثر من عشرين عاماً بالفرنسية. تصور حتى أمي وأبي، اللذان لم يتركا العراق يوماً إلا للحج، يتحدثان معي في أحلامي بفرنسية مفهومة في أجواء الحلم.
على صعيد الكتابة فإن كيميائية غريبة تتحقق لحظة ولادة الفكرة التي تتشكل لغويّاً. أحيانًا تأتي العبارة بالعربية فيستمر النص عربيّاً وأحياناً العكس، فلا أستطيع بسهولة العودة للعربية. أكتب نصاً "نغلا" أعيد كتابته فيما بعد بهدوء على إيقاع عربي وبقواعد العبارة العربية. يحدث هذا في كتابة النصوص الشعرية بشكل شبه مطلق. في النثر أحدد المسار مسبقاً وأبذل جهداً لأيام كي أجد نفسي في هواء اللغة العربية. نحن أبناء طبيعتنا الثانية، التطبع، أكثر من كوننا أبناء الطبيعة الأصلية "الفطرة". أفادتني الفرنسية في تشكيل الجملة من فاعل وفعل ومفعول وتكملة أي العبارة القصير، الزخارف اللغوية، السائدة في النثر العربي، تجعل من الجملة عصية على الترجمة؟
مثالًا: أشرفت على ترجمات كثيرة من العربية إلى الفرنسية وانتبهت إلى أن الكثير من الكتاب، الشباب خصوصاً، يكتبون جملاً بلا أفعال بل صفات تلي بعضها، تحل محل الأفعال، فلا تعرف أين ستقودك الجملة التي بلا إيقاع، أقصد فارزة، فارزة نقطة، نقطتين، نقطة ختامية. هذه العلامات تجعل القارئ يتنفس بانتظام، والتنفس مع العبارة هو لب القراءة. أحب الكتابة بالعربية لكني، وهذا شعوري، أكتبها بنَفَس آخر. مثلاً أتجنب الكلمات التي فيها حروف ثقيلة تأتي تباعاً مثل طمع أو افرنقع أو تنطع؟ أعتقد أن الكاتب، أو كثير من الكتاب يطربون للعبارة التي يخطونها. أنا مثلهم، ينبغي أن أطرب قليلاً للعبارة، هكذا أفكر في القارئ سواء كان عربيّاً أم فرنسيّاً. لا أحب "الزمخشرة" في اللغة!
 


جبار ياسين ومحاوره عاطف محمد عبد المجيد
 

:: دروس المنفى ::
 

أنت تكتب الرواية والقصة والقصيدة والمقال.. أيُّ هذه الأجناس أحب إليكَ ولمَ؟

كلهم بالتأكيد. كلهم لحظة الكتابة، وكما لكل مقام مقال، فإن لكل فكرة طريقة في صياغتها والتعبير عنها كما قلت لك، الأفكار تولد وتنمو بطريقة فوق إراداتنا. لا ندري كيف تأتي، نفسرها أحياناً على ضوء العلم "التجربة" أو الغيب "الإلهام"، لكن هذا غير كاف. هنالك شيء ما يبقى سرّاً في الفن مثل العشق، لكن أعتقد أن لي ضعفاً، كما يقول الفرنسي، أمام القصة القصيرة. أتمتع كثيراً وأنا أفكر ثم أكتب قصة قصيرة. ربما لأنها الأصعب أن تكتب قصة قصيرة عليك أن تدوْزن اللغة والحدث والأفكار بطريقة صانع العطر، ينبغي أن يكون هناك توازن كامل بين هذه العناصر لكي تنجح القصة، بمعنى أن الحدود حساسة جدّاً وعلى طولها أجراس إنذار، أدنى مبالغة تفسد القصة وتنحو بها إلى الشعر أو النثر الروائي أو المقالة، وهكذا فإنها تصير شيئاً آخر، إلا قصة قصيرة. كتبت المئات من القصص القصيرة لكني لم أنشر إلا العشرات. البقية قصص فاسدة عليّ أن أعيد كتابتها. القصة القصيرة مثل البيضة المسلوقة: ليس أقل من ثلاث دقائق ولا أكثر.

جبار ياسين عراقي المولد والجنسية، ويقيم في فرنسا منذ عقود.. لكنك حين تحدثني عن مصر وزياراتك لأحيائها وساكنيها يتأكد لي أنك مصري أباً عن جد.. من أين جاء شغفك وحبك الشديد لمصر وأهلها؟

لا يهمني اليوم إن كنت مصريّاً أو عراقيّاً أو فرنسيّاً أو مكسيكيّاً، أو أي جنسية أخرى. أنا اليوم مجموع هذه الجنسيات. هذا واحد من دروس المنفى. لكن صحيح إن لمصر عشق في داخلي. يا أخي مصر مثل أم لنا نحن العرب خصوصاً، لقد علمتنا مصر الكثير، صاغت طفولتنا واحتضنت شبابنا وما زالت حاضنة للكثير منا. إنها فعلاً أم الدنيا الحنونة، وأضيف، كعراقي، أن العراق أب الدنيا القاسي علينا، نحن أبناؤه مصر علمتنا الأدب، وفتحنا عيوننا على دنياه عبر كُتاب مصر، مصر علمتنا الغناء وأعطتنا لغة الحب والغزل، أعطتنا السينما التي وسعت مخيلاتنا، أعطتنا دروساً في الوفاء ولحن الوفاء، مصر كانت وفية دائماً، لذلك لست وحدي "مُتيّماً" بها. أغلب ذكريات طفولتي ومراهقتي وشبابي الأول مصرية، مزيج من الأغاني والأفلام والمجلات والكتب والاحداث الحاسمة التي شكلت وعيي السياسي والاجتماعي. حبي لها بعض من وفاء، ومصر بذلت الكثير لكي نعرفها ونحبها عبر فنها بشكل خاص. إنها هي التي أعلنت حبها لنا فبادلناها حبّاً بحب، لا أبالغ إن قلت إن في كل عربي شيء من مصر.

هناك كُتاب عرب كثر يحلمون بالهجرة إلى العالم الآخر، الأوروبي أقصد، من واقع تجربتك هل تنصحهم بالهجرة، أم بالبقاء حيث يقيمون الآن؟

المسألة لا تتعلق بنصيحة. كل إنسان يعيش تجربته الخاصة ويحدد مصيره بمستطاعه وحسب ظروف العالم. بالنسبة للكاتب فإن الانتقال إلى مكان آخر هو تجربة من نوع آخر، تختلف عن بقية الناس، هذا لا يعني أن الكاتب أفضل من الآخرين. أبدًا، بل إن رؤيته للعالم، في الغالب مختلفة للمكان أهمية قصوى عند الكاتب، فهو أيضاً مركز مهم لخياله، وبالتالي لعمله الأدبي، لكن أقول قبل كل شيء إن المنفى أمر شاق، ويجعل المرء يعيد النظر في كل شيء. ثم إن العالم في العقود الأخيرة صار مركباً، في غاية التعقيد ومتشابه في قسوته، كذلك فإن الانتقالة مرتبطة بعمر الكاتب وظروف العمر الاجتماعية والصحية وثبات الأفكار.
شخصيّاً وصلت في عمر مبكر إلى فرنسا، وبعد تجربة سياسية مريرة في حياتي، ما زالت ندوبها لم تندمل، أكاد أقول إن انتقالة الكاتب إلى مكان آخر هي مرارة مضاعفة قياساً إلى إنسان يبحث عن تطوير حياته المادية، بالنسبة للكاتب سيكون الأمر مختلفاً، رغمًا عنه، فهو منفي عن اللغة والمكان، وبتر في حياته وفي عمله الأدبي، ومن الصعب البداية في وقت متأخر. الأمر في النهاية مرتبط بالفرد، ولا مقاييس محددة سلفاً. لكني أمزح أحياناً مع أصدقائي وأنا أردد هذه العبارة:
"ثلاث ينبغي ألا يفعلها المرء في حياته: المنفى، وترميم بيت قديم، والعودة إلى حبيبة الصبا في الكهولة"، أنا مؤمن بذلك رغم قراءتي لرواية ماركيز "الحب في زمن الكوليرا".

:: هذا هراء ::
 

أنت تكتب القصة والقصيدة وأشياء أخرى.. ونحن في عالمنا العربي نستكثر على الكاتب أن يكتب في أكثر من نوع أدبي.. ونُرجع أحيانًا ذهابه إلى نوع آخر بالفشل فيما كان يكتب من قبل.. فما قولك في هذا؟

المعذرة هذا هراء. ليس هناك حدود حينما يتعلق الأمر بالفن؛ إنها مبالغة نقاد فاشلون، ما زالوا في زمن أغراض الشعر من مديح وهجاء ووصف وحماسة، إلخ.. بالمناسبة هل فشل المعري في شعره ليكتب رسالة الغفران؟ كما أكرر دائماً، فجمهورية الأدب ليس لها حدود. الكتابة تجربة في التعبير عن العالم وبالتالي فإننا نتنقل من حقل لآخر للتعبير عن التركيبية في هذا العالم، قصة أو رواية أو مقالة أو بحث تقني أو ترجمة لنص نحبه ونود مشاركة القارئ فيه. طه حسين، شأنه شأن الكثير من كتاب عصرنا، كتب في النقد والتاريخ والرواية والترجمة وأبدع في كل ما كتب. هل كان فاشلًا في نوع ما؟ لا أعتقد. نحن جميعاً أبناء شهرزاد نخلط المروي بالشعر والتاريخ والحكمة والجنس والطرافة والفروسية، وكل تعبيرات الحياة كي نستمر في العيش لليلة أخرى، ونمضي أبعد من الألف.

منذ أن التقينا من سنوات وأنا أرى أنك ساحة لحب ومحبة الجميع دون استثناء، تفتح قلبك وبيتك لمن يريد، وتمد يدك للجميع حتى قبل أن يطلبوا العون.. وبهذا أنت شخصية نادرة في زماننا هذا.. هل لديك وصفة للكُتّاب حتى يصبحوا نسخة طبق الأصل من جبار ياسين؟

كل واحد منا شخصية نادرة وبصمات أصابعنا تشهد. لا أعتقد أن لي ندرة أكثر من هذه. الإنسان ابن أمه وأبيه وتجربته أيضاً. أعتقد أن الحب هو أفضل الطرق لجعل الحياة قابلة للعيش، حينما نحب يكون لنا مشروع دائم، ويصبح كل شيء له أهمية. لست مع الاستنساخ فهو غير إنساني، لكل إنسان شروطه في الحياة القاسية، كل حياة قاسية ما دامت النهايات واحدة، تجربة المنفى والسفر علمتني أن الحياة هي نفسها في كل مكان، مشاكل البشر هي ذاتها، لا تختلف من صقع إلى صقع وفي النهاية فإن الموت يساوي بين الجميع، بين الراعي والرعية. نحن البشر لا نستطيع أن نغلب الموت لكن فينا قدرة على الحب قادرة على هزيمته ولو مؤقتاً. أنا أؤمن بالقدر الإنساني المشترك الذي يبشر به صديقي الفيلسوف الفرنسي ادغار موران. وأعتقد أن الحب يعيدنا إلى الصفاء الأول للإنسانية الأولى، الطفولية، البريئة.
ثم إن الآخرين مرايا لنا فيهم نرى صورنا الماضية والقادمة، وصورة الحاضر طبعاً. الحب ليس كالشعر "صعب وطويل سلمه" كما عبّر الحطيئة الذي هجا كل البشر، إنه لحظة تزول فيها الموانع بين البشر في أخوّة فطرية، قديمة وعريقة. أخيراً أعتقد أن الكتابة والفن عموماً هما نوع من الحب، الكرم، المشاركة. الكاتب في نهاية المطاف بحاجة إلى شريك هو القارئ لذلك فإن أول أخلاق الكتابة هو حب الآخر الذي لا نعرفه، القارئ المحتمل الذي نتوجه إليه بنداء محبتنا. كل إنسان تصادفه هو قارئ محتمل، إن لم يكن اليوم فبعد سنين أو عقود، ربما. بالمناسبة الحياة قصيرة وليس لدينا وقت لنضيعه في البغضاء والكراهية والغيرة وحساب المال والسفاسف الأخرى، خصوصاً حينما يكون الفن رديفاً لهذه الحياة.

دائماً ما يسألون القراء عمّا ينتظرونه من كُتابهم المفضلين..أنا هنا أسألك ككاتب ماذا تنتظر من قارئك؟

ما أنتظره من القارئ أن يسامحني على أخطائي أولاً، فالكتابة تمرين لا ننجح فيه دائماً وليست هناك كتابة خالصة. أنتظر من القارئ ألّا يحمل أفكاراً مسبقة يقيس بها النص بمسطرة. الكتابة فضاء لا يقاس بمسطرة. أنتظر من القارئ ألا يكون منافقاً كما زعم الشاعر الفرنسي بودلير في مقدمة أزهار الشر. أنتظر من القارئ ألا يسخر ولا يغضب بل يتمتع بما يقرأ، فالقراءة متعة قبل كل شيء والمتعة معرفة والمعرفة لا تنتهي، وكلما اتسعت المعرفة اتسع العالم. أنتظر من القارئ حينما ينتهي من قراءة كتاب ألا ينام ولا يأكل بل يتأمل، يفكر بما قرأه ويعيش بعضاً منه في خياله لكي يبقى النص حيّاً.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها