الرسائل وطريقة كتابتها في الرواية التجريبية

ترجمة: د. محمد الظاهر

د. لويز كوران Louise Curran

 

تستكشف لويز كوران* في هذه المقالة الرسائل الحقيقية والخيالية الَّتي نُشرت في القرن الـ18، من خلال مراسلات ألكسندر بوب وأغناطيوس سانشو إلى صموئيل ريتشاردسون، اَّلذي حظيت روايته (باميلا) بشعبيةٍ كبيرة، إضافةً إلى الأعمال الأخرى الَّتي كانت ملهمة لها.
 

يُعرف القرنُ الثَّامن عشر باسم العَصرِ العظيم لكتابةِ الرَّسائل، لقد توسعت الوسائل البريدية بسرعةٍ، وظهرتْ الرِّوايةُ التَّجريبية كنوع أدبيِّ يتمتع بشعبية كبيرة. استخدم كتاب الرَّسائل في تلك الفترة هذا الشَّكل لوصف واستكشاف التَّجربة الذَّاتية والحياة اليومية.
كطريقةٍ للتَّخلُّص من الغموض بين العالمين العام والخاص (المرتبط بكُلٍّ من العزلة الدَّاخليَّة والكشفِ عن الذَّات)، تقدم الرسائل نظرة جذابة عن أفكار الآخرين ومشاعرهم وحياتهم، في هذه الفترة، وللمرة الأولى، تم نشر ما يسمى بالرسائل "الخاصة" لتعزيز مكانة المشاهير في عالم الأدب، تماماً كالدور الَّذي تقومُ به الآن دفعة المنشورات على وسائل التَّواصل الاجتماعي اليوم للمشاهير المعاصرين، الَّذين يقومون بتقديم نسخ من حياتهم الحميمة للاستهلاك العام، حتى شخصيات أوائل العصر الحديث والقرن الثامن عشر رسخت ذاتها بعناية من خلال رسائلهم لجماهيرَ معينةٍ تحرصُ على قراءةِ هذا النَّوعِ من الأعمال.
كانت الرسائلُ الشَّخصيةُ (أو "المألوفة") في القرن الثَّامن عشر مرتبطةً بشكلٍ عام بأفكار الصدق والحقيقة. هذا ما أكده أديسون وستيل في دوريتهما الشعبية (The Spectator)، "لا يوجد شيءٌ يمكنُ أن يكشفَ المزاج الحقيقي للانسان كرسائله".
 


تم نشر كتاب دليل الرسائل الذي يرجع تاريخه الى عام 1780، على نطاق واسع في القرن الثامن عشر.

 

مراسلات ألكساندر بوب

الشَّاعِرُ الكسندر بوب (1688-1744) كانَ أولَ كاتبٍ باللُّغةِ الإنجليزية ينشرُ بشكلٍ شاملٍ رسائله الَّتي تبوح بأسرار حياته الخاصة، وبذلك يكون قد شكَّلَ سابقةً من نوعٍ جديدٍ في كتابات الكُتَّاب وغيرهم من المشاهير. كان لدى بوب شعورٌ كيف يمكنُ للرَّسائل أن تظهر فضيلة خاصة (مستفيداً من المثال الكلاسيكي لرسائل شيشرون وبليني وسينيكا)، والذكاء (عبر التقليد الفرنسي الأكثرَ حداثةً لكتاب مثلَ دي سيفيني وفينسينت دي فوريتوري). تنقل رسائل بوب بشكل مدروس، غير الرسمي والعفوية. كتب بوب: "إنها تقدم لنا تأكيداً على رفاهية الأصدقاء"، وعلى النقيض من ذلك أعلن نفسه عدواً كبيراً لما يسمى بـ"الرسائل النَّقية". كان بوب هجاءً عاماً، لكن رسائله الأكثر أهميةً، تُثبت أنَّهُ لم يكنْ بارعاً ومُمتعاً، لكن الأهمَّ من ذلك؛ أنَّها تثبت قدرته على توثيق صداقاته وعلاقاته الشَّخصيَّةِ مع كبار الكتاب في عصره، مثلَ جوناثان سويفت، على وجه الخصوص.
 


هذه الرسالة موجهة إلى والد بوب الكسندر بوب الأب، والتي تم فيها استخدام أوراق ترجمات بوب للالياذة.
 

العلاقة بين مراسلات بوب ونشاطاته الكتابيةِ الأخرى تتجسد ببراعةٍ في مخطوطات ترجمته للإلياذة، عندما كان يترجم قصيدة هوميروس، الَّتي استغرقت أكثرَ من ست سنوات لاستكمالها، استخدم بوب أغلفة وظهور رسائله كأوراق للكتابة عليها. نحن نعلم الآن أنَّ الرسائلَ، مثلَ الأعمال الأدبيةِ المترجمة، تتم مراجعتُها وتحريرُها قبلَ نشرها.
بعد نشرها في عام 1737، كانت رسائل بوب تُقرأ وتحظى بالاعجاب على نطاق واسعٍ. علَّقَ شابٌ يُدعى فرانسيس بورني عام 1771 قائلاً: "كُلُّ سطرٍ قرأته، يثير تقديري الكبير لشخصيته"، على الرَّغم من هذه الاستجابة المتعاطفة، كانت رسائل بوب تثير الشك لدى العديد من القراء. أدرك صامويل جونسون أنَّ نشرَ رسائل بوب كان له تأثيرٌ كبيرٌ على التقليد الإنجليزي في كتابة الرسائل، لكنه شكك في صدقها أو قدرتها على الكشف عن "الشخصيات الحقيقية للرجال". "هناك"، كما كتبَ في كتابه" حياة بوب" (1781)، "لا توجد صفقة تقدم إغراءات أقوى للمغالطة والتكلف، من العلاقات الخفية"، وزاد على ذلك بالادعاء أنَّ: "رسائله الودية هي أداء هادئ ومتعمد" (بدلاً من أن تكونَ تلقائيةً).


أدبُ الرسائل

لَقدْ أثرتْ الرسائلُ أيضا ًفي شَكلِ السَّردِ في تلك الفترة. لقد ظهرَ أدبُ الرسائل للمرة الأولى في القرن السابع عشر في أعمال مثل كتاب أفرا بيهن (رسائلُ حُبٍ بَين الرَّجُلِ النبيل وشقيقته) (1684-1687)، ووصلت إلى ذروة شعبيتها في القرن الثَّامن عشر من خلال روايات: (باميلا) (1740) و(كلاريسا) (1747-1748) لصموئيل ريتشاردسون، و(إفلينا) لفرانسيس بورني (1778). يعتمد هذا الأسلوب في كتابة رواية الرسائل على التأثيرات التي تنطوي على الأصالة والألفة والفورية. أشار ريتشاردسون مراراً إلى هذه التقنية باسم "كتابة اللحظة"، وكانت جذوره الأولى في هذا المجال مرتبطةً بجذورها السَّابقةِ في كتابه (دليل كتابة الرسائل من وإلى أصدقاء معينين، في أهم المناسبات) (1741).


أثناء العمل على اعداد دليل كتابة الرسائل، الذي استلهم منه ريتشاردسون كتابة روايته (باميلا) التي تعتمد على أدب الرسائل.


(باميلا) لصموئيل ريتشاردسون

غالباً ما تنهار رواية ريتشاردسون الأولى (باميلا) منذ اللحظات الأولى لبداية السرد، ويمكن رؤية هذا الإحساس بتركيز الرِّواية على الزمن في اللحظة التالية عندما تتساءل باميلا، وهي خادمة تبلغ من العمر 15 عاماً المهددة بعلاقة جنسية مع سيدها، عما سيكون عليه مصيرها النهائي في رسالة موجهة إلى والديها:
"لا أعرف بماذا أفكر، ولا كيف أحكم؛ ولكني لا أصدق أنني معكما إلا حين أكون راكعةً على ركبتي أمامكما، متسولة على بركاتكما... هناك، كما أرى، عربة تتم قيادتها خارجاً... ماذا ستكون نهاية هذا كله!".

شجع هذا الشَّكلُ من أدب الرسائل أسلوبَ القراءةِ العاطفيَّةِ والفورية. وصف دينيس ديديرو قراءة روايات ريتشاردسون بأنَّها أقربُ إلى فهم، ليس فقط أفكار شخصياته، بل دوافعهم ورغباتهم اللاواعية أيضاً: "لقد رأيتُ الينابيع السرية للمصلحة الذاتية وحب الذات تعمل بأكثر من مائة طريقة مختلفة، لقد أصبحتُ مطلعاً على العديد من الحوادث وشعرتُ أنني اكتسبت خبرة. علق معلق لاحق على أسلوب أدب ريتشاردسون الَّذي مكّن قُراءَه من "الانزلاق غير المرئي، في الخصوصية الداخلية لشخصياتهم، وسماع ورؤية كُلِّ ما يقال ويفعل". في صفحات عناوين كُل من رواياته، عرّف ريتشاردسون نفسه بأنه: "محرر" أعماله، وليس مؤلفاً لها. بهذا المعنى، يكتب أنصاره قصصهم الخاصة.


من رسائل باميلا


تتحققُ أصالةُ باميلا من خلالِ آنية رسائلها المباشرة، كما لو كانت ثورة عاطفيةً، مع فصلٍ بسيطٍ بين الدموع التي سكبتها على فراش موت سيدتها، والدموع التي سكبتها على الرسالة اللاَّحقة إلى والديها، مباشرة في بداية الرواية. هذا الجانب من أسلوبه فصلَ قُراء ريتشاردسون إلى صنفين. أشار منافسه الأدبي العظيم هنري فيلدنج إلى استحالة الآنية والمباشرة في رواية ريتشاردسون (باميلا) (1741). تحتوي باميلا على مشاهد تسخر من حماسة باميلا للخربشة، مثل تلك التي تصف باميلا وهي مستلقيةً على السرير مع مدبرة منزلها وتنتظر سيدها، السيد ب، للعثور عليهما:
السيدة جيرفيس وأنا فقط في السرير، والباب مفتوح؛ إذا يجب أن يأتي سيدي - يا إلهي! إنني أسمعه قادماً للتو نحو الباب. ترى أنني أكتب في الزمن الحاضر... حسناً، هو في السرير بيننا، وكلانا يتظاهر بالنوم، يسل يده من يد بوسوم، وأنا، كما لو كنتُ نائمةً، أزحف لنزداد قرباً، ثم ندعي اليقظة. (الرسالة السادسة).
هنا يسخر فيلدينج ما اعتبره الفضيلة الزائفة لكتاب ريتشاردسون، ويلفتُ الانتباه إلى مشاهده المتكررة من الدغدغة (الأكثر وضوحاً، كما هو الحالُ هنا، باميلا مستلقيةً على سريرها في حالة خلع لملابسها). يذكّرنا فيلدينج بأنَّ هناك فجوة بين العمل والكتابة حتماً، حيثُ يحدثُ الانعكاس؛ يختار الكاتبُ ما يريد أن يقوله، وقد يضطلع بدور المؤدي.

(إيفيلينا) لفرانسيس بورني إيفيلينا

بشكلٍ مشابهٍ لإخفاء اسم المؤلف كما هو الحال مع ريتشاردسون، لم تتمَّ طباعةُ اسم فرانسيس بورني على روايته الأولى (إفيلينا) (1778). بدلاً من ذلك، وصفَ نفسه كمحرر مجهول. لذلك يتم تقديم الرَّسائلِ كنسخةٍ معدلةٍ من رسائل حقيقية مكتوبة في الغالب بين إيفيلينا وحارسها، القس السيد فيلارز، الَّذي يوثق تجاربها وتحدياتها كامرأة شابة. الرسالة الأولى التي وجهتها إيفيلينا من لندن إلى وليِّ أمرها في الريف بها ضيق النفس في الوقت الحقيقي للسرد:
وصلتُ هذه اللحظة، أنا ذاهبةٌ للتو إلى مسرح دروري لين، للاحتفال بممثل القرن الثامن عشر (ديفيد) الممثل الشَّهير، أنا في حالة عصبية... لا أستطيع الكتابة الآن، ليس لدي وقت للتنفس. (الرسالة العاشرة).

 


(إيفيلينا) التي طبعت لأوَّلِ مرةٍ باسم مؤلف مجهول عام 1778، فأصبحتْ من الكتبِ الأكثرَ مبيعاً، مما دفع التاشرين لنشرها في ثلاث طبعات أخرى،
ولكن دون أن يظهر اسم مؤلفها بيرني على صفحة الغلاف.

 

بيرني، على الرَّغمِ من ذلك، أكثر إدراكاً للتحديات الفورية وتكييف روايتها وفقًا لذلك. من خلال كتابة الرسائل، تتعلم إيفيلينا من خلال الرواية كيفية صياغة تاريخها بشكلٍ أفضلَ، وتصبح أكثرَ بناء وأقلَّ وصفاً للحكايات:
لديَّ الكثيرُ لأقوله، وسأقدمُ كُلَّ هذا الصباح لقلمي. بالنسبة لخطتي للكتابة كل مساء عن مغامرات اليوم، أجدها غير عملية؛ لأن الروايات ستصبح متأخرة للغاية، بحيث إذا بدأت رسائلي بعدها، فلن أستطيع الذهاب إلى الفراش على الإطلاق. (الرسالة الحادية عشرة).

في هذا المقطع، يدرك بيرني من خلال شخصية إيفيلينا، مشاكلَ الواقعية والرؤية التي واجهها ريتشاردسون في عمله الثاني، كلاريسا. التي اشتهرت بطولها (وهي واحدةٌ من أطولِ الرِّوايات الإنجليزية المكتوبة على الإطلاق)، فمن المشكوك فيه أن يكون لدى كلاريسا وقت كافٍ في وجودها اليومي لإنتاج مجلدات من الرسائل التي صُوِّرت بها على أنها كتابات. ومع ذلك، فإن الأسلوب التجريبي جذاب في مثل هذه الأعمال؛ لأنه يجمع بين المداراة وألفة التعبير. يعكس هذا الأدب لدى كليهما طيفاً اجتماعياً موسعاً من القُراء، لاسيما القارئات، في القرن الثامن عشر، ويمثلُ نقطة تحول في الحياة الأدبية. فرسائل كُلٌّ من باميلا وإيفيلينا تشكل مصادقةً على تجربة المرأة المحلية والحضرية، سواء كان ذلك مبرراً لتجربة الفتاة الخادمة الملفعة بالفضيلة والمعرضة للتهديد، أو الرسائل الأكثر توازناً لامرأة شابة تشق طريقها في العالم سعياً وراء تحقيق الشرعية الاجتماعية.

اختراع أدب الرسائل هذا، كشف عن الخط الفاصل بين الواقع والخيال في العديد من الرسائل الفعلية لهذه الفترة، كتب سويفت رسالة إلى هنريتا هوارد (عشيقة الملك جورج الثَّاني في المستقبل)، كما لو أنَّها مكتوبةٌ بقلم روائي شهير، كما يقول ليمويل جاليفر. تقرأ العديد من رسائل فرانسيس بورني على أنها تجارب في شكل أدب روائي، أكثرَ من مجرد قصص شخصية مباشرة بالطريقة التي تستخدم بها التقنيات الساخرة المستمدة من الخيال، والطريقة التي يستخدم فيها الحوار. لقد أثر مثال نشر بوب لرسائله في وقت مبكرٍ من ذلك القرن على كيفية رؤية المؤلفين لقيمة رسائلهم وشهرة الروايات بشكلٍ عام.


في هذه الرسالة الى هنريتا هوارد( بتاريخ 28 تشرين الثاني - نوفمبر، يوقع جوناثان سويفت باسم آخر هو ( ليمويل جاليفر )، وقد اعتاد سيفت
على استخدام عناوين وتواقيع وكتابات مختلفة، بحيث تختلف اساليب كتاباته عن بعضها البعض إلى أبعد الحدود.
 

بعد أول لقاء لها مع الدكتور الشهير جونسون، قال فرانسيس بيرني إنه " انحنى مرتين" وكان " بالكاد يستطيع النظر " إلى فمه.
وكان يفتحه ويغلقه باستمرار وكأنه يمضغ العلكة. هذه واحدة من العديد من الرسائل التي تمر تحريرها من قبل بيرني لتكون صالحة للنشر.

 

في عام 1767، قارن الروائي لورانس ستيرن (1713-1768)، الَّذي اشتهرَ بكتابه (حياة وآراء تريسترام شاندي) (1759-1767)، القيمة الاقتصادية لرسائله الشخصية المخبأة، والَّتي (يصل حجمها إلى أربعة مجلدات، مع إنتاجه الأدبي، وتنبأ بأنها: "ستباع بشكل جيد - وتنتج 800 رطل على الأقل". وفي سياق هذا الحدث، نشرت ابنته ليديا في عام 1775 طبعة من ثلاثةِ مجلداتٍ من (رسائل القس الراحل السيد لورانس ستيرن، إلى أصدقائه الأكثرَ حميميةً). كانَ التأثير غير المخطط له من هذا المنشور سبباً في شهرة ستيرن مع الكاتب والراعي الأنجلو أفريقي أغناطيوس سانشو (1729-1780)، والارتقاء بهما إلى أعلى مراتب الشهرة الأدبية.

رسائل أغناطيوس سانشو

بدأ سانشو مراسلاته مع ستيرن في عام 1766، فقد امتدح المؤلف لورود فقرة في إحدى خطبه ينتقد فيها العبودية، ويطلب منه الاستمرار في معالجة محنة إخوان سانشو الأفارقة. أجاب ستيرن على هذه الدعوة، موضحاً لمراسله أن: "هذا ليس شيئاً غير مألوف... بالنسبة لنصف العالم الذي ينظر إلى النصف الآخر كمتوحشين، ويسعى من أجل ذلك". تتأثر راسئل سانشو، التي نُشرت بعد وفاته باسم "رسائل الراحل أغناطيوس سانشو"، وهي أفريقية (1782)، تأثراً شديداً بأسلوب الكتابة الذي كتبه ستيرن، وتقنياته الشاندية في علامات التنصيص والطرائف والنكات واللعب على الكلمات، خذ على سبيل المثال، المقتطف التَّالي من رسالة إلى صديق، يعتذر فيها سانشو عن إهماله الرد على رسالة سابقة بسرعة:
رسالتكم المسكينة هي نوعٌ مما يحدث يومياً -الجدارة المضطهدة والمخنوقة بالقمامة- واحسرتاه! رسالةٌ سيئةٌ، تشاطرُ العالمَ الفقيرَ الذي نعيشُ فيه مصيره، والَّذي سيخضع فيما بعد، لبصيص مشرق من تقليد العقل الذي قذفه ببعض الشرر. واحسرتاه! واحسرتاه! رسالتي المسكينة تصلُ، ولكن بعد سنوات قليلة، ربما بضعة أشهر، قد يساهم سماحك الودي السخي -صديقك الذي يضيء قلبه بينما يكتب- الذي يشعر أنه يستحق، نعم، ويكرمه أيضاً. هذا هراء، لماذا نعرف أن مفاصل آخر حمالاتنا سوف تصدأ وتهتز؛ وهذا خلال قرن آخر، لن يكون هناك جسد أو نعش أو ظفر، يمكن تمييزها عن الأرض الأم. -الشجاعة- في الوقت الذي نعيش فيه -دعونا نعيش- إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - الصداقة - الدين - الصدقة - ثم إسقاط (بناء على دعوة الموت) حمولة من اللحم، أنت رقيق. وجبل من الروح في وطننا الأم. يباركنا، بمعدل سفراتي التي سافرتها! -يكاد نفسي ينقطع تماماً- (رسالة L).

تُشيرُ الطريقةُ الَّتي ينظر بها سانشو ببراعة هنا حول المصير المادي لرسائله إلى أنَّ الأسلوبَ الأدبيَّ لروائيٍّ بدأ في التأثيرِ على الأسلوب اليومي للكاتب العادي، وعلى مستوى أكثرَ عمقاً، أصبحت خطابات سانشو تستخدم كدليل من قبل مؤيدي إلغاء العقاب على الشعور الراسخ لمؤلِّفهم، وبالتَّالي على الإنسانيَّةِ الجوهرية ومساواة الأفارقة على نطاق أوسع.


واحدة من رسائل شانسو التي تملأها الالنجمات والتقطعات والشرطات والتأويلات والانعكاسات الذاتية كعلامات على كتابة الرسائل.
فهو يقول:" أنا اكره الكتابة الناعمة واللغة الصافية " فالكتابة البسيطة أصدق في التعبير عن المشاعر.

 


صفحة الغلاف من الطبعة الأولى لـ ( رسائل سانتشو ) التي نشرت بعد وفاته.

 

في هذا الوقت تقريباً، كانت أهمية الرسائل كوثائق أصلية في السِّير الذَّاتية للمؤلفين والمشاهير الآخرينَ تتزايدُ، إلى جانب السيرة الذاتية نفسها كشكل فني متميز. ومن الأمثلة على ذلك إصدار وليام ماسون لـ(أعمال الرمادي) (1775)، والأكثر شهرةً، حياة جيمس بوزويل في (حياة جونسون) (1791). استخدم بوزويل الرسائل كوسيلة "للتشابك بين ما كتبه [صموئيل جونسون] بشكل خاص، وقال: "لذلك فإنَّ للرسائلَ تأثيرها الحاسم على تطور السيرة الذاتية، وتشكل جزءاً من سجل متعمد ومدروس لحياة المؤلف، وفي الوقت نفسه، كانت ذروة أدبِ الرَّسائل حين أصبحت مقدمة لشكل أكثرَ واقعيةً من العمل الروائي، على الرغم من أنَّه سيظلُّ منها استثناءات مميزة، مثل الرسائل التي تشكل الطبقات الخارجية من رواية (فرانكنشتاين) (1818) لماري آشلي.


* د. لويز كوران محاضرة في الأدب الإنجليزي والرومانسي في القرن الثامن عشر بجامعة برمنجهام. تشمل أعمالها المنشورة صموئيل ريتشاردسون وفن كتابة الرسائل، والعديد من المقالات حول جوانب الشعر والخيال في القرن الثامن عشر. تعمل حالياً على تحرير مجموعة من الرسائل لمراسلات صمويل ريتشاردسون (ستصدر قريباً) وتكتب كتاباً عن أدب الرسائل للكاتبين: ألكساندر بوب وفرانسيس بورني.

 

© المقال الأصلي/الصور https://www.bl.uk/restoration-18th-century-literature/articles/letters-letter-writing-and-epistolary-novels

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها