لجان تحكيم الجوائز.. وبدائل الخيار والاختيار

حسن جمعة الرئيسي


لمصطلح الجائزة أكثر من تعريف، ولكن سنختار ما يتماشى مع موضوعنا، من حيث اختيارُ الهيئة أو اللجنة التحكيمية شخصاً لتفوقه وتميزه على أشخاص نافسوه، للحصول على مركزٍ أو مزيةٍ اختزلت في جائزة، بصرف النظر عن قيمتها المادية أو المعنوية.

ومن الطبيعي بأن كل جهة مسؤولة عن منح الجوائز، تضع معايير واشتراطات تكون واضحة ومقبولة لدى كل مَن يريد أن يشارك لنيل الجائزة، وبعد أن يحدد المحكمون للجائزة اسم مُستحقها يبدأ الجدال عند بعض من لم يحالفهم الحظ، فيشككو في كل شيء حتى في ذمة المحكمين، ناسين أو متناسين بأن أداءهم وأعمالهم لا ترقى أن تشارك في المسابقة حتى يكون لها نصيب في المنافسة، ومع ذلك علينا أن لا ننكر بأن بعض المحكمين في بعض اللجان يقومون بإقصاء مستحق الجائزة، رغم توفر كافة الاشتراطات فيه لتذهب لآخر عمله الثقافي أو الفني أو العلمي، أو أي عمل آخر أقل جودة من المستحق الفعلي.

وإذا أردنا أن نقف لنصنف لجان التحكيم للجوائز فمن الطبيعي أن معظم الجهات تحرص على اختيار أصحاب الكفاءات والأشخاص المنصفين، ورغم ذلك قد يتغلغل أحياناً أشخاص غير مؤهلين أو نزيهين ليكونوا من ضمن المحكمين أو المقيمين والطامة الكبرى إذا كان هذا المتغلغل يترأس اللجنة أو عضواً يمتلك كاريزما قوية، ويعتبر الآخرون ما يقوله من المسلمات؛ إذْ من المعروف أنه ليس كل منصف له القدرة على التحكيم إذا كانت خبرته ناقصة، وليس كل متخصص لا يغلبه هواه.

فهناك لجان تحكيم أحياناً تقصي المميز؛ لأن المشارك في الجائزة شخص قدم عملاً يفوق مستوى اللجنة المُقَيمة للأعمال، لاسيما في الأعمال الابتكارية، رغم أن من شروط الجائزة أن يكون العمل جديداً أي مبتكراً، فمثالاً على ذلك، كأن يقوم شخص قانوني بتقديم بحث، ويكتفي بعرض مصدر واحد وهو القرآن الكريم؛ ليثبت أن القرآن الكريم قادر على أن يعطينا منظومة قضائية متكاملة دون الحاجة لأي مصدر آخر، فيأتي أحد أعضاء اللجنة وهو مختص في علم الحديث بإقصاء البحث لعدم استعانة كاتبه بالروايات وكتب الآخرين، رغم أن هدف الكاتب إبراز دور القرآن الكريم في إخراج منظومة قانونية متكاملة، دون الاستعانة بأي مصدر آخر كما أن بحثه يتماشى مع شروط ومعايير الجائزة التي لم تفرض مصادر محددة.

وقد تُبتلى بعض اللجان بأحد محكميها، من ذوي لاتجاهات، يُخالف قناعات وانتماءات المتقدم لنيل الجائزة، فيقوم بالتأثير على اللجنة حتى لا يحصل غريمه على الجائزة، دون أن يبوح عن ما يكنه في نفسه تجاه هذا المتسابق المميز، ولا يتردد بأن يسوق له التهم ولو اضطرّ أن يختلق الأكاذيب حوله.

وتلعب الاجتهادات الشخصية لأعضاء لجان التحكيم في بعض الأحيان دورها باستبعاد مستحق الجائزة رغم إبداعه، بذريعة أنه لا يحمل مؤهلاً دراسياً يختص في الجائزة التي تقدم لها، علماً أن الجائزة لم تشترط أن يكون المتقدم صاحب تخصص معين أو خريج جامعات محددة، كأن يحجب جائزة أفضل عمود صحفي في إحدى الصحف عن من يستحقها؛ لأن كاتب العمود لم يتخصص في مجال الإعلام أو الاتصال الجماهيري، ويتم حجب الجائزة أحياناً عن شخص لأنه مبدع في أكثر من مجال، كأن يتم حرمان من يستحق نيل المركز الأول في جائزة مخصصة للتأليف المسرحي؛ لأنه سبق أن فاز في جائزة فنية متعلقة بالرسومات الكاريكاتيرية.

أو يتم شطب متسابق قدم عملاً فاق عمل منافسيه، بحجة أن عمله سبق أن شارك به أمام جهة أخرى ولم يفز، فقد يكون سبب عدم فوزه أمام تلك اللجنة في جائزة أخرى لاعتبارات غير متوفرة في هذه اللجنة، أو ناتجة عن حسابات ضيقة لمن كانوا في اللجنة السابقة، وليس لعمله المميز؛ مما يُعَرض هذا المتسابق لظلميْن بعد أن كان ظُلماً واحداً.

إنما تم عرضه من معضلات حول لجان التحكيم للجوائز، لا يمكن القضاء عليها دائماً؛ لأن الأمر يخضع للقدرات البشرية المتفاوتة للمحكمين، ومدى تَحَكمهم بأهوائهم قبل الحُكم على أعمال وإبداعات الآخرين.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها