استوقفتني ابنتي أمام الهايبر ماركت، وهي تنظرُ إلى لوحة الإعلانات النيون التي تبثُ أنواع العروض لهذا الأسبوع، وقد خصصت يوم الخميس لتقديم عروض عن أنواع الشوكولاتة، أدخلتني عُنوة مرة بالبكاء، وأخرى بالتوسل:
◅ والنبي يا ماما اشتري حبة صغيرة قد كده هوه.
الفراغ يضيق بين يديها كلما ضاق اتساع عيني منزعجة من"القد كده هوه."
أخذتْ تدور بعينيها، كلما أمسكت قطعة، أمسكت حقيبتي باحثة عن نقود تكفي متطلباتها، عبأت عربة التسوق بالمياه الغازية والشوكولاتة والعصائر في غفلة مني، وأنا أحسب كيف سنقض بقية الشهر، فنقود النفقة التي اختصرها أبوها إلى النصف مقدِّماً حججاً وبراهين وأوراقاً تثبت فقره، وعوزه، هو الذي يمتلك الكثير من المال، ونفقة ابنته الشهرية التي يُعطيها على مضض لا تساوي إلا ثمن حذاء يشتريه، ثم يلقيه بعد يومين لأنه ملَّ منه.
دائماً يقول لي: إنه ملول، عندما يعتاد الأشياء وتصير ملك يديه يزهدها، هل كُنتُ كحذائه؟ ملّني وألقى عليّ يمين الطلاق، نعم هذا ما تمنيته، ولكن كيف سأعيش بعد أن أجبرني على ترك عملي الذي لا يليق به، هي بضعة أشهر قضيتها معه، ثم بدأ يعتادني، ربما كنت أفضلُ قليلًا من حذائه الذي تخلّص منه بعد يومين. تخلّص مني لكنه ترك جنيناً بدأ ينمو بداخلي، لم أعرف إلا بعد شهرين من الطلاق، حاولت التخلص منه لكنه تمسك بالبقاء، كانت بنتاً، تشبهني لكنها ملولة كأبيها رفضت ثديي، وارتضت بحليب أستدين ثمنه كل شهر.
انتبهت وهي تُفاضل بين أنواع الشوكولاتة وتختار أغلاهن، جررتُ العربة، أخذتُ صنفين فقط من أكوام الشوكولاتة التي امتلأت بها العربة، دفعت ثمنهما؛ نظرتْ إليّ في غضب، أزاحت عربة التسوق بعنف فاصطدمت عجلتها بحذائي، ازداد الخرق اتساعاً.
على الرف حذاء مصنوع من الشوكولاتة دعاية للعرض، تُحاوطه ذبابة طنينها يخترق أذني رغم الصخب الذي حولي.
ابنتي تشدني:
◅ ماما انظري حذاء مصنوع من الشوكولاتة.
- نعم، حذاء جميل كحذاء أبيكِ.