عدْوى الشكوك

عبد العزيز المختار أبو شيار



من أين أبدأُ شَكّي ما لهُ طرفُ؟

وكيف أحكمُ في أمري وأنْتَصفُ؟

خلعتِ مِعْطَفكِ البالي مُؤفِّفَةً

يا أرضُ واشْتَعلي فالشمسُ ترتجفُ

كتبتُ للحزن حتى مَلّني قلمي

حِبرٌ تَصَبّبَ من أوْصال ما نزَفُوا

ومَنْ أُصَدّقُ مِنْ قولٍ ومِنْ حدثٍ

ريحاً بغيمِ سقامٍ كم بها هتفوا

لم أعرفِ الوجهةَ الأوفى بما لحَنُوا

ولا الأراجيفَ إلّا إثْرَها انصرفوا

سرٌّ خفِيٌّ يُهادي الموتَ سطوتُهُ 

وجهٌ كمامتُهُ بالشكّ يلتحِفُ

وهل أصدِّقُ أخباراً مضلِّلةً

سِرُّ الإشاعةِ للأيامِ يُكتشَفُ

كُلٌّ يقولُ كلاماً والكلامُ طغى

وكلُّ قولٍ عن الأقوالِ يختَلِفُ

أمشي وألْفُ سؤالٍ مِلْء ذاكرتي

فلا تلُومي ظُنوني عندها أقفُ

دعي الذي جاء في الظّلماء مُسْتتراً

يَجْبي النفوسَ وللأحلام يختطفُ

وكيف أعْبرُ والأجْواءُ عاصفةٌ

وكلُّ مُنعطَفٍ يتلوهُ مُنعطفُ

آهٍ.. وأفظعُ ما في الشكِّ وسوسةٌ

إن الوساوسَ ويلٌ فوق ما نصفُ

ما كنتُ أحسبُ أن الأمر طَلْسَمَةٌ

محفوفةٌ بشعورٍ كُلُّهُ أسَفُ

إنّا خُلقْنا وهذا العيشُ نعشقُهُ

فأيُّ جُرمٍ كهذا المكْرِ يُقترَفُ؟

مُكَبَّلون على  أنفاسِ حُرْقتِنا

حكايةٌ جُلُّها يا سيّدي طُرَفُ

ما كان في عيشنا نبْضٌ ولا رمقٌ

إلا بهدرِ دمٍ من كأسنا ارتشفوا

يُسابقون خُطاهُم نحو بهرجةٍ

كلٌّ من اللّوثَةِ العمياءِ يغترفُ

وهل سَنُمسي رُقاقاتٍ مُوجَّهةً

مِنْ غير بَوْصلةٍ نمشي ولا هدفُ؟

تُمْنى الحياةُ بأمشاج مُلفّقَةٍ

بالخَلْق عابثةً رَجّتْ لها النُّطَفُ

وكيف أعرفُ مَنْ أعْدى بجائحةٍ؟

ليتَ المخابرَ بالأخطاء تعترفُ

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها