المكتبة السلطانية في مدينة المُكلَّا بحضرموت .. معلم ثقافي وتراثي

أول مكتبة في الجيزة العربية

خالد بلحاج

تعدُّ المكتبة السلطانية فى مدينة المُكلَّا أوّل مكتبة في الجزيرة العربيّة قاطبة، حيثُ أسسها السلطان صالح بن غالب القعيطي في العام 1360هـ/1941م، وزوّدها بالكتب والمراجع والدوريات، التي اقتناها من أنحاء عديدة من العالم باللغة الإنجليزية والعربيّة.

وتقع المكتبة في وسط مدينة المُكلَّا، وقد أقيمت فوق سقف مسجد عُمر، وهي من أهم المعالم الثقافية للمدينة.
 

محتويات المكتبة السلطانية

لعبت المكتبة السلطانية دوراً مهماً في مسار النشاط الثقافي بمحافظة حضرموت، فقد مثلت ملاذاً للمثقفين والباحثين في شتى مجالات العلوم والمعارف، وبعد أن تجاوزت المكتبة حقباً من الأزمنة الصعبة أصبحت المكتبة السلطانية إحدى المعالم التراثية والثقافية التي تتباهى بها حضرموت.

وتحتوي المكتبة حالياً على ما يزيد عن اثني عشر ألف كتاب تتوزع في شتى نواحي العلوم والمعارف بمجالاتها المختلفة، وذلك بعد أن تم أضافة إليها كتب من مكتبة الجماهير عام 1967م، أما المخطوطات التي كانت من ضمن ممتلكات المكتبة، فقد تم نقلها إلى مكتبة الأحقاف في تريم.


تغيير الاسم

تم تغير اسم المكتبة وذلك في عام 1967م، بعد استقلال جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني من المكتبة السلطانية إلى مكتبة الشعب، واستخدمت المكتبة مقراً لعقد الاجتماعات الرسمية، ولكن بعد قيام الوحدة اليمنية في عام 1990م، قررت السلطات إعادة الاسم الأصلي للمكتبة عرفاناً بالدور المتنور الذي لعبته السلطنة القعيطية خلال فترة حكمها في محافظة حضرموت، والتي شهدت فيها المُكلَّا نهوضاً ثقافياً واجتماعياً.
 

 


من المهد

بدأت المكتبة رسالتها من القصر السلطاني في عهد السلطان عمر بن عوض القعيطي قبل أن تنقل في العام 1941م، إلى مقرها الحالي الواقع شرق سوق النساء المشهور بمدينة المكلا، حيث أنشأ السلطان صالح بن غالب القعيطي مقراً خاصاً للمكتبة، وأهدى لها معظم كتبه الخاصة بما فيها كتب باللغتين الإنجليزية والأوردية.

تحتوي المكتبة السلطانية حالياً على (14) ألف مؤلف في مختلف المجالات العلمية والإنسانية بالإضافة إلى الموسوعات والقواميس، وبإمكان الزائر أن يبحر في عوالم من المعارف في مجالات الأدب والطب والتاريخ والفيزياء، وغير ذلك من الكتب التي تتخذ وضعاً منتظماً بتسلسل دقيق بين أرفف الأشلاف الحديدية، وتصنيف يثير شهية القراء...

تستقبل المكتبة الكثير من الزوار يومياً بين قراء وسياح، حيث أصبحت المكتبة التي تجاوزت الأزمنة معلماً سياحياً بارزاً، كان في يوم من الأيام مقصداً لعدد من الشخصيات الرائدة في مجالات الفنون والأدب، الذين أنجبتهم محافظة حضرموت.
 

دور المكتبة في حياة سكان المكلا

ارتبطت مكتبة الشعب لصاحبها السيد عبدالله بن علوي الصافي مع تكويننا الثقافي الجنيني في سبعينيات القرن الماضي، وشكلت علامة فارقة لإحدى المكتبات العربية في جنوب الجزيرة العربية منذ تأسيسها تحت مسجد عمر عام 1957م، بعد العدوان الثلاثي على مصر وقبل انبثاق ميلاد مجلة العربي عام 1958م.

 كانت تشكل نهوضاً وتنويراً للعقل الحضرمي بعد اندلاع الثورات العربية ونيل الاستقلال، وتلهف الجماهير في حضرموت لما تقذف به مطابع العواصم الثقافية والسياسية العربية الكبرى آنذاك، مثل القاهرة، وبيروت، وبغداد والخرطوم، والكويت من كتب ومطبوعات، ومن صحف ومجلات مشهورة شكلت التكوين الثقافي الجمعي للطالب والموظف، وعامة الشعب في المقهى والنادي والمجالس والمنتديات...

ومن لا يتذكر من الأجيال السابقة في نهاية الخمسينيات وحقبة الستينيات، ذلك الرونق البهيج لمكتبة الشعب في بداياتها. فكانت مناراً للصحافة الحضرمية من الطليعة، والرائد والرأي العام إلي الصحافة العدنية من فتاة الجزيرة، والنهضة والقلم العدني والرقيب، والذكري والأيام وغيرها كثير، فيتلقفها السياسي ورجل الشارع العادي ورجال القصر.

ولا ننسى اعتماد مصلحة المعارف القعيطية بتوجيه أولياء الأمور لشراء سلسلة new method english بأجزائه الخمسة لطلاب التعليم المتوسط، وكثير من المحطات التي ارتبطت بنا بقوة بالمكتبة وصاحبها، الذي اشتهر بلباسه الأبيض المكون من قميص وجاكيت وغترة عربية أصيلة، كانت في ما مضى سائدة في ملبس عرب حضرموت ثم انقرضت.

لكن من الأهمية بمكان ارتباطنا الوجداني بتلك المكتبة التي انتقلت إلى موقعها الحالي عام 1967م، ما احتوته من أثاث مكتبي وأدوات للكتابة: أقلام الباركر الماركة العالمية، وأغلفة وكراريس ومقاعد الدرس، التي نأخذها مع عطرها وعفرها وأشياء أخرى تذكرنا بالراحل الصافي، الذي يعتبر أحد القابضين بشعلة التنوير منذ 70 عاما.

مجلة العربي

ويكفي مكتبة الشعب الحضرمية فخراً أنها من المعتمدين لبيع مجلة العربي أيام أحمد زكي منذ تأسيسها في الوطن العربي، ولاننسى أبداً أن السيد الصافي كان له دور هام وكبير، في تعريف العالم العربي باستطلاع العربي عن مدينة المُكلَّا تحت عنوان: "أعرف وطنك أيها العربي" في أغسطس 1965م، مع سليم زبال واوسكارمتري، ونقل من خلال الاستطلاع التي تظهر صورته في مجلة العربي وعمره 31 عاماً، في بيت السيد حمزة السقاف مع سالم عبد الله الحبشي، وغالب باعكابة وأحمد باجنيد.

أبرز المكتبات العربية التي راسلتها

مكتبة المثني بالعراق، ومكتبة الحلبي والفكر العربي، وأبرزها مكتبة لبنان.

الصحف المحلية

توجد بالمكتبة آنذاك صحف الطليعة، الرائد، الجماهير، الرأي العام وبالتأكيد فإن إقبال الناس عليها في تلك الفترة لا بأس به، إضافة إلى الصحف الصادرة من عدن كصحيفة النهضة، وفتاة الجزيرة والأيام والرقيب.

 أبرز الشخصيات التي كانت ترتاد المكتبة قبل نصف قرن

محمد عبدالقادر بافقيه، علي محفوظ باحشوان (حوره)، الدكتور فرج بن غانم وغيرهم.

مؤلفون حضارم تباع كتبهم بالمكتبة

السيد محمد بن أحمد الشاطري، وكتابه أدوار التأريخ الحضرمي، وكتاب آخرون.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها