إذا اجتمع فريق عمل مكوَّن من مخرج، وكاتب، ومجموعة من الممثِّلين، وطاقم عمل؛ من أجل إنتاج فِيلْم، فالأرجح أن هذا الفريق يسعى لقول جُمْلة ما، يريد أن تصل للمُشَاهد عن طريق الفِيلْم، فهل يُعْقَل أن تجتمع مجموعة كبيرة من الناس يُنْفِقُون الأموال من أجل عَرْض الفراغ على الناس؟! وهل يمكن لمجموعة من الناس أن تستمر في إنفاق أموالها لمشاهدة عمل بدون مضمون وبدون رسالة؟!
رُبَّما يختلف الأمر من بيئة لأخرى، ومن مجتمع لآخر، لكن المتابع للأفلام الإماراتية يجد أن معظم الأفلام تَحْوِى مضموناً ورسالة يريد صُنَّاع الأفلام أن يخبروا عنها، رسالة يُرَاد لها أن تَصِل للمُشَاهد حَتَّى ولو كان الفِيلْم صُنِعَ من أجل الإضحاك.

فبعد مشاهدتنا لفِيلْم "تَمَسْكَن وتَمَكَّن" إنتاج عام 2014 تأليف: خالد العجماني، إخْرَاج: محمد جمعة، نجد أن صُنَّاع الفِيلْم أرادوا إخبارنا طوال مدَّة العرض أنه يجب أن يكون الإنسان حريصاً في التعامل مع الشخصيَّات الوصوليَّة المتسلِّقة المخادعة واكتشافها قبل أن تستغلنا، وأن ذِكْر عيوب الآخرين أمامنا لا يعني أن أصحاب العيوب الظاهرة هم في غاية السوء، فهذه الشخصيَّات الوصوليَّة تدخل عن طريق عيوب الآخرين وتتسلَّق عليها، تستخدم هذه العيوب لمصلحتها الشخصيَّة للوصول لأغراضها الخَفيَّة، لقد نبَّه الفِيلْم المُشَاهِد لشخصيات تشبه اللَّبْلاب، تتسلَّق وتستخدم غيرها حَتَّى لو تسبَّب ذلك في أذيتهم، كان درس الفِيلْم واضحاً ورسالته بيِّنة، في أن نكون في غاية الحرص قبل أن نعطي ثقتنا لمن يتملَّقنا، ولمن يحاول أن يثبت أنه الأكفأ حَتَّى لو استخدم أحزان الآخرين للصعود عليها؛ للوصول لمبتغاه.
أيضاً في فِيلْم "دَرَاهِم" إنتاج عام 2019 إخْرَاج: جرير المردود، كتابة: أمير الأشمل وصلت الرسالة للمُشَاهد بأن الدَّرَاهِم ليست كل أسباب السعادة في الدنيا، وأن المال لا يصنع فرحة خالصة.
وفي فِيلْم "شغَّالتنا أرجنتينية" إنتاج عام 2018، سيناريو وإخْرَاج: حامد صالح سندرك أن الرسالة وصلتنا على الرغم من أن الفِيلْم ينتمي للضحك، إلا أن رسالته كانت واضحة، فالفِيلْم يقول في مضمونه إن سيدة البيت هي صاحبة المملكة، بيتها، وإنها الوحيدة الَّتِي يجب أن تسيطر على بيتها، وأن لا تعتمد كليَّة على شَغَّالَة، وأن الشَّغَّالَة الَّتِي تدخل البيت يمكن أن تأخذ مشاعر أهل البيت، فالواجب على ربَّة الأسرة أن تكون على دِرَاية بكل أمور البيت؛ لأنه في البداية والنهاية البيت بيتها هي، وليس بيت الشَّغَّالَة، وإنها سيِّدة البيت.
نجد أيضاً أن الرسالة بيِّنة والمضمون واضح في فِيلْم "بعد الخميس" إنتاج عام 2020، المنتمي أيضاً للكوميديا؛ فالفِيلْم يكشف في طياته أحوال الاستهتار بما يملك الإنسان، وأن عدم المحافظة على ما نملك كافية لأن تجعله يضيع في لحظة، فالحياة مليئة بالخداع وبالمخادعين، ومن لا يعرفون الشخص الغَنِي إلا من أجل غِنَاه، ويؤكِّد الفِيلْم إن ما يحدث هو دائرة تتكرَّر كل يوم في الدنيا الَّتِي نعيش فيها، فرسالة الفِيلْم لا تنتهي ما دمنا نعيش على ظهر الأرض.
أما فيلم "كَيْمَره" إنتاج عام 2018 تأليف وإخْرَاج: عبد الله الجِنيبي، فيرسل الفِيلْم عَبْر أحداثه المتسارعة مقولته بأن الجريمة مهما كانت مَخْفيَّة في رمال الصَّحْرَاء، ومهما كانت بعيدة عن عين البشر، ومهما ظن الجُنّاة أنهم أفلتوا بفعلتهم، فلا بد أن يأتي وقت وتظهر الحقيقة، لن يضيع دم في هذه الدنيا، ولن يفلت مجرم بفعلته مهما حاول إخفاء جريمته، فالدم لا يضيع.
وفي فيلم "نَحْس إِكْس لَارْج" المنتج عام 2020، كتبه وأخرجه: ناصر التميمي، تأتي جملة الفِيلْم الخالصة بأن التعويذة خرافة وأن الإنسان سيد مصيره، وأنه لا يوجد شيء اسمه حظ أو نحس.
وهكذا يجد المتابع للأفلام الإماراتية أنه لا يخلو فيلم من وجود مضمون ورسالة واضحة تريد أن تصل للمشاهد؛ حتى لا يخرج من الفيلم كما دخل.