فنّ صناعة النسيج في الحضارة الإسلاميَّة

وفيق صفوت مختار


ازدهرت صناعة النَّسيج في أرجاء العالم الإسلامي، وأصبحت بحق من أهم الصِّناعات، ولقد كانت كسوة الكعبة المُشرَّفة قبل الإسلام وبعده، ونظام منح الخلع المنسوجة، من بين التَّقاليد المتبعة في الدُّول الإسلاميَّة، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في ازدهار فنّ النَّسيج وصناعته.


نشطت دور النَّسيج في أنحاء الدَّولة العباسيَّة (750- 1055م) في إنتاج أفخر المنسُوجات التي يطلُبُها الخُلفاء. فأمدَّت مصر الدَّولة العباسيَّة بالمنسُوجات الكتانيَّة المُزخرفة بالخُيُوط الحريريَّة، بينما اختصت إيران بأفخر المنسُوجات الحريريَّة. ويتَّضح تأثير الفنّ السَّاساني على فنان تلك الفترة من قطعة نسيج حريريَّة من صناعة بغداد مُزخرفة بعناصر حيوانيَّة.

كما ازدهرت صناعة المنسُوجات الحريريَّة في الأندلس في العصر الأموي (756-1031م)، وكانت لها مراكز كثيرة في «مرسيه»1، و«أشبيلية»2 و«المرية»3. ولقد وجدت نماذج جميلة لمنسُوجات حريريَّة من فترة حُكم خُلفاء قُرطُبة، ومن ذلك قطعة حريريَّة مُزخرفة بجامات4 تضُم عناصر حيَّة ذات أُسلوب مُحوري، كما تُوجد قطع تزيُّنها زخارف لأزواج من الحيوانات المُتقابلة أو المتدابرة في دوائر.

وقد أمدَّت الدَّولة الطُّولُونيَّة بمصر (868-905م) الحكام في بغداد وسائر البلاد الإسلاميَّة بالمنسوجات الكتانية والحريرية لإهدائها إلى كبار رجال الحكم. وكان اسم الخليفة وألقابه تنسج أو تطرز على شريط النَّسيج، بالإضافة إلى أشرطة تزخرف برسوم آدمية وحيوانية أو نباتية. وعثر في «سامراء» على قطعة نسيج كتانيَّة تدُل الكتابة الموجُودة عليها على أنَّها صنعت بمدينة «تِنِّيس» Tinnis6 بمصر في القرن التاسع الميلادي. كما عثر على قطع كثيرة من صنع مصر عليها أسماء الخُلفاء «هارُون الرَّشيد» (766- 809م)، و«مُحمَّد الأمين» (787- 813م)، و«أحمد المُعْتَضِد بالله» (856-902م)، و«جعفر المُقتْدر بالله» (895-932م)، وكانت بعض هذه القطع تحمل اسم الخليفة العبَّاسي إلى جانب أسماء الحُكَّام الطُّولُونيّين.

وفي عهد الدَّولة السَّامانيَّة (874-999م) اشتهرت «سمرقند»7 كمركز مُهم لصناعة النَّسيج، ويرجع كثير من العُلماء نسبة بعض قطع المنسُوجات الحريريَّة الموجُودة في بعض المتاحف والمُزيَّنة بأزواجٍ من الحيوانات داخل دوائر إلى إنتاج «سمرقند». على أنَّه أمكن التَّأكُّد من نسبة صناعة إحدى هذه القطع الحريريَّة إلى «خراسان»8 في القرن الرَّابع الهجري (العاشر الميلادي)، وذلك من الكتابة الموجُودة بها، فنُلاحظ بهذه القطعة -التي يحتفظ بها في متحف اللُّوفر بباريس- اسم القائد «أبي منصُور بختكين» المُتوفَّى في «خراسان» عام 349ه - 960م، وكان هذا القائد قد عاش في بلاط الأمير السَّاماني «عبد الله بن نوح» أمير «خراسان» وبلاد ما وراء النَّهرين. ويظهر في زخارف هذه القطعة فيلان مُتقابلان يحُفُّ بهما صفٌّ من الجِمال والطَّواويس، وتحتها شريط كتابي بالخط الكُوفي.

وقد كتب مُؤرِّخُو العصور الوُسطى المُسلمُون كثيرًا عن ازدهار صناعة النَّسيج في إيران في العصر العبَّاسي، ولقد كانت هذه الصِّناعة مُتقدِّمة في عصر الدَّولة البُوَيْهِيَّة (932-1055م). ومن المنسُوجات التي تنسب إلى عصرهم قطع حريريَّة مُوزَّعة على بعض المتاحف العالميَّة ترجع صناعتُها إلى القرن الرَّابع الهجري (العاشر الميلادي). ولقد زيَّنت هذه القطع بزخارف حيَّةٍ ونباتيَّةٍ إلى جانب العناصر الكتابيَّة. وتُساعد هذه العناصر الكتابيَّة على تمييز هذه القطع وصبغها بالصِّبْغة الإسلاميَّة، حيث إنَّ الكثير من هذه العناصر الحيَّة مثل الحيوانات المُجنَّحة أو شجرة الحياة التي يحُفُّها حيوانان أو طائران، والآدمي الذي يصارع أسدين كانت معرُوفة قبل الإسلام.

وتميَّز العصر الفاطمي (969-1171م) في مصر بازدياد نشاط مصانع النَّسيج التي عرفت باسم دور الطِّراز، وكانت هذه المصانع تُنتج الأقمشة الفاخرة، وذلك لاهتمام الخُلفاء بمظاهر الفخامة في ملابسهم وبالخلع التي كانوا يَخْلَعُونَها على كبار رجال الدَّولة في المُناسبات المُختلفة. ولقد أنتجت المصانع الخاصَّة الموجُودة بالوجه البحري أفخر المنسُوجات الكتَّانيَّة والحريريَّة المُزخرفة بخُيُوط من الذَّهب واشتهرت بالدِّقَّة والجودة، وكانت المنسُوجات الصُّوفيَّة تصنع في صعيد مصر وتصدر إلى بلاد الفرس، كما أصبحت مصر تُنتج كسوة الكعبة كُلّ سنة، وأصبحت الأقمشة في العصر الفاطمي تفوُق ما أنتجته مصانع النَّسيج في مصر في العصر العباسي. وأشار إلى ذلك الرَّحَّالة الفارسي «ناصر خسرو» (1003 - 1061م)، وذكر أسماء أنواع كثيرة من هذه المنسُوجات.

وكان النَّسيج يُزيِّن عادة، بشريط مُزخرف بأشكال هندسيَّة مُتكرِّرة سُداسية أو مُعينة أو بيضاويَّة، ويوجد في كُلِّ رسم طائر أو حيوان في أوضاع مُتقابلة أو متدابرة. ويحد هذه الأشرطة من أعلى ومن أسفل أشرطة من الكتابة العربيَّة، وكانت أشرطة الزَّخارف في أوَّل الأمر قليلة وضيِّقة ولكنَّها تطوَّرت فاتَّسعت كما ازداد عددُها، وتعرُف هذه الأشرطة أيضاً باسم الطِّراز.

هذا، وقد انتشر أُسلوب صناعة المنسُوجات الفاطميَّة في «صقلية»9 في فترة الحُكم الإسلامي، واستمر هذا الطَّابع الفاطمي بعد ذلك، ومن أجمل الأمثلة على ذلك عباءة تتويج صنعت للملك «رُوجر الثَّاني» Ruggero II ‏ (1095 - 1154م) في «صقلية» يظهر فيها الاستعانة بالنَّسَّاجين المُسلمين. ويظهر في زخارف هذه العباءة الأسلوب الفاطمي المُتأثِّر بعناصر الفنِّ الفارسي، حيث نرى لبؤة تنقُّض على جمل مُكرَّرة، تتوسطُهُما نخلة مُطرَّزة بخُيُوط الذَّهب ومُرصَّعة باللآلئ. ويُرجِّح أنَّ تطريز بعض القطع التي تنسب صناعتها إلى «صقلية» والموجُودة ببعض المتاحف كانت بيد عُمَّال مُسلمين.

وقد اشتهرت بعض المُدُن الأندلُسيَّة في الفترة من 1031م إلى 1492م بصناعة المنسُوجات الحريريَّة المُوشَّاة بالذَّهب كما طرَّزت هذه المنسُوجات بخُيُوط الذَّهب، ومن أشهر هذه المراكز مدينة «مرسيه». ومن القطع الحريريَّة التي تنسُّب صناعتها إلى الأندلُس في القرن الثَّاني عشر الميلادي قطعة مُزخرفة بأزواج من الطَّواويس والحيوانات المُتقابلة، ويفصلها شجرة الحياة. كذلك صنع في «غرناطة» Granada (10) في القرنين الرَّابع والخامس الميلادي نوع من المنسُوجات الحريريَّة المُوشاة تتكوَّن زخارفُه من أشرطة بها زخارف نجميَّة ونباتيَّة وطُيُور وزخارف كتابيَّة وأطلق على هذا النَّوع من الزَّخارف طراز الحمراء، وذلك لتشابه زخارفه مع زخارف خزف الحمراء.

كما تميَّزت صناعة المنسُوجات في إيران في العصر السَّلجُوقي (1055-1157م) بنهضةٍ كبيرةٍ، وكانت هذه الصِّناعة مُتقدِّمة في إيران مُنْذ عصر البويهيين، إلَّا أنَّه يُلاحظ ظُهور أُسلوب جديد في زخارف العصر الَّسلجُوقي. حيث أقبل الإيرانيون على استخدام العناصر النباتيَّة التي ظهرت في أنسجة العصر الإسلامي في العراق، وزخرفُوا بها أجود أنواع المنسُوجات الحريريَّة والدّيباج. بالإضافة إلى العناصر السَّاسانيَّة القديمة. وينسُب إلى ذلك العصر قطعة من الحرير تتكوَّن عناصر زخرُفتها من الوحدات التي عرفتها إيران قبل الإسلام، مثل شجرة الحياة التي تقف حولها وحَّدات من الطُّيُور والأُسود المُجنَّحة. وتظهر هذه الزَّخارف داخل مناطق شبه مُستديرة، ويمكن إرجاع هذه القطعة إلى القرن الخامس أو السَّادس الهجري (الحادي عشر أو الثَّاني عشر الميلادي).

وفي عصر الأُسرة الألخانية (1218-1334م)في إيران انتشرت صناعة المنسُوجات الحريريَّة والمُقصَّبة في العصر المغُولي وكان أُسلوب زخارفها مُستمدًّا من الأقمشة الصينية وعرفت باسم الأقمشة التتاريَّة، وتنسب إلى مدينة «تبريز» (11) مجموعة من هذه الأقمشة المغُوليَّة الحريريَّة عليها رُسُوم حيوانات أو طُيُور كبيرة مُستمدَّة من عناصر الفنِّ الصِّيني.

أمَّا في العصر المملُوكي (1250-1517م) فقد ظهرت في زخارف المنسُوجات وحدَّات حيوانيَّة وطُيُور إلى جانب العناصر النَّباتيَّة الصِّينيَّة، مثل: رُسُوم أزهار اللُّوتس ونبات عُود الصَّليب وزخارف نباتيَّة رسمت على هيئة سحب، وتتضمَّن الزَّخارف - أحيانًا - رسومًا لبعض الحيوانات الخُرافيَّة التي عرفت في الفنِّ الصِّيني.

وكانت بعض هذه القطع تحمل أسماء سلاطين المماليك، ومن أجمل هذه الأمثلة قطعة نسيج من الحرير الأسود عليها اسم «النَّاصر مُحمَّد بن قلاوون» (1285- 1341م) منسُوجة بخُيُوط رقيقة من الذَّهب، وتتكوَّن زخارف هذه القطعة من أزواج من الببَّغاوات موضُوعة في منطقةٍ مُستديرةٍ في وضع متدابر، كما تظهر وحدات التِّنِّين الصِّيني مُوزَّعة بين هذه الجامات. وتظهر هذه العناصر الأجنبيَّة في زخارف الأقمشة الحريريَّة (المُقصَّب) الذي اختصَّت به دمشق، والحرير المُوشَّى(الدّيباج) الذي يصنع في مصر.


كذلك عثر أيضًا على بعض قطع من المنسُوجات الحريريَّة المملُوكيَّة يظهر بها زخارف من الأشرطة بعيدة عن التَّأثُّر بنُفُوذ الفنِّ الصِّيني، حيث اقتصرت زخارفُها على أشرطة بها ألقاب السُّلطان وأشرطة بها رُسُوم لحيوانات أو وحدات نباتيَّة. وتتشابه هذه القطع في زخارفها مع منسُوجات العصر الفاطمي.

وقد ازدهرت في العصر العُثماني (1281-1730م) صناعة المنسُوجات في تركيا، وكانت «بورصة» Bursa (12) هي المركز الرَّئيس لهذه الصِّناعة منذ القرن الخامس عشر الميلادي، بالإضافة إلى بعض مراكز أُخرى. وأنتجت المصانع العُثمانيَّة منسُوجات مُشابهة للمنسُوجات الإيرانيَّة، مثل: الحرير المُقصَّب (الدّيباج) والمخمل المُقصَّب. وكان إنتاج هذه المصانع يُنافس في الأسواق الأورُوبِّيَّة ما صنع في إسبانيا و«البُندقيَّة» (13).

وكانت الأقمشة المخمليَّة تستخدم عادة في عمل السَّتائر وكسوة الحشيَّات، أمَّا الأقمشة المُوشاة فتستخدم في صناعة الملابس. واقتصرت زخارف المنسُوجات على العناصر النباتيَّة التي ظهرت على الخزف، ولم يظهر بها عناصر الكائنات الحيَّة التي وجدت في الأقمشة الإيرانيَّة، ورُبَّما يرجع ذلك إلى مُعتقدات الأتراك الدِّينيَّة. وتشمل الزَّخارف النباتيَّة على وحدات استمدَّها الفنَّان العُثماني من الزخَّارف الإيرانيَّة، مثل: التَّفريعات المُزهرة وأشكال المراوح النَّخيليَّة. كما استعار من الأقمشة المخمليَّة التي أنتجتها مصانع «البُندقيَّة» في القرن الخامس عشر الميلادي ثمرة الرُّمَّان وأزهار القرنفل.

ولا تختلف زخارف الأقمشة المُوشاة كثيرًا من الأقمشة المخمليَّة. ولقد تمكَّن الفنَّان المُسلم بمهارةٍ من أن يتوصَّل إلى ابتكاراتٍ خاصَّةٍ به بعد قضاء فترة الاقتباس من الفُنُون الإيرانيَّة والإيطاليَّة، حيث حوَّر وحدات القرنفل والسَّنابل إلى مراوح نخيليَّة وضعها داخل الأشكال البيضاويَّة المُدبَّبة التي ظهرت في هذه المنسُوجات والتي تعد من خصائص الأسلوب التركي.

ومن الأقمشة المخمليَّة التي جمعت بين التَّأثيرات الإيطاليَّة والإيرانيَّة والأُسلوب التَّركي، قطعة من المخمل يُزخرفها وحدات مُتكرِّرة من كيزان الصَّنوبر والأوراق الرُّمحيَّة المُدبَّبة المُزخرفة بفُرُوع رقيقة مُزهرة. ونلاحظ أنَّ الأقمشة المخمليَّة - عادة - ذات أرضيَّة حمراء تزيُّنها زخارف مذهبة أو فضِّيَّة. ويبدو التَّأثير الإيطالي أكثر وُضُوحًا في قطعةٍ من المخمل من صنع «بورصة» مُزخرفة بأوراق نباتيَّة مُدبَّبة داخل أشكال بيضاويَّة.

أمَّا المنسُوجات الإيرانيَّة التي ترجع نسبتها إلى الأسرة التَّيمُوريَّة (1370-1502م) فلم يعثُر منها إلَّا على النَّادر. وقد تمَّ استقدام من الصِّين والشام نسجاجين أنتجُوا الدّيباج والمُقصَّب بالذَّهب والفضَّة، وكانت لمُساهمتهُم فضل كبير فيما بلغُتُه الصِّناعة من ازدهار. ويظهر في صُور مخطُوطات ذلك العصر رُسُوم وزخارف نباتيَّة في ملابس الأشخاص مُستمدَّة من الفنِّ الصِّيني. كما ظهرت زخارف من وحدات البط الصِّيني.

وقد بلغت صناعة المنسُوجات الحريريَّة في إيران قمة مجدها في العصر الصَّفوي (1502-1722م)، حيث تعدَّدت أنواع المنسُوجات التي أنتجتها المصانع في ذلك العهد. فمن منسُوجات حريريَّة سادة ومُتعدِّدة الألوان إلى منسُوجات حريريَّة مُوشاة بخُطُوط الذَّهب والفضَّة، فضلًا عن المنسُوجات الحريريَّة المخمليَّة. وبالإضافة إلى استخدام هذه المنسُوجات الحريريَّة في صناعة الملابس، نلاحظ أنَّها استخدمت في عمل السَّتائر والحشيَّات، كما بطنت بها الخيَّام. ولا يُمكن اعتبار هذه الصِّناعة استمرارًا لما كان معرُوفًا في العصر التَّيمُوري، وذلك لعدم معرفتنا بالمنسُوجات التَّيمُوريَّة لندرة ما عثر عليه من منسُوجات من ذلك العهد.

ولقد تميَّزت المنسُوجات الصَّفويَّة بثروة زُخرفيَّةٍ لم تعرف من قبل في إيران. حيث استخدم الفنَّانُون زخارف الزُّهور والفُرُوع النَّباتيَّة والمراوح النخيليَّة، بالإضافة إلى الزَّخارف الحيَّة التي تظهر بها مناظر الأمراء وهُم يتنزَّهون في الحدائق أو يصطادُون. واشتهرت مراكز صناعة النَّسيج في «يزد» (14) و«كاشان» (15) و«أصفهان» (16) بإنتاج أفخر أنواع النَّسيج الحريري والمُوشى والمخملي، ولقد وقع مُصمِّمو المنسوجات عليها.

ومن المنسُوجات المُصوَّرة المُؤرخة التي تنسب صناعتها إلى مدينة «يزد» تظهر بها زخارف من قصَّة ليلى والمجنُون. ومن قطع النَّسيج الحريريَّة المُوشَّاة مُتعدِّدة الألوان قطعة مُزخرفة بوحدة مُتكرِّرة لفارس بجانب شجرة يقُود أسيرًا رُبَّما يكون من الأزبك أو التُركُمان وتظهر هذه الزَّخارف المُلوَّنة على أرضيةٍ حمراء. على أنَّ أبدُع ما أنتَّجه النَّسَّاجون في ذلك العهد هُو المخمل، ولقد اشتهرت مدينتا «يزد» و«كرمان» (17) بصناعة المخمل حتَّى القرن الثَّامن عشر الميلادي، ويُبرهن على ذلك قطعة رائعة زخرفت بوحداتٍ آدميَّةٍ في حديقةٍ مزهرةٍ بها طُيُور، وتظهر هذه الوحدات على أرضيَّةٍ مُذهَّبةٍ.

وقد ازدهرت صناعة المنسُوجات في الهند في العصر الإسلامي (1526-1857م)، حيث كانت المنسُوجات القُطنيَّة معروفة قبل العصر الإسلامي، كما أحرزت صناعة المنسُوجات الحريريَّة تقدمًا ملحوظًا في القرن السَّابع عشر الميلادي في فترة حكم المغُول وخاصَّة الدّيباج المُقصَّب والمُطرَّز والمخملي. وتتكوَّن زخارف هذه الأقمشة من رُسُوم تفريعات نباتيَّة وزُهور ووحدات حيوانيَّة، مُنفذة بأسلوب قريب من الطَّبيعة، يظهر فيها مزيج من التَّعبيرات الزُّخرفيَّة الإيرانية والهنديَّة. ويتميَّز الدّيباج المُقصَّب الهندي بالإسراف في استخدام الخُيُوط الذَّهبيَّة.

 


الهوامش: (1) مرسيه Murcia : مدينة تقع في جنُوب شرق إسبانيا.┇(2) رابع أكبر مدينة في إسبانيا، تقع في الجنُوب على ضفاف نهر الوادي الكبير.┇(3) مدينة تقع في جنُوب شرق إسبانيا، وقد ذكر المُؤرِّخ العربي «الإدريسي» (1000-1166م) أنَّ «المرية» كان بها (800) مصنع لنسيج الأقمشة الحريريَّة الفاخرة.┇(4) جامات: هي زخارف في شكل مُستدير تارة أو بيضوي وقد تكون مُوشاة بالكتابة.┇(5) سامراء: هي مدينة في وسط العراق، وكانت عاصمة الخلافة العباسيَّة. أسَّسها الخليفة «مُحمَّد المُعْتَصِم بالله».┇(6) تِنِّيس» Tinnis : تقع في جنوب غرب مدينة بُورسعيد المصريَّة.┇(7) سمرقند: تقع في آسيا الوسطى، في بلاد أوزبكستان. ومعنى الاسم «قلعة الأرض»، وقد وصفها «ابن بطُّوطة» (1304 - 1377م) بقوله: «إنَّها من أكبر المُدُن وأحسنها وأتمها جمالًا، مبنيَّة على شاطئ وادٍ يَعْرُف بوادي القصَّارين، وكانت تضم قُصُورًا عظيمةً، وعمارةً تُنْبئ عن هِمَم أهلها».┇(8) خراسان: منطقة تاريخيَّة كان لها حُدود جُغرافيَّة واسعة. يشمل إقليم «خراسان الإسلامي» شمال غرب أفغانستان (مثل مدينة هراة) وأجزاء من جنُوب تركمنستان، إضافة لمُقاطعة خراسان الحاليَّة في إيران.┇(9) صقلية: هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المُتوسِّط، ومنطقة ذاتيَّة الحُكْم في إيطاليا.┇(10) غرناطة: مدينة إسبانيَّة تقع عند سفح جبال سييرا نيفادا.┇(11) تبريز: هي إحدى أهم وأبرز المدن في إيران.┇(12) بورصة: مدينة تركيَّة تقع في شمال غرب البلاد، وتعُد إحدى أهم المُدُن الصِّناعيَّة.┇(13) البُندقيَّة: بالإيطاليَّة: Venezia، مدينة تقع في شمال إيطاليا.┇(14) يزد: مدينة إيرانية، تعُد من المُدُن المُهمَّة من حيث التُّراث الثَّقافي العريق.┇(15) كاشان: رابع أهم مدينة إيرانية من حيث وُجُود الآثار التَّاريخيَّة. وهي مشهُورة عالميًّا بصناعة السَّجَّاد.┇(16) أصفهان: مدينة إيرانية. تضُم كم هائل من التُّراث والأسواق.┇(17) كرمان: مدينة إيرانية تقع وسط البلاد. وتُعتبر من المُدُن التَّاریخیَّة والثَّقافیَّة.

أهم المراجع:
(1) أرنست كونل: الفُنُون الإيرانية في العصر الإسلامي، ترجمة: أحمد موسي، زكي مُحمَّد حسن، القاهرة: متحف الآثار الإسلاميَّة،1946م.
(2) أرنست كونل: الفنّ الإسلامي في مصر، ترجمة: أحمد موسي، زكي مُحمَّد حسن، الجُزء الأوَّل، القاهرة: متحف الآثار الإسلاميَّة،1949م.
(3) زكي محمَّد حسن: الصين وفُنُون الإسلام، الطَّبعة الأولى، القاهرة: وكالة الصحافة العربيَّة، 2017م.
(4) سامية إبراهيم لطفي السَّمَّان (دُكْتور)، وعزَّة إبراهيم علي (دُكْتور)، تاريخ وتطوُّر الملابس عَبْر العصور، الإسكندريَّة: جامعة الإسكندريَّة، 1992م.
(5) مُحمَّد عبد العزيز مرزُوق: الزَّخرفة المنسُوجة في الأقمشة الفاطميَّة، القاهرة، دار المعارف، 1942م.
(6) نعمت إسماعيل علَّام: فُنُون الشَّرق الأوسط في العصور الإسلاميَّة، الطَّبعة الخامسة، القاهرة: دار المعارف، 1992م.
(7) Savory, R. M. and Roger Savory,(1976) Introduction to Islamic civilization, (Cambridge University Press
(8) Stanford Jay Shaw; Ezel Kural. Shaw (1977). History of the Ottoman Empire and Modern Turkey. Cambridge University Press
(9) World of Islam.Ernst.I.Grube, Paul Hamlyn, London 1970

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها