الاتّساعُ في الشعرِ العربيّ القديمِ

د. الناصر ظاهري


وَسمَ النّقّادُ العربُ القدماءُ الشُّعَراءَ بِأُمَراءِ الكَلَامِ، وسَوَّغُوا لهم مِنَ الرُّخَصِ ومِن حِيَلِ الإنْشاءِ مَا يُيَسِّرُ لهم مَسالكَ في البيانِ طريفةً، ويُوَطِّئُ سُبُلَ التّعْبِيرِ والتّصويرِ دَرْءًا لمِحْنَةِ تَعمِيَةِ المعاني أو مُعضِلَةِ التّقْصيرِ في طرائق صوغِ الدلالاتِ وَتجاوُزًا لِكُلِّ وُجوهِ الإيغَالِ والابتذالِ. ومن ثمّة، أجروا أقاويلهم الفنيةَ المُخيّلةَ مُجرى مغايراً، وعدلوا بقريضهم عن المألوفِ، فصَرّفُوا مُنجزهم اللغويّ بِطَرائقَ تتخطّى قُيودَ الجِهازِ وأنظمَةِ قواعدِ اللّسَانِ الصَّارِمَةِ، واجتازوا وطأةَ هذا الجهازِ وقوانينِ العُرفِ اللّغوي وسننه ومعهودِ البيانِ طَلبًا للإمتاعِ والإقناعِ بحمْلِهم المُخَاطَبَ على الإذعانِ والتسليمِ بما يرَاهُ النّاظمُ من رُؤًى تتّصِلُ بالذّاتِ أو بالآخَر وبالعالمِ وقضاياه. فينشئُ الشَّاعِرُ بمفرداتِ اللغةِ نُصُوصًا، وَيُبْدِعُ كَوْنًا فنيًّا مخصوصًا ملاكهُ نسيجٌ من تراكيبَ تتراءى نسْجًا آخرَ وفق نسقٍ غير مألوفٍ ومزيج مِنْ انفعالاتٍ تَحْمِلُ من الأخَيِلَةِ ما يقلبُ السمعَ بصرًا.


إذّاكَ، يفتنُ المتلقّي ويسحرُ، وتأْسرُهُ آليةُ العُدُولِ عن راسخِ الأُصولِ. عندئذٍ، يُدْفَعُ دَهِشًا إلى تدبَّر المعاني ثم إلى النّظرِ الفاحصِ في المقاصدِ الجليّةِ والخفيةِ في آنٍ. فيكون فنُّ الوصفِ الشعريّ عند النّاظمِ العربي القديمِ مُمارسةً لغويةً وَاعِيَةً بقدرِ ما جرتْ وفقَ قواعد الجهازِ اللغويِّ؛ فإنّها تخطّتْ هذه الأسيجةَ والحُجُبَ وعدلتْ لمّا اجتازتها، فَسَبَرتْ الأغوارَ مُستثمِرَةً طاقَةَ اللغةِ الإبداعيةِ ومُرونةَ الجهَازِ لأنَّ للشَّاعِرِ كفاءةً تواصليةً، فعَلِمَ من أسرارِ البيانِ الشعْريّ وما ينبغي لهُ ما لا نعلَمُ، فأبَانَ وأتاحت نُصُوصُهُ للقارئِ سعَةً لِتَأْوِيلِ مَا فاضَ مِنْ مَعَانٍ وتحصيل غائرِ الدلالاتِ.

وأنّى يكن من أمرٍ، فإنّ من وُجوهِ الاتّساعِ في الوصفِ الشعريّ أنّ يتصرّفَ الوصّافُ في الكلامِ لِيصنعَ من المعاني ما يُيَسِّرُ لهُ الإحاطةَ بدقائق الموصوفِ، يسلكُ طُرقًا في الإبَانَةِ والإبلاغِ وفقَ مقتضى الحالِ. ويبتدع أساليبَ في النّظم لِيجعل الموصوف ماثلا عيانًا. ومن ثمة، يكون المآلُ خطاباً ناجعًا ناجِحًا وإنْ ضاقتْ العبارةُ. ونتقفّى هاهنا وجوهَ الاتساعِ في قصيدة النّابغةِ التي وصفتْ جسدَ المتجرّدةِ، وتراءتْ خطابًا مُخيَّلاً اتّسعَ مجازاً، فوسعَ كُلَّ مُمْكنٍ لمّا عدلَ عن صورةِ للجسدِ الأنثويّ مألوفةٍ، وارتقى بالكيانِ إلى دائرةِ التأليهِ، فالتقط دقائقَ حُسْنِهِ وحشدَ من الصفاتِ أجلاها، فجعلهُ قريبًا إلى ذهنِ المخاطَبِ عندما اتّخذ جسدَ المتجرّدةِ مجازاً إلى العالمِ. ونؤثرُ في هذه المقاربةِ إعادةَ قراءةِ هذا الخطابِ المُخيّلِ نسلكُ منهجًا تحليلياً يستفيدُ من نظريات القراءةِ المعاصرةِ ما وسعنا الأمرُ. وآلينا أن نتدبّرَ مسألة الاتّساعِ برصد مظاهر العدول في نصّ المتجرّدةِ واقتفاء وجوهه. ويُتيحُ لنا هذا الأمرُ أن ندْفَعَ عن المتلقّي عَنَتَ التّأْوِيلِ، فنقدّرَ ما حُجبَ ونفكَّ ما انغلقَ في تضاعيفِ هذا المنجزِ المُوسّعِ لأنّ جوهر الوصفِ رحلةٌ منطلقُها كسرُ قيودِ الجهازِ وتفلّتٌ صوبَ مآلِ الإنجازِ.
 

1] الاتساع لغة واصطلاحاً

يفترضُ تتبّعُ الدلالاتِ الدائرةِ في فلك الجذر اللغوي (و، س،ع) البحثَ أساساً في الصلاتِ القائمةِ بينَ نقدِ الشعرِ خاصةً وماهية الإبداعِ الأدبيّ عموماً. فقد دأبَ العربُ القدماءُ على استعمالِ عبارتيْ الاتّساع والتّوسّعِ استعمالا مخصوصاً لا ينأى في جوهره عمّا يذكره أهلُ المعجمِ. فقد جاءت في لسان العرب مادة (و، س،ع) عباراتُ السعة والاتساعِ وواسع وغيرها، تجري كلّها مجرى مقابلا للضيقِ "السعةُ نقيضُ الضيقِ، وقد وسِعه يَسَعُهُ سعةٌ، والسّعةُ أصلها وُسْعةٌ، والتوسيعُ خلافُ التضييقِ"1. وهكذا، تدلُّ كلمةُ الاتساع على التّخفّفِ من الصرامة في الدقّةِ اللغوية في كثير من الألفاظِ ليكون أقربَ إلى التساهل والتسمّح2. وَبالمثلِ، تَدَاوَلَ البلاغيون مصطلحَ الاتّساعِ، ووصلوه بالكلام، ويعني جريان الكلامِ على غيرِ أصلِ وَضْعهِ في الاستعمالِ يكون بحذْفٍ أو بِوَضْعِ كلمةٍ مَوْضِعَ أخرى أو نحو ذلكَ من ذلك ما ذكره سيبويه بقوله: "وممّا جاءَ على اتّساعِ الكلامِ والاختصارِ قوله تعالى: {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ التِي كُنّا فِيهَا وَالعِيرَ التِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} إنما يريدُ أهل القريةِ فاختصَرَ، وعمِلَ الفِعْلُ في القريةِ كما كان عاملاً في الأهلِ لو كان هاهنا"3. وقد يكون الاتّساعُ أعلقَ بالترادفِ بِقَوْلِ ابن جنيّ: "أمّا الاتّساعُ فلأنّه زاد في أسماء الفرسِ التي هي فرسٌ وطرف وجواد ونحوها البحرُ"4. ويسوّغُ للخطيبِ بناءُ كلامه بناءً على التوّسّعِ والاختصار ثقةً بفهمِ السّامعِ لأنّ في "الإضمارِ إيثاراً للتخفيف وثقةً بفهم المخاطَبِ"5. وخصّه ابن رشيقٍ ببابٍ بقوله: "أن يقول الشاعر بيتاً يتّسعُ فيه التأويلُ، فيأتي كل واحد بمعنى؛ وإنما يقعُ ذلكَ لاحتمال اللفظ، وقوّتهِ واتّساعِ المعنى"6.

وقد ذكرهُ "أحمد مطلوب" في معجمه، وارتآهُ مفهوماً بلاغياً يُدركَ بآليةِ التدبُّرِ. وحدّهُ: "أن يقولَ الشاعرُ بيتًا يتّسِعُ فيه التأويلُ، فيأتي كلّ واحِدٍ بمعنى؛ وإنّما يقعُ ذلك لاحتمال اللفظِ وقوّتهِ واتّساعِ المعنى"، وعزّز أحمد مطلوب التعريفَ بقولٍ للسبكي بوصفه: "كلّ كلامٍ تتسعُ تأويلاتهِ، فتتفاوتُ العقولُ فيها لكثرةِ احتمالاته لنكتةٍ ما كفواتح السّورِ"7.

وعموماً، يعدُّ مصطلحاً لسانيّاً موصولاً بالاختيار الفرديّ للمتكلّم وبحريته الفرديةِ في تصريفه الكلامَ على وجوهٍ تركيبيّةٍ شتّى؛ إذ يخرجُ الكلامُ من خلالِ آليةِ الحذفِ عن مقتضى الظاهرِ ليحقّق معنى الاتّساعِ. بيد أنّ ذلك كلّهِ يُخضِعُ التعبيرَ إلى مزيّةِ التأويل. فتهجرُ العبارةُ موضعَها إلى محلٍّ آخرَ. بيد أنّ سعةَ الكلامِ قد تضحي خاصيةً لغويّةً من قبيلِ أن تحتملَ العبارةُ الرفعَ في محلّ الفاعلية أو غيرها. فيكون الاتساعُ بذلك المعنى شكلاً من أشكالِ التدبيرِ الحرِّ ممّا يمكّنُ من التّصرّفِ طلبًا للإبانةِ والإفادةِ. فإنّهُ كلّما ضاقت الحقيقةُ؛ فإنّ المتكلّمَ يركبُ المجازَ، فيستعيرُ ويحذفُ ويقدّمُ ويؤخّرُ لأنّ اللغةَ لا تقفُ عند حدّ الوضعِ ولا عند نمطية الاستعمال المطّرِدِ والثبات عليه. وقد عدّه ابن جنيّ باباً من أبوابِ شجاعة العربية من خلال الخروج عن قاعدة أو أصلٍ ما، والتمسَ للشاعر والناثرِ رخصًا تبيحُ لهُ أن يخترقَ قواعدَ النظامِ اللغوي، وذاك جليّ في قوله: "فأمّا إن احتاجَ إلى ذلك في شعرٍ أو سجعٍ فإنّه مقبولٌ منهُ، غير منعيّ عليه... وكيف تصرّفتِ الحالُ فالنّطِقُ على قياسِ لغةٍ من لغاتِ العربِ مُصِيبٌ غير مُخْطِئٍ"8، فنكون إزاء ضرب من الانحرافِ مأتاه تجاوز الخطيب لقيود النظامِ في اختياره الوحدات المؤثّرةِ. وهذا من شأنهِ أنْ يسلِمنا إلى النظر في مسألةِ نجاحِ النّابغةِ في نعتهِ جسدَ المتجرّدةِ وقد عدلَ بالموصُوفِ أيّما عدولٍ، ارتقى بالجسدِ الأنثوي إلى منزلةِ المثالِ، وجعلهُ كائناً مُفَارِقًا من خلالِ سعةِ البيانِ وسطوةِ البرهانِ.
 

2] مظاهرُ الاتّساعِ في القصيدة:

استقرّ عند النقاد أنّ النظمَ ضربٌ من النسجِ وجنسٌ من التصوير والتعبير عن معانٍ. وجعلوه عملاً لغويًّا عمادهُ إجراءُ الألفاظِ مجرىً فنيّاً مخصوصًا وإقامةٌ للتراكيبِ على الزيادةِ والحذفِ، ويحملُ إلى المتقبّلِ معنى مهما تصّرفَ الخطيبُ في مواد بيانهِ إيجازًا ووفرةً. وحريّ بنا هاهنا أن نذكّرَ بمصادرة تشومسكي عندما ميّز بين الكفاءةِ والإنجازِ، يتعلّقُ الأمرُ بالفرقِ بينَ المعارف والمعلوماتِ التي يوفّرها جهازٌ لغويّ ما والتي يمتلكها متكلّمٌ- مخاطب مثاليّ عن اللسانِ وإجراءِ هذه المعارِفِ في إنتاج الأقوالِ عند التّواصُلِ9. ويضيف رضا الكشو: "امتلاكُ المعرفةِ امتلاكاً ضمنيّاً، وهي عمليةٌ لا شعوريةٌ تجسّدها عملية الكلامِ، وذلك بالربط بين المعاني والتراكيبِ والأصوات اللغوية طبقَ القواعد اللغوية وحسبَ سِيَاقَاتِ المقامِ"10. وانتهى إلى القول إنّ القدرةَ المُنْجزةَ تُضْمِرُ قدرةً كامنةً"11. وطيّ دراسات الإعجاز، كان لمسألةِ الاتّساعِ حضورٌ جليّ؛ إذْ يشيرُ السيوطي إلى قضية توسّعِ المعنى عبرَ آليةِ العدولِ إلى تعبير جديدٍ، بمعنى أن الاتساع الخطابيّ يتأتّى بترك تعبير مألوف وابتداع تعبير آخر يحتمل أكثر من وجه إعرابيّ وأكثر من معنى، فيكون المخاطبُ إزاء تعبير جديدٍ يتّسعُ لأكثر من معنى ويحتملُ المعنى الأوّل وينفتح تأوّلا وتقديراً لمعانٍ ثوانٍ، يتّضِحُ هذا بقوله: "هذا الكلامُ مما عدلَ من كلامهم عن طريقتهِ إلى طريقةٍ أخرى تصرّفًا في الفصاحةِ وتفنّنًا في العبارةِ، وليس من قبيلِ الإلغازِ"12. وعلى هذا يجبُ أن ندرِكَ أنّ الشاعِرَ يتخيّرُ ما هو أقوى دلالةً وأجدى في إيصالِ المعاني المطلوبةِ، وكيفَ تصرّفتْ الحالُ فإنّ النّاظمَ تجاوزَ الأقيسَةَ والقواعِدَ اللغويةَ.

ومن صورِ التوسّعِ اللغويّ أن أجرى النابغةُ في مواطنَ شتى من قصيدتهِ بعض الحروفِ والأدواتِ مجرى الاتّساعِ والعدول من ذلك قوله في مفتتح القصيدة:
أمنْ آلِ ميّةَ رائحٌ أو مغتدِ..

فقد خلعتِ "أوْ" في هذا الاستعمالِ دلالتها الأصليةَ لتصيبَ معنى جديداً يشتقُّه المخاطَبُ من السياق، فيقتربُ من معنى التسويةِ معدولا به إلى دلالة جديدة وتجوّزاً في المعنى بمسوّغِ الاتساع الدلاليّ الذي يقتضيه المقامُ، ويهجرُ معنى التخيير المأنوسَ تداولُه في معهود لغة العرب. ويتاحُ لنا القولُ إنّ الاتّساعَ الدلاليّ بحروف المعاني يستحيلُ زيادةً في المعنى المتمحضّ للوصف هاهنا. ونلفي فاء العطفِ تخلعُ دلالتها القديمةَ لتصيبَ معنى الاتّباعَ لا العطف وذاك جليّ في قوله: سقط النّصِيفُ، فتناولته. فوصلتْ الفاءُ بين الحدثيْن محقّقةً معنى التعقيبِ، لكنّ النّاظم توسّع في معناها، فأفادتْ الاتّباع. ومن ضروب الاتساع أن تهجر الحروفُ معهود المعاني، وتتقلّد إذّاكَ معاني إضافيةً، فتُستدعَى لإصابةِ معنى التعدية، ويعدّ "اتّساعًا في القولِ وخروجًا عن المقتضى"13. ومن صور الاتساع في ذلك أن خرجت الباء الموضوعة أصلا لمعنى الإلصاق لتصيب معنى التعدية في قوله: زعم الغدافُ بأنّ رحلتنا غدًا/لَا مَرْحبًا بِغدٍ/ وبذاك خبّرنا/ رمتك بسهمها/ غنيت بذلكَ/ نظرت بمقلةِ / تنفجُهُ بثديٍ/ بآجرٍ. وهكذا، تخرج الباء في مثلِ هذه الصّورِ من الاستعمال من معناها القديم وتنهضُ لتحقّق معنى تعدية الفعل اللازم أحياناً من قيد اللزوم إلى التعدية، وتنشئ دلالة المفعولية. ولم يكنْ مطلب الاتّساعِ بالحروفِ بِدعةً بقدر ما مسلكًا من مسالكِ الإبداع "لأنّ كلّ حرفٍ فيما بعد يأتيكَ قد أُخْرِجَ عَن بابِهِ إلى بابٍ آخَرَ، فلا بدّ أن يكونَ قبلَ إخراجهِ إليهِ قد كانَ يُرائِيهِ ويلتفتُ إلى الشقِّ الذي هو فيهِ"14. والحاصلُ أنّ النّاظمَ وإن شَذّ أحياناً بمُنْجَزِهِ عن المعهود يجري معاني الحروف مجرى جديداً. وتكتسبُ المفرداتُ دلالاتٍ جديدةً اللفظ، ينتقِلُ من المعنى الخاصّ إلى المعنى العام، ويصبحُ مجالُ استعمالهِ أوسعَ ممّا كانَ، ذلك أنّ ألفاظ الشعرِ تتجاوزُ معانيها الأول المتواضع عليها إلى معانٍ جديدةٍ، ولم تعدْ المفردات مجرّدَ أصواتٍ لغويّةٍ مقيّدةٍ بدلالاتها الأصليةِ التي يجري بها الاستعمالُ بقدر ما أضحتْ مشحونةً بدلالاتٍ جديدةٍ في ظلّ الاستعمالِ المخصوص تبعًا لما يقتضيهِ المقامُ. وآيةُ ذلك أن أورد النابغةُ لفظًا في صدرِ البيتِ الرابعِ بقوله:
زعمَ الغدافُ بأنّ رحلتنا غدًا .. وبذاك خبّرَنا الغُرابُ الأسودُ

انتبهَ شارحُ الديوان أنّ الغداف من أسماءِ الغرابِ "الغدافُ الغرابُ، وخصّ بعضهم به غرابَ القيظِ الضخم الوافر الجناحيْن، وربّما سميّ النّسْرُ الكثير الرّيشِ غدافا، وشعرٌ غُدافٌ أسودُ"15، فاتّصل التوّسعُ بمبدأ التّرادفِ. وقد نُدفَعُ إلى تمثّل شأن الترادفِ بين الغُداف والغراب باعتباره آلية لسعَةِ المعاني، وكأنّ جنوح الواصفِ إلى استعمالِ الألفاظ استعمالاً فنيّاً لخلقِ تناسُقٍ بين الأصواتِ وتناغمٍ وظيفيّ. فلم يستعمل الواصف الألفاظ لتكون أدلّةً للمعاني التي وُضِعَتْ لها في الأصلِ بقدر ما "بناها على الموروث المجازيّ من لغةِ الشعر وجعلها تكتسِبُ دلالاتها من أجوارها في السياق"16.

وهكذا، تتّسعُ المعاني في قصيدة النابغة أيّما اتّساعٍ عن طريقِ الحذف والذكر.

وملاكهُ أن يعمد الواصفُ في نعته الجسدَ الأنثويّ إلى ركوبِ الضرورةِ من الزيادة والنقصانِ في بناء ملفوظاتهِ بناءً يخالفُ قوانينَ التراكيبِ النحويةِ المألوفةِ، فيفرُّ من وطأةِ القيودِ يطلبُ سعةَ البيانِ. وقد لجأ النابغةُ إلى الاتّساعِ في اجتراح سائرِ المعاني الوصفية المعقودة بالجسد من تقديم وتأخير وحذفٍ في مواطنَ من مطوّلته. ويتبيّنُ لنا أنّ الحذفَ حجبٌ مقصودٌ لبعضِ العناصرِ التي من شأنها أن تفتحَ للمخاطبِ مجالا للتأويلِ رحْبًا وحُسْنَ التقدير. فيتبيّنُ المعنى البعيدَ من ذلك: لمّا تزلْ برحالنا وكأن قدِ، فجعلَ من النّاسخ الحرفي كأنّ مخفّفًا لأنّ أصلها كأنّ بالتشديد، فخّففتْ فضلا عن حذفِ اسمها بقوله قدِ. وبالتالي، يضحي البناءُ تقديراً: كأنّها قد زالتْ برحالنا. فوجّهَ هاهنا يحتمِلُ من المعاني أكثرَ مما لو أورد الملفوظَ مكتملَ العناصر، فيذكرها كاملةَ البناءِ وفق مقتضياتِ الجهازِ. وهكذا، يحذفُ الشّاعرُ الموصوفَ ويأتي بصفته، وقدرُ المتلقّي أن يقدّرَ ما غُيّبَ مستعيناً بكفاءتهِ الموسوعية. ومن وجوه ذلك أنّه حذفَ الموصوف (القوس) وذكر صفته، مرنان بقوله: "عن ظهر مرنان بسهمٍ مُصردِ". فصفة مرنان صيغةُ مبالغةٍ تدلّ على شدةّ القوسِ من جهة أولى فضلا على أنّ في صوتها أنينا حين خروجِ السهمِ. ولم يكن الاتساعُ حكراً هاهنا على فنيةِ الحذفِ بقدر ما نشأ عبر الزيادة. وذاك جليّ في قوله: بسهمٍ مُصردِ، فهذا المكوّنُ اللغويّ تقديرًا في خانةِ الفاعلِ، في محلّ رفعٍ، بيد أنّه ورد مركّبا مسبوقًا بباء زائدةٍ للضرورة. ومن مواطن الحذفِ في قوله يصفُ جمال وجه المتجرّدة، ويجعلها في هيئة شادن بقوله في البيت العاشر:
نظرتْ بمقلةِ شادنٍ متربّبٍ.. أحوى أحمّ المُقلتيْن مُقلّد.

إنّا نستقبلُ صفاتٍ ونلحقها تقديراً بالموصوفِ المحجوب: فصفة أحوى للون ومقلّد للجيد. إذ نتأوّل العناصر حتّى يكتملُ المعنى، ونكون إزاء جمال للجسدِ باهرٍ يتحققّ في سوادٍ يشوبهُ بياضٌ ثم في الجيد المُقلّدِ وقد أحاطته قلادةٌ وضّاءةٌ. ومثلما يجنحُ الواصفُ إلى حذفِ عنصرٍ من العناصر فإنّه قد يحجبُ أحد ركنيْ الإسنادِ، فيذكر عنصراً ويغيّبُ آخر منها حجب عنصر المسندِ إليه ( المبتدأ) بقوله: صفراء كالسيراء، وكأنّ الناّظمَ يوسّعُ المعنى، فيسارعُ إلى ذكر مواطن الفتنة في الجسد المرئي، فيتّسعُ المعنى الذي يرتسمُ في ذهنِ المخاطبِ الذي يقدّرُ ما طُوِي ذِكرهُ، وحضر رسمهُ إلى ذهنه تفاعلا مع كفاءتهِ الموسوعية. ولمّا انبرى يصفُ جارحة اليدِ حجبَ الموصوف واستحضر الصفة المعهودة بقوله: بِمُخضّبٍ رَخْصٍ كَأَنَّ بَنَانَهُ، فنابت الصفة (مخضّب) منابَ الموصوفِ لأنّ الخضابَ يستحضرُ إلى الذهن جارحة اليدِ التي تكون جميلةً إن خُضّبتْ، ولان منها البنانُ (رخص). ويطّردُ الحذف باعتباره من فنيّاتِ التعبيرِ الوصفي المتّسعِ الذي ينهضُ إلى حرصِ الشاعرِ على أن يبدعَ معانٍ من خلالِ التصرّفِ في اللغةِ وإخراجِ الكلامِ من ضيقِ الجهازِ إلى سعةِ الإنجازِ، فيجري أقاويله الوصفية مجرى السعة. إنّه باب "دقيقُ المسلكِ لطيفُ المأخذ، شبيه بالسّحر، فإنّك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكرِ والصمت عن الإفادةِ أزيدُ للإفادةِ، وتجدُكَ أنطقَ ما تكونُ إذا لم تنطق"17.

ولعلّه ينخرطُ في دائرة الكلام النّاجعِ المُبِينِ لأنّ من مقتضيات الفصاحة أنّ للمتكلّم ملكةً "يقتدر بها على التعبير عن المقصودِ بلفظ فصيحٍ، تُسْعِفُهُ ملكتهُ باعتبارها الكيفيةَ الراسخة في النفسِ. وقد يخرجُ الكلامُ على خلافِ مقتضى ظاهره لنكتةٍ، فمن قبيل ذلك "وضعِ المضمرِ موضعَ الظاهر.. لأنّ المحصول بعد الطلبِ أعزّ من المنساقِ بلا تعبٍ"18. ويتّسعُ المعنى في هذه القصيدةِ عن طريقِ التقديم والتأخيرِ بقوله: يُشفى بريّا ريقها العَطِشُ الصّدي. ويبرزُ جمال المتجرّدة من خلال طيب رائحتها وريقها الشّافي. وقد يجري الاتساعُ هاهنا عبر تكثيف الشاعرِ للنّكراتِ، فتتوارى الأسماء المعرفةُ حتّى يتّسعَ المعنى، ويثبت أنّ النكرةَ أبلغُ من المعرفة في تأكيدها معنى الإطلاق. وذاك جليّ في القصيدة لمّا نعت شعرها (فاحمٍ أسود/ تكلّم). إنّ سعة المعاني في الخطابِ الوصفيّ ههنا موصولةٌ بكلّ وجوه تتيحها اللغةُ باختيارِ المفرداتِ بوعيٍ، ونسجِ معجمٍ مخصوصٍ تتجاوزُ مفرداتهُ المعاني الأول إلى معانٍ أخرى يجهدُ المتلقّي في تدبّرها. وإجمالا، يعدلُ الوّصّافُ عن القاعدة النحويةِ كأن يخبر بالمعارف عن النكراتِ، ويؤنّث الفعل مع الفاعلِ المفردِ المذكّرِ، وقد يُؤْتَى بالصفاتِ المؤنثة مع الموصوف المذكّر أو يجري الخطيبُ صفاتٍ مذكّرةً لموصوفِ مؤنّث، وقد يعبّرُ عن المفردِ باللفظ المثنى أو الجمعِ إلى غير ذلك مما يخالفُ الأصولَ التي تنتظمُ بناءَ الكلامِ الجاري على ألسنتهم وصرامةَ قوانينِ الجهازِ اللسانّيّ، بيد أنّ كلَّ ذلكَ رَهْنٌ بصحةِ الكلامِ ووضوح المعنى وتحقّق شرط الإفادةِ، آيته في ذلك أن يُحْمَلَ ظاهرُ اللفظِ على معنى آخرَ يؤدّي المعنى المطلوبَ، فتأتلفُ القاعدةُ ويصحّ المعنى بعد شحذِ الفكرِ وسلامةِ التّأوُّلِ لأنّ "هذا الكلام مما عدلَ من كلامهم عن طريقتهِ إلى طريقةٍ أخرى تصرّفًا في الفصاحةِ وتفنّنًا في العبارةِ، وليس من قبيلِ الإلغازِ"19. فمن مقتضيات الرخصة أن يستثمرَ النَّاظِمُ المجاز سبيلا لاتّساع المعاني وفق منطق أساسه أن يجعل المعنى البعيد قريباً يتمثّله المتلقّي، فيراه ماثلا عياناً، فشأن التخييل أوقعُ في النفس منه وأولى لأنّ المجازَ "يكونُ أبدًا أبلغَ من الحقيقةِ"20. وقد احتفى الجرجاني بالمجاز وما يصنع من صور وبما توقعهُ في النفوسِ من المعاني المعدول بها عن مراسمها نظماً لها في سلكِ التخييلِ وسلوكاً بها في مذهبِ التأويل، فَ"تُعطيكَ الكثيرَ من المعاني باليسيرِ من اللفظِ حتّى تجنِيَ من الغُصْنِ الواحدِ أنواعاً من الثمر.. فإنّك لترى بها المعاني الخفية جليّةً"21. فالتمثيل فاعلٌ في نفس المتلقّي يرقى إلى كونه من آليات الاتساع الخطابية لأنّه يفخم المعنى ويظهره من الأذهانِ إلى الأعيان، بل يجعلهُ معنى شريفًا، ف"أوّلُ ذلك وأظهرهُ أن أُنسَ النُّفُوسِ موقوفٌ على أن تُخْرِجَها من خفيٍّ إلى جليٍّ"22. وتطالعنا صورةٌ لجسدٍ متخيّلٍ فاتنٍ، يعدلُ الناظمُ بهذه الصور يرسمُ ملامح جسدٍ مؤلّهٍ يجمعُ إلى الحجبِ الذكرَ وإلى أبديةِ الحركةِ الثبوت. وينشأ بذلكَ معنى جديدٌ لجسدٍ يمتعُ الحواس لمّا تشكّل في هيئة ساحرة بجمعه بين البشريّ وعناصر أخرى، له من الماء نعومتُه ومن الصحراء صفاؤهُ وامتدادهُ، ومن الكواكبِ الضياء، ومن الدُّرِّ بريقهُ وسحره. ثم أحاط بلينها، فجعل جسدها في لين الغصون. وألحّ على صفةِ النّور، جسدٌ نورانيّ يبدّد ظلمةَ البيتِ بقوله:
وتخالها في البيتِ إذ فاجأتها .. قد كان محجوبًا سِراجَ الموقدِ

وانتقلَ الواصفُ يرسمُ معالم الجمالِ للجسدِ، ويومِئُ إلى رفعته وعلوّه وجماله، فجعلها تضارعُ الشمسَ علوّاً وضياءً، فيراها جسداً مقدّسًا لما شابهَ كوكب الشمسِ إله العربِ المعبود. ثم ماثلها بالدرّةِ في نفاسةِ معدنها تكون للغوّاصِ مصدرَ بهجةٍ، فيهلّ لمرآها ويسجدُ إن ظفرَ بها. وهكذا، يستعيرُ الوصّافُ من الوجود عناصر لينعت جسدًا كونيّا متخيّلا يحوز إلى صفائه الطّهر الأبديّ من خلال توظيف عنصر الماءِ يُستدعى مقترنا بمواضع متعددة من الجسد مثل الريق وطراوة الغصن والأنداء بقوله:
محطوطة المتنين غير مفاضة .. ريّا الروادف بضّة المتجرّد

أو تشبيهه عذوبة ريقها، فاستحضر عنصر الماء بقوله:
زعم الهمام بأنّ فاها باردٌ .. عذبٌ مقبّلهُ شهيّ الموردِ

وعلى هذا، ينزع المتلفّظُ إلى أن يتّسع التصوير يطلبُ تشكيل الجسدِ الينبوعِ البِكْرِ المؤسّسِ لرمزِ الخصبِ الأبديّ. وأضحى الجسدُ الأنثويُّ مجَازَ الشَّاعِرِ إلى العالم، فيتخيلُ جسدَ المُتَجَرِّدَةِ عالمًا أصغرَ يختزلُ الوجودَ الأكبرَ، فلا فصلَ بين جسد الإنسان وجسد الطبيعةِ. ومن العناصر الأخرى الموصولة بالطبيعة جيء بالنار والنور في نعته حُسْنَ الوجْهِ بمتصورِ النّار التي كانت مجازاً للنابغة لصياغةِ صورٍ مُتعددةٍ. ولعلّ من أوضحِ ما يدلُّ على ذلك قولنا إنّ الشّاعِرَ جعلَ جسدَ الأنثى وعَاءً تلتقي فيه كلُّ العناصر المتنافرةِ وتنصهرُ، فتتلاشى الحُدُودُ والهوياتُ بين المتلاشي والخالدِ الباقي أو العلوي ومقابله السفليّ، أو المقدّس في دفاعه ونزاعِهِ الأبديّ مع المُدنّسِ ثمّ الجليّ المكشوف في مقابلِ الخفيّ المحجوب وغير ذلكَ من الأزواج والثنائياتِ.

تتسعُ الدلالات عبرَ المجازِ، إذ يعدلُ الشاعرُ بالصورِ الموظّفة عرفانيّا منْ تجربةٍ إلى تجربةٍ أخرى للتعبير عن عاطفةِ العشقِ والكلفِ بجسدِ المتجرّدة، فيضحي العشقُ مادة بيانيةً وزانها أن تنقلبَ المعاني المجرّدةَ والانفعالاتِ محسوسةً ماثلةً عيانا. وصاغَ استعارة "العشق صيدٌ"، وهي صورة تعالجُ الانفعالَ معالجة مجسْدنةً عبر تجاربِ الجسدِ ويبني مشهدًا غزليّا تتراءى فيه المتجرّدةُ بمثابة الصيّادِ الذي يصطادُ بلحظهِ وبِحُسنِ قوامهِ الشاعِرَ المحبّ ويصرعُهُ طِيبُ حديثهِ في قوله:
في إثر غانيةٍ رمتكَ بسهمها .. فأصابَ قلبكَ غير أن لم تُقصدِ
ولقد أصابَ فؤادَهُ من حبّها .. عن ظهرِ مرنان بسهمٍ مصردِ

إنه يبنيَ تجربةَ عشقه للمتجرّدةِ وكلفهِ من خلالِ استعارةِ أدوات تجربةٍ أخرى قريبة منه، فاستعارَ من ميدانِ الصيدِ باعتباره ميدانا مصدَرًا ما يبني به تجربةَ العشقِ باعتباره ميدانا هدفًا. ويرصد المخاطب المعاني الصريحةِ ويتدبّر المعاني المضمرة وقد استثمر كفاءتهُ، فيكون إذّاكَ قد تأوّل وقدّر ورجّح، فاستبعدَ ما لم يكن مناسبًا، وسيّقَ المعاني، وهكذا، ندرك أنّ نظمَ الشعر رهنٌ ببراعةِ الناظمِ العارفِ بأسرار البيانِ في تصريفِ أقاويلها الشعرية المخيّلةِ، وفي دفعِ معانيه إلى الاتّساعِ إن عدلتْ عن السّائدِ، وخرجتْ عن المألوفِ في نسجِ الأخيلةِ وفي توسيعِ ما ضاقتْ عنهُ ألسنُ العوّام، وكانت المعاني أسبقَ إلى القلبِ منها إلى السمعِ. وبالجملة، إنّ تأويلَ المعاني في هذا الخطابِ الواصفِ للجسدِ جهدٌ يتخطّى رصدَ المعاني المحمولةِ على ظاهرها إلى استجلاءِ المعاني المعدول بها عن ظاهرها لأنّ "التفسير بيان وضع اللفظ حقيقةً والتأويل إظهار باطنِ اللفظ... ولا يخلو تأويل المعنى من ثلاثة أقسامٍ: إمّا أن يفهمَ منه شيءٌ واحدٌ لا يحتملُ غيره، وإمّا أن يفهم منه الشيء وغيره، وتلك الغيريةُ: إما أن تكونَ ضدّاً أو لا تكون ضدًّا.. فالأوّل يقعُ عليه أكثر الأشعار"23.

 

***


أتاح لنا النظرُ في هذه القصيدة القول إنّها لم تكن محض خطاب مُوقّعِ حتّى ينعتَ جسد المتجرّدةِ، بقدر ما كان عملاً موسّعًا يسحر القارِئَ الذي يفتقر إلى التأويل، حتّى يظفرَ بجملة معانيه الجليّة والخفيّة. وتتجاوز وجوه الانزياح محضَ التّصرّفِ إلى مطلبِ الاتّساعِ في طلبِ المعاني البعيدةِ التي تخرج جسد المتجرّدةِ من عالمِ النقصانِ إلى عالم الكمالِ والتأليه، بيد أنّ الشعر يتخّففُ من وظيفة التعبيرِ عن الانفعالِ إلى جلالِ الدعاءِ والابتهالِ، إنّه العلمُ بطرقِ التعبّدِ وشكلٌ من أشكالِ طقوسِ العبورِ من ضيقِ العبارة إلى سعَةِ الإشارةِ.

 


الهوامش:  1- ابن منظور: لسان العرب، مادة (و، س،ع)، دار صادر، بيروت، لبنان، ط 1، 1990، ج،8 ، ص 391 وما بعدها.2- المنجد محمد نور الدين: اتّساعُ الدلالة في الخطابِ القرآني، دار الفكر، دمشق، سورية، 2010، ص25. وقد نبّه إلى مختلف المعاني المتصلة بمصطلح الاتساع سواء في حقل القراءات أم في مجال البلاغة أو اللغة وغيرها من فروع المعرفة العربية، انظر الصفحة 26 وما تلاها.3- سيبويْه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر: الكتاب ( ت 180هــ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، مطبعة المدني، القاهرة، مصر، ط 3، 1996، ج1، ص 212.4- الخصائص، الجزء الثاني، ص 444. وفي ثنايا مصنّفاتِ النّحاة العربِ القدماء، ننتبهُ إلى ذلك التقاطع بين مصطلح الاتساع وكثرة الاستعمال باعتباره ضربًا من العلل النحوية، فتضحي مقولةُ كثرةِ الاستعمالِ أقربَ إلى التوّسّعِ الذي قد ينأى عن صرامةِ القواعدِ.5- الثعالبي: فقه اللغة وأسرار العربية، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربيّ، ط1، 2002، ص 237.6 -ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، الجزء 2، قدم له وشرحه وفهرسه دن صلاح الدين الهواري و أ، هدى عودة، دار ومكتبة الهلال، بيروت، لبنان، ط1، 1996، ص 153.7- مطلوب أحمد: معجم المصطلحات البلاغية وتطوّرها، مطبعة المجمع العلميّ العراقي، 1403هـــ، 1983، ج1، أ- ب، ص، ص 41، 42. وزاد الحمويّ بأنّ الاتّساعَ نوع يتّسِعُ فيه التأويلُ على قدر قوى الناظرِ فيه وبحسبِ ما تحتملُ ألفاظُهُ من المعاني".8 - ابن جنيّ: الخصائصُ، تحقيق محمد علي النّجّار، المكتبة العلمية، ( د، ت)، الجزء الثاني، ص 12.9- الخصائص، ج1، ص 33.10- العمدة في محاسن الشعر، ج1، ص 261.11- الجاحظ: البيان والتبيين، دار إحياء التراث العربي، 1968 ،ج1، ص 95.. .12- القيرواني القزاز: ما يجوز للشاعر، حققه وصنع فهارسه رمضان عبد التوّاب صلاح الدين الهادي، دار العروبة بالكويت، ( د، ت)، ص 6.13- العمدة، ج1، ص 210.14- نفسه، ج2، ص 188.15- النخيلي آمال: شعرية الجسد في الشعر العربيّ القديم من الجاهلية إلى القرن الثاني، دار الكتاب المصري بالقاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعة الأولى، 2012، ص 201.16- جاك موشلر – آن ريبول: القاموس الموسوعي للتداولية، ترجمة مجموعة من الأساتذة والباحثين بإشراف عز الدين المجدوب، مراجعة خالد ميلاد، منشورات دار سيناترا، المركز الوطنيّ للترجمة، تونس، ط2، 2010، ص 34. ويفرّقُ هذا التمييزُ بين الكفاءة والإنجازِ (انظر باب الكفاءة والإنجاز، القاموس الموسوعي، ص 34 وما بعدها).17- الجرجاني عبد القاهر: دلائلُ الإعجازِ، ص 146. وقد عقد ابن جنيّ في كتابه الخصائص بابا أطلق عليه " في أنّ المحذوف إذا دلّت عليه الدلالة كان في حكم الملفوظ به إلاّ أن يعترض هناك من صناعة اللفظ ما يمنع منه"، انظر الخصائص، الجزء 1، ص284.18- لجرجاني عبد القاهر: دلائلُ الإعجازِ، ص 146. وقد عقد ابن جنيّ في كتابه الخصائص بابا أطلق عليه " في أنّ المحذوف إذا دلّت عليه الدلالة كان في حكم الملفوظ به إلاّ أن يعترض هناك من صناعة اللفظ ما يمنع منه"، انظر الخصائص، الجزء 1، ص284.19- الجرجاني: دلائلُ الإعجاز، ص 426.20- دلائلُ الإعجاز، ص 426.21- الدلائلُ ، ص 426.22- الجرجاني عبد القاهر: أسرار البلاغة، تحقيق هــ. ريتر، دار المسيرة، بيروت، لبنان، ط3، 1983، ص 42. أسرار البلاغة، ص 108.23 – المثل السائرُ في أدب الكاتبِ والشاعر، ج1، ص 50.

قائمة المصادر والمراجع:
أ‌-المصادر:
-القرآن الكريم.
- النابغة الذبياني: الديوان، جمع وتحقيق وشرح العلاّمة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، الشركة التونسية للتوزيع والشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائرية، ط1، 197.

ب- المراجع:
- ابن الأثير ضياء الدين: المثل السائرُ في أدب الكاتبِ والشاعر، تحقيق محمد مجيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصريةُ، صيدا- لبنان، ط1، 2010.
- باديس نور الهدى: بلاغةُ الوفرةِ وبلاغةُ النُّدْرةِ، مبحثٌ في الإيجازِ والإطنابِ، المؤسسة العربية للدراساتِ والنّشرِ، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2008.
- التبريزي الخطيب: شرح ديوان عنترة، قدّم له ووضعَ هوامشه وفهارسهُ مجيد طراد، دار الكتاب العربيّ، بيروت، لبنان، ط1، 1412هــ / 1992.
- الثعالبي: فقه اللغة وأسرار العربية، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربيّ، ط1، 2002.
- الجاحظ: البيان والتبيين، دار إحياء التراث العربي، 1968.
- جاك موشلر– آن ريبول: القاموس الموسوعي للتداولية، ترجمة مجموعة من الأساتذة والباحثين بإشراف عز الدين المجدوب، مراجعة خالد ميلاد، منشورات دار سيناترا، المركز الوطنيّ للترجمة، تونس، ط2، 2010.
- الجرجاني عبد القاهر: أسرار البلاغة، تحقيق هــ. ريتر، دار المسيرة، بيروت، لبنان، ط3، 1983.
- الجرجاني عبد القاهر: دلائل الإعجاز، قرأه وعلّق عليه محمود محمد شاكر، (د،ت).
- ابن جنيّ ( عثمان أبو الفتح): الخصائص، تحقيق محمد على النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، ط2، ( د، ت).
- الحريري القاسم بن عليّ: درّة الغوّاصِ في أوهامِ الخواص، طبعة أوفست، المثنى، بغداد، بلا تاريخ.
- سحيمي سمير: أجراسُ الشعر وإيقاع الذاتِ، بحثٌ في إنشائية قصيدة نزار قبّاني، دار زينب، تونس، ط1، 2018,
- سيبويْه أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر: الكتاب( ت 180هــ)، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، مطبعة المدني، القاهرة، مصر، ط 3، 1996.
- السيوطي جلال الدين: الأشباهُ والنّظائـــرُ، مراجعة دكتور فائز ترحيني، دار الكتاب العربيّ، بيروت، لبنان، ط3، 1417هـ/ 1996م.
-   الزيّات أحمد حسن: دفاعًا عن البلاغة.
- أبو عبيدة معمر بن المثنى: مجاز القرآن، عارضه بأصوله وعلّق عليه الدكتور محمد فؤاد سزكين، الناشر محمد سامي أمين الخانجي الكتبي بمصر، الطبعة الأولى، 1374هـ/ 1954.
- ابن قتيبة: أدب الكاتب، تحقيق محمد الدالي، مؤسسة الرسالة، الكويت، ط2، 1985.
- القزاز القيرواني: ما يجوز للشاعر في الضرورة، حققه وقدم له وصنع فهارسه رمضان عبد التواب، صلاح الدين الهادي، دار العروبة بالكويت، (د، ت).
- ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، قدّم له وشرحه وفهرسه دن صلاح الدين الهواري وهدى عودة، دار ومكتبة الهلال، بيروت، لبنان، ط1، 1996.
- الكشو رضا: من إشكاليات القدرة التواصلية، مجلة اللسانيات العربية، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز، السعودية، العدد 3، مارس 2016.
- المنجد محمد نور الدين: اتّساع الدلالة في الخطاب القرآني، تقديم الأستاذ الدكتور سعيد الأيّوبي، دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1431هــ/ 2010 ميلاديا.
- ابن منظور: لسان العرب، مادة (و، س،ع)، دار صادر، بيروت، لبنان، ط 1، 1990.
- ميغري منصور مبارك: نظام القول في العربية، الخصائصُ التركيبية والدلالية والتداولية، دار وجوه للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة 1، 2015.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها