رعاية الاختلاف.. قراءة في كتاب "شعرية ما بعد الحداثة"

د. محمد عبد الباسط عيد


لا يتسع المجال لرصد الكتب والدراسات التي تناولت مفهوم "ما بعد الحداثة"؛ فهي كثيرة ومتنوعة في كل اللغات، منها المؤيد ومنها المعارض، ولكن الكتب التي تتناول الظاهرة من حيث هي نشاط إنساني وممارسة حية، وتحول اجتماعي وثقافي واقتصادي، مثل هذه الكتب قليلة، ولا يجب أن تمر دون قراءتها والاشتباك مع ما تقدمه من أفكار، ليس لنسجل موقفًا مع أو ضد؛ وإنما لنقدم مزيدًا من الوعي بالظاهرة وتخصيب الفكر حولها.


ومن هذه الكتب يأتي كتاب الباحثة الكندية المعروفة "ليندا هاتشون: شعرية ما بعد الحداثة.. التاريخ، النظرية، المتخيل" الذي نشره (المركز القومي للترجمة بالقاهرة، سبتمبر 2024م)، وبترجمة دقيقة للأستاذ: السيد إمام". وفي الكتاب تحاول هاتشون -عبر قسمين كبيرين وثلاثة عشر فصلًا- مقاربة الظاهرة بما هي نشاط يمتد في مختلف الممارسات: في العمارة والفنون والآدب مرتكزة على ثلاثة مفهومات أساسية، هي: التاريخ، والنظرية، والمتخيل.

تبدو "ما بعد الحداثة" بالنسبة لكثير من الدارسين مفهومًا عصيًا على التأطير؛ فهناك من يعتبرها مفهومًا تحقيبيًّا يميزها عن الحداثة، وبما يجعل وظيفتها قاصرة على ربط الأشكال الثقافية الجديدة بأنماط الحياة الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لها.. (ص: 71)، وفي المقابل هناك من يراها نشاطًا مُربكًا ومتناقضًا، ويعمد إلى أشْكَلة البدهيات وإثارة الأسئلة، ولا يهتم بتقديم إجابات إلا في مساحات ضيقة، تتسم بكونها مؤقتة ومحددة ومحكومة بالسياق.

وربما لهذا لم ينشغل كثير من منتقديها ومن أنصارها أيضًا بمحاولة تعريفها، فهم لا يحددون لنا بالضبط ما الذي يقصدونه من المصطلح، فمنهم من يفترض تعريفًا ضمنيًّا أو اعتباريًّا فحسب، ومنهم من يرى أن تناقضاتها تجعل التعريف عملًا صعبًا ومشوشًا في الاستعمال والتواصل بشكل عام.

وما تقترحه ليندا هاتشون هنا هو مناقشة الظاهرة دون الانخراط في تقييمها، وذلك على نحو ما تتجلى في مختلف ممارساتنا، كالعمارة والموسيقا والأدب.. إلخ. انطلاقًا من فرضية تأويلية بالأساس ترى أن الحداثة لها وجود مضمر في كل الممارسات الثقافية "ما بعد الحداثية"، والعلاقة بينهما "علاقة استتباع، واختلاف، تتسم بالتعقد والتركيب" (ص: 70).

ورغم وجود أصوات ترى ما بعد الحداثة إنكاراً وهدمًا للحداثة، إلا أن بمقدورنا التأكيد على أن "الحداثة تسكن –حرفياً ومادياً- ما بعد الحداثة، ولا ينبغي تجاهل العلاقة المتبادلة بينهما" (ص: 85). بحيث يصعب فهم أي منهما بمعزل عن مقابلتها، فما تفعله ما بعد الحداثة تحديداً أنها "استعمال أو إساءة استعمال سمات الحداثة هذه بهدف استجواب كلا الحدين المتقابلين" (ص: 86).
 

 المحاكاة الساخرة أو الباردويا

ولعلّ أهم ما يميز نشاط "ما بعد الحداثة" هو انشغالها بطبيعة العلاقة بين الماضي والحاضر أو الموقف من الماضي، وهنا يحتل مفهوم "المحاكاة الساخرة" أهمية كبيرة، ولا تعني السخرية هنا مجرد الإضحاك أو الهزء، ولكنها بالأساس تهتم بطبيعة العلاقة التي لا ينهزم فيها الحاضر أمام مقولات الماضي الكبرى أو الأساسية، فالسخرية تعني تقويض المركز وإظهار التناقض، وإتاحة الفرصة للهامش للوجود والتعبير.. وهذا ما يجعلها -أي السخرية- شكلًا من المعارضة التي تفتح المجال واسعًا أمام ما هو جزئي وعابر ومؤقت، أو لنقل إنها بالأساس معارضة لكل ما هو حداثي، عقلاني، مطلق، ثابت.. إلخ.

والملاحظ هنا، أن نصوص "ما بعد الحداثة" تظهر اهتمامًا واضحًا بطبيعة العلاقة بينها وبين التراث أو التقاليد السابقة عليها، مما يجعلنا مباشرة إزاء مقولة التناص، ولكن ليس بما هو معطى "ماهويّ" يتصل بطبيعة النصوص وطرق التفاعل فيما بينها، ولكن بما هو فاعلية قصدية تتعلق بزاوية محددة من التفاعل وهي السخرية أو المعارضة الساخرة، تلك التي تبدو أقوى ما تكون عبر ملاحظة الاختلاف في بنية التشابه أو اختراق المعتاد بما هو غير معتاد، مما يعني أننا –على عكس ما يُشاع - إزاء تواصل بين الحاضر والماضي، ولكنه تواصل من زاوية خاصة تهدف إلى تفتيت الكليات وإبراز الفجوات.

وربما لهذا بدت المحاكاة الساخرة -فيما تؤكد ليندا هاتشون- أفضل ظاهرة تمثل "ما بعد الحداثة"؛ إذ تبدو وكأنها شكل مكتمل؛ فهي لا تكتفي بالتصدي لما تحاكية وإظهار تناقضاته فحسب، ولكنها تعمل -بالأساس- على دمجه في بنيتها وإعادة تشغيله.. ولا يعني هذا أننا إزاء لعبة فارغة من المعنى، ولكننا إزاء نشاط ثقافي يجبرنا "على إعادة تأمل فكرة الأصل أو الأصالة التي تنسجم مع استجوابات ما بعد الحداثة الأخرى لافتراضات النزعة الإنسانية الليبرالية" (ص: 25).

ونظرًا لأهمية مفهوم "المحاكاة الساخرة"؛ فإن منتقدي ما بعد الحداثة يصرون على محاصرته واختزاله في الهزلي والعابث، وهذا فيما ترى "ليندا" إساءة فهم للقوة النقدية التي يمثلها الصوت المزدوج، وهو ما لم يغفل عن فوكو الذي دافع قائلاً: إن "لعبة السخرية متضمنة بشكل معقد في جدية القصد والموضوع. وربما كانت السخرية في حقيقة الأمر هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نكون بها جادين في الوقت الراهن" (ص: 72).

فالسخرية هي إحدى الآليات القوية التي يمكن من خلالها تضمين خطابات الماضي، خطابات ما قيل بالفعل ونقدها في الوقت نفسه، وهذا ما يجعلها من وجهة نظرنا موقفًا معرفيًّا ونقديًّا.. ولا يقتصر هذا على الفن الرفيع فحسب، فالتضمين أو هذا المزج المعقد ممتد في بنية ما بعد الحداثة ليجمع في نسيج واحد بين الأدب الرفيع والفن الهابط.. ومن الجيد هنا التأكيد على الطبيعة التناقضية لما بعد الحداثة، ومن الجيد أيضاً التأكيد على أن "أحد تناقضات ما بعد الحداثة "هو أنها أغلقت الفجوة بالفعل التي رآها "ليزلي فيدلر"، بين أشكال الفن الرفيعة وأشكال الفن الهابطة، وفعلت ذلك من خلال السخرية من كليهما" (ص: 78).

نحن في التحليل الأخير إزاء ظاهرة جمعت -ربما للمرة الأولى- بين الأكاديمي والشعبي، أو بين النخبوي والشعبي، وعملت على دمجهما وتعاملت مع تناقضهما.

"يمكن هنا أن نضرب الأمثال بكثير من شعرنا القديم والمعارضات الساخرة في مختلف الأغراض، كما يمكن ضرب الأمثال بالأغاني المختلفة التي يقدمها مطربون شعبيون لأغاني أم كلثوم، ولا يصعب عليك ملاحظة ذلك في أشكال العمارة الحديثة التي غزت مدننا، وكيف يعمد المصممون إلى استعارة وحدات تراثية محددة تمزج بين الحاضر والماضي.. إلخ".


◀ ما بعد الحداثة والتراث

لا ينظر مفهوم ما بعد الحداثة إلى الماضي أو التراث بوصفهما حقيقة يمكن إدراكها بمعزل عن الحاضر، فالتراث (بالمفهوم الواسع الذي يضم كل ما أنجز في الماضي من التاريخ إلى الآداب والعمارة والموسيقا...) ليس معطى منتهيا ومغلقًا، أو بعبارة أخرى ليس موجودًا هناك بمعزل عن الوجود هنا.. التراث في هذا المنظور (المابعدي) صيرورة معرفية خطابية منفتحة، وكل قراءة له مشروطة بالوجود هنا، أو الوجود في الحاضر.. فما تفعله ما بعد الحداثة تحديدًا "هو التشكيك في إمكانية كوننا قادرين دائمًا على معرفة "الموضوعات المنتهية" للماضي. إنها تعلم وتسوِّغ الاعتراف بحقيقة أن "الواقع" الاجتماعي، والتاريخي، والوجودي للماضي واقع خطابي.. ومن ثم تصبح التاريخية الأصيلة هي التاريخية التي تعترف صراحة بهويتها الخطابية والمؤقتة. إن الماضي بوصفه مرجعًا لا يُوضع بين قوسين أو يُطمس، إنه يدمج ويُعدّل، يمنح حياة ومعنى جديدين ومختلفين" (ص: 50).

وهذا يعني أننا إزاء قراءة أو نشاط إنساني واع بذاته، لا يحاول الهرب، ولا يتجاهل حاجات الواقع أو اشترطاته أو بعبارة أخرى، لا يتجاهل الوعي الذاتي، ولا يدّعي ذلك أو يزعمه، فكل قراءة تعي سياقها التاريخي والاجتماعي والإيديولوجي الذي وجدت فيه، وهذا- فيما تقرر "ليندا هاتشون"- لا ينطبق على نشاط ثقافي دون آخر، ولكنه ينسحب على كل أنشطتنا، على التصوير والموسيقا والأدب والعمارة.. إلخ (ص: 50).

ومن الضروري هنا ألا ننظر إلى هذه العودة إلى الماضي على أنها مجرد حنين أو "نوستالجيا" كما يرى منتقدو ما بعد الحداثة؛ فـ"النوستالجيا" في جوهرها هروب من الحاضر، وإضفاء طابع مثالي على الماضي أو استدعائه بوصفه جنة عدن، وهذا بالتأكيد يتعارض تمامًا مع مقولة الباروديا أو السخرية؛ فما بعد الحداثة تُقدّم قراءة نقدية للماضي، بمعنى أنها تواجه الماضي بالحاضر. إنها تربط وتصل وتقدّم رؤية خاصة للماضي والحاضر على حد سواء، ولا يمكن وصف مثل هذا العمل أو ذاك التصور بالمثالي، ولا يمكن وصف مثل هذه العودة إلى الماضي بالنوستالجيا.


◀ التناص

أشرنا إلى التناص أعلاه، وما نود التأكيد عليه هنا، هو أن التناص إحدى المقولات الجوهرية التي تفتح مغاليق ما بعد الحداثة، وهو مقولة برزت عقب الانتقاد الواسع الذي وجهته النظرية النقدية للنظريات الشكلية الحداثية المغلقة، حيث سعى المتخيل ما بعد الحداثي إلى الانفتاح على التاريخ أو على ما كان يطلق عليه إدوارد سعيد "العالم".. وهذا ما جعل التناص في قلب التفكير الما بعد، حتى إن تشارلز نيومان يعرف "فن ما بعد الحداثة بوصفه تعليقًا على التاريخ الجمالي لأي جنس تتناوله" (ص: 188).

فالتناص طاقة معرفية وتخييلية وتنظيمية، ولا يقتصر، كما يظن عدد غير قليل من الدارسين، على التضمينات والاقتباسات أو الإحالات الواضحة المحددة، ولكننا إزاء اشتراط منفتح إلى أقصى درجة، فحدود أي كتاب –وفق فوكو- يصعب الإحاطة بها، "إنها غير واضحة المعالم، إنه – فيما وراء العنوان والسطور الأولى وحتى آخر نقطة، فيما وراء ترتيبه الداخلي وشكله المستقل– ملحق بنظام من الإحالات لكتب أخرى، ونصوص أخرى، وجمل أخرى، إنه عقدة في شبكة" (ص: 191).

وليس من الحكمة اختزال فهم نام ومنفتح مثل هذا في كونه أداة نقدية تعيننا على استكشاف الإحالات والتضمينات، فالتناص مفهوم أعمق من ذلك بكثير، ويتجلى لنا عمقه حين نتعامل مع مفهوم مركب مثل "الميتارواية التأريخية" التي ينفتح فيها المتخيل على الواقعي والتاريخي والذاتي على الموضوعي... فالغاية من التناص يصعب اختزالها في التعرف على الآثار المنصصة للماضي البعيد أو القريب، فهذه المعرفة لا تشكل هدفًا في حد ذاتها، ولا يمكن الاقتصار عليها والانتهاء عندها، ولكن الأهم بالنسبة لنا هو استكشاف الطريقة التي جرى بها التعامل مع هذه الآثار، أو الوعي بفعل السخرية التي جرت لها (ص: 191).


◀ المتخيل ما بعد الحداثي

وكما أن التناص مجال بارز لاستجلاء معالم ما بعد الحداثة بوصفه مُعبرًا عن جوهرها، وإذا كانت كل حقبة جمالية وفكرية تفضل جنسًا أدبيًا معينًا؛ فإن الرواية ومعها فن العمارة –طبقاً أورتيجا واي جاسيت- "هي على ما يبدو الجنس ما بعد الحداثي الأكثر إثارة للنقاش في الآونة الأخيرة، لكن هذا لا يعني أن ما بعد الحداثة تقتصر على هذا الشكل وحده في الممارسة الجمالية الفعلية" (ص: 70).

فرواية "الما بعد" تتحدى النموذج البنيوي والشكلي؛ لأنها في الأساس لا تخضغ لأي مفاهيم محاكاتية أو واقعية تتعلق بالمرجعية، وإذا استخدمنا لغة التفكيك يمكن القول إنها توظّف وتسيئ توظيف الحداثة والواقعية، وهي تفعل ذلك بهدف إظهار التناقضات التي يخفيها زَعْم التماسك ووهم الانسجام.

فالمتخيل ما بعد الحداثي يُشكِّك في منظومة المفهومات المترابطة التي تقترن بما نطلق عليه النزعة الإنسانية الليبرالية (الحداثية) من قبيل: "الاستقلال الذاتي، التعالي، اليقين، السلطة، الوحدة، الكلية أو الشمولية، النظام، التعيم، المركز، الاستمرارية، الغائية، الإغلاق، التراتبية، التجانس، الفرادة، الأصل". ومن الضروري هنا التأكيد على أن التشكيك في هذه المنظومة، أو الشبكة المفهومية لا يعني إنكارها بأي حال، إنه يعني بالأساس "استجواب علاقتها بالتجربة"، وهذا لا يتحقق إلا بعملية مزدوجة هي: "إرساء ثم استبعاد أو استعمال، وإساءة استعمال تلك الأفكار المتصارعة ذاتها" (ص: 97).

فالمشروع ما بعد الحداثي -في جوهره- ينزع بقوة نحو الشك أو عدم اليقين؛ فلا يطمئن إلى مقولة دون فحص ومراجعة ومساءلة، وهذا لا يعني أنه غير مشغول بمسألة القيمة أو الهدف، ولكنه بالأساس يشك في أي يقين (التاريخ، الذاتية، الإحالة)، وأي معايير تقوم عليها أحكامنا على الوقائع والنصوص والأحداث، عبر فعل السؤال الذي يتناول العلية والزمانية والكيفية، فيسأل مثلًا: من أرسى هذا المعيار؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟

وعلى خلاف التصور الشائع؛ فإن ما بعد الحداثة لا تنحاز إلى التفكك والتشظي، كما أن النقد فيها لا يعني الهدم، ولكنه مساءلة عميقة للمبدأ أو الفكرة التي "نحكم بموجبها على النظام والتماسك" (ص: 97). وهذا يعني أننا إزاء نظر يقاوم الإغلاق الدلالي، وينحاز إلى الانفتاح الذي لا يعرف حداً ولا يدور حول مركز كلي، ولا يعني هذا أيضًا أن المركز يغيب أو يتلاشى، ثمة تأكيد واضح على صعوبة الحياة دون مركز.. ولكن ما تقوم به "ما بعد الحداثة" تحديدًا أنها تحوّل المركز من كينونة متعالية إلى معطى وظيفي، وكل وظيفة مرهونة بسياقها، وبما يمكن أن تؤديه في هذه القراءة المحددة فحسب.

فالمركز موجود ولكنه ليس ثابتًا، إنه موضوع للتساؤل والتغيّر، يمتاز المركز بالمرونة التي تفسح المجال للهامش والمستبعد، لا يبالي المركز بالترتيب القيمي بين الفن الراقي والهابط، فلا مجال هنا للتراتبيات.. لا يغيب المركز تماماً، ولكن الذي يغيب هو وجود معنى مطلق أو كينوني يزيح أو يقصي المختلف؛ لأن مثل "هذا المركز كان يعمل في العادة بوصفه محورًا بين أضداد ثنائية، كانت تمنح الامتياز دائمًا لأحد النصفين: أبيض/ أسود، ذكر/أنثى، الذات/الآخر، العقل/الجسد، الغرب/ الشرق، الموضوعية/الذاتية.. ولكن إذا نُظر إلى المركز بوصفه مركباً ذهنياً وليس حقيقة ثابتة غير قابلة للتغيير، فإن صيغة (إما – أو) القديمة تبدأ في الانهيار، وتفتح الصيغة الجديدة (و-أيضًا) القائمة على التعدد والاختلاف" (ص: 104). والمؤكد أن صيغة (و- أيضًا) هي صيغة تعددية منفتحة، وكل انفتاح لا يمنح الرؤية مزيدًا من الثراء فحسب، ولكنه بالأساس يعمق قدرتنا على الفهم والاستبصار. ومن الضروري الإشارة إلى أن هدم التراتبيات لا يعني هدم التمييزات؛ فالحقيقة أن ما بعد الحداثة تنحاز لفكرة الاختلاف بكل ما تنطوي عليه من ثراء. الاختلافات والتنوع في مقابل المنطق الإقصائي أو المنطق الإزاحي.. ولعلنا نتجاوز الحقيقة كثيراً إذا قلنا إن رعاية الاختلاف هي القيمة الثابتة التي تحرص عليها ما بعد الحداثة وتدافع عنها.

كانت هذه قراءة لأهم الأفكار التي وردت في هذا الكتاب المهم، ولعلها تكون دعوة لقراءته وتأمل ما يطرحه من أفكار.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها