محمد الشارخ كاتباً عرّب الخوارزميات

غالية خوجة


أين رجال الأعمال العرب من مشاريع الثقافة العربية، بلغتها وفنونها وحضارتها، ومستقبلها الواقعي والافتراضي؟
 

سيظل التاريخ يذكر رجل الأعمال العربي الكويتي الذي أدخل اللغة العربية إلى الحواسيب لأول مرة في التاريخ، وأسس وترأس شركة صخر لإدارة الحاسب الآلي التي انطلقت عام 1982، لتكون أول "حاسب - كمبيوتر" عربي، ولتكون، بعد ذلك، قراءة القرآن الكريم ممكنة إلكترونياً... وتلت هذه الخطوة التعريبية خطوات تسارعت مع التطور التكنولوجي، منها: تطوير القارئ الآلي، والترجمة الآلية، والنطق الآلي، والتشكيل والتصحيح والتدقيق الآلييْن، إضافةً إلى تطوير كثير من البرامج التعليمية والتثقيفية، ومنها تعليم البرمجة للناشئة من خلال 90 برنامجاً، ونشر كتب تعليم الكمبيوتر، وتدريب المدرسين، وتأسيس معاهد تعليم برمجة الحاسب الآلي.

"صخر" ورحلة الجوائز

كان من الجدير بشركة "صخر" أن تنال العديد من براءات الاختراع والعلامات التجارية، منها التعرف الضوئي على الحروف، والترجمة من العربية إلى الإنكليزية، والنطق العربي، وكان لمؤسسها أن ينال العديد من الجوائز، منها: جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام، وجائزة الدولة - المجلس الوطني الثقافي بالكويت، وجائزة الاحتواء الإلكتروني التي منحت لبرنامج "إبصار" للمكفوفين، وجائزة الرواد من مؤسسة الفكر العربي، وجائزة "صاحب الرؤية الإلكترونية" من مدينة دبي للإنترنت، وشركة أريبيان بزنس، وغيرها من الجوائز العالمية. وألفت بأن شخصية محمد الشارخ (1942ـ 2024)، تميزت بتطوير ذاتها أيضاً، فلم يتوقف رجل الأعمال عند دراسته الجامعية في الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 1965، بل تابع تعليمه، ونال الماجستير في التنمية الاقتصادية من أمريكا، وعلى الصعيد العملي شغل عدة مناصب هامة في بلده الكويت، وغامر مع الكتابة، وكانت أولى كتاباته القصصية "قيس وليلى - 1968"، وأصدر 3 مجموعات قصصية هي "عشر قصص - 2006"، "الساحة - 2012"، "أسرار - 2017"، ورواية "العائلة - 2018"، إضافة إلى هاجسه الفني، واقتنائه للكثير من أعمال الفنانين العرب والأجانب. وبكل تأكيد، لن تنسى الساحة العربية مشروع "كتاب في جريدة".

وربما الغالبية لا تعرف بأن محمد عبد الرحمن الشارخ كان من مؤسسي هذا المشروع الثقافي العربي بالتعاون مع "اليونسكو" عام 1997، والذي نتمنى لو تعمل الجهات المسؤولة على إعادة تفعيله واستمراره، ولو بطريقة إلكترونية لتظل مجريات المشهد الثقافي العربي متواصلة في موقع يوحدها ثقافياً، ومعرفياً، وحضارياً. ولم يتوقف عطاؤه المعرفي والأدبي والعلمي، بل حرص على المزيد من انتشار هذا العطاء في ما ينفع الناس، ويمكث في عقولهم وقلوبهم، فكان أحد المساهمين في تمويل عدة مشاريع منها: "مركز دراسات الوحدة العربية"، المنظمة العربية للترجمة"، و"معهد العالم العربي - باريس"، كما أطلق مشروعه الضخم عام 2016 "أرشيف الشارخ" للمجلات الأدبية والثقافية العربية وتحميلها في الفضاء الإلكتروني، وبلغ عددها 272 مجلة، منها مجلات ودوريات تصدر في سورية، مثل المعرفة والموقف الأدبي، ومجلات عربية أخرى بعضها توقف عن الصدور، مما يجعل هذا المشروع عملاً من التراث الثقافي الإنساني، الذي لا أعرف إن كان مُؤرشَفاً في "اليونسكو" أم لا؟ آملة أن تكون أيقونة هذا الأرشيف حاضرة في المواقع الإلكترونية الخاصة بالجهات الثقافية العربية؛ لأهميتها المرجعية التاريخية والتوثيقية والأدبية.

وبناءً على هذه المحاور المتسارعة؛ أؤكد بأن محمد الشارخ يعتبر من أهم الشخصيات العربية والعالمية والإنسانية المؤثرة واقعياً وافتراضياً، لذا لا بأس أن تكون باسمه جائزة عربية، تؤسسها الدول العربية مع اليونسكو، في المجالات العلمية والأدبية، والتكنولوجية والاقتصادية والفنية.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها