اللغة .. بين الهندسة والتقنية

محاولة بناء برنامج إلكتروني لتعليم العربية

د. عبد العالي العامري

نسعى في هذه الورقة البحثية إلى بلورة تصور علمي وتقني لتوضيح الهندسة اللغوية والتقنية، من أجل المساهمة في تقديم تعليم مميز للعربية عن طريق بناء برنامج إلكتروني رائد يساعد على تعلم اللغة العربية وثقافتها؛ لكون التعليم في العالم العربي تواجهه صعوبات وتحديات كثيرة، بمعنى أن تعليم اللغة العربية بحاجة ماسة إلى ثورة معلوماتية، تمكننا من استعمالها ومتابعتها عبر الشبكة المعلوماتية التي أصبحت اليوم، تقدم خدمات جليلة للمتعلمين والراغبين في التعلم عبر العالم، بفضل التطور التكنولوجي، لأجل الوصول إلى أكبر عدد من المتعلمين، وتقديم نمط مبتكر وجديد في التعلم والتعليم الإلكترونيين، فالحاجة تبدو ماسة لتطوير تعليم اللغة العربية في ضوء رؤية مؤسسية عصرية متطورة وفق أحدث المعايير الموضوعة عالمياً وتقنياً ولسانياً وثقافياً، سواء في أساليب التقديم، أو بناء المحتوى الرقمي، أو استراتيجيات التعلم والتعليم والتقويم، بما يحقق جودة المنتج التعليمي، ومنافسته، وانتظاميته، وفعاليته.
 

دوافع البحث

من بين دوافع هذا البحث نجد:

أ. دافع لغوي

يمكن تلخيص الدافع اللغوي في إشكالية تعليم اللغة العربية وتعلمها، التي تتمثل في كون عدد كبير من المتعلمين غير قادرين على إتقان اللغة العربية كتابةً وتحدثاً (أو رسماً ونطقاً). ومرد هذا الإشكال، في جزء كبير منه، إلى عجز الوسائل التعليمية الكلاسيكية عن تقديم تعليم في المستوى المطلوب والتصدي لهذه الإشكالية التي أصبحت عائقاً أمام المتعلمين الراغبين في تعلم اللغة العربية.

ب. دافع منهجي

يتمثل الدافع المنهجي في إجراء إبستيمولوجي عام يتمثل في ضرورة استعمال التقنية في مجال التدريس من أجل تطوير الفكر العربي وتطويعه حاسوبياً، لمسايرة التطورات المعرفية التي تعرفها جميع العلوم المعرفية في ظل الثورة الرقمية التي يعرفها العالم اليوم. وضرورة التفكير في تطوير تعليم وتعلم اللغة العربية، بحيث يجب أن ننظر بشمولية في المجالات المعرفية التي تصب في بوتقة النهوض بتعليم اللغة العربية، فالثورة الصناعية ساهمت في ظهور وسائل تكنولوجية من شأنها خدمة اللغة العربية، حيث أصبحت للبرامج الإلكترونية الحاسوبية فاعلية في هذا المنحى في تعليم اللغة العربية.

 

الهندسة اللغوية

1. مفهوم الهندسة اللغوية

يقصد بالهندسة اللغوية تسخير الآلة لخدمة اللغة، بمعنى هندسة اللغة بواسطة الآلة، وبهذا نكون أمام العلاقة بين اللسانيات وعلم الحاسوب، وهي علاقة شبيهة تماماً بالعلاقة التي جمعت الفيزياء بعلم الرياضيات في القرون السابقة، فقد بين جاستون باشلار (1983) في كتابه المشهور الفكر العلمي الجديد: أن إبداع النظرية الفيزيائية في حد ذاتها راجع إلى التقدم الحاصل على مستوى الرياضيات (الأداة)1. هكذا تعد الهندسة اللغوية حقلاً معرفياً جديداً من أهم مقوماته اللسانيات التطبيقية2. واللسانيات الحاسوبية3، تهدف إلى إيجاد بعض الحلول والقضايا والمشاكل التي أصبحت تفرض نفسها في ميدان التعليم والتعلم كضعف التحصيل المنبثق من رداءة الجودة.

2. موضوع الهندسة اللغوية

تهتم الهندسة اللغوية بالخصائص الحاسوبية الطبيعية في اللغة، أي معالجة اللغة العربية حاسوبياً، لكون هذا الموضوع، أصبح محط اهتمام العديد من الخبراء والمهتمين بالهندسة اللغوية عربياً وعالمياً، باعتبارها لغة قادرة على توصيف الحاسوب، بحيث لا نقصد محاولة تطويع اللغة لقيود الحاسوب بمعنى مكننة اللغة، بينما نقصد خضوع الحاسوب لمعالجة اللغة، أي أن الانطلاق ينبغي أن يكون من الموضوع (اللغة)، وليس من الأداة (الحاسوب).

3. مراحل الهندسة اللغوية

تنبني الهندسة اللغوية على ثلاث مراحل أساسية، هي التخطيط (Planing)، والتنظيم (Organisation)، والبرمجة (Programmation)، باعتبارها المفهوم المركزي في الهندسة اللغوية لكونها تعنى بصناعة اللغات، وتعمل على دمج القواعد الصورية4. والقواعد الرياضية الخوارزمية5، لكونهما يشكلان محور صناعة اللغة.
ولإعداد برمجيات تعليمية محوسبة ينبغي تضافر جهود اللسانيين الحاسوبيين والخبراء في مجال اللسانيات العامة، لتطوير برمجيات في التعليم والتعلم، فهذا العمل يقتضي التنظير والتطبيق، وتخطيط البرمجية ينبغي أن يكون شاملاً للجوانب التعليمية والفنية بعيداً عن الارتجالية، التي تنأى عن الهدف المنشود من وضعها. وفي هذا الصدد بين كل من الباحثين كروزات (Grozat) وتركانو (Trigano)6. العنصر الأكثر أهمية في إعداد البرمجيات والمتمثل أساساً في الفئة التي تستخدم البرمجية، وتلبية احتياجاتهم، والمرونة في الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى. وفي الاتجاه نفسه، أكد ميشيل (Michele)7. على ضرورة توفير تصميم محكم للموارد التربوية، حتى يكون الإنتاج يتلاءم مع المحتوى المطلوب.

وقد أورد الحيلة8. مراحل إنجاز البرمجيات التعليمية المحوسبة على النحو التالي:

                  

هكذا تكمن واجهة الحوسبة اللغوية، قصد استغلال التقنية لها داخلياً، وجعلها تتحكم وتولد اللغة الطبيعية المقروءة والمكتوبة من لدن الإنسان.


التقنية والتعليم

يعد توظيف التقنية في التعليم أداة مساعدة للذهن البشري وجعله أكثر قدرة على التعلم، ما دمنا نعيش اليوم في عصر يسمى بعصر الثورة المعرفية، الذي أصبحت التكنولوجيا تحتل فيه موقعاً هاماً. وساهمت التقنية في التفاعل الإيجابي مع المعلومة التربوية والمشاركة والإبداع، حيث سهلت عملية التواصل والاتصال بين محوري العملية التربوية، فتعد وسيطاً معرفياً مساعداً. لقد أدت التكنولوجيا المعلوماتية إلى خلق بيئة اتصالية جديدة أدخلت البشرية في سوق عالمية للمعلومات والمعرفة، بفعل ما أحدثه التحويل الرقمي للمعرفة من تطورات في مجال الاتصال، إذ أصبح الحصول على المعلومة وتداولها آنياً، كما ساعدت على توفير وسائط الحوار الحر عبر الصورة والكلمة والكتابة الإلكترونية9.

لقد أدى اتصال اللغة بالتكنولوجيا إلى خلق فضاءات تعليمية تعلمية مغايرة، عملت على فتح آفاق جديدة، وغيرت من طرق التواصل بين الناس. كما تستطيع التقنية أن تقوم بدور الوسيط وإنجاز التواصل بإتقان، فهي تسمح بالتكلم والكتابة، أي توظيف اللغة في أشكالها المنطوقة والمكتوبة. لا شك أن مجالات استخدام وتوظيف التقنية في المجال التربوي متنوعة، شكلت فيها المعالجة الآلية وإنتاج البرمجيات التعليمية المحوسبة اللبنة الأساس للتعليم الإلكتروني، الذي أصبح ضرورة لا محيد عنه في العملية التعليمية التعلمية، نتيجة التزايد الكبير لاستعمال الحاسوب في مجتمع المعرفة الناجم عن الانفجار المعرفي والتكنولوجي، الذي ساهمت إنجازاته التطبيقية بوضع محللات لغوية وبرمجيات تعليمية الهدف منها تسهيل التحصيل، وتيسير البحث العلمي خدمة للغة العربية10.

ويساهم توظيف التكنولوجيا في المجال التربوي في تحقيق التنمية البشرية على المستوى المعرفي والقضاء على الأمية التكنولوجية التي تحول بين المتعلم وسوق الشغل، الذي أصبح يتطلب حالياً معرفةً تكنولوجيةً، بفعل التطور التكنولوجي الذي اكتسح العالم بأسره، وخلق تنمية بشرية تؤدي إلى نهضة اقتصادية واجتماعية.

وأكدت مجموعة من الدراسات اللسانية الحاسوبية على إعطاء أولوية بالغة لتوظيف التقنية في المجال التربوي لما لها من مزايا علمية في نجاح العملية التعليمية التعلمية. ومواكبة للتحديات التي يطرحها مجتمع المعلوميات والمعرفة في وقتنا الراهن، فقد أكد الفاسي الفهري أن المدرسة مطالبة بتوفير حظوظ كبيرة على المستوى الذهني والمالي والاتصالي حتى تكون اللغة أداة فكر واتصال، وكذلك لغة تقنية، مضيفاً أن تحسين جودة ومردودية اللغة العربية رهين بتبني سياسة لغوية تعليمية واضحة تشمل كافة المواد والثقافات. علاوة على استثمار نتائج البحث اللساني وبخاصة اللسانيات الحاسوبية، التي اشتغلت على تصميم برامج تعليمية على عتاد إلكتروني، كمعالجة النصوص آلياً وغيرها من أجل رقي العملية التعليمية للغة العربية، والانتقال بها من العمل الأكاديمي إلى العمل التطبيقي11.

وفي السياق نفسه، بين كل من محمد غاليم وعبد الرزاق التورابي: أن السنوات الأخيرة عرفت تطوراً ملحوظاً في البحث اللساني الحاسوبي، من حيث مقولة المادة المعجمية وتمثيلها وتنظيمها، والولوج إلى معاجم حاسوبية واسعة12.

تؤكد هذه الأبحاث والدراسات الخاصة بالجانب الحاسوبي إلى أن هناك حاجةً ماسةً إلى استعمال التكنولوجيا الحديثة خدمة للغة العربية، والتوجه المعرفي نحو استغلال التقنية التي تفتح آفاقاً واسعةً أمام المتعلمين لتعليم اللغة العربية وتوظيفها توظيفاً ملائماً ومحكماً، مع ضرورة التلازم بين تعليم اللغة وتطوير علاقاتها بتقنيات التعليم، وبين الإبداع الفني والثقافي بتلك اللغة في تفاعله مع التقنيات الحديثة، أي أننا نكون أمام تخطيط لغوي لتطوير اللغة العربية في علاقتها بالتقنية الحديثة في مجال تعليم اللغة العربية.

إن تحقيق نتائج جيدة في المجال التربوي، وتحقيق جودة التعلم رهين بتبني سياسة أو رؤية تكنولوجية قادرة على خلق فضاء تعليمي أرحب، وخلق بيئة تعلمية قائمة على عنصري الفهم والتواصل في بعده الكلي والشمولي، وليس في شقه التجزيئي الذي يتنافى مع الرؤية الاستراتيجية للتعليم الإلكتروني أو التكنولوجي.

التقنية ومجتمع المعرفة

تستلزم هذه العلاقة بناء مجتمعات المعرفة بوصفها مجتمعات مدمجة وخاضعة لمستلزمات التقنية المعلوماتية. ويعد مجتمع المعرفة حسب دانييل بيل: حالة انتقال من اقتصاد صناعي قائم على المواد الأولية الطبيعية لإنتاج المنتجات الصناعية إلى اقتصاد معرفي يقوم على إنتاج المعرفة وتطبيقاتها في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية13. فإننا ننظر إلى مجتمع المعرفة من زاوية علاقته بالتقنية الرقمية، فنعتبره مرادفاً لمجتمع الشبكة الذي يتيح، بفضل التقنية الرقمية، طرقاً سيارة لتدفق المعلومات والمعارف ومعالجتها بسرعة فائقة14.

ولقد دعت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) إلى تبني التقنية في المجال التعليمي من أجل النهوض باللغة العربية، وجعلها لغة مسايرة للتطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتوجه نحو مجتمع المعرفة، حيث أصدرت سنة (2010) وثيقة تبلور فيها مشروع النهوض باللغة العربية، تحت عنوان: تعليم العلوم والتكنولوجيا باللغة العربية وأثره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي التوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة. ويمكن أن نقف على هذه المقدمة الوجيزة التي صدر بها المدير العام للألكسو- محمد العزيز ابن عاشور عندئد، هذه الوثيقة:
"لقد بات من المؤكد تعاظم أهمية اللغة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وصدرت العديد من النظريات والدراسات في هذا المجال، وخاصة في زمن العولمة، وبروز التكتلات الاقتصادية والتوجه نحو الاقتصاد القائم على المعرفة.. للغة عدة وظائف وأدوار في عملية التنمية، فهي توفر تبادل ونقل المعرفة والخبرة بين أفراد المجتمع ومؤسساته، وهي وسيلة التواصل بين أجزاء منظومة العلوم والتكنولوجيا.. فالمال الذي يشكل أداة تبادل السلع أو الأصول المادية تمثل اللغة الأداة التي تتيح تبادل الأصول غير المادية في الاقتصاد، أي تبادل المعرفة ومنها العلوم والتقنية، كما أن إتقان القوى العاملة للغة العلمية والتكنولوجيا يحقق نقل التكنولوجيا للمجتمع من المنابع العالمية المنتجة لها عن طريق النخبة التي تترجم المعرفة العالمية إلى المجتمع العربي... وأخيراً فإن تعلم العلوم والتكنولوجيا والتدرب عليهما، وتحويل هذه المعرفة إلى خبرات وأفعال ومنتجات وخدمات، يحتاج إلى لغة"15.

إن الانخراط في مجتمع المعرفة رهين باستثمار التقنية في المجال التربوي، وجعل العلوم والتكنولوجيا باللغة العربية، لكونها رافداً أساسياً من روافد المعرفة العلمية، وسبيلاً لتحقيق التنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

البرنامج الإلكتروني: محاولة بناء

يعد التعلم الإلكتروني وسيلة من الوسائل التي تدعم العملية التعليمية، وتحولها من طور التلقي إلى طور الإبداع والتفاعل وتنمية المهارات. فقد أفادت التحولات السريعة في مجال التقنية إلى ظهور أنماط جديدة للتعلم والتعليم، باعتماد وسائط إلكترونية بدلاً من أوعية النشر الورقية التي يعتمد عليها التدريس التقليدي16. فيعمل البرنامج الإلكتروني على توفير شروط الاتصال بين المعلمين والمتعلمين بأفضل صورة ممكنة، بحيث يتم إيصال المعلومات للمتعلم في أقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة ممكنة17.

ويتضمن البرنامج الإلكتروني مجموعة من الوحدات التعليمية المصممة بالحاسوب بطريقة مترابطة ومنتظمة، تتضمن تشويقاً وإثارةً وفاعليةً، وفق أسس تربوية سليمة متضمنة مجموعة من المعارف والخبرات والأنشطة والوسائل وأساليب التقرير المتنوعة، ومعتمدة على مبدأ الاستجابة والتعزيز، وذلك بغية تحقيق أهداف تعليمية محددة.

1. تعريف البرنامج الإلكتروني

إن لكل برنامج إلكتروني مفهوماً عاماً، ومبررات لهندسته الخاصة والأهداف المتوخاة من استعماله. وبالتالي، فنحن نعمل في هذا الإطار على إعطاء وصف عام عن كيفية بناء برنامج إلكتروني لتعلم اللغة العربية وتعليمها، يتضمن لغة عربية فصيحة معاصرة "modern standard arabic"، وهي لغة التعليم والاقتصاد، والإعلام والصحافة المستعملة، والمتداولة في العالم العربي من الخليج إلى المغرب، فتحديد البرنامج الإلكتروني، يحتاج بالضرورة إلى تحديد اسم البرنامج ولغته وفئته المستهدفة.

2. مبررات البرنامج الإلكتروني

لكل برنامج إلكتروني مبرراته الخاصة، ولهذا، فمن بين المبررات المعقولة لكل برنامج إلكتروني ما يلي:
- ضرورة التواصل الثقافي والحضاري والعلمي بين أبناء العربية وأبناء الثقافات الحضرية الأخرى، في سياق تبادل المعرفة والخبرات، لبناء ثقافة عربية على أسس علمية تواكب المستجدات.
- غياب رؤية عامة في ميدان تعليم اللغة العربية بواسطة برنامج إلكتروني شامل ومتكامل يقدم سلسلة تعليمية متطورة، ضمن قالب إلكتروني متطور يعتمد على التعلم الذاتي والتعليم عن بعد، ويلبي حاجيات المتعلمين ضمن مستويات تعليمية موسعة تتدرج بهم من مبتدئ في تعلم اللغة إلى خبير مثقف فيها.
- الحاجة الماسة إلى مبادرة نوعية تتبناها جهة رائدة في التعليم الإلكتروني؛ لسد النقص الحاصل في مخرجات معاهد اللغة العربية التقليدية، حتى نواكب حجم الإقبال المتزايد على تعليم اللغة العربية، واستفادة عدد كبير من المتعلمين في جميع الأقطار العربية، لكون المقاعد المتاحة للدراسة في العالم العربي لا توازي حجم الطلب والإقبال العلمي على تعلم اللغة العربية.

3. أهداف البرنامج

من بين الأهداف العامة لبناء برنامج إلكتروني لتعليم اللغة العربية، نجد ما يلي:
- ارتكازه على مقومات اللسانيات العامة، واللسانيات الحاسوبية على وجه الخصوص.
- احترامه للمعايير اللسانية والديداكتيكية.
- مساهمته الفعالة في نشر اللغة العربية وتعزيز دورها ومكانتها المتميزة في العالم باعتبارها لغة كونية.
- المساهمة في إغناء الحضور العالمي واللافت للغة الضاد، والمشاركة في تعزيز التواصل الثقافي والحضاري بين مختلف الحضارات والثقافات.
- تقديم اللغة العربية ضمن سياق معرفي ومعياري فصيح ومعاصر، مع مراعاة البعد الحيوي الوظيفي، وربط تعلمها بالحياة.
- تقديم تعليم إلكتروني متكامل وعصري وتفاعلي للغة العربية.
- تطوير مجال تعليم اللغة العربية في ضوء التجارب التعليمية/ التقنية الناجحة، والمعايير المعتمدة عالمياً.
- تقديم برنامج إلكتروني شامل ومتكامل، يقدم سلسلة تعليمية متطورة مع اختباراتها التصنيفية والقياسية.
- إعداد برنامج إلكتروني عام، يكون من أكثر البرامج الإلكترونية تطوراً في ميدان تعليم اللغات الطبيعية عامة، واللغة العربية خاصة.

وفي هذا الإطار، يقتضي بناء برنامج إلكتروني لتعليم اللغة العربية بناء شاملاً ومتكاملاً، يلبي حاجيات المتعلمين الراغبين في تعليم اللغة العربية وتعلمها، التكامل والتدرج الذي تتصف بيه الملخصات والتقييمات، والتنوع في المواد المقررة في المنهاج العام، بالإضافة إلى تميزه بالشمولية لجميع محتويات اللغة العربية الخاصة بالفئة المستهدفة من الدراسة.

خاتمة

نخلص في هذه الدراسة إلى أن تعليم اللغة العربية وتعلمها عبر التقنية أصبح مطلباً ملحاً في السنوات الأخيرة، نظراً لدخول الإنسان في عصر يسمى بعصر المعرفة.. وترتبط التكنولوجيا بالعلم والمعرفة ارتباطاً قوياً، فالتكنولوجيا تعنى بصناعة الأشياء، أما العلم فهو معني بالفهم النسقي والمنهجي الذي يحققه الإنسان. والواقع أن بناء برنامج إلكتروني لتعليم اللغة العربية، يحتاج إلى هندسة لغوية ذات طابع ديداكتيكي ومنهجي، يكون مرناً قابلاً للتعديل وواقعياً قابلاً للتطبيق، بالإضافة إلى تميزه بالشمولية، حتى يساهم في تعليم فعّال. كما أن للوسائل التكنولوجية العديد من المزايا في الجانب التعلمي، تتجلى أساساً في العناصر التالية:
إفراد التعلم: يتمثل هذا العنصر في الانتقال من التعليم النمطي الموجه إلى التعليم الذاتي المستقل. ويرتبط هذا النمط بمبدإ الحرية التي يشعر بها كل متعلم، وعن طريق هذا المبدأ يكتسب المتعلم معلومات لغوية، ويكتشف مبادئ ثقافية.
التفاعل: يتحول المتعلم بفعل هذه العمليات من مجرد متعلم عادي إلى متعلم ذكي، يسخر الشبكة الدلالية والمعلوماتية وفق أهدافه التعليمية.
التمهير: إن التطور الذي حصل في مجال تعليم اللغات، تجلى أساساً في عملية التمهير بالتركيز على المهارات اللغوية إرسالاً واستقبالاً.

هكذا تساهم تكنولوجيا المعلومات في خلق بيئة اجتماعية تعلمية، تضفي طابع الواقعية على التعلمات الموجهة للناطقين بغير اللغة العربية.


 الهوامش
1. انظر جاستون باشلار (1983).
2. تهدف اللسانيات التطبيقية إلى وضع النظريات اللغوية موضع التطبيق في المجالات العلمية، ومن بين هذه المجالات العلمية، مجال تعليم اللغات، وتعلم القراءة، والتعبير والفنون اللغوية في اللغة الأم، حسب دوغلاس براون (2000)، كما تهتم، في جزء منها، حسب كراتشن (1984) krashen، بإعداد المواد المدرسية، وإعداد الطرق الخاصة بتدريس اللغة، كما تبحث عن مشاكل تدريس اللغات.
3. تعد اللسانيات الحاسوبية تمثيلا حاسوبيا يهدف إلى اختبار نظرية لسانية معينة أو دراسة الخصائص الحاسوبية الطبيعية في اللغة، باعتبارها الشق النظري للهندسة اللغوية. ويرى مارتن كاي (2003) Martin Kay أن اللسانيات الحاسوبية قد برزت إلى حيز الوجود خلسة، وأن بداياتها كانت في عام (1949) عندما كتب وارن ويفر مذكرته الشهيرة التي يشير فيها إلى إمكانية بناء نظام الترجمة الآلية. ثم تلا بعد ذلك عقد أول مؤتمر للترجمة الآلية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في (1952). ثم صدرت مجلة علمية بعنوان: الترجمة الآلية في (1954)، وأتى بعد ذلك عدد من المتخصصين الذين كان لهم دور في ظهور هذا المجال مثل نعوم تشومسكي (Noam Chomsky)، وجون كوك (John Cocke)، وغيرهم.
4. انظر محمد الحناش (1985)، ص: 45.
5. انظر مورو ريني (1975)، ص: 31.
6. كروزات وتركانو (2001)، ص: 155.
7. ميشيل أرتيك (1998)، ص: 121.
8. الحيلة (2006)، ص: 459.
9. بلقاسم اليوبي (2001)، ص: 134.
10 . محمد العشماوي (2016)، ص: 170.
11 . الفاسي الفهري (1998)، ص: 3.
12 . محمد غاليم وعبد الرزاق تورابي (2010)، ص: 33.
13 . انظر كتاب دانييل بيل (1973).
14 . محمد بلبول(2013) ص: 14.
15 . عبد السلام المسدي (2010)، ص: 93-94.
16 . أسامة زكي السيد علي (2010)، ص: 10.
17 . انظر أحمد سالم (2004).
 مراجع البحث
باللغة العربية:
1. أوكان، عمر(2005) اللسانيات وتعليم اللغات، سلسلة الندوات، مكناس، المغرب.
2. بلبول، محمد (2013) عن عالمية اللغة العربية وأزمتها، محاولة تركيب، اللسان العربي، العدد 72، منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب تنسيق التعريب، الرباط.
3. بوشوك المصطفى بن عبد الله (1990) تعليم وتعلم اللغة العربية وثقافتها، دراسة ميدانية، الهلال العربية للطباعة والنشر.
4. تورابي، عبد الرزاق (2010) الاختيارات المصطلحية وأمثلية التقويم. في الهندسة المعرفية والتدبير الحاسوبي في المصطلح المولد، إعداد محمد غاليم وعبد الرزاق تورابي، منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب.
5. جاستون باشلار (1983) الفكر العلمي الجديد، ترجمة عادل العوا وعبد الله عبد الدائم، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط2، بيروت، لبنان.
6. الحناش، محمد، النحو التأليفي، مجلة دراسات أدبية ولسانية، العدد 1، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ظهر المهراز، فاس، المغرب.
7. الحيلة، محمد محمود (2006) التكنولوجيا التعليمية والمعلوماتية، دار الكتاب الجامعي، العين.
8. دوغلاس، براون (2015) أسس تعلم اللغة العربية وتعليمها، ترجمة الراجحي، عبدو وشعبان، علي أحمد، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.
9. سالم، أحمد (2004) تكنولوجيا التعليم والتعليم الإلكتروني، مكتبة الرشد، الرياض.
10. السيد علي، أسامة زكي (2016) تعليم اللغة العربية بالهاتف الجوال، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية، ط1، المملكة العربية السعودية.
11. السيد، محمود أحمد (1977) اللغة... تدريسا واكتسابا، دار الفيصل الثقافية، المملكة العربية السعودية، ط1.
12. العشماوي، محمد (2013/2014) المقوم الآلي لتعليم اللغة العربية "Evala 6"، مجلة أبحاث لسانية، العدد 31، منشورات معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، الرباط، المغرب.
13. العصيلي، عبد العزيز بن ابراهيم (1422هـ) أساسيات تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية.
14. العامري، عبد العالي (2017) بناء كفايات لتعلم اللغة العربية واكتسابها لغير الناطقين بها، الكفاية اللغوية نموذجا، ضمن كتاب المنهج التعليمي وإعداد مواد تعليم العربية للناطقين بغيرها، مركز عبد الله لخدمة اللغة العربية، المملكة العربية السعودية.
15. الغامدي، منصور بن محمد (2017) الصوتيات الحاسوبية، ضمن كتاب مدخل إلى اللسانيات الحاسوبية، مركز عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ط1، المملكة العربية السعودية.
16. الفار، إبراهيم عبد الوكيل (2004) تربويات الحاسوب وتحديات مطلع القرن الحادي والعشرين، دار الفكر العربي، القاهرة.
17. الفاسي الفهري، عبد القادر (1998) المقارنة والتخطيط في البحث اللساني العربي، دار توبقال للنشر، البيضاء.
18. الفاسي الفهري، عبد القادر(1986) المعجم العربي، نماذج تحليلية جديدة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء.
19. المسدي، عبد السلام (2014) الهوية العربية والأمن اللغوي، دراسة وتوثيق، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، قطر.
20. الموسى، نهاد (2000) العربية، نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان.
نبيل، علي (1977) اللغة العربية والحاسوب (دراسة بحثية)، تعريب.
21. اليوبي بلقاسم (2002) التكنولوجيا المعلوماتية وتعلم اللغات، اللغة العربية نموذجا، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، كلية الآداب مكناس.
22. اليوبي، بلقاسم (2001) تكنولوجيا الذاكرة وتعليم اللغة العربية وتعلمها، ضمن أعمال ندوة اللسانيات وتعليم اللغة العربية وتعليمها، منشورات جامعة المولى إسماعيل، مكناس، المغرب.
باللغة الأجنبية:
(1) Cohen, A. (1980) Testing Language Ability in the Classroom. Rowley, Mass: Newbury House -
(2) Cohen, A (1998)Strategies in Learning Using a Second langage, Longman, London and New York -
(3) Daniel bell (1973) The Coming of Post- Industrial Society a Venture in Social Forecasting, basic books; reissue edition -
(4) Douglas, B )2000( Principe of Language Learning and Teaching, Longman, Fourth Edition -
(5) Grozat and Trigano (2001) Evaluer les logiciels multimédia pédagogique, corpyright@ utc.fr -
(6) Kay, Martin (2003) Introduction. In: Mitkov, Ruslan (Ed), the Oxford Handbook of Computational Linguistics. New York: Oxford University Press -
(7) Michele Artigue (1998) Teacher training a key issue for integration of computer technology, University Paris 7& IUFM de Riems, France -

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها