أول روائية عربية؟!

زينب فواز.. أديبة غفل عنها التاريخ وأنصفها إبداعها

عبدالعليم حريص

 


 

◄ وقد وصفها الكاتب والمؤرخ السوري خير الدين الزركلي في أعلامه: (وكانت جميلة المنظر عذبة الحديث من خيرة ربّات البيوت تربية وعلماً).

◄ وقد سبقت محمد حسين هيكل لكتابة ونشر الرواية العربية، وأيضاً نافست قاسم أمين في دعوته لتحرير المرأة.

◄ وشاركت زينب الإمام محمد عبده، في الرد على مزاعم الفرنسي غابرييل هانوتو، وهجومه على الدين الإسلامي.

◄ ولُقّبت بـ(درة المشرق)، كما جاء على لسان يوسف أسعد داغر في كتابه معجم الأسماء المستعارة، ولقبت أيضاً بحجة النساء، والست المصونة، وصاحبة الذهن اللاّمع، ونادرة العصر، وغرة جبين الدهر، وغيرها من الألقاب التي تظهر ما لهذه العامليّة من مكانة سامقة في زمانها. 
فزينب ترى النساء "دعامة كلّ أمة متمدنة"، والمرأة "أساس العالم"، بتحملها مشاقّ البيت، ومسؤوليتها عن تنمية النوع الإنساني.

◄ وقد كرست حياتها للدافع عن حقوق النساء في العمل، والمشاركة في الحياة السياسية.

ولكن برغم ما حققته زينب في وقتها، لم يتم تسليط الضوء عليها إلا مؤخراً، وقد أرجع البعض هذا التجاهل لها، كونها نشأت في أسرة فقيرة، الأمر الذي دعا بها لتجد نفسها عاملة في دار أحد الأسر الحاكمة، بمثابة وصيفة في دار علي بيك الأسعد، وقد ساعدتها زوجته فاطمة، على صقل موهبتها الأدبية، ولعلّ منها تعلمت فواز القراءة والكتابة.

ولنشأة زينب أمور مهمة، ساهمت في إثرائها أدبيّاً، حيث انضمت للعمل في بيت الأسعد في سنّ مبكرة، وفي هذه الحقبة كانت طبقة الأثرياء يحظون بكل شيء، المال والعلم والسلطة، ودخلت زينب هذا العالم، ونهلت من ينابيع الثقافة والأدب والعلوم ما شاءت، بمساعدة الأميرة فاطمة بنت الأسعد، حيث كان القصر يضمّ شعراء وأدباء من مختلف أنحاء بلاد الشام، فكانت تستمع إلى المحاورات الأدبية من خلف الستار، وما لبثت أن تزوجت أحد العاملين بالقصر وكان سائساً، يربي الخيل، وقيل (صقاراً) يهتم بتربية الصقور، ولكن سرعان ما اختلفا، وانفصلت زينب عنه، ثم نزحت الأسرة إلى سوريا، فتزوجت من الكاتب أديب نظمي، ثم طلقت منه، وسافرت مع الأسرة إلى مصر.

وقيل إنها انتقلت مع أسرتها في سن مبكرة، وأقامت بالإسكندرية وتلقت قسطاً من التعليم هناك، وقد كانت زينب من تلاميذ الشاعر حسن حسني الطويراني، صاحب جريدة النيل، والشيخ محي الدين النبهاني، والشيخ محمد شلبي، ومن هنا بدأت تحقق تطلعاتها الفكرية، فعالجت شتى الموضوعات السياسية والاجتماعية، فكتبت مقالاتها الإصلاحية والتوجيهية، واتخذت من الصحافة منبراً للمطالبة بحرية المرأة وحقوقها، إلى جانب إبداعاتها الشعرية والنثرية والتأريخية.

ولزينب فواز العديد من المؤلفات والإسهامات الأدبية والتاريخية منها:
◁ "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور" (1892)، أرخت فيه لـ 456 امرأة من نساء الشرق والغرب.
◁ "الرسائل الزينبية" (1900)، وفيها ناصرت قضايا المرأة وحقها في التعليم والعمل.
◁ "مدراك الكمال في تراجم الرجال.
◁ "الجوهر النضيد في مآثر الملك الحميد".
◁ ديوان شعر جمعت فيه أغلب أشعارها.
◁ الهوى والوفاء (مسرحية شعرية) (1893)، ورواية الملك كوروش (1905).

أما روايتها حسن العواقب أو (غادة الزاهرة) فهي أول رواية عربية نسائية، على ما يرى الكثير من المتابعين والمتهمين بالشأن الأدبي، ويعود تاريخها إلى العام (1899)، أي قبل رواية (زينب) للأديب محمد حسين هيكل بـ 15 عاماً، وقد وضعت فواز اسمها على الرواية بخط واضح.

وبرغم ذيوع مقولة أن رواية (زينب) لمحمد حسين هيكل، والتي نشرها عام (1914) تحت اسم مستعار (فلاح مصري)، ولا ندري لماذا خجل أن يضع اسمه منذ البداية على روايته، هي أول رواية عربية كما رسخ لذلك مؤرخو الأدب العربي، وقد أقرّ بذلك ورسخ هذا الاتجاه الكاتب المصري يحي حقي وغيره.. إلا أن الباحثة السورية بثينة شعبان في كتابها (مائة عام من الرواية النسائية في العالم العربي)، سعت إلى إثبات أن أول رواية عربية ظهرت كانت للبنانية زينب فواز، والتي صدرت عام (1899) باسم (حسن العواقب)، وتبعتها رواية لـعفيفة كرم، مشيرة إلى أنه قبل عام (1914) كان هناك ثلاث عشرة رواية عربية نسائية قد صدرت.
و"حسن العواقب" وهي رواية حقيقية، وأبطالها حقيقيون، وهم زعماء منطقة "تبنين": علي بك، ومحمد بك، وخليل بك الأسعد، وتامر بك الحسين، والأميرة فاطمة بنت أسعد خليل الناصيف، وجرت أحداثها في "تبنين وبنت جبيل والطيبة".

◄ وتوفيت زينب بنت علي بن حسين بن عبدالله بن حسن بن إبراهيم بن محمّد بن يوسف آل فوّاز العامليّة التبنينيّة المصرّية، في العام (1914)، ودفنت بمصر.
 


ونختم بأبيات لزينب تناجي فيها مسقط رأسها قرية تبنين، تقول فيها:
أبكيكَ يـا صـرح كـالورقاء نـادبة .. شـوقاً إليهم إلـى أن ينتهـي الأجل
قَد كنتَ مسقط رأسي في ربى وطني .. إنّ الدمـوعَ على الأوطـان تنهمل

تبنين إن كنتِ في بعدي على حزن .. فعند قربـي الحشى بالوجد يشتعل
وقفتُ وقفـة مشتـاق بـها شغف .. عـلِّي أرى أثـراً يحيـا به الأمل
إذ الأحبّـة قـد سـارت رحـالهم .. فـزاد شوقي كمـا قلّت بيّ الحِيل
فـالنفس شـاكيـة والعين بـاكية .. والكبـد داميـة والقـلب مُشتعل

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها