لوحـاتي خليطٌ من عدة مدارس

حوار مع الفنانة: ثنـاء النبواني

حاوره: هشام أزكيض


وُلدت الفنانة التشكيلية ثناء النبواني بسورية عام 1978م، وهي عضو دائم في نقابة الفنانين التشكيليين في سورية منذ عام 2016م. تمكنت من تشييد وتنظيم العديد من المعارض الفنية منها:
◅ معرض فردي بعنوان "نساء وفاكهة" بصالة المركز الثقافي بمحافظة السويداء في سوريا عام 2018م، وقد ضم المعرض 34 عملًا بين الطبيعة الصامتة ومناظر طبيعية، ومشاهد من الآثار المميزة في المدينة، هذا إلى جانب أعمال بقلم الرصاص، وهي تمثل وجوهاً لأشخاص بحالات مختلفة.
◅ المعرض الفردي الثاني بقصر الثقافة بالمركز الثقافي في السويداء عام 2020 بعنوان "تناهيد وطن"، وقد ضم 36 عملًا بألوان الزيت، تابعة أيضاً للمدرسة الواقعية مع بعض الإضافات الانطباعية، وكانت الأعمال الأبرز فيه تصور معاناة الشعب السوري بوجود جمهرة من الناس بحالات إنسانية مختلفة.
◅ المعرض الفردي الثالث بصالة الشعب في دمشق عام 2023م بعنوان "الأمل"، وقد ضم 40 عملًا بألوان الزيت، وكانت الأعمال متنوعة من خلال المواضيع والدمج بين المدارس في ذات اللوحة.
◅ معرض بالنادي الثقافي في إمارة الشارقة عام 2023 بعنوان "سرديات ملونة"، وقد ضم 25 عملًا بألوان الزيت، وتنوعت فيها مواضيع اللوحات بين الخيل والبورتريه، والطبيعة السورية.

وللتعرف أكثر على الفنانة التشكيلية ثناء النبواني وتجربتها الفنية، أجرينا معها الحوار الآتي:
 



 هل اختيارك للفن التشكيلي يعود إلى موهبتك أم أن هناك عوامل أخرى أسهمت في بناء شخصيتك الفنية؟

الموهبة كانت حاضرة في شخصيتي منذ صغري، تصور معي فقد بدأت برسومات المدارس والقصص المصورة التي كانت أحد ألعابنا، ثم الخياطة والتطريز، وهذه المهن التي تربينا عليها.. كلها أشياء دلت على وجود الموهبة التي أصبحت تخص الرسم الأكثر احترافية، وبناء اللوحة الحقيقية، لكن حقيقة لم أعرها أي انتباه إلا في سن متأخر قليلًا.

 من هُنّ الفنانات التشكيليات والفنانين التشكيليين الذين تأثرتِ بهم؟

بدايةً؛ تأثرت بفنانين من بلدي، بالتأكيد فهم يتبعون المدرسة الواقعية بمواضيع مختلفة.. كانت وما زالت أعمالهم تعجبني.. ثم أصبحت أعمال الفنانين العالميين أقرب إلي، مثل أعمال ريبين وكارولين نيلسون. تكون لدي هذا الكم من الأحاسيس، فتكونت لدي مشاهد هي في الحقيقة لا تبتعد عما هو واقعي، وهذا ما يظهر في لوحاتي التي تعبر بنظري عن الصدق في نهاية المطاف.

 حضور الألوان الزيتية من الأمور المثيرة للانتباه في لوحاتك، فما السر في اختيارها؟

السر في ذلك يكمن في هذه الحقيقة، انظر إلى الأعمال العالمية القائمة على ألوان زيتية، والتي عمرها مئات السنين، وهي ما زالت لغاية الآن بهذا الجمال... أما متعة العمل بهذه الألوان فلا مثيل لها عندي، وهذا ما جعلني ملتزمة بهذه الألوان وأشكالها لغاية الآن.

 هل هذا يعني تخليك عن الوسائط المائية وخاصة الكواريل والأكريلك؟

لا؛ أبداً، فكل مادة لها جمال معين، وطريقة خاصة للتعامل معها تختلف عن غيرها، لكن يمكن أن أنتقل لها مستقبلًا من باب التجريب أو تغيير التقنيات، فلا يوجد ما يقيد الرسام نهائياً بموضوع اللون.

 أعمالك مؤسسة على المدرسة الأكاديمية الصارمة، فهل هذا يعني عدم اشتغالك على التجريد بمستوياته المختلفة؟

 أنا فعلًا أحب هذه المدرسة، وأشعر أني قادرة نوعاً ما على إيصال مشاعري من خلاها، سواء بألواني التي باتت مألوفة لدى من يتابعني، أو اعتمادي على التفاصيل الدقيقة، والتعبير باللون أكثر من التركيز على الفكرة بحد ذاتها، من خلال تحريك مشاعر المتلقي بالألوان الحارة المفرحة، والنور بكل لون على حدة.

أما من ناحية اللوحة التجريدية بحد ذاتها، فهي باعتقادي يجب أن تكون خلاصة تجربة فنية طويلة من الخبرة باللون ودرجاته، وتأثيره في المتلقي قد يصل لها الفنان وقد لا يصل.

 الواقعية التعبيرية سمة واضحة في لوحاتكِ، فكيف تصلين إلى تعبيرية تصورية في إطار واقعية رؤيتكِ؟

في الواقع جميع لوحاتي تشبهني تماماً فهي خليط من عدة مدارس، وأنا كإنسان خليط من المشاعر.. ففي ذات اللوحة تجد بعض محاولات التجريد، وبعض الواقعية والانطباعية معاً تفرضها علي أحياناً العناصر الموجودة بالعمل كلما زادت عدداً.

 بمعرضكِ في النادي الثقافي العربي عدة مستويات تنتمي بجملتها إلى شكل من أشكال الواقعية الرومانتيكية، حيث نجد لديكِ البورتريه والطبيعة العامة، والمشهد البانورامي، فهل يمكن القول بأنك تمثلين مدرسة فنية معينة؟

في الحقيقة؛ الطبيعة الصامتة مثلًا تمثل لدي مرفأً أستمد منه ثقتي بالرسم كلما ضعف الشغف، وأجد فيه مكاناً واسعاً لي لإثبات مهاراتي. أما البورتريه ففيه من الخصوصية التي تحتاج إلى إحساس أكثر عمقاً؛ لأنها تمثل حالة إنسانية يعيشها الرسام بكل تفاصيلها، وأدمج أكثر من مدرسة بذات العمل، فلا أدري حقيقة ما إذا كنت أستطيع نسبتها لمدرسة معينة.

 الخلفية الداكنة تسمح لك باعتماد فن التباين وقوة الإضاءة، هل لك علاقة بـ"براون"، و"أوجين ديلاكروا"، ومن أين استقيت هذه الروحية؟

هذا صحيح؛ أنا أعتمد كثيراً على التباين الواضح بين الظل والنور، فهو يعطي ثقلًا للعمل الفني ويلفت الانتباه أكثر، وكلما زاد اللون الداكن أظهر النور في العمل أكثر، كما تشعرني الألوان الداكنة بالثقة أكثر بالعمل.. وبالتأكيد هناك تأثر باللوحات العالمية التي تحمل هذا الطابع.

 ما رأيك في فنون التجريد بمستوياته المختلفة، وفن الرمزية وفنون المفاهمية؟

أنا أحترم جميع المدارس، فكل منها له مَن يهتم به دون مبالغة، كما أن لكل منها رسالة خاصة.. وأستمتع فنياً ببعضها.. إلا أني لا أميل إلى تطبيقها في الوقت الحالي.. ما زالت هناك الكثير من الألوان التي لم أنته من اختبار نفسي فيها.. لكن ربما أكون أقرب إلى المدرسة السريالية.

 ما أبرز الرسائل التي تحملها لوحاتك الفنية؟

رسالتي في الحقيقة هي الدفاع عن المدرسة الواقعية، والمحافظة على هذا النوع من الفن الواضح، كما أني أجد نفسي متمسكة بتربية أبنائنا على ثقافة اللوحة كقيمة فنية بعيداً عن التكنولوجيا، وأن لا نربي هذا الجيل على وجود اللوحة في المنازل كقطعة من الأثاث الملائم للديكور، بل كشيء فيه من الجهد والفكر والإحساس ما يجعله قيماً.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها