الدكتور عبد العزيز مطر واحد من علماء اللغة المحدثين، الذي شغِفُوا بالدرس اللغوي اللهجي الخليجي، فوقف على الظواهر اللغوية التي تشيع في البيئة الخليجية، ودرسها، وأصلَّ لها، فجاءت مؤلفاته: الأصالة العربية في لهجات الخليج، وتأصيلات لغوية في اللهجات الخليجية، وظواهر نادرة في لهجات الخليج العربي، فضلًا عن الظواهر اللغوية الخاصة ببعض دول الخليج خاصة في دولتَيِ الكويت وقطر، حيث قضى شطرًا كبيرًا من حياته الجامعية أستاذًا في جامعتيهما.

وُلِد عبد العزيز السيد مطر في قرية (مستماد) محافظة البحيرة في مصر، وككثيرين من أبناء الريف المصري حفظ القرآن الكريم في كتُاب القرية في سن مبكرة، ثم انتسب إلى المعاهد الدينية الأزهرية، فأهلته للدراسة بكلية دار العلوم التي تخرج فيها (1950)، وواصل فيها دراساته العليا حتى حصل على درجة الدكتوراه (1964). عمل محررًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة (1951)، ثم مدرسًا بجامعة عين شمس (1958ـ 1962)، وأعير مدرسًا إلى جامعة الكويت عند تأسيسها، ثم انتقل للعمل أستاذًا بجامعة قطر، وتولى رئاسة قسم اللغة العربية، كما عمل خبيرًا بمجمع اللغة العربية في القاهرة لعدة سنوات. كما شارك في عدة مؤتمرات وندوات دولية، وكتب العديد من المقالات في المجلات والصحف. وقد توفي رحمه الله في عام 1999م.
 

مؤلفاتـه:

أثرى الدكتور عبد العزيز مطر المكتبة اللغوية العربية بمجموعة من المؤلفات، منها: لحن العامة في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة (1966)، ولهجة البدو في إقليم ساحل مريوط: دراسة لغوية (1967)، وخصائص اللهجة الكويتية: دراسة لغوية ميدانية (1969م)، ومن أسرار اللهجة الكويتية: دراسة لغوية ميدانية (1970)، وظواهر نادرة في لهجات الخليج العربي (1976)، دراسة صوتية في لهجة البحرين (1980)، وتثقيف اللسان العربي (1985)، الأصالة العربية في لهجات الخليج (1985)، أحاديث إذاعية في الأخطاء الشائعة (1985)، الأصول اللغوية للأسماء الجغرافية في قطر (1985)، وعلم اللغة وفقه اللغة: تحديد وتوضيح (1985)، وفي النقد اللغوي (1987)، وتأصيلات لغوية في اللهجات الخليجية (1990) وفي نقد المعاجم والموسوعات (1992).

أما الكتب التي قام بتحقيقها ودراستها، فمنها: لحن العامة لأبي بكر الزبيدي (1968)، تثقيف اللسان وتلقيح الجنان، لابن مكي الصقلي (1981)، تقويم اللسان لابن الجوزي (1966)، الجزء الثامن من معجم (تاج العروس) لسيد محمد مرتضى الزبيدي (1970)، الجزء الرابع والعشرون من كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني (1974)، وفائت الفصيح لأبي عمر الزاهد (1976)، المدخل إلى تقويم اللسان، لابن هشام اللخمي (1981).

دراسة اللهجات العربية:

شغف الدكتور عبد العزيز مطر بدراسة اللهجات العربية الحديثة، ذلك النوع من الدراسة التي كانت هدفًا من أهداف مجمع اللغة العربية المصري نصَّ عليها قانون إنشائه عام 1932م، وقد ترجم هذا الشغف في باكورة بحوث الرجل عن دراسته الموسومة بـ(لهجة البدو في إقليم ساحل مريوط: دراسة لغوية) التي تقدم بها إلى كلية دار العلوم في جامعة القاهرة للحصول على درجة الماجستير في علم اللغة، بإشراف أستاذه شيخ اللغويين المحدثين إبراهيم أنيس عام 1961.

وقد اقتفى الدكتور عبد العزيز مطر نهج من سبقه من أساتذة دار العلوم في هذا التوجه، ومنهم أستاذه الدكتور إبراهيم أنيس أحد أعلام دار العلوم الذي درس لهجة القاهرة، ونال بها درجة الدكتوراه من جامعة لندن، ثم تمام حسان الذي قدم في بحثين: دراسة عن لهجة (الكرنك)، وأخرى عن لهجة (عدن) نال بهما درجتَيِ الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، ومن نفس الجامعة تقدم الدكتور عبد الرحمن أيوب ببحث عن (لهجة الجعفرية)، وآخر عن (لهجة النوبة) فنال عنهما الماجستير والدكتوراه، ثم جاء بحث (دراسة نحوية في اللهجة اللبنانية) للدكتور كمال بشر لينال به من ذات الجامعة درجة الدكتوراه عام 1956.

شغف بدراسة اللهجات الخليجية:

لم تقف عناية الدكتور عبد العزيز مطر بدراسة اللهجات العربية الحديثة، عند بحثه عند لهجة أهل مريوط في مصر؛ بل تجددت لديه الرغبة في هذا النوع من الدراسة عندما حلَّ أستاذًا في جامعتي الكويت ثم قطر ليعكف على دراسة اللهجات الخليجية، فأصَّل للَّهجات الخليجية العربية الحديثة، ووقف على الظواهر النادرة في هذه اللهجات، وخص لهجة الكويت بمؤلفين درس في أحدهما خصائص هذه اللهجة، وفي الثاني كشف عن بعض أسرارها.

ففي كتابه (ظواهر نادرة في لهجات الخليج العربي) وقف الدكتور عبد العزيز مطر على تسع ظواهر نادرة في لهجات الخليج العربي، قام بدراستها وتحليلها، وحدد مواطن النطق بها، وقام بتفسيرها تفسيرًا تاريخيًا، وهي على الترتيب: ‏هاء ساكتة بعد ياء المتكلم في لهجة قطر، نطق الثاء فاءً في لهجة بعض أهل البحرين، سقوط الحرف والحركة في الأمر من الفعل ناقص (لهجة خليجية عامة)، صيغة فُعْلُول الفصحى في لهجتي قطر والبحرين، فَعَاعِيل جمع تكسير لفعَّال العاقل (‏لهجة خليجية عامة)، فَعْل جمع تكسير لفُعْلة (لهجة خليجية عامة)، الضميران: إنتين وإنتون في لهجة بعض أهل البحرين، كاف المخاطبة بين الجاف والشين (بين لهجات البحارنة واللهجات الأخرى)، استخدام الباء في أسلوب النفي (مُهُبـ مُبْـ هُبْ) لهجة خليجية: عدا الكويت.

تثقيف اللسان العربي:

عكف الدكتور عبد العزيز مطر على نشر مقال أسبوعي في جريد الراية الثقافية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي بالتحديد بدءًا من 12 نوفمبر 1988م، هدف من خلالها إلى الوقوف على بعض الألفاظ والتراكيب الشائعة في الإعلام العربي وعلى ألسنة المثقفين، وبيان مدى صحتها، وقد بلغت مقالاته... وقد جمعها في كتاب سماه: (تثقيف اللسان العربي: بحوث لغوية)، وهي امتداد لرسالته في نشر الثقافة اللغوية، وتنقية العربية المعاصرة مما شابها من أخطاء شائعة تترد على كثير من ألسن الناطقين بها، التي بدأها بكتابه أحاديث إذاعية في الأخطاء الشائعة (1985).

وختامًا، فقد استحوذت اللغة على كل اهتمامات العالم الراحل الدكتور عبد العزيز مطر، وكانت غيرته على مكانة العربية وحالها في أهلها باعثًا إلى أن يصول بقلمه ولسانه نشرًا للوعي اللغوي، وذودًا عن حياض اللسان العربي المبين.