بادئ ذي بدء؛ اللّعِب: احتياجٌ إنساني يُعَبِرُ عن نَمطٍ من أنماط السلوك الإنساني، الذي تفرضه ظروف البيئة التي يرتبط بها، وهو يهدف في المقام الأول إلى التسلية، والتمتع بأوقات الفراغ، وهو يشمل حيزاً كبيراً من وقت الإنسان في طفولته.
واللّعِب هو: "كل لُعبَة يُمارسها العامة تلقائياً من المَهدِ إلى اللّحدِ، يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ويستوي في ممارستها جِنس النساء وجِنس الرِجال منذ الطفولة"1، وتشكل الألعاب الشعبية جانباً مهماً في حياة أي مجتمع من المجتمعات؛ إذ إن هذا الجانب يرتبط بالجوانب الصحية والجسدية والتربوية والتعليمية لممارسيه. وترتبط تلك الألعاب بالمجتمع الذي تنشأ فيه من حيث الاسم والممارسة، ولكن يبقى الهدف من هذه الأهداف موجوداً وهو الترويح عن النفس والبدن، وتزجية أوقات الفراغ.

ونذكر من ألعاب العرب قديماً: الأرجوحة: وهي عبارة عن خشبة مستطيلة يُثَبَتُ وسطها على شيء مرتفع ويجلس على طرفيها اثنان، أو أكثر من اللاعبين، ويتبادلان الارتفاع والانخفاض، وهذه اللُعبَة ما زالت موجودة إلى الآن ولكن تعددت أنواعها، وتسمى الآن "المرجيحة، وجمعها مراجيح"، ومنها ما يُعَلَقُ من أعلى ويتم تحريكها للأمام وللخلف، وقد كان البعض يطلق عليها "الزحلوقة، أو الزحلوفه"2. وهناك أيضاً لُعبَة "السِيجَة"، وهي عبارة عن تخطيط مساحة على الأرض على هيئة مربعات، وقد يتم هذا بالرمال ويوضع في كُل مربع، أو حُفرَة قِطعَة صغيرة من الحَصَى، ويسميها العامة "كِلاب"، ويتم تناقل هذه (الكِلاب) إلى أن يفوز من يضع (كِلابَهُ) على خَط واحِد قبل الآخر. وهناك لُعبة "الأنبوثة": حيث يتم حفر العديد من الحُفَر ويدفن فيه أفراد الفريق الأول في كل حُفرة شيئاً، وإذا أخرجها أحد أفراد الفريق الثاني يعتبر فائزاً، وهناك أيضاً لُعبَة "البقيري"، وفيها بعض الاختلاف عن الأنبوثة؛ إذ يجهز أفراد الفريق الأول عدداً من أكوام التراب ويدفنون به شيئاً، وإذا أخرجه أحد أفراد الفريق الثاني –باختياره أحد هذه الأكوام - يكون فائزاً.
ومن الألعاب الشعبية التي تُمَارَس الآن نذكر:
اسم اللعبة: رست
عدد اللاعبين: 2
طريقة اللعب: يجلس اللاعبان أمام بعضهما على منضدة، أو على الأرض، المهم أن يكون السطح مستوياً، ويقوم كل منهما بوضع يده في يد اللاّعب الآخر، ويشبكان كفاهما، ثم يبدأ صراع القوة بمحاولة كل منهما أن يصل بكف زميله إلى الأرض، ومن يفعل ذلك يكون هو الفائز.

اسم اللعبة: استغماية
عدد اللاّعبين: أكثر من 6 لاعبين
طريقة اللعب: نقوم بعمل قُرْعَة بين اللاعبين لاختيار اللاعب الذي يجري وراء باقي اللاعبين، ثُمَّ يقف هذا اللاعب ويغمض عينيْنهِ على مكان محدد يعرفه كل اللاعبين "قد يكون حائطاً، أو باباً، أو جذع شجرة"، وبنسميه "الأُمَة"، ويختبئ باقي اللاعبين في أماكن مختلفة، ويتم الاتفاق على أن يعد هذا اللاعب "اللي فيها" من واحدٍ حتى يصل رقماً محدداً مسبقاً يعلمه الجميع، ثم يفتح عينيه، ويبدأ في الجري، والبحث عن المختبئين، في هذا الوقت ينطلق اللاعبون نحو "الأُمَة"، وهي الأمان بالنسبة لهم، وإذا أمسك "اللي فيها" بأحد اللاعبين قبل أن يلمس الأُمَة يقع هو فيها، وينطلق الآخر ليجري مع باقي اللاعبين، ويستمر اللعب.
اسم اللعبة: المربع
عدد اللاعبين: 4، 6، 8، 10
طريقة اللعب: يقوم اللاعبون برسم مربع كبير بالطباشير مثلاً، أو تحديده بحفرهِ على الأرض المستوية برسم، ويقسم عدد اللاعبين على فريقين لو كانوا مثلاً 8 لاعبين يكون 4 في الفريق الأول يكونوا خارج المربع، أما الأربعة الباقية فيكونون داخل المربع، ثم يقوم الفريق الأول باختيار واحدة من الفرِق الموجودة خارج المربع لتدخل المربع، وتقوم بالنّط بين المربعات، ولو داست على الخط تخرج من اللعبة... ويستمر اللعب على هذا الحال حتى يتم إخراج كل لاعبي الفريق الآخر، ويبدلوا الأماكن.
اسم اللعبة: "افتحولي الباب ده"
عدد اللاعبين: أكثر من 4 (بنات، أو بنين)
طريقة اللعب: يتم اختيار أحد اللاعبين، أو اللاعبات ليبدأ اللعبة عن طريق القُرْعَة، أو "على حسب كيلو، أو كولوا بامية"، ثم تتشابك أيادي اللاعبين، أو اللاعبات وهم يدورون، حيث يضرب "اللاعب اللي فيها" على الأيادي المتشابكة في كل الاتجاهات وهو يقول: افتحولي الباب ده؛ فيرد باقي اللاعبين/اللاعبات: لا، الجاموسة والده؛ فيلف في اتجاه آخر: طب افتحولي الباب ده؛ فيردون أيضاً: لا، الجاموسة والده، ويستمر اللعب هكذا حتى يباغتهم/تباغتهم بضربة قوية لا تتحملها الأيدي المتشابكة خاصة أنها أتت بغتةً؛ فيهرب اللاعب/اللاعبة من هذا الحصار، ويبدأ اللعب من جديد.

اسم اللعبة: شد الحبل
عدد اللاعبين: زوجان (بنينَ أو بنات)
طريقة الممارسة: يتم تقسيم العدد إلى قسمين متساويين في العدد، وتبلغ اللعبة إثارتها، وجاذبيتها، إذا تم تشكيل فريق من الصبيان لمنافسة فريق من البنات، حيث يتم رسم خط في المنتصف بين الفريقين، والفريق الذي يستطيع جذب الفريق الآخر، وتخطي الخط المرسوم نحو المساحة المخصصة له يكون هو الفائز.
اسم اللعبة: الجري، أو السباق (بنين وبنات)
عدد اللاعبين: أكثر من عشرة لاعبين/لاعبات
طريقة اللعب: كلما زاد عدد اللاعبين ازدادت المتعة، والإثارة. يتم تحديد بداية السباق بخط، ثم يطلق أحدهم إشارة بدء السباق بصفارة، أو بالتصفيق باليد، أو بكلمة؛ فينطلق الجميع ليلمس الهدف الذي تم الاتفاق عليه، ومن يصل إليه أولاً يكون هو الفائز، ويتم ترتيب باقي اللاعبين بعده.
اسم اللعبة: عسكر وحرامية
عدد اللاعبين: أكثر من 8 لاعبين
طريقة الممارسة: يتم تقسيم العدد الموجود إلى فريقين، يطلق على أحدهما فريق الحرامية، وعلى الآخر فريق العسكر، يتوارى الحرامية بعيداً عن أعين العسكر، وبعد إطلاق "إشارة متفق عليها" يبدأ العسكر في البحث عن الحرامية، ويعملون من أصابعهم مسدسات، وقد يتم صنع مسدس من الورق المقوي، أو يستخدمون "عصا صغيرة يتم تغطيتها بقطعة من القماش لتشبه المسدس"، وبمعرفة أماكن الحرامية، وإمساكهم تنتهي اللعبة، لتبدأ من جديد.
وبعد؛ أستطيع أن أقول إن الألعاب الشعبية هي ممارسة إنسانية للكبار والصِغار، وتتصف بالبساطة، والتلقائية، واستخدام خامات البيئة المتاحة للترفيه عن النفس والتمتع بأوقات الفراغ، والملاحظ أن معظم هذه الألعاب يتم عن طريق "القُرعَة" لاختيار من يبدأ اللَعِب، وهي في حد ذاتِها مُتعَة. وجدير بالذِكر أن هذه الألعاب تمارَس بشكلٍ جماعي الأمر الذي يعني ارتباطها بالموروث الشعبي الشفاهي أيضاً لهذه الجماعة الشعبية من أغاني شعبية ترتبط بالرقصات في بعض الأحوال، وكذلك ترتبط بالأمثال والتعبيرات الشعبية التي تعبر عن عادات وتقاليد هذه الجماعة تلك التي انتقلت إليهم من الآباء والأجداد، وهو الأمر الذي يُشِيرُ في النهاية إلى مدى تغلغلها في ثنايا النفس البشرية لأفراد الجماعة الشعبية. ويعني هذا في النهاية أننا في أمس الحاجة إلى التمسك بموروثاتنا الثقافية التقليدية للحفاظ على هويتنا الثقافية والاجتماعية، التي تتعرض الآن لهزات غزوٍ ثقافي يريد لنا أن نتغير، أو على الأقل نَدور في فَلَك الغَرب.
هامش:
[1]د. أحمد رشدي صالح، الألعاب الشعبية والمهارات الجسمية والسيرك، مجلة الفنون الشعبية، عدد 24، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1988 م، 74.
[2] انظر: أحمد تيمور باشا، لَعِب العرب، مؤسسة هنداوي، نسخة إلكترونية، صدرت عام 2014م.