الأديب الفرنسي فيكتور هوغو منشغلاً بالإسلام

د. محمد حسن بدرالدين


يهدف هذا المقال إلى التّعريف بفيكتور هوغو (1802-1885)، وبيان علاقته بالإسلام والفكر الإسلامي، من خلال الرّجوع إلى أمثلة من مواقفه ومن كتاباته الشعريّة والأدبيّة. فعلى الرّغم من أنّه معروف بأدبه وشعره عالميّاً، إلاّ أنّ القليل من النّاس من يعرف أنّه كان منخرطًا أيضًا في الدّفاع عن الإسلام، والانشغال به، في وقت كانت فيه الكراهيّة ضدّ الإسلام تنخر المجتمع الفرنسي والغربي.


لقد شهدت آراء هوغو الدينيّة خلال حياته تغيّرات عديدة. ففي شبابه وتحت تأثير والدته، عُرف بأنّه كاثوليكي ملتزم. حيث أبدى احترامه لتسلسل الكنيسة وسلطاتها. ثمّ أصبح كاثوليكيًّا غير ملتزم. وعبّر بشكل متزايد عن وجهات نظر مناهضة للكاثوليكيّة ومعادية لرجال الكنيسة. ويبدو أنّه اتّخذ ذلك الموقف لسببين على الأقلّ.
السّبب الأوّل: أنّه رأى أنّ الكنيسة لم تكن مبالية بمحنة الطّبقة العاملة في ظلّ القمع الذي مورس ضدّها.
والسّبب الثّاني: أنّه اغتاظ من رجال الكنيسة لأنّهم جعلوا أعماله في قائمة الكتب المحظورة. وقد أحصى حوالي: 740 هجومًا في الصّحافة الكاثوليكيّة على روايته البؤساء. وعندما توفّي ابناه تشارلز وفرانسوا أمر بأن يتمّ دفنهما دون صليب أو كاهن. وقد وضع في وصيّته التوجّه نفسه فيما يتعلّق بوفاته وجنازته. وكان ذلك من باب الرّفض والاحتجاج. إلاّ أنّه كان في واقع الأمر يؤمن بالحياة بعد الموت، وكان يصلّي كلّ صباح ومساء، مقتنعًا كلّ الاقتناع. وقد وضّح موقفه ذلك في رواية الرّجل الضّاحك حيث قال: «إنّ الشّكر له أجنحة ويطير إلى وجهته الصّحيحة. أمّا صلاة الإنسان فتعرف طريقها أفضل منه».

 

انجذابٌ نحو الإسلام:

ليس من السّهل معرفة متى تحوّل هوغو نحو الإسلام ودراسته، ولكن يمكن تتبّع مواقفه من خلال قصائده التي عرض فيها آراءه الدينيّة وتوجّهاته نحو الإسلام وتاريخه وشخصيّاته. ففي سنة 1858، بلغ من العمر 56 عامًا. وقد بدأ في كتابة ملحمته الشعريّة الضّخمة (أسطورة العصور) (La Légende des siècles). وقد كتب فيها قصيدة عنوانها: (العام التّاسع من الهجرة) تناول فيها ذكرى وفاة الرّسول محمّد صلوات الله عليه. ثمّ كتب قصيدة شجرة الأرزّ (Le Cèdre) وهي قصيدة رمزيّة ممجّدة للإسلام وشخصيّاته.

وليتمكّن من الحديث عن الإسلام وعن محمّد عليه الصّلاة والسّلام، انغمس هوغو في دراسة القرآن والسّيرة إلى درجة أنّه يمكن للمرء أن يعتقد أنّه مسلم، كما ذكر المؤلّف الفرنسي لويس بلان (Louis Blin) صاحب كتاب فيكتور هوغو والإسلام. المنشور في شهر سبتمبر 2023م بفرنسا. وهو لا يرجّح ولا ينفي التكهّنات بأنّ هوغو تحوّل إلى الدّين الإسلامي في نهاية حياته.

من الواضح أنّ هوجو وضع الإسلام في منظور إنساني عالمي. من خلال ثلاثة مواقف على الأقلّ. الموقف الأوّل: كتابة محاورة جمع فيها بين الخليفة عمر بن الخطّاب والقدّيس يوحنّا الإنجيلي.

الموقف الثّاني: وقوفه في وجه الحملة الإعلاميّة التي أعقبت اغتيال قنصلين فرنسي وبريطاني بمدينة جِدّة عام 1858، وذلك بكتابة قصيدة (شجرة الأرز) من ديوانه أسطورة العصور. كتب هوغو هذه القصيدة في أواخر أكتوبر من عام: 1858، بعد وقت قصير من اغتيال دبلوماسِيَيْن فرنسي وبريطاني يوم 15 يونيو، حزيران من العام نفسه في مدينة جِدّة التي كانت تحت الحكم العثماني. وكان ذلك بسبب ثورة السكّان المحلييّن ذلك اليوم ضدّ قبضة المملكة المتّحدة المتزايدة على الاقتصاد وعلى رقاب النّاس. قُتل يومها أيضاً عدد من الأوروبيّين. وتصدّر الموضوع عناوين الصّحف، وتسبّب في حدوث حملة في الرّأي العام الفرنسي والبريطاني، استغلّه الإعلام في التّشويش على الإسلام والمسلمين واتّهامهم بالتعصّب والعنف.

الموقف الثّالث: إشادته بالمجاهد عبد القادر الجزائري ومدحه باعتباره من الرّموز الإسلاميّة في المقاومة وعدم الاستسلام للظّلم والاستعمار. رغم أنّ مواقف هوغو من استعمار الجزائر ودول المغرب العربي بصفة عامّة غير واضحة ومتذبذبة.

مدينة جدّة رمز الإيمان والعطاء:

قال فيكتور هوجو في قصيدته شجرة الأرزّ: «إنّ جدّة مدينة عالميّة معروفة بتسامحها إزاء الزّوار والرحّالين، وأنّ المتمرّدين لم يتذرّعوا يومها بالدّين، بل استخدمه الأوروبيون في بياناتهم لإخفاء مصالحهم». وقف هوغو حينها ضدّ الضجّة الإعلاميّة التي تسيء إلى الإسلام، ووضع هذا الدّين في منظور إنساني بعيد عن العنف قريب من الرّفق.

وقد ارتكزت قصيدته «شجرة الأرزّ» أو الأرزّة (Le Cèdre) على حوار صوفي وروحي بين الخليفة عمر بن الخطّاب والقدّيس يوحنّا الإنجيلي من جهة، وبين مدينة جدّة التي رأى أنّها تعبّر عن أصل الإنسانيّة، وبين اليونان التي تعتبر المصدر الأوّل للحضارة الأوروبيّة، من جهة أخرى.

اختار هوغو أن يجعل عمر في جدّة بدلا من مكّة أو المدينة المنوّرة، لأنّ جدّة تُعتبر مدينة حوّاء (أمّ كلّ البشر) وهو ما أعطاها قدسيّة في نظر هوغو الذي قرأ في بعض الأدبيّات الإسلاميّة أنّ آدم لمّا هبط إلى الأرض نزل في الهند وحوّاء في مدينة جدّة (انظر مثلا: عز الدّين ابن الأثير (ت: 630هـ) الكامل في التّاريخ، تحقيق: عمر عبد السّلام تدمري، دار الكتاب العربي، ط1، بيروت، 1417هـ- 1997م). ج1، ص: 34).

تمثّل الشّجرة عموماً وشجرة الأرزّ بصفة خاصّة بالنّسبة لفيكتور هوغو رمزًا من رموز الحياة. أمّا حوّاء فهي أصل الحياة. فحاول من خلال هذا التصوّر الدّيني أن يرسم جسرًا روحيّاً بين الجذور الشرقيّة للحضارة والجذور المسيحيّة الغربيّة.

وصف هوغو الخليفة عمر بن الخطّاب وهو يمشي على شاطئ جدّة، ومعه درّته (عصاه) المشهورة في التّاريخ الإسلامي. وحسب سير أحداث القصيدة، رأى عمر شجرة أرزّ فأمرها بأن تنفصل عن صخرتها وتطير باسم الله القدير إلى القدّيس يوحنّا الإنجيلي النّائم على شاطئ جزيرة بطمس اليونانيّة. واضح أنّ المشهد هو تمثيل بنوع من الإسراء وضرب من التّواصل بين مدينتين. أو هو مسار يرمز إلى وحدة المصدر لدى الأديان والصّلة القائمة بين الإسلام والدّيانات التّوحيديّة الأخرى. وبهذه الصّورة الأدبيّة أراد أيضاً أن يرسم جسرًا رمزيًّا بين الشّرق المتجذّر في مدينة جدّة، والغرب الحائر المحتاج إلى التّذكير والهداية. وكان ذلك من خلال الحوار بين الخليفة والقدّيس، أظهر فيه هوغو أنّه باحث في الإسلام ومنشغل برموزه وأسسه ومعانيه العالميّة. وأنّه طامح إلى التّقريب والانسجام والتناغم بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي من خلال البحث في القواسم المشتركة والرّموز المتشابهة وإن كانت متباعدة أو متعارضة.

اعتبر هوغو أنّ الطّبيعة في عناصرها وكائناتها هي مصدر الحياة ورونقه. وقد اعتمد هذه الرّؤية الدينيّة والروحيّة وجعلها من عطاءات الشّرق الذي كان فردوس العالم وروحه في أزمنة مديدة. ولذلك كان على القدّيس النّائم في بطمس أن يتلقّى رسالة الولادة الجديدة التي يحمل الأرزّ دلالاتها، المبشّرة بالأمن والإيمان.

لقد ربط هوغو في شعريّة بالغة بين يوحنّا الذي كان نائماً على الرّمال، وبين حوّاء المتنعّمة بشاطئ جدّة وأمواجه المندفعة، التي تحتاجها بلاد الغرب لتبعث فيها دفء الحياة وحرارة الإيمان.

وقد جاء في قصيدة الأرزّ ما يأتي: «هذا عمر شيخ الإسلام والقانون الجديد الذي أضافه محمّد (صلّى اللّه عليه وسلّم) إلى ما جاء به عيسى عليه السّلام. يمشي تارة ثمّ يتوقّف في بعض الأحيان ومعه عصاه الطّويلة. كان يتجوّل بالقرب من جدّة المقدّسة على الشّاطئ على رمال البحر الأحمر، حيث ظهر نور اللّه في صحراء سوداء تحت ظلال السّماوات، حيث مرّ موسى عليه السّلام. أثناء المشي تملّكته فكرة جادّة، من فوق صحراء مصر ويهوذا، في بطمس، على منحدر جبل أجرد القمّة، رأى يوحنّا الذي كان نائماً على الرّمال. كان يوحنّا نائمًا ورأسه عارٍ تحت الشّمس. عمر، الخليفة العظيم كان مثل الأنبياء. فقد رأى بالقرب من البحر الأحمر في ظلّ قبّة، أرزّة قديمة ذات أوراق داكنة كبيرة راسخة الجذور في صخرة قرب الطّريق، مدّ الشّيخ عمر يده نحو الأفق إلى الشّمال حيث النّسور الجشعة، والفضاء الممتدّ، حيث بحر إيجه ويوحنّا نائم في بطمس.

دفعَ عمر الشّجرة بأصبعه وقال: اذهبي أيتّها الأرزّة! اذهبي وكوني غطاءً لذلك الرّجل بظلّك المتشعّب. واندفعت الأرزّة في الفراغ الهائل، وعبرت الأمواج والمساحات، وهبطت في بطمس بالقرب من يوحنّا النّائم. استيقظ يوحنّا ورأى الشّجرة. فاستغرب أن يجد رأسه في الظلّ. ثمّ قال خائفًا في هدوء: أيّتها الشّجرة. ماذا تفعلين هنا؟ الأرزّ لم يُخلق لينمو كالحلم. ما بَنَتْه ساعة، يمكن أن تحطّمه لحظة. فقالت له الأرزّة: لماذا تتّهمني يا يوحنّا؟ إذا كنتُ أنا هنا فذلك بأمر من رجل.

ارتجف يوحنّا عند ذكر اسمه، واستأنف: من هذا الرّجل الذي يخضع له كلّ شيء؟ فقالت الشّجرة: هذا عمر تلميذ محمّد (صلّى الله عليه وسلّم). كنت بالقرب من جدّة لسنوات لا تُحصَى. فقال لي أن آتي إليك وأغطّيك بظلّي».

نلاحظ من خلال المقتطفات التي عرضناها أنّ الدّين الإسلامي في رموزه وأعلامه كان حاضراً في المجموعة الشعريّة، التي سمّاها الشّاعر: أسطورة العصور. وقد ظهر انشغال فيكتور هوغو بالإسلام في ثلاث قصائد هي: العام التّاسع للهجرة التي كتبها في منفاه في بلجيكا بتاريخ 15 يناير 1858 وتعدّ من أهمّ ما كُتب في الأدب الغربي في مدح الرّسول الكريم في القرن التّاسع عشر. وخاصّة في تعلّق الاهتمام بذكر شمائله وصفاته وأعماله.

قال هوغو معبّراً عن تلك الصّفات والشّمائل: «كان عالي الجبين خدّاه ملائكيّان حاجباه غير كثيفين وعيناه عميقتان. عنقه شبيهة بباقة أزهار. فيه سَمْتُ نوح ذلك العارف بسرّ الطّوفان، حاكم إذا احتكم إليه رجلان فإنّه بهيبته يترك المدان معترفاً والمتضرّر مطمئنّاً. يصغي بصمت ولا يتكلّم إلاّ آخر المتكلّمين. لا يجري على لسانه دائمًا إلاّ ذكر الله».

تظهر هذه المقاطع اطّلاع هوجو على سيرة رسول الإسلام وصحابته، وتفاصيل حياته ووفاته ووصاياه. وقد تميّز هوجو بأسلوب شاعري رقيق ممزوج بالخيال والإحالات. أظهر فيه إعجابه بالرّسول الكريم واهتمامه بالدّين الإسلامي والشّخصيّات الإسلاميّة. وقد رأينا أنّه خصّ الخليفة عمر بن الخطّاب بقصيدة كاملة هي: شجرة الأرزّ.
 

السّنة التّاسعة للهجرة قصيدة رثاء النبيّ محمّد عليه الصّلاة والسّلام

هي قصيدة طويلة رسم فيها فيكتور هوغو صورة للنبيّ عليه الصّلاة والسّلام في اللّحظات الأخيرة من حياته، وهي تكشف مدى معرفة فيكتور هوغو بالإسلام سواء ما تعلّق بالسنّة أو السّيرة أو التّاريخ الإسلامي. فقد ربط في هذه القصيدة أقوال النبيّ وأفعاله بالقرآن. كما عبّر عن احترام كبير للثّقافة الإسلاميّة. واخترنا أن نعرض منها المقاطع الآتية:

«كأنّه أحسّ أنّ وقته قد اقترب، لم يعد يوبّخ أحدًا، كان يمشي ويردّ التحيّة على المارّة.

لقد رأيناه يكبر كلّ يوم، على الرّغم من أنّه كان كذلك فبالكاد بانت عشرون شعرة بيضاء في لحيته السّوداء.

وكان يتوقّف أحيانًا ليرى الجِمال تشرب. كانت لديه جبهة عالية، وخدّ إمبراطوري. الحاجب أجرد، والعين عميقة ومجتهدة. فإذا جاء الرّجال يستشيرونه فهو القاضي. يستمع بصمت ويتحدّث أخيراً. وكأنّ فمه لا يزال في الصّلاة. وكان يأكل قليلاً ويضع الحجر على بطنه. وجلس على الأرض وقام بخياطة ملابسه. وكان يصوم أطول من غيره في أيّام الصيّام، على الرّغم من أنّه فقد قوّته ولم يعد صغيراً. وفي الثّالثة والستّين أصابته الحمّى. وأعاد قراءة القرآن بنفسه، ثمّ أعطى الرّاية لابن سعيد، قائلاً له: لقد اقتربت من فجري الأخير. لا إله إلاّ الله. الكفاح من أجله. وجاء إلى المسجد في وقته المعتاد. متّكئاً على عليّ. وقال متوجّهًا نحو الحشد: أيّها النّاس، انقضى النّهار، ويموت الإنسان وينهار. نحن الغبار واللّيل. واللّه وحده هو العظيم«.

وقد وضّح المؤرّخ وعضو الأكاديميّة الفرنسيّة (آلان ديكو) (1925-2016) خلال خطاب ألقاه بمناسبة الذّكرى المئويّة الثّانية لميلاد فيكتور هوغو: لماذا اتّجه هوغو إلى الإسلام وتعمّق في دراسته؟ فقال: «لم يعد الكتاب المقدّس يجيب على أسئلته. فقال لنفسه: لماذا لا تكتشف القرآن؟ وقد وجد في القرآن آياتٍ وأفكارًا أذهلته واقتنع بها. تُبيّن أنّ الإنسان مُحاط باللّه وخاضع له في كلّ مكان».

الإعجاب بالأمير عبد القادر والإشادة بنضاله:

رغم أنّ هوغو لم يقتصر على الأدب بل شارك في النّقاش السّياسي والاجتماعي، باعتباره كاتباً وسياسياً. ورغم أنّه كتب عن الثّقافة الإسلاميّة وشخصيّات العالم الإسلامي من خلال كتابه الشّهير: الشّرقيون (Les Orientales) لم يخصّص أيّا من أعماله أو خطاباته السياسيّة (وكان عضوا في مجلس الشّيوخ بين عامي 1876 و1885) لاستعمار الجزائر.

وعلى الرّغم من ذلك، فإنّ الأمير عبد القادر الجزائري (1808-1883) الشخصيّة التاريخيّة والرمزيّة للمقاومة الجزائريّة ضدّ الغزو الفرنسي، هو البطل المركزي في قصيدته الشّرقية. ظلّ اسم هذا الأمير يتردّد صداه في جميع أنحاء العالم بسبب صفاته وأفعاله أثناء القتال ضدّ الغزو الفرنسي، ولكن بسبب طيبته وذكائه فقد احتلّ مكانة مرموقة في الأدب الفرنسي والعالمي.

تُظهر القصيدة الشرقيّة تمثّلاً مزدوجًا لشخصيّة الأمير عبد القادر. فمرّة يوصف بأنّه نبيل ومرّة أخرى يوصف بأنّه أمير شرس ولطيف. ويتناقض هذا الوصف مع حديثه عن نابليون الثّالث. فهذا الأخير ذئب تكرهه الأمّهات والنّساء، بينما يوصف الأمير عبد القادر بـالأسد أو النّمر أو الحاج أو الجندي الجميل. ويبدو أنّ الأسد عبد القادر يعتبره فيكتور هوغو شخصًا شريفًا يحارب ويقاوم الذّئب نابليون الثّالث.

ونعرض مقتطفات من القصيدة الشرقيّة التي خصّصها فيكتور هوغو للحديث عن الأمير عبد القادر. باعتباره من الرّموز الإسلاميّة البارزة في زمانه. فهو يتحدّث عنه ويعقد مقارنة بينه وبين نابليون الثّالث الذي أمر بغزو الجزائر: «عندما كان عبد القادر في سجنه رأى الرّجل ذا العيون الضيّقة يدخل (يقصد نابليون الثّالث). رآه قادمًا من نافذته، يتبعه القطيع الذي يخدمه، الرّجل المشبوه من الإليزيه.

أمّا عبد القادر فهو رجل الصّحراء القويّ. هو السّلطان المولود تحت النّخيل. رفيق الأسود الحمر. الحاج ذو الشدّة وذو العيون الهادئة، الأمير المتأمّل القويّ واللّطيف».

أثار هوغو في قصائده ورواياته ومسرحيّاته عددًا كبيرًا من القضايا والمشاغل المتعلّقة بالأخلاق والمشاكل الاجتماعيّة ذات الصّلة بالطّرح الفلسفي مثل: الخير والشرّ، والدّين والإنسان والحكمة والجهل، والشرّ والرّذيلة والبؤس، والسّعادة والتقدّم. وعبّر عنها في صور شعريّة وقصصيّة بالغة التّأثير وضمن طرح اجتماعي في صور قويّة وساطعة. ومعالجات عميقة ومؤثّرة. فكان ضمير عصره وشاهداً على مجتمعه. متفاعلاً مع قضايا الإنسان ومنفتحاً على الثّقافات والأديان.

 


المراجع:
البؤساء، ترجمة منير البعلبكي، دار العلم للملايين، ط2، سبتمبر 1979.
معجب الزّهراني، الشّرق والشرقيّون في ديوان فيكتور هوغو، مجلّة الدّراسات العربيّة، جامعة المنيا، عدد8، مجلّد2، القاهرة،2003. ص: 81.
عز الدّين بن الأثير (ت: 630هـ) الكامل في التّاريخ، تحقيق: عمر عبد السّلام تدمري، دار الكتاب العربي، ط1، بيروت، 1417هـ- 1997م). ج1، ص: 34).
Henri Guillemin, victor Hugo, ed. seuil, paris, septembre 1994
Louis Blin, Victor Hugo et l'islam, Editions Erick Bonnier, Encre d'Orient, Paris. 2023

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها