قبل أكثر من خمسة آلاف وثمانمائة عام، وتحديدًا خلال الفترة من عامي 3800 - 3400 قبل الميلاد، توصل المصري القديم لاختراع الكتابة، وذلك بالطبع وفقًا لاكتشافات مقابر أم الجعاب في أبيدوس بصعيد مصر عام 1988م، وهو ما يعني أول الخطوات الحقيقية لتسجيل تاريخ الإنسان في مصر، وكانت الخطوة الأولى لتحقيق ذلك اختراع حبر الكتابة من عصير نبات النيلة، وإنتاج الصبغة الحبر الزرقاء، وهي أقدم وأهم صبغة زرقاء كانت تستعمل في مصر، ثم كانت الخطة الثانية الأهم، وهي اختراع يمكن الكتابة عليه بهذا الحبر، وكانت أحد نباتات نهر النيل هي الملجأ هذه المرة أيضاً، ليقدم للعالم أول ورقة في التاريخ من نبات البردي، ليخط المصري القديم لنفسه أول أبجدية في الوجود جمعت بين الفن والعلم والأدب، فجعل من الكتابة فناً جميلاً ومتحرراً.
كان تعرّف المصري القديم على فوائد نبات البردي من نقاط التحول المهمة التي شهدتها الحضارة المصرية القديمة، حيث استفاد بهذا النبات في مجالات عديدة، من بينها اختراعه لأوراق البردي التي تعد أحد أبرز الاختراعات المهمة للإنسانية، وقبل أكثر من 20 قرنًا، قدم لنا المؤرخ الروماني كايوس بلينيوس سـكوندوس، الذي اشتهر باسم بليني الأكبر، وصفة مُبسطة لكيفية صناعة ورق البردي في مصر، من تقطيع بأنه كان يقطع ساق نبات البردي قطعًا رفيعة، كانت توضع جنبًا إلى جنب على لوح من الخشب، وكان يوضع فوقها عدة قطع أخرى متقاطعة تكون مع الأولى زوايا قائمة، ثم تبلل بماء النيل، وبعد ذلك تُضغط، وتجفف في الشمس.

أما عن تسمية "بردي" فهي؛ تسمية مشتقة من الكلمة المصرية القديمة بابرعا pa-per-ao، والتي تعني المنتمي للقصر، في إشارة إلى أن صناعة البردي كانت احتكاراً ملكياً، ثم تطورت إلى "بابرو Papro في القبطية، لتصبح بابروس Papyrus في اليونانية، ثم paper التي تعنى الورق، وقد سُمي البردي كذلك "محيت" أو "حا"، وتعني النبات ككل، ثم أطلق عليه اسم "تامحو"، وتعني حقول البردي، بينما سُمي الساق "واج"، وتعني الخضرة والنضارة الدائمة، أما "شدو"، فتعني لفافة البردي، وفي عامي 2012 و2013 تم العثور على أقدم دليل أثري على ورق البردي في وادي الجرف، وهو ميناء مصري قديم يقع على ساحل البحر الأحمر، ويعود تاريخ هذه الوثائق البردية، والتي تُسمى بمذكرات ميرير Diary of Merer، إلى حوالي 2560- 2550 قبل الميلاد؛ أي نهاية عهد الملك خوفو.
صناعة أوراق البردي قديماً:
لا يعرف بالتحديد الوقت الذي بدأت فيه صناعة أوراق البردي، ولم تترك لنا الآثار المصرية شيئاً عن مراحل صناعة البردي إلا المنظر الوحيد بمقبرة (بوي أم رع) بالأقصر أسرة 18، وهم ثلاثة في ذورق من البردي في أحد المستنقعات، ويقوم أحدهم بتقليع أعواد البردي التي تنمو في المستنقع، ويقوم الثاني بحزم ما تم حصاده، ويقوم شخص آخر بنقلها إلى رجل يجلس على مقعد منخفض منهمك في إعداد سيقان البردي وتجهيزها لصناعة أوراق البردي، حيث صور وهو يمسك بطرفي ساق منها بعد أن قطع زهرتها بين أصابع قدمه اليسرى وأصابع يده اليمنى، ويقوم بنزع قشرتها الخارجية بيده اليمنى.. في مشهد عبقري لمجموعة من الخطوات لزراعة وصناعة أوراق البردي في مصر القديمة التي تميزت وانفردت به الحضارة المصرية القديمة. وهو اختراع مصري أصيل، وقد حمل اسماً محرفاً من الاسم المصري القديم واليوناني للبردي "با-بر-عا" و"بابيروس"، وهو نبات مائي ينمو في الأحراش والمستنقعات، مثلث الساق يصل ارتفاعه إلى حوالي ستة أمتار، ويعرف علمياً باسم (cybrus- babyrus).
وأول التقارير التي أشارت إلى تصنيع أوراق البردي هو تقرير بليني في كتابة التاريخ الطبيعي في الفقرات من (74-82)، وقام كثير من العلماء المحدثين بترجمة نص بليني إلى العديد من اللغات ومناقشته أمثال (1985 ,Lewis, 1974 & Nielsen). ويعتبر تقرير بليني صحيح في طريقته الأساسية غامض في تفاصيله؛ لأنه لم يتطرق في تقريره إلى الخطوات الدقيقة في التصنيع. وتشير الفقرة 74 من نص بليني إلى صناعة الورق من نبات البردي بشقه باستخدام إبرة إلى شرائح رفيعة تكون عريضة بقدر الإمكان، وتوجد أفضل الشرائح في منتصف الساق.

محاولات لصناعة البردي:
إن تفاصيل فنون صناعة ورق البردي لم يكشف المصريون القدماء عنها؛ لذلك لم تكن هناك مصادر مصرية أصيلة عن هذه الصناعة، لكن كان هناك عدد من المحاولات من أجل صناعة البردي لكنها كانت محاولات بسيطة، مثل محاولات جيمس بروس ولوكاس وباتسكوم جن لصناعة أوراق من نبات البردي. وأشهر المحاولات الحديثة كانت تجربة (حسن رجب)، ويمكن اعتبارها تجربة ناجحة؛ لأنها أظهرت شبهاً كبيراً بالبردي الأثري، حيث توصل إلى أنه من الممكن إنتاج ورقة بردي بأكثر من طريقة، لكن أهمها طريقة الشرائح، والتي تتميز بأنها اتخذت طابع القدم المرتبط لصناعة المصري القديم.. حول قصة إحياء تراث مهم، ارتبط بحضارة مصر منذ فجر التاريخ وخبرته لمدة 35 عاماً مع البردي وأوراقه قدم الدكتور حسن رجب دراسته تم نشرها بعنوان: "قصة إحياء تراث هام ارتبط بحضارة مصر منذ فجر التاريخ، جامعة عين شمس، مجلة مركز الدراسات البردية، المجلد التاسع، ١٩٩٣". وكتابه الأول في مجاله، حيث لخص طريقة صناعة الورق من نبات البردي وهي:
1- يؤتى بسيقان البردي السفلية البالغة النمو، ويستبعد الجزء العلوي لأنه رفيع.
2- ينزع القشر الخارجي للساق، حيث يظهر النخاع الأبيض الداخلي الذي يشرح طولياً إلى شرائح رقيقة.
3- تغمر الشرائح في الماء لمدة 24 ساعة على الأقل.
4- يؤتى بقطعة من القماش القطني الرخو، وتوضع فوق قطعة من اللباد الجاف مجموعة الشرائح تلو الأخرى، وذلك برصها طولياً بجوار بعضها البعض إلى أن يتم ذلك وفقاً لعرض الصفحة المطلوبة.
5- يوضع اللباد وبداخله صفحة البردي المبتلة بين لوحي مكبس يدوي ثم يتم ضغطها، وهذا بدوره يعمل على لصق شرائح البردي بعضها البعض لتكون ما نسميه بصفحة من ورق البردي.
ويحكي د. حسن رجب في دراسته رحلته مع نبات البردي: في عام 1960 قام بتجربة زراعته في مصر، وإنشاء معهد كامل ببحوث البردي، واستطاع أن يقدم طريقة لصناعة ورق البردي بعد دراسة عملية وتطبيقية، حيث ثبت أن الورق الذي تمكن من صناعته قريب الشبه جداً من ورق البردي القديم الموجود بالمتحف المصري، كما ثبت عملياً أنه يحوي جميع الخواص الفنية الحديثة من ناحية المتانة، وتشرب الحبر والقابلية للطباعة عليه والرسم عليه، سواء بألوان الماء أو الزيت. كما أنه ابتكر آلة كاتبة باللغة الهيروغليفية، وبذلك أمكن كتابة الأسماء بهذه اللغة بطريقة سريعة. وقد ابتكر جهازاً لترميم عنورق البردي، كما اخترع أول آلة لطباعة الحروف الهيروغليفية. وقد حصل على الدكتوراه من معهد جرينوبل للتقنية والفنون التطبيقية في فرنسا عام 1979، وكان عنوان الرسالة "البردي وصناعة الورق عند قدماء المصريين". كان شغفه بالحضارة المصرية القديمة دافعاً له كي يفكر في مشروع القرية الفرعونية، والتي عمل على تأسيسها لسنوات طوال حتى افتتحها عام 1985.
وقد قدم د. حسن معلومات وأسراراً هو أول من قدمها عن نبات البردي والورق المصنوع منه وهي: الأسباب التي تؤدي إلى التصاق شرائح البردي، حيث أثبت أن السبب في ذلك خاصية الرابط الآيدروجيني، وهي نفس الخاصية التي تلصق ألياف النبات مع بعضها البعض لتكون الورق العادي الذي نستخدمه للكتابة والطباعة.

قرية البردي:
ورغم مرور ما يقرب من ستة آلاف عام من بدء صناعة أول ورقة بردي، وما يقرب من ألفي عام من وصف المؤرخ الروماني لطرق صناعة المصري القديم لأوراق البردي، ما زال المصريون يتبعون نهج أسلافهم في الحفاظ على واحدة من أقدم الصناعات العلمية في تاريخ البشرية، فعلى بُعد ما يقرب من مائة كيلومتر، تنفرد قرية القراموص بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية بصناعة ورق البردي، والتي قررت أن تعيد إحياء صناعة ورق البردي منذ ما يقرب من خمسين عاماً، وذلك في عام 1976، حينما قام الدكتور أنس مصطفى، أستاذ الفنون الجميلة، بزراعة بعض شتلات نبات البردي أمام منزله، وبمجرد أن شاهد أبناء القرية جمالها وفائدتها، قرروا أن يقوموا بزراعتها في كل أرجاء القرية، ليدخل مرحلة الإنتاج الكبير، وهو ما شجع وزارة الآثار بوضعها على خريطة الأثرية، بل وإعداد ملف متكامل لإدراجها ضمن قائمة التراث اللامادي بمنظمة اليونسكو.
بمجرد أن تطأ بقدميك قرية قراموص ستشعر للوهلة الأولى أنك قد انتقلت بالزمن إلى عهد الفراعنة الأولين، فالبردي هنا في كل مكان، يقف كالأعمدة الشامخة، والتي يصل ارتفاعها ما يقرب من الستة أمتار، وكأنها مسلات خضراء تحرس تلك القرية المصرية الفريدة من نوعها، بين الحين والآخر يمر عليك أحد أبناء القراموص حاملا بعض أعوادها، سواء كانت سيقان أو شتلات صغيرة، فتلك القرية التي لا تتعدى مساحتها سبعة كيلومترات، وبعدد مواطنين لا يتخطى حاجز خمسة وثلاثين ألفًا، لا يوجد فيها موطئ قدم لعاطل، فالجميع هنا لا مورد زرق له إلا زراعة وصناعة البردي، تماماً كما يفعل أسلافهم منذ ما يقرب من ستة آلاف عام.
طيلة جولتنا بقرية القراموص لم تبرح مخيلتنا تلك الحالة من الإعجاب، فدائمًا هناك مزارع أو غابات من أشجار البردي، يلاصقها ورش ومراسم لصناعة الورق، خلية نحل صنعها أبناء تلك القرية، يسابقون الزمن للحفاظ على واحدة من أهم تراث وثقافة المصريين لآلاف السنين، على أطراف أحد تلك الغابات الشجرية، وجدته يباشر عمله، شيخ لم يتجاوز العقد السادس من عمره بعد، له وجه تذكرك قسماته بوجوه المصريين القدماء الذين تركوا نقوشهم على جدران المعابد، يمسك بين يديه فسيلة من شجر البردي ينوي زراعتها، كانت الفرحة التي تعلوا وجهه تعبر عن مدى سعادته بغرس شجرة بردي جديدة في تلك القرية الصغيرة.
العم عاطف شحاتة، هذا اسمه، منذ نعومة أظافره وهو يعيش في أحضان أوراق البردي، لا يعرف له مهنة غير تلك الصناعة التي امتهنها الأجداد ودونوا فيها إنجازات أعظم حضارة في التاريخ الإنساني، وحينما أدرك أنني أنتظره أشار إلي ليصطحبني إلى ورشته الصغيرة المجاورة لتلك الغابة الصغيرة، كانت الورشة رغم صغر حجمها تمتلئ بالفتيات المنشغلات بوضع اللمسات الأخيرة لصناعة أوراق البردي.
"نبات البردي لا يجهد التربة أو يؤثر عليها سلباً، بل يساعد على خصوبتها، كما أنه لا يُزرع سوى مرة واحدة كل 10 سنوات". هكذا تحدث العم عاطف شحاتة، كنا نسير بين جنبات ورشته الصغيرة نراقب تلك الأيدي الماهرة في صناعة البردي، قبل أن يكمل حديثه قائلًا: "بعد أن تتم تسوية الأرض يتم غمرها بالماء، ثم بعدها يتم زراعة الشتلات التي يصل طول الواحدة منها حوالي المتر، وذلك في فصل الصيف، على أن تبعد كل شتلة عن الأخرى بمسافة المتر، إلى أن يتم حصاده لأول مرة بعد ستة أشهر، ثم بعد ذلك يتم حصاده كل ثلاثة أشهر.
وفقًا للعم عاطف شحاتة، هناك ستة مراحل من العمل الدءوب لخروج ورقة البردي في شكلها النهائي، حيث تبدأ المرحلة الأولى بتجميع سيقان البردي على شكل حزم، وذلك بعد قطعها وترك الشتلات جذرية في الأرض لتستمر في النمو والإنتاج، ثم تأتي مرحلة تقطيع تلك العيدان إلى أطوال مختلفة حسب مقاسات الورق الذي نحتاجه من خلال ماكينة خراطة الأخشاب، ثم تأتي مرحلة تشريح سيقان البردي بخيط بلاستيكي حاد إلى شرائح متساوية السمك، وكان قديمًا تتم عملية التشريح بسكين أو آلة حادة، إلى أن ابتكر أهالي القرية تلك الطريقة باستخدام خيط رفيع.
في المرحلة الرابعة من صناعة ورق البردي، والحديث ما زال على لسان العام شحاتة، يتم ما يُسمى بمرحلة الكلورة، حيث يتم التحكم في درجة لون البردية، من خلال وضع شرائح البردي داخل براميل ضخمة من المياه مضافاً إليها "الكلور"، أو ما يُسمى بالبوتاس، وهي مادة كيميائية من ابتكار أهالي القرية أيضًا لاكتساب لفافة البردي اللون المميز له، فلم يكن يستخدمها المصري القديم في صناعة بردياته، ولكنهم اضطروا لاستخدامها من أجل تسريع عملية تسخين الشرائح، وتغيير لونها إلى اللون الغامق، خاصة أن البردي مادة عضوية قابلة للتغير والتلف، ثم تأتي المرحلة الخامسة، وهي مرحلة رص تلك الشرائح المخمرة بترتيب وتنسيق يناسب المقاسات المحددة، وذلك لتغطية أحرف الورقة بشكل متعامد منعاً لوجود أي فراغات تؤدي إلى تلفها، بينها قطع من القماش أو الكرتون لامتصاص المياه ومنعاً لالتصاق الورق، ما يتطلب حرفية وخبرة كبيرة، إلى أن تأتي المرحلة السادسة والأخيرة في صناعة ورق البردي، وهي مرحلة الكبس وتفريغ الهواء من شرائح البردي، وذلك من خلال مكبس حديدي لضغطها على شكل ألواح من الورق.

قبل أن نخرج من قرية البردي أو القراموص، علينا أولًا أن نؤكد، أن القرية بها ما يقرب من 12 ورشة متوسطة وصغيرة المساحة، يعمل بها جميع أبناء القرية البالغ عددهم ما يقرب من 30 ألف مواطن، جميعهم اتفقوا على عمل جمعية لتنمية المجتمع ومشروع إنتاج البردي بالقرية، تلك الجمعية تقوم بعمل عدد من الدورات التدريبية لجميع سكان القرية ذكوراً وإناثاً، سواء داخل الورش أو بالمصنع، يشارك فيها كل من اكتسب فنون صناعة البردي، حتى أصبح لدى سكان القرية جميعاً الخبرات الكافية للحفاظ على تلك الصناعة التراثية، بل والقدرة على الاستمرار في تلك الصناعة.
المراجع: 1- زيارة ميدانية للكاتب لقرية القراموص بمحافظة الشرقية (مزارع، وورش). ┋ 2- عبد اللطيف حسن أفندي، البردي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.┋ 3- ابن البيطار، الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، طبعة القاهرة.┋ 4- أحمد الشامي، دراسة في أوراق البردي العربية، كلية الآداب جامعة القاهرة.┋ 5- حسن رجب، البردي، القاهرة، سلسلة اقرأ، ١٩٨١.┋ 6- سعيد مغاوري محمد، العربية في البرديات العربية في مصر الإسلامية، القاهرة، ١٩٩٨.┋ 7- روبير جاك تيبو، الأساطير والرموز الفرعونية، ترجمة فاطمة عبد الله محمود، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.┋ 8- س.ه، روبرتس، قصة البردي اليوناني في مصر، المركز القومي للترجمة، القاهرة.┋ 9- عبد الرازق ناهض، لفائقة البردي من مواد الكتابة المهمة، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد┋ 10- وريده محمد المنقوش، نبات البردي تصنيعه واستخدامه في الكتابة، المجلة العلمية لكلية التربية جامعة مصراتة، المجلد السابع، العدد السابع عشر، مارس ٢٠٢١.┋ 11- أحمد محمد مجاهد، تاريخ علم النبات في العصر الفرعوني، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ١٩٩٦.┋ 12- ذكي علي، علم البردي تراث مصري أصيل، القاهرة، ١٩٥٨.