التناص في الأمثال الشعبية.. بين مصر والإمارات العربية

فؤاد مرسي


تسطع الأمثال دائماً كجمل نهائية تلخص المواقف وتبلورها، وتستخلص التجارِب وتكتنزها في بناءات لغوية متسقة موسيقياً، بما يجعلها تقّر في نفس سامعها وتشتبك بوجدانه، فيتبناها ويروّجها، وربما قام بإعادة إنتاجها وتوظيفها بما يناسب ثقافته الخاصة أو ثقافة جماعته المحلية. والأمثال الشعبية بوصفها وعاءً لخبرة وتجارب الشعوب، ومرآة تعكس ثقافتها وأعرافها وتقاليدها، بل ومعتقداتها؛ فهي من جانب ثانٍ تمثل أداة تعليمية منضبطة التركيب، يتم عبرها تناقل المعارف وتبادل الخبرات.


إن كان هذا ينطبق بوضوح على مستوى الأمثال السائدة داخل القطر الواحد، الذي تجمعه أرض وتاريخ وإشارات ورموز معرفية مشتركة يجري في إطارها تعاطي الحياة؛ فإن بعض الأمثال قد تنفذ إلى أبعد من هذا، وتبلغ مسكوكاتها درجة من الإحكام والإتقان والتمكن من الوعي بالنفس الإنسانية عامة، فتغادر نطاقها المحدود وتتماس مع نطاقات أخرى، وتوسع من دائرة مستخدميها ومتداوليها، بصورة تؤكد الجذر القومي أو الإنساني المشترك.

يتأكد هذا المعنى بكتاب الباحث الإماراتي د. سالم راشد بن تريس القمزي، الصادر عن معهد الشارقة للتراث، بعنوان: معاني الكلمات العامية في اللهجة الإماراتية.

ففي المبحث الثالث من هذا الكتاب، قدم الباحث مجموعة من الأمثال الشعبية السائدة في دولة الإمارات، مرتبة ألفبائيا ومشروحة، مما يجعله واحداً من المؤلفات المهمة التي تسعى إلى توثيق التراث المحلي وصونه، إلا أنه ومن خلال مسرد الأمثال الوارد في هذا الجزء نتبين ما بين مجتمعي مصر والإمارات من مزاج متقارب وقواسم ثقافية مشتركة، يعكسها بجلاء تبني كلاهما لمنتوجه المثلي، أخذاً وعطاءً، حتى إن المثل الواحد قد يقال بنفس صيغته في البلدين دون أي تغيير في بنيته اللفظية وتركيبه الهندسي، اللهم إلا فيما يخص الطبيعة الصوتية للسانين والمفردات المحلية الخاصة، بما يشير إلى تلك الفلسفة الشعبية التي تؤطر وتوجِّه نظر الإنسان العربي وتسم حياته، وتتبدى سواء في طريقة تعامله مع الكون من حوله، أو في طرائق وأساليب التعبير اليومية عن رؤاه ومواقفه.

في هذه السياحة القصيرة نتوقف أمام مجموعة من الأمثال الواردة في هذا الكتاب، مع إيراد نظائرها المصرية، لنستكشف عملياً وحدة وعمق المكوِّن الثقافي العربي، وكيفية امتياحه من ماعون واحد. وهي مجموعة تتردد بين حقول شتى وتغطي موضوعات متعددة، ربما تكشف عن وحدة الاهتمام والشواغل، إلى جانب كشفها، كما أسلفنا، عن وحدة المزاج والتوجه والفلسفة المضمرة الحاكمة لسلوك الأفراد.
 

يقول المثل في الإمارات

إبليس ما يكسر مواعينه. (يقصد بالمواعين، الأعوان). والمثل يقصد أن الإنسان الشرير لا يمتد لقبيله بأذى، ولا يصيب أعوانه بالضرر، فالأشرار يؤازرون بعضهم بعضاً حماية لأنفسهم. ويوافقه نظيره المصري: إبليس ما يخربش بيته.

اتغدّى واتمدّى لو الخيل توطاك، واتعشى واتمشى لو طول عصاك. هنا ينصح المثل الإنسان بالخلود إلى الراحة بعد تناول غدائه حتى لو كان في مضمار الخيل والضوضاء تأتيه من كل جانب، وأن يتريّض بعد تناول وجبة العشاء ولو لمسافة قليلة تعادل، حتى، طول العصا التي يتوكأ عليها. وفي هذا المعنى يقول المثل المصري: اتغدى واتمدى، واتعشى واتمشى.

إذا طاح الجمل، كترت سجاجينه. (السجاجين هي السكاكين، حيث ألف اللسان الإماراتي قلب الكاف والقاف جيما معطشة). والمثل يعني أن الإنسان الذي يتمتع بمكانة في المجتمع إذا تعرض لنازلة أو خطب أخرجه عن مألوفه؛ فإن الألسنة تتناهشه بالكلام، كما تتناهش السكين اللحم. ويناظره المثل المصري: البقرة لما تقع تكتر سكاكينها. ومفردتي البقرة والجمل في المثلين إنما يقصد بهما الإنسان بطريق الكناية.

إذا ما طاعك الزمان طيعه، تستوي ربيعه. والمقصود أن الإنسان لا بد أن يتكيَّف مع تبدل الأحوال ويبحث عن البدائل المناسبة لوضعه الجديد وأن يكون مرناً حتى لا ينكسر. ونظيره المصري يقول: إذا ما طاعك الزمان طيعه. وقد يُقال: دور مع الزمان يدور معاك. والمثلين يتناصان مع الحكمة العربية القائلة: لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن جامداً فتكسر. وإذا كان المثل المصري تعامل مع الأمر على إطلاقه كقاعدة عامة، فالمثل الإماراتي يشير إلى أن الدورة سوف تعود لصالحك وتصبح أنت الربيع ذاته، بكل ما يحمله من معاني الازدهار والعطاء.

الباب اللي اييك منه ريح سده واستريح. ويعني أنه على الإنسان أن يسد المنافذ أمام الشرور أو الأضرار المحتملة، وأن يجتنب أصدقاء السوء، ومواضع الشبهات فهي أوقى له. والمثل المصري يقول: اِلْبَابِ اِللِّي يِجِي لَكْ مِنُّهْ الرِّيحْ سِدُّهْ وِاسْتَرِيحْ. وتترادف معه مجموعة من الأمثال المصرية لتؤكد المنحى ذاته، منها: اِلْبَابِ الْمَقْفُولْ يُرُد الْقَضَا الْمِسْتَعْجِلْ. وكذلك: بَابْ مَرْدُودْ شَر مَطْرُودْ.

الثعلب يوم ما يطال العنب، يقول عنه حامض. وهو مثل يضرب في الكسالى والمتخاذلين عن بذل الجهد، ولا يعترفون بنواقصهم أو ضعف همتهم، وإنما يعيبون على السياقات المحيطة، كذريعة لمواراة عيوبهم وإزاحتها عنهم. ونظيره المصري يقول: اِللِّي ما يطول قطف العنب، يقول حامض.

الزين زين لو قعد من النوم، والشين شين لو غَسّل عيونه. يؤكد المثل هنا على ملازمة طباع الإنسان له، فمهما انتهج القبيح أو الشرير من وسائل تخفي عيوبه أو تجملها فلن يفلح في إخفائها، فيما جميل الطباع يظل جميلا في كل أحواله. والمثل المصري يقول: الحلو حلو لو لسّه صاحي من النوم، والوحش وحش لو استحمى كل يوم.

ألف عدو ولا واحد متخفّي. وفي مصر يقال: حرَّص من عدوك مره وحرَّص من صاحبك ألف مره. ويطابقه في المعنى: ألف عدو برا الدار، ولا عدو واحد جوا الدار. يحذر هذا المثل من المنافقين والأعداء المتنكرين في مسوح الأصدقاء، الذين يبدون للإنسان محبة خادعة بينما يضمرون له الشر والسوء، ويتحينون اللحظة للانقضاض عليه.

◂ حجة وحاجة. يضرب فيمن يسعى لتحقيق هدفين بفعل واحد، أو بالأحرى كما يقول المثل العربي: ضرب عصفورين بحجر واحد. والمثل هنا يقصد من ذهب لأداء فريضة الحج وفي الآن ذاته يقوم بأشياء أخرى كالتجارة المباشرة أو عقد صفقات تجارية. ويتماس معه المثل المصري: حج وتجاره.

◂ النار ولا العار. فالإنسان القويم يفضل تجشم الأهوال المادية، إزاء العار والخزي الذي يمكن أن يلحق به من جراء ارتكاب رذيلة أخلاقية تجعله منبوذاً من المجتمع وملفوظاً منه، بما يصيبه بأذى نفسي. والمثل المصري يقول: بنت الأصل تخاف من العار، ولو ضربوها بالنار. ذلك لأنه وفقاً للأمثال أيضاً فإن: العار أطول من العمر.

◂ الشبعان على اليوعان بطي. يقصد باليوعان (الجوعان)، (تقلب الجيم ياء بلهجة أهل الإمارات). يوضح هذا المثل مدى التباين في الفعل والشعور بين المعدوم والمرتاح، أو بمعنى آخر: صاحب الحاجة ومالكها، فالأخير لا يشعر بحاجة الأول فعلياً ولا يعاني ما يعانيه، لذلك فهو لا يهِم في قضاء حاجته بل يتباطأ فيها بما قد يزيد من معاناة الأول.

وفي مصر يعبر عن السلوك ذاته بالمثل القائل: صاحب البيت على مهله والشحات خرب عقله. وقد يقال: صاحب المال على مهله والفقير خرب عقله.

◂ اِلضَّرْبْ فِي الْمَيِّتْ حَرَامْ. يقصد بالميت الشخص الضعيف الذي لا يمكنه الدفاع عن نفسه، أو من مات فعلا ولم تعد له حيلة في الدفاع عن نفسه، والمثل يحث على عدم اغتياب الإنسان أو مسه بأذى النميمة، وهو الأمر الذي يرفضه الدين الإسلامي وينكره على مرتكبه بشدة. والمثل يُضرب بنصه في مصر.

◂ الظفر ما يطلع من اللحم. وهو نفسه المثل المصري: الضفر ما يطلعش من اللحم. ويعني أن الروابط الأسرية لا يمكن أن تتفكك أو تنفصل عن بعضها البعض بسهولة، فهي بنيان واحد مشدود إلى بعضه البعض، وأن انفصالها عن بعضها يشبه خروج الإظفر من الجسد وهو أمر شديد الإيلام لمن خبره.

◂ العين بصيرة واليد قصيرة. ويقال بنصه في مصر: العين بصيرة والإيد قصيرة. ويضرب في الإنسان المتفاعل مع ما حوله دون أن تكون له القدرة على تغييره؛ إذ يفيد أن الإنسان قد يتأثر بما يحيطه من أمور، ولكنه لا يتمكن من معالجتها لأسباب تخرج عن إرادته أو إمكاناته، وكذلك قد يريد اقتناء شيء، لكنه يعجز عن امتلاكه لعدم قدرته على متطلباته.

◂ اللي اتحطه في الثبان يلدغك باللسان. (الثبان، هو الحضن بلهجة أهل الإمارات). ويقصد أن من قد ترعاه وتوليه من نفسك مكانة حميمة يقوم بلدغك. مشبهاً هذا الصنف من الناس بالحيَّة. وفي مصر يقال: تزرعه يقلعك. ويضرب في نكران المعروف ومقابلة الإحسان بالإساءة.

◂ إللي في الجدر ايطلعه الملاس. ("الجدر" بلغة أهل الإمارات هو القدر كإناء الطبيخ، أما "الملاس" فهي المغرفة). والمثل يشبِّه النفس بالقِدر، واللسان بالمغرفة، قاصداً أن الإنسان مهما بالغ في كتمان ما بداخله فإن ثمّ ما يخرجه يوما سواء بقصد أم بغير قصد. ويناظره المصري القائل: اِللِّي في الحلة تطلعه المغرفة. وأصله: اِللِّي في الدست تطلعه المغرفه. أي أن ما يوجد بداخل إناء الطبخ مهما كان مختفياً عن عين الرائي فإن المغرفة قادرة على إخراجه حتماً.

◂ إللي لادغنه الحنيش يتروع من الحبل. يعني أن من لدغه الثعبان "الحنيش" فإنه يخاف "يتروع" من الحبل، حيث يتصوره ثعباناً لا بد من الاحتياط له. وفي مصر يقال: اِللِّي يقرصه التعبان يخاف من ديله. ومثله: اللِّي اتلسع من الشوربه، ينفخ في الزبادي. وكذلك: اِللِّي يتلدغ من التعبان يخاف من الحبل. وهو ما يشير إلى أن الإنسان قد يصاب بالتوهم وتنتابه الضلالات من جراء التجارب المريرة.

◂ اِللِّي ما يعرف الصقر يشويه. مثل شائع في البلدان العربية عامة بصيغته نفسها. ويعني أن الذي لا يعرف الشيء يُبخِسُه حقه، فمن لا يعرف أن الصقر هو من الطيور الجارحة؛ فإنه يظنه طيراً من الطيور الداجنة ويقوم بشيه كوجبة شهية، وبفعله هذا فإنه ينكر على الشيء قيمته ويبخسه حقه من التقدير.

ويتوافق معه مثل مصري آخر يقول: اِللِّي ما يعرفك ما يتمنك. أي أن الشخص الذي لم يعاملك ولا يعرف أصولك لا يعرف قيمتك. ويقال أحياناً بصيغة: اِللِّي ما يعرفك يجهلك.

◂ ذإيش درى الحمالي بأكل اللقيمات. الحمالي أو الحمال هنا يرمز للشخص المنشغل بعالمه، والذي لا يجد وقتاً لتناول "اللقيمات"، وهي صنف من الحلوى المشهورة خليجياً، عبارة عن أقراص مصنوعة من الدقيق وتؤكل بعد غمسها في العسل أو الدبس، وتشتهر بأنها أكلة تُتناول بمزاج وتأنٍ، لما تنطوي عليه من متعة. ومثله قولهم: إيش درى المغربي بأكل البلاليط، حيث يرمز المغربي في هذا المثل إلى الشخص الغريب عن البلد، أما البلاليط، فهي حلوى الشعيرية المغموسة في القِطر. وهي من الأكلات الإماراتية الشائعة. ويشبهه المثل المصري القائل: إيش درى الفلاح بأكل التفاح. حيث إن التفاح أيضاً من الفاكهة التي تؤكل بعد تقطيعها إلى شرائح رقيقة وتُتناول على مهل للاستمتاع بطعمها المميز، وهي رفاهية قد لا تتحقق للشخص المنهمك في الفلاحة، فإذا ما صادفته قضمها قضماً. وهي أمثلة تضرب كلها للتدليل على عمق الفجوة الحياتية، حين تصبح الشقة بعيدة بين وضع الإنسان الفعلي وما تحمله الحياة من إمكانات يجهل الطريق إليها لانشغاله بعالمه المزدحم الذي لا يترك له فرصة للاستمتاع بشيء. كذا قد يضرب فيمن ليس له معرفة بأصول الأشياء وقواعدها، أو لا يحسن صناعتها، حتى إنه يخطئ في التعامل معها ويأتيها بما يخالف قوانينها.

◂ إيش على السحاب من نبيح لجلاب. (الجلاب أي الكلاب) ويقابله في مصر: إيش يضر السحاب من نباح الكلاب. ويقصد به أن الشرفاء مرفوعي الهامة لا تضرهم السفاسف أو التفاهات الصادرة عن فاقدي القيمة.

◂ إيد واحدة ما اصَفَج. (اصَفَج أي: تصفق). يضرب هذا المثل في الحث على التعاون في العمل، وهو يعني أن اليد لا يمكن أن تصفق وحدها بل تحتاج إلى الأخرى كي تتمكن من الفعل المقصود. وفي مصر يقال: إيد لوحدها ما تسقفش.

◂ تاكل عند رَيلها وتدعي لمطلقها. يقصد بــريلها (زوجها). ويضرب في نكران المعروف، وتجاهل أصحاب الفضل الحقيقيين. ونظيره المصري يقول: تقعد تحت الحنية، وتقول يا امه مالوش فيّ. أي تستمتع بحنان زوجها ورغد عيشه ثم تشكو لأمها إهماله لها!

◂ حلاوة الثوب منه فيه. يضرب في ضرورة ملاءمة الأشياء لبعضها. وفي مصر يقال: حلاوة التوب رقعته منه فيه.

◂ سار ايجّحلها عماها. (ايجّحلها أي يُكحلها) ويقال في مصر: جا يكحلها عماها. أي عندما انتوى تزيين الشيء أصابه بالتلف. ويضرب في إسناد الأمور إلى غير أهلها فيلحقون بها الضرر لعدم درايتهم بأصولها. كما قد يضرب في التقليد الأعمى؛ إذ نُصادِفُ أحيانًا إنساناً أراد أن يقلد شيئاً ما، لكن تقليده يؤدي به إلى نتيجة سيئة، ذلك لأنه لا يمتلك المهارة المطلوبة لفعل هذا الشيء؛ وهنا يتندر عليه المصريون قائلين: جه يكحلها عماها.

وهذا المثل يُرد إلى حكاية تقاسم بطولتها كلب وقطة، كانا يعيشان معا في مودة، وكانت عينا القطة جميلتين بشكل باهر. وذات يوم، تأمل الكلب عيني القطة وسألها عن سر جمالهما، فقالت له: هذا من أثر الكحل الذي يزين حافتهما، فسألها عمن وضع لها هذا الكحل. فقالت القطة: لا أدري... لقد وجدت نفسي هكذا منذ خلقت.

وأراد الكلب أن تكون له عينان جميلتان مثل عيني صديقته القطة، فأحضر بعضا من الكحل، وأخذ يحاول أن يزين به عيناه، لكن مخلب إصبعه انغرس في عينيه وفقأهما، وفقد بصره نتيجة لذلك. وانتشر ما فعله الكلب بين الناس، الذين اندهشوا مما أحدثه بنفسه نتيجة تقليده الغبي، وسخروا منه بقولهم: جه يكحلها عماها. الذي جرى مجرى الأمثال.

◂ شو اللي رماك على المر، قال اللي أمرّ منه. ويقال بنصه في مصر: إيه رماك ع المر، قال اِللِّي أمرّ منه. ويضرب فيمن يسيء الاختيار غصباً عنه، أو من يضطر لفعل شيء مستهجن، قاده إليه أمر أصعب ولا طاقة له به.

◂ صاحب المهرتين خوَّان. يضرب فيمن يشتت تركيزه وانتباهه بين أكثر من عمل في وقت واحد، مما يؤثر على إجادته لما يؤديه، لذا فهو يحث على التخصص والتفرغ لما بين يديك فقط حتى تستطيع إكماله على الوجه السليم. ولا يقصد بلفظ "خوان" هنا الخيانة في حد ذاتها، ولكن خيانته للتركيز في العمل. ويناظره في مصر: صاحب بالين كداب. وأحياناً يقال: صاحب بالين كداب، وصاحب تلاته منافق.

◂ صبري على نفسي ولا صبر الناس علي. وهو متطابق في الصياغة بين مصر والإمارات. ويعني أن الإنسان لا بد أن يصبر على تحقيق رغباته حتى يمتلك المقدرة اللازمة، بدلا من أن يلجأ إلى الاستدانة التي توقعه في مذلة النهار ومهانة الليل بسبب مطالبات الدائنين. ويضرب في الحث على حسن التدبير والاعتماد على ما تملكه ولو كان قليلاً حتى يأتيك الوفير. والأمثال المصرية التي تحض على التدبير كثيرة في هذا الصدد، منها: على قد لحافك مد رجليك. و: طولة البال تهد الجبال.

◂ عريان لايث على امْفَصّح. (لايث أي ملتجئ أو مستغيث.. امْفَصّح أي خالي الوفاض) بمعنى أن عريانا يلجأ إلى عريان مثله، فكلاهما فاقد للشيء نفسه. ويضرب في المحتاج الذي يلجأ إلى محتاج مثله، يفتقد إلى المطلوب منه ويعاني من فقده أيضاً. كالغريق الذي يستجير بغريق، أو كما يقول العرب كالمستجير من الرمضاء بالنار. وفي مصر يقال: أعمى بيتسند على مكسح.

◂ عليك بالدرب لو طال. أي عليك بانتهاج الطرق السليمة حتى لو طال بك الوقت أو واجهتك الصعوبات المختلفة، فهي أضمن وأنزه. ويضرب في الحث على التأني وحسن الاختيار وعدم تعجل النتائج. ويتطابق في الصياغة بين البلدين، ويتناص معه مثل مصري آخر يمضي في الاتجاه نفسه، يقول: اتبع الطرق ولو دارت.

◂ قالوا تيس قال احلبوه. يضرب في الاعتزاز بالإثم وإصرار الشخص على موقفه رغم أن كل الدلائل تخالفه، فهو كمن يرى "التيس" أمامه واضحاً لا يحتاج إلى برهان، ومع ذلك يطلب منه در الحليب. وفي مصر يقال: نقول طور (ثور)، يقول احلبوه.

◂ لا ايغرك رخصه ترمي نصه. والمثل يحث على عدم الاعتداد بالمظاهر أو الأشياء الرخيصة؛ وإنما الحرص على الجوهر والقيمة، فما قد تظنه مفيداً لك لمجرد إتاحته أمامك ومناسبته لظروفك الحالية قد يجبرك الوقت على التخلص منه لخلوه من القيمة الفعلية. ويقال بنصه في مصر مع اختلاف اللسان: اِللِّي يغرك رخصه، ترمي نصه. كما يقول مثل مصري آخر: الغالي تمنه فيه.

◂ لو فيه خير جان ما عافه الطير. ويعني أن الإنسان لا يمكن أن يستغني عن شيء إلا إذا كان عديم الفائدة بالنسبة له، وإلا ظل باقياً عليه. وفي مصر يقال: لو كان فيه الخير.. ما كان رماه الطير.

◂ ما تعرف خيري الين تشوف غيري. يضرب في نكران المعروف، خصوصاً بين الأزواج، حيث يوجد صنف من الناس سريع التنقل بين العلاقات غير المدروسة، لمجرد طارئ يعتور العلاقة الأساسية، ولذا فقد تأتي النتائج بما لا تشتهي النفس، ويضطر للعودة إلى ما أنكره سابقاً وتركه. ونظيره في مصر يقول: بكرة تروحي يا ناكرة خيري وتشوفي زماني من زمان غيري. أو: يا ناكر خيري.. بكرة تشوف زماني من زمان غيري.

◂ ما يمدح السوق إلا اللي ربح منه. وفي مصر يقال: ما يشكرش في السوق إلا اِللِّي ربح منه. ويضرب في الرياء والنفعية، والذين لا يمتدحون الناس أو يشكرونهم إلا حين يجنون من ورائهم نفعا ما.

◂ مطر ما يبلك ما يهمك. وفي مصر يقال: سيل ما يبلك، ما يهمـك. أي أن ما يُقال، أو ينقل لك من كلام ولو كان كالمطر المنهمر، فما دام لا يعنيك في شيء ولا يتماس مع شئونك أو يحقق لك نفعاً وقيمةً فلا تُبالي به.

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها