المسـرح فـي الشارقة

مجدي‭ ‬محفوظ

 

مهرجان المسـرحيات القصيـرة

تمضي المسيرة بخطى سريعة عاماً بعد عام، لتتحقق الأهداف بمشاركات متميزة، وشباب مفعم بالأمل يحمل بين ثنايا ضلوعه كل الحب لفن المسرح، يريد أن يعطي ويقدم ويتحاور ليعتلي الخشبة أمام الجمهور، أو يعمل خلف الكواليس، مقدماً تجارب مختلفة عالمية ومحلية، مع طموح كبير نحو الأفضل.

-Image-

(مهرجان المسرحيات القصيرة) حراك ثقافي متميز ومختلف عن كل التظاهرات المسرحية في إمارة الشارقة، اجتمع حوله شباب هواة استحوذ المسرح على فكرهم، بالاشتراك مع كوادر أكاديمية خبيرة مهمتها تزويدهم بالمعرفة، وتأهيلهم ليكونوا مبدعي المستقبل، المحترفين، القادرين على اقتحام الفضاءات، وتقديم الأعمال الكبيرة.

-Image-

لقد استشرفت الشارقة مستقبل بناء الإنسان، وأدركت أنه محور الحدث، فلا بد أن تقدم له الكثير مما يحتاج إليه لإشباع شغفه ونهمه للثقافة والفن، فكان المسرح المجال الذي يلتقي فيه الأطفال والناشئة والشباب لصهر مواهبهم وتعزيز ذلك بدورات تدريبية مكثفة على مدى شهور عدة، ليظهروا بهذا المنظر اللائق في تقديم عروضهم المسرحية.

-Image-

ومهرجان المسرحيات القصيرة جزء من منظومة مسرحية متكاملة، ومكونة من حلقات يمهد بعضها لبعض، وصولاً إلى مرحلة الأداء العالي، المتمثل خصوصاً في ما يقدم خلال أيام الشارقة المسرحية.

هو درس في عناصر العرض المسرحي من تمثيل وأزياء وديكور وسينوغرافيا، بغرض خلق مشهدية تأثيرية يجسدها الهواة بإثارة وإبهار المتلقي في كثير من العروض، مجتمعين داخل بوتقة مسرحية مدروسة يشرف عليها خبراء مؤهلون يعملون على تعزيز مهاراتهم، مع عناية خاصة بالتجريب، ومحاكاة روح العصر.

-Image-

مهرجان الشـارقة للمسـرح المدرسـي

هذا المهرجان بالذات له خصوصيته، لأنه يرتبط بالمدرسة، ليعكس بذلك رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بأن نجعل من المسرح مدرسة للأخلاق والحرية، لكي تساهم المدارس بإمداد الساحة المسرحية المحلية بكوادر شابة متنوعة الفكر مرتبطة بالساحة المسرحية العالمية. يقول سموه: (المسرح، هذا العالم الساحر، تعرفت إليه عشقاً وحباً منذ نعومة أظافري عندما انجذبت إليه تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً من خلال المراحل الدراسية الأولى).
لذلك كانت هذه الاستراتيجية التربوية الفنية المحكمة القائمة أساساً على شعار مستمد من قول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي: «لنجعل المسرح مدرسة للأخلاق والحرية».
من هنا كان الإدراك بأهمية أن تعدّ وتضع استراتيجيات بعيدة المدى، وخططاً لتفعيل دور المسرح المدرسي بصورة منظمة، عن طريق العناية بالمواهب الفنية للصغار منذ التحاقهم بمراحل التعليم الأولى.

إن المسرح يحقق الاندماج الجماعي بين الطلاب من جهة، ثم بين الطلاب ومعلميهم من جهة أخرى، في خطاب تربوي هادف يعلمهم اكتشاف الذات واكتشاف العالم الكبير وكيفية التعامل معه، ويساعد في بلورة شخصية الطالب، وتحسين قدرته على التفاعل مع الأحداث المحيطة به.

وقد خطت دائرة الثقافة بالشارقة خطوات واسعة باتجاه حمل هذه الرسالة الموجّه إليها من لدن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، فأعدت عدّتها لخدمة طلاب المدارس بكوادر فنية ومسرحية قادرة على العطاء في كل المجالات. وها هم شباب المسرح المدرسي يلتحقون بمسارح الدولة المختلفة، وبأيام الشارقة المسرحية، ليثبتوا للجميع أن المسرح هو الطريق الأول للفن. لقد لبّى المسرح المدرسي للطالب حاجته الكامنة في نفسه، من خلال إشباع رغبته في ممارسة اللعب التمثيلي وامتلاك القدرة على التعبير.

-Image-

مهرجان الشارقة للمسـرح الصحراوي

في عمق صحراء الشارقة وعلى رمالها الذهبية ينطلق فعل مسرحي جديد يضاف لمهرجانات الشارقة، والهدف هو البحث عن مناخات مبتكرة للوصول إلى الجماهير، وإيجاد متنفس جديد لأبناء البادية وما تكتنزه ثقافتهم من تراث وأصالة وحكايات مشوقة من مخزون تراثنا الثقافي العربي.

لقد شكلت المساحة الجغرافية للمسرح الصحراوي واقعاً جديداً للمسرح، وفضاءً مفتوحاً للإبداع، بالإضافة إلى أحدث وسائل العرض المسرحي من إضاءة وصوت، إلى جانب العنصر الجغرافي المتمثل بمنطقة (الكهيف) المحاطة ببعض التلال الرملية، ليتم استغلالها كعنصر من عناصر العرض المسرحي لخلق بيئة مسرحية جديدة معبرة.

-Image-


يعبّر المسرح الصحراوي عن تقاليد وقيم أهل البادية على امتداد الوطن العربي الكبير، مانحاً الفرصة للجميع كي يتعرفوا إلى بيئات بعضهم بعضاً وتجاربهم وثقافاتهم.

إن خروج المشاهد في الفضاء المفتوح بعيداً عن العلبة الإيطالية التي اعتاد عليها يمثل طقساً فرجوياً متميزاً للمشاهد، حيث الكثبان الرملية المرتفعة والمنخفضة تساعد على تكوين عناصر جمال العرض المسرحي المفتوح، فيفترش رمال الصحراء متأملاً كثبانها الرملية التي تشكل مشهداً جمالياً مبهراً، حين تتسلط عليه الإضاءة فتكوّن صورة جمالية جديدة يتناغم معها الحدث، ليعيش طقساً مسرحياً مفتوحاً، حيث صفاء السماء واتساع مدى الرؤية الأفقية للمشاهد. وتكريساً للمسرح المفتوح المعبر عن هذه البيئة.

والمهرجان في صورته هذه إضافة مميزة للتجربة المسرحية في الشارقة. هو ترجمة أخرى لمفهوم الثقافة والفن الذي تتبناه الشارقة، وتسعى إلى التعبير عنه بكل الوسائل والأدوات والصيغ المتاحة.

 

مهرجان الشارقة للمسـرح الكشفي

المسرح ليس مجرد وسيلة ترفيهية يتجمع حولها المشاهدون، لكن دوره يتخطى ذلك بكثير. ويأتي مهرجان الشارقة للمسرح الكشفي ليكون أحد الأنوية التي يتكون منها النشاط المسرحي في الشارقة عموماً. وما يميزه أنه يتسم في كثير من الأحيان بالعفوية والتلقائية، ومعلومٌ ما للارتجال من أهمية في المسرح باعتباره أولى الخطوات التي يلجأ اليها الشاب لبناء شخصيته الفنية.
وللحركة الكشفية المسرحية دور بارز في تعزيز الثقة بالنفس، وتوثيق الصلات والروابط بين الشباب، وبث روح العمل الجماعي والتطوعي، والاعتماد على النفس، وإظهار المواهب، وتحفيز الشباب إلى الابتكار واللباقة وسرعة البديهة. يضاف إلى ذلك أن المسرح الكشفي يمنح الشباب فرصة لتناول الأفكار والرؤى التي تسكنهم، أو معالجة الأمور السلبية الذي يشاهدونها في مجتمعهم.
وهو إلى ذلك كله يساعد في الكشف عن المواهب، ويضيء على إمكانات وطاقات شبابية يمكن أن يستفاد منها في إغناء الحركة المسرحية ككل، وتطويرها، ودعمها.
 

مهرجان خورفكان المسـرحي

عرس جماعي جديد على شاطئ خورفكان، حيث السمر والمرح للجميع. سهرة مسرحية متنوعة جامعة لكل الفنون، مع مشاركات من بعض البلدان المستضافة، ليتناغم الأهالي على أنغام الطبول، وسط فرحة عارمة من الرابعة مساء إلى الرابعة فجراً، انطلاقاً من حديقة خورفكان باتجاه مينائها، وسط تجمع الأهالي على أطراف الطريق.

أصداء الموسيقى والدراجات النارية والسيارات الكلاسيكية والفارهة، ثم تنطلق الجوائز الكبيرة للمسابقات التي تصاحب المهرجان. وعلى منصات رئيسية ثلاث تقدم الأعمال المسرحية الجميلة والتي شاركت سابقاً في مهرجانات الشارقة المتنوعة، حيث يتم اختيار عروض من المسرحيات القصيرة والمسرح الكشفي والثنائي ومسرح الطفل والمسرح المدرسي، هذا بجانب بعض العروض الخاصة.

 لقد استشرفت الشارقة مستقبل المسرح ودوره في نشر الوعي وتربية الذائقة وتعزيز القيم الاجتماعية والثقافية، فعملت على تشجيع الانخراط في هذا الفعل الثقافي الفني، عبر مبادرات مبتكرة منها هذا المهرجان الذي يجمع الأهالي في طقس ممتع على أرض خورفكان.

 

مهرجان المسـرح الثنائي

على مدى ثلاث سنوات تقدم إدارة المسرح مهرجانها الثنائي، لتضيف رافداً آخر في حراكها المسرحي المتميز في عالم المسرح، وضمن مشروعها المسرحي الكبير، لتعزز من قدرتها في تفعيل دور الحركة المسرحية في دولة الإمارات، وذلك برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفظه الله ..

لقد حملت دائرة الثقافة على كاهلها تنوع الحركة المسرحية في دولة الإمارات، حيث المدارس والمذاهب المسرحية المتعددة، فحاولت أن تجعل من مهرجاناتها بوتقة لصهر هذا الحراك المسرحي الكبير محاولةً اختزال الكثير من الأشكال المسرحية والتوجهات العالمية نحو المسارح الثنائية، والتي تعتبر من الأعمال المسرحية الصعبة سواء على مستوى الكتابة أو الإخراج أو التمثيل.

وقد أتيحت ندوات تطبيقية للحوار بين المشاهدين والمسرحيين ومخرجي العروض المسرحية، لتحقيق الفائدة المرجوة واكتساب الخبرات المسرحية للشباب.

كما استثمرت هذا المهرجان لتقديم برنامج تدريبي مصاحب للعروض المسرحية يتمثل في عدد من الورش التدريبية لمشرفي المسرح المدرسي في مجالات الكتابة والإلقاء والتمثيل والأزياء.

( الديودراما) أو (المسرح الثنائي) هذا التوجه الحديث أصبح تحدياً فنياً إبداعياً يواجه فيه الكاتب والمخرج والممثل صعوبات بالغة، بدءاً من لحظة رسم الشخصيات على الورق، وصولاً إلى تجسيدها على خشبة المسرح.

ورغم صعوبة التجربة فقد تمكن المهرجان من إطلاق عدد من المواهب، وتهيئة الفرص أمامهم ليكونوا جزءاً فاعلاً في الحركة المسرحية الإماراتية.

 

أيـام الشـارقة المسـرحية

تظاهرة ثقافية كبيرة على مستوى الوطن العربي، بل يمكن القول إنها الخلاصة أو التتويج لمجمل ما بذل من جهود على مدى عام كامل في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال فن المسرح.

وعلى مدى ثمانية وعشرين عاماً منذ 1984، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة تلتقي الفرق المسرحية الإماراتية كل عام، وبمشاركة عربية ودولية، في أجواء احتفالية كبيرة تعبّر عن حجم الطموح الذي يحركها.

ودائرة الثقافة بالشارقة؛ إذ تولي هذه التظاهرة كل هذا الاهتمام فلأنها تدرك حساسية المسؤولية التي تتولاها للنهوض بحركة المسرح في الإمارات، مترجمة في ذلك توجيهات ورؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي. فكانت الأيام وعداً يتحقق كل عام، وترجمة فعلية للطموح والحلم.

 

 

نُشرت المادة لأول مرة في مجلة الرافد الورقية - العدد 248 (صفحة 17)

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها