دانتي‭ ‬أليغييري‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬إسلامـي

د.غازي مختار طليمات

لم يكن أبـوا دانتي حينما سمَّيا ولدَهما «دورانتـي آلغـري» - ومعناه حاملُ الجناح الطويل البقاء - يعلمان أنَّ ولدَهما سيكون له فـي أفق الخلود جناحٌ ممدود. أمَّا الشاعرُ فقد رخَّمَ اسمَه، وجعلَه «دانتي». وهو سليلُ أسـرة عريقة من مدينة فلورنسا. كان قد أحبَّ، وهو يافع، فتاة اسمُها «بياتريس» ألهمته هذا الأثرَ الأدبيَّ الكبير، بعد موتها وهي في ريعان الشباب.
نظم الشاعر ملحمته الضخمة - وعِدَّةُ أبياتها «14233» - باللغة الإيطالية الشعبية، حينما كان أكثرُ الشعراء ينظمون باللغة اللاتينية. وجعلها مئةَ قصيدة، واتَّبع فيها النظامَ التثليثي للقوافي، وأدار موضوعَها حول الدين والأخلاق، وصبَّ أفكاره فـي قوالب لفظية ذوات أبعاد ثلاثة: بُعدٍ حرفيّ، وبعدٍ مجازيّ، وبعد رمزيّ. فالحرفيُّ - وكلامُنا مقتبسٌ من قصَّة الحضارة لول ديورانت - يصوِّرُ الأرواحَ بعد الموت. والمجازيُّ يرمي إلى تصوير حياة الإنسان في الدنيا ومعاقبته في الآخرة وفقَ ما تجني يداه. والرمزيُّ يتمثل في جعل الجحيم تعبيراً عن مرور الإنسان بالخطيئة. والمطهرُ إشارة إلى التبرُّؤ من الآثام، والفردوسُ رمز للنجاة عن طريق حبِّ الله.
ومن ينظر فـي الأفكار المبثوثة فـي الملحمة يجدْ فيها كثيراً من الفلسفة، والفلك، والجغرافيا، والتقويم، والتنجيم، والطلسمات. والإيمان بالغيب، والقوى الخفية، وعقيدة التثليث. كما يجد آراءَ الفلاسفة العرب والمسلمين. ولا سيّما آراء الفارابي وابن سينا وأبي العلاء المعري وأبي حامد الغزالي وابن رشد ومحيي الدين بن عربي.

***

 

الرحلة إلى الجحيم

ولنعرِض خلاصة الكوميديا كما عرضَها المؤرخُ الأمريكي ديورانت ابتداءً من الجحيم. فقد خُيِّل إلى دانتي أنه لن يبلغَ السعادة حتى يجتاز الجحيم، ثم المطهر، ثم تتلقاه في السماء محبوبتُه «بياتريس» فتدخله الفردوس. فكيف تصوَّر الشاعر هذه المواضع، وكيف صوَّرها؟ تصوَّر الجحيمَ هاوية سحيقة مظلمة في جوف الأرض تتصاعدُ من بين صخورها الوحشية المرعبة أبخرةٌ حارّة، وروائح كريهة، وتزمجر في منعرجاتها عواصف عاتيات، لا يفوقها عُتوّاً إلاّ صراخُ المعذَّبين في الجحيم. وهوَّةُ الجحيم مقسَّمة تقسيماً متدرِّجاً، وفي كلِّ قسم صنفٌ من العذاب، وفريقٌ من المعذَّبين:
على شفة الهاوية العليا يقيمُ مَن لم يُؤْثر عنهم في الدنيا خيرٌ ولا شر، وعذابُهم أن تلسع الزنابيرُ واليعاسيبُ وجوهَهم، وأن يحرق الندمُ قلوبَهم. وعلى قاربٍ يُدعى ملّاحُهُ «كارون» يعبرُ نهراً يسمى «أكرون» يمضي دانتي في صحبة الشاعر القديم «فرجيل» إلى دائرة الجحيم الأولى، فيجدُ فيها كبارَ الفلاسفة: أرسطو، وابن رشد، وابن سينا. ثم إلى الدائرة الثانية فيقابل الزانيات مثل «هلين» و«كليوبترا». فَيُغمَى عليه من هول المشهد.
وبعد أن يستيقظَ يجدَ نفسه في دائرة ثالثة فيلقى فيها عبيدَ الجشع، يأكلُ لحومَهم كلبٌ مفترس كما أكلوا في الدنيا لحومَ الأبرياء. فإذا جاز الثالثة إلى الرابعة، إلى الرابعة، وجد البخلاءَ والمبذّرين، يعذِّب بعضهم بعضاً باقْتتالٍ لا نهايةَ له. وفي الخامسة والسادسة صَرْعى الغضب والكسل. وفي السابعة القَتَلةُ والمنتحرون. وعلى تخوم الدائرة الثامنة تقف هولةٌ مروِّعة، تنقل دانتي ومرشدَه إلى هاوية المرابين والقوَّادين، والمتاجرين بالدين، وعلى رأسهم البابا «نقولا الثالث». وفي الثامنة أيضاً المنجمون ومختلسو الأموال العامة. وعذابُهم إحراقُ جلودِهم، وتجديدها كلَّما نضجت.
وفي التاسعة - وهي الدرْكُ الأسفلُ من الجحيم - هُوَّة يملؤها الجليدُ، يُدفن فيها خَوَنةُ الأوطانِ. فإذا بكَوْا، انهمرتْ دموعُهم كحبَّات البَرد. والخلاصةُ أن جهنم جمعتْ صنوفَ العذاب، وكلَّما أمعن الإنسانُ في اقتحامها زادته رُعباً على رعب، وكأنَّها تمثل قسوةَ المسيحية في القرون الوسطى. ولا يحسُّ القارئ شيئاً من الفرج إلّا حينما ينتقل دانتي وفرجيل إلى المطهر.


المطهر

المطهرُ مخروطٌ جبليّ من سبع طبقات، يتلقَّى فيها الإنسانُ ألواناً من التعذيب الطفيف، قبل أن يُغْفَر له، ويدخل الجنة. والعذابُ في المطهر آنيٌّ لا أبديٌّ، وفي الجحيم دائم خالدٌ متجدِّد. وفي المطهر يلقى دانتي الملوكَ الصالحين العادلين، وكأنَّه يدعو إلى ترسيخ النظام الملكي في الحكم.

والعقابُ في المطهر يرمي إلى غسل الأَدرانِ، وتبرئةِ القلوب من أوشابها. وفيه سبعُ شرفات:
أولاها تشتمل على عقوبة تشبهُ عقوبةَ «سيزيف» صاحب الصخرة. والثانيةُ يظهر فيها الحُسَّاد بثياب خشنة وعيون مغلقة، خِيطتْ أجفانُها بأسلاك من حديد. والثالثةُ والرابعة والخامسة لأهل الغضب والكسل والشحِّ. وفي كلِّ شرفة منها عذابٌ يناسبُ الذنبَ المقترف.
وسادسةُ الشرفات خُصِّصتْ لتطهير المنهومين والمغرمين بالطعام. وفيها تهتزُّ الثمارُ اليانعة على الأشجار أمامَ أولئك الجشعين الذين أذهبوا طيباتهم في الحياة الدنيا. فإذا امتدَّتْ أيديهم إليها لقطفها تراجعت. وسابعةُ الشرفات جُعلت للشعراء المجَّان، والعشاق الفساق الذين غلبَتْهم الشهواتُ، فتعهَّروا ثم استغفروا، فغُفِر لهم.
وفجأةً ينكصُ «فرجيل» على عقبيْه، ويبشر دانتي بأن عينيْ بياتريس ستهديانه سواءَ السبيل، وفجأة أيضاً تبرزُ من بين الحقول جاريةٌ حوراء عيْناء، وهي تغني وتذكر دانتي بخطيئة آدم التي أخرجت البشر من هذه الجنة. وتتعاقبُ المفاجآت، إذْ تهبطُ بياتريس من السماء، فلا يستطيعُ دانتي ببصره الحسير أن يراها، لكنه يُحِسُّ بمرورها حينما تسري في أوصاله رعدةٌ تذكّره حبَّه القديمَ. وبهذه الرعدة تنتهي رحلةُ دانتي في المطهر، ويتأهَّبُ لدخول الفردوس فكيفَ تصوَّرَ الشاعر الفردوسَ في السماء؟


الفردوس

نزعَ دانتي إلى التجريد، فلم يصوِّر الملائكة والقديسين، أو صوَّرهم على نحو تعيا بإدراكه الأبصارُ، وإنما تمثَّلهم كواكبَ نورانية، تسبحُ في فضاء الجنة، واسترشدَ بفلك «بطليموس» فجعَل السماء تسعَ كُرات مطّردة الاتساع، بعضُها يُحيطُ ببعض، وتدورُ كلُّها حولَ الأرض. وهي في دورانها تسبِّحُ لِلهِ، وتشاركها في تسبيحها النجومُ. وما النجومُ إلاّ أرواحُ الصالحين صعدتْ إلى علِّيِّين.
وفي مُزْدَحَم الأنوار المقدَّسة ينبعثُ نور بياتريس ليجذبَ دانتي إلى الجنة الأولى، وهي جنة الذين لم يلوِّثْ نقاءَهم ذنبٌ. ثم إلى الثانية، وهي مثوى البرَرَة. فالثالثة، فالرابعة، فالخامسة. وفي الخامسة أرواحُ المجاهدين والشهداء في سبيل الحق. والسادسةُ جنة القُضاةِ العادلين. وفي السابعة يزدادُ جمال بياتريس بهاءً وصفاء، لكنه محرَّم على الحبيب. إنها لا تجرؤ على الابتسام لدانتي لكيلا تحرقَه بنورها، فيتحوَّل إلى رماد.
وفي السماء الثامنة يحنُّ دانتي إلى محبوبته، فيتودَّدُ إليها. فتزجرُه عن الانسياق مع عاطفته الأرضية، لأن هذه العاطفةَ لا تليقُ بملكوت السماء. وتقولُ له: انظر إلى جيش المسيح المنتصر فلا يرى غير نور موصول بنور، ولا يسمعُ غيرَ أنغام عذْبة. ويُخيَّلُ إليه أنه أبصرَ «بطرس» وسمع صوته، وهو يتّهم البابا «بنيفاس» بتدنيس كرسيِّ البابوية. ثم يصعدُ دانتي إلى السماء التاسعة، فيجد الروحَ الإلهية مجرَّدةً من الجسد، والأصل الثابت لجميع الأرواح. لكنه يعجز عن رؤية الله، ويرى الكواكب تتحولُ إلى وردة تحتضنُ بياتريس، وتمضي بها، وهو ذاهلٌ من روعة المشهد.


أثر الإسلام

قد يذهبُ بك الظنُّ -وأنت تقرأ ما لخَّصنَا من قصة الحضارة - إلى أن تأثر دانتي بالتراث الإسلامي واضحٌ كل الوضوح. وقد تقول: إنه يُحاكي معجزةَ المعراج، ويقتبسُ قوله تعالى (كلَّما نضجت جلودُهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب) (النساء / الآية 56) ليعبر عن تجدُّد العذاب في الجحيم. وفي قوله: (أذهبتم طيِّباتِكم في حياتكم الدنيا) (الأحقاف / الآية 20) ليسوِّغَ تعذيبَ الجشعين. وربما رأيت أن ظهورَ بياتريس لدانتي كظهور الجاريةِ الحوراءِ العيناء لابن القارح في رسالة الغفران، وأن عجزَ دانتي عن رؤية الذات الإلهية كعجز موسى عليه السلام عن رؤية الله (فلمّا تجلّى ربه للجبل جعله دكّاً وخرَّ موسى صعِقاً) (الأعراف/الآية 143).
وربّما سِرْت في البرهان على الاقتباس شوطاً أبعد، فقلت: وُلد دانتي سنة 1256م وتوفي سنة 1321م أي بعد وفاة من تأثرَ بهم من المسلمين بقرن أو قرنين. وبعد انتقال الفكر الإسلامي إلى أوروبا عن طريق الأندلس وصقلية والحروب الصليبية. وبعد أن دُرِّسَتْ فلسفةُ ابن رشد في جامعات الغرب. لو سقت هذه الحجج بين يديك لقيل لك: لعلك صدرت فيما ادَّعيت عن غُلوٍّ وتعصُّب، وخيرٌ من ذلك - والفضلُ ما شهِدَتْ به الأعداءُ - أن تُظاهر دعواك بآراء الأجانب، لأن حظَّهم من الأدب المقارن فوق حظِّك. وهم فريقان:

«الدانتيون» المدافعون عن الإبداع الدانتي واستقلاله، والمعترفون باقتباسه من التراث الإسلامي فما حُجج كل فريق؟

من المدافعين عن الإبداع الدانتي المستشرق الإيطـالي (كـارلـو ألـفــونـسـو نـليـنــو 1872 1932-م) وحجته أن دانتي لم يطَّلع على التراث العربي عامَّة وعلى كتاب الفتوحات المكِّيَّةَ لابن عربي خاصَّة. وهي حجةٌ داحضة. لأن دانتي يستطيعُ أن يطلع على ما تُرجم من الكتاب أو ما كتب عنه باللغة اللاتيـنـيـة. ومـنـهـم (كارل هـنـريـش بـيـكـر 1933-1876م) الذي ذهب إلى أن بين دانتي وابن عربي خلافاً جوهريّاً، فصُوَرُ ابن عربي حِسِّية، وصور دانتي مجرَّدة. وهي حجة واهية أيضاً، لأن الكنيسة في ذلك الوقت كانت تعارض التصوير، ولا يُستبعد أن يكونَ دانتي قد التزم ما ألزمته.
ولعلَّ أهم الحجج التي جمعت الدانتيين هي أن دانتي كان في نظرهم شاعرَ أوروبا في زمانِهِ لا شاعرَ إيطاليا وحدها، فكيف يردُّون القدرَ الأكبر من عبقريته إلى أعْدى أعدائهم؟ وكيف يخسرون هذا المجدَ، ويعزونه إلى التراثِ الذي ظلُّوا يعادونه بضعةَ عشرَ قرناً؟
وربَّما كان لزمن المعركة بين المؤيدين والمعارضين تأثيرُه في احتدامها. فقد نشبت هذه المعركةُ النقديةُ بعد الحرب العالمية الأولى، أي في الفترة التي تفجرت فيها نازيةُ الألمان، وفاشيةُ الطليان وكلتاهما حَركةٌ قومية مغاليةٌ في الاعتزاز بالتراث القومي. وكلتاهما تُعلي الجرمان والرومان على العرب.فكيف يُقرُّ أنصارُهما بفضل العرب على شاعر أوروبا الأكبر؟
أمَّا الذين أقرُّوا بهذا الفضل فأكثر من مُنكريه، وأقوى حُججاً. وربما كان المؤرخ الفرنسي «بلوشيه» أسبقَ الباحثين المتحدثين إلى الاعتراف بأن دانتي تأثر بالثقافة العربية الإسلامية حينما نظم ملحمته الضخمة. وأصرحُ اعترافاً منه الكاهنُ الإسباني «أسين بلاثيـوس 1944-1871م» إذ استوقفه، وهو يقرأ كتاب الفتوحات المكية لابن عربي، ما جاء فيه من وصف مفصَّل لمعجزة المعراج، فطار به خيالُه إلى كوميديا دانتي، وراحَ يقارنُ صورَ الجنة والنار الواردة في التراث الإسلامي بما يُعادلُها من كوميديا دانتي، فوجدَ أن التشابه لا يقتصرُ على التصوُّر الكلِّي، بل يجاوزُه إلى الدقائق والصغائر، وراعَهُ ما لقيه عند دانتي من كلمات وعبارات عربية، نُقلت إِلى الإِيطالية.
وبعد بحث دقيق أعلنَ بلاثيوس في الأكاديمية الملكية الإسبانية عام 1919م أن دانتي تأثر بالإسلام تأثراً عميقاً واسعَ المدى، يتغلغل في أدقِّ الصور التي رسم بها الجحيم والجنة. وردَّ أكثر هذه الصور إلى معجزة الإسراء والمعراج، وإلى رسالة الغفران، وإلى الفتوحات المكية وذهب الكثير من المستشرقين مذهبَ بلاثيوس، ومنهم المستشرق «بللسور» الذي وجد تشابهاً كبيراً بين صور دانتي وصور ابن عربي في كلامِهما عن الفردوس ومنهم «ليونارد أولجي». وحجتُه اعتمادُ دانتي على كتاب «معراج محمد» الذي كان مترجماً إلى ثلاث لغات أوروبية قبل ظهور الكوميديا. ومنهم «أرماندو تورني» القائل بعدَ درس مقارن دقيق: «إن مسار الكوميديا الإلهية لم يكن غير الرحلة التي في قصة المعراج المحمدية». وحَسَم القضية المستشرق «جورجيو ليفي دلافيدا» بقوله: «إن القضية لم تبق قضية إمكان اطلاع دانتي على المصادر العربية، وإنما هي قضية حقيقية، ينبغي التسليم بها».
ولعل خير خاتمة لبحثنا أن نعودَ إلى ما بدأنا به من اعتماد على قصة الحضارة، فإن مؤلِّف هذا الكتاب الضخم يتصيَّدُ كثيراً من أوجه الشبه بين كوميديا دانتي والتراث الإسلامي. لقد لاحظ «ديورانت» أن المرابين على تخوم الدائرة الثامنة في جحيم دانتي يُعذَّبون بإحراق جلودهم، والقرآنُ الكريم ينصُّ على أن كانزي الذهب والفضة سيعاقبون بكي جنوبهم وجباههم بهذين المعدنين بعد أن يحمى عليهما في نار جهنم. ومن التشابه الذي لا يحتمل النقضَ والاعتراض صعودُ دانتي على سُلَّم إلى السماء بقيادة بياتريس، كأنه يُحاكي معراج النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم بصحبة جبريل. ومنه أيضاً أن دانتي يعبر الجحيم إلى الجنة على جسر صعب الاجتياز. وهذا الجسر هو الصراطُ المستقيمُ المذكور في القرآن الكريم. ومَنْ أُوتي ثقافة كثقافة ديورانت، وإنصافاً يرقى إلى إنصافه لا يستطيع أن يطعنَ في شهادته غير أن التعصُّبَ الذي اعتصمَ به «الدانتيُّون» عصابةٌ سوداء، تعصبُ العيونَ، فلا تبصر، والآذانَ فلا تسمع، وإنكارُ المتعصِّب لا يُلغي إقرارَ المنصف.

 

 

نشرت المادة لأول مرة في مجلة الرافد الورقية - العدد 247 (صفحة 30)

التعليقات

اضافة التعليق تتم مراجعة التعليقات قبل نشرها والسماح بظهورها